ضحايا "كورونا" في صنعاء.. إصابات بالآلاف وأوامر صارمة بالتكتم

2020-05-13 12:41:17 أخبار اليوم/ تقرير

 

 

على مدار اليوم والليلة يتوارد سيل من الأنباء الرهيبة في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي عن اتساع وباء كورونا، وسط تكتم شديد وصارم من قبل السلطات الحوثية التي توظف الوباء لحسابات نفعية تتعلق بالجماعة وحدها على حساب مئات الأرواح التي تواجه قدرها مع الوباء يوميا منهم من يموتون في صمت.

 

حتى الآن لم تعلن السلطات الحوثية في صنعاء سوى عن حالتين فقط، الأولى قالت إنها لوافد صومالي والثانية لمواطن وصل من مدينة عدن، وتوفي في مستشفى الكويت، بينما تؤكد كثير من المصادر الطبية إلى إصابات يومية بالمئات، وهي في تزايد مستمر، وفق منحنى "التضاعف الأسّي"، وهي مرحلة الأشد خطرا في انتشار الأوبئة. 

 

إعلان الحوثيين عن إصابة حالتين فقط، جاء بعد انتشار الوباء بصورة يستحيل معها استمرار الانكار والتكتم، والادعاء بخلو مناطق سيطرتهم من أي حالات، ما كان ليحدث لولا اكتظاظ المستشفيات بالمرضى وخروج الوضع عن سيطرتهم، فاضطر الحوثيون للاكتفاء بإعلان إصابتين فقط، لتبرئة ساحتهم بعد أن عرف الناس وتأكدوا من وجود الوباء بينهم يتمدد وينتشر.

 

إصابات بالآلاف

حتى الآن تفيد بعض التقديرات الطبية أن عدد الإصابات وصل في صنعاء إلى أكثر من 3 آلاف حالة إصابة مؤكدة، أو تحمل أعراض وباء كورونا، منها حالات توفيت في المستشفيات، خصوصا في مستشفي الكويت ومستشفى زايد اللذين تتخذهما المليشيا مكانا للعزل يشبه المعتقل.

 

وكشف مصدر طبي يعمل بالعناية المركزة بأحد المستشفيات بالعاصمة صنعاء (طلب عدم ذكر اسمه لأسباب امنية) لـ"أخبار اليوم" أن أكثر من 10 مستشفيات في العاصمة صنعاء أصبحت مكتظة بالحالات المرضية، التي تحمل اعراض وباء كورونا، إلا أن مندوبي جماعة الحوثي يهددون الطواقم الطبية وإدارة المستشفيات من إفشاء حقيقة ما يجري، ويتوعدونهم بعقوبات صارمة في حال نشر أي معلومة بهذا الخصوص".

 

وضاف المصدر نفسه، أنه في البداية كانت تأتي معلومة من هنا أو هناك عن إصابات بأعراض كورونا، إلا أن الحوثيون كانوا يسارعون في الإعلان أنها حالة اشتباه، وبعض الحالات كان يتم إخفاؤها نهائيا، ما جعل الناس تتعامل مع الأمر كأنه مجرد إشاعة، وهو ما جعل الناس يتعاملون مع الوضع بشكل طبيعي رغم التحذيرات الطبية وتحذيرات منظمة الصحة العالمية من احتمال انفجار الوضع بشكل كارثي في اليمن،" معلقا: "وهذا ما حدث بالفعل".

 

وعن العدد الإجمالي للضحايا الذي توفوا من جراء الوباء في العاصمة صنعاء، أكد المصدر لـ"أخبار اليوم" على أنه "لا أستطيع أن أخمن عدد محدد لحجم الضحايا المصابون أو الوفيات، لكن حسب ما يأتينا فإن عدد الإصابات تتجارز ألف إصابة وربما أكثر".

 

مرضى يرفضون الافصاح

ما يزيد من حالة الغموض في رصد العدد الحقيقي للحالات المصابة بفايروس كورونا، هو امتناع المرضى عن الذهاب إلى المستشفيات، خوفا من الاخفاء، من قبل الحوثيين من جهة، وخوفا من نظرة المجتمع الذي أصبح يتعامل مع حامل الوباء كأنه نوع من العار الذي يلحق المصاب وعائلته، وهو ما يضطر بأغلب المرضى إلى عدم الذهاب إلى المستشفيات أو عمل الفحوصات لتحديد ما إذا كان حاملا للوباء، أم مجرد تشابه في الأعراض. وهو ما ساعد الحوثيين كثير في التعتيم على حجم الكارثة التي تسبب بها الجماعة التي ما تزال مصرة ممارسة جريمتها بحق شعب بأكمله.

 

في السياق، ذكر الطبيب والكاتب اليمني مروان الغفوري، في مقال نشره على حسابه بموقع فيسبوك، أنه تلقى رسالة من احد القاطنين في العاصمة صنعاء، يقول فيها "في صنعاء ممكن تقول فيك إيدز عاادي جدا ، لكن اذا فيك حمى تخبيه زي العار، لانه ممكن ياخذوك لمستشفى الكويت الزبالة وتموت ساع الكلب، وكمان ياخذوا زوجتك وبناتك واهلك واهلياتك للعزل، وياخذوا امك وابوك، واذا مت ما احد يشوفك ولا احد يرعى أهلك".

وختم صاحب الرسالة (بحسب الكاتب): "وفي الاخير مستحيل يعلنوا ان فيك كرونا ، وكانهم يشتوا الكل يخبي المرض واذا حاول اي شخص يبين وجود حالات يكسروا ناموسه هو واهله واهلياته"، وفقا لنص الرسالة.

 

هروب من المسؤولية

يقابل هذا الانتشار المخيف للوباء القاتل في أوساط اليمنيين في العاصمة صنعاء، تغافل شديد من قبل مليشيا الحوثي التي لم تتخذ أي تدابير في إغلاق الأسواق التي تغص بعشرات الآلاف من المتسوقين يوميا خصوصا مع اقتراب فترة العيد، حيث تشهد الأسواق الرئيسية بصنعاء في هذه الأثناء ازدحاما رهيبا مع اقتراب فترة عيد الفطر، حيث تتحول العاصمة صنعاء في المساء هذه الأيام إلى أسواق مفتوحة، وكأن جائحةً لم تكن!

 

وأكد مصدر حكومي (فضل عدم ذكر اسمه) في تصريح لـ"أخبار اليوم " على أن "جماعة الانقلاب الحوثي تتحمل مسؤولية تبعات إخفائها وانتهاج سياسة التكتم لانتشار وباء " فيروس كورونا ".

 

وقال المصدر: "إن التقارير التي تصل إلى الحكومة من العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الانقلاب الحوثي مخيفة ومفزعة وتستدعي الكشف عن مدى حقيقة تلك الأرقام".

 

ودعا المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية، إلى التحرك لإنقاذ المواطنين القابعين تحت سطوة الانقلاب الحوثي، وتنفيذ خطط مشتركة مع الحكومة الشرعية لمواجهة مخاطر انتشار وباء " كورونا ".

 

أسباب التكتم

من المحتمل أن السبب الرئيسي الذي يجعل مليشيا الحوثي على الاستمرار في التكتم، هو رغبتها في استغلال الجائحة سياسيا، فرغم أن أولى حالات الإصابة بالوباء ظهرت في صنعاء (حسب معلوما حصلت عليها "أخبار اليوم" من مصادر طبية بالمستشفى الجمهوري بصنعاء)، إلا انها انتظرت كثيرا إلى أن تم الإعلان عن إصابات مؤكدة في المحافظات المحررة التي تسطر عليها الشرعية، ليتسنى للحوثيين الادعاء أمام الشعب وأمام أنصارهم، أن ثمة مؤامرة كبرى على تستهدفهم، وتعليق اخفاقهم عليها، هذا من ناحية.

 

ومن ناحية أخرى، فإن الإعلان عن اتساع تفشي الوباء، وإظهار الحقيقة للناس، في هذا التوقيت يوجب عليهم فرض حظر شامل وإغلاق الأسواق وتقييد حركة النقل، وهو ما لا تريده المليشيا في الوقت الراهن، فرغم خطورة الوضع إلا انها أبقت على الأسواق (سواءً الأسواق التجارية أم أسواق القات) مفتوحة وتعمل بشكل طبعي، كون قرار إغلاقها يفوِّت عليهم الحصول على الجبايات الموسمية، التي تفرضها على التجار في هذه الأيام. أما أرواح اليمنيين فهي لا تشكل أي اعتبار لدى الحوثيين بالمطلق. وما يحدث الان في صنعاء أصدق شاهد على الجريمة والجاني.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد