تضاريس الموت المخيفة.. "كورونا" والأمراض الحمية تفتك بعدن والوفيات تقارب الألف

2020-05-18 09:59:03 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 

تتوقف الحياة في لحظات من الحزن والانتظار الغير مفهوم، لسكان مدينة عدن جنوب اليمن، التي تختنق بثلاثي الموت ( الحرب والانقلاب والأوبئة).

 

مدينة تعيش تضاريس الموت وتفاصيله، ويفتك الغموض بأهلها الذين لم يتكيفوا بعد مع اليوميات الملية بالتوابيت والنعوش، والقبور الموحشة.

 

هو واقع فرض عليها عقب إعلان مدينة عدن "مدينة موبوءة" في11 مايو/أيار 2020، بسبب تفشي فيروس كورونا، وانتشار أوبئة أخرى قاتلة؛ كالضنك والملاريا والتشيكونغونيا، وتدهور الوضع البيئي وكثرة المستنقعات التي خلفتها السيول والكوارث التي ضربت المدينة في 21 أبريل/نيسان الماضي، بالتزامن مع إغلاق لمعظم مستشفيات المدينة.

 

جاء ذلك عقب إقامة إعلان مايعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، في 25 ابريل الماضي، ما أسمته بـ،"إدارة للحكم الذاتي"، بالمناطق الواقعة تحت سيطرته، في خطوة وصفتها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والمجتمع الإقليمي والدولي، بأنها ستكون لها «تبعات كارثية».

 

تبعات سيطرة حلفاء الإمارات على مدينة عدن، وتنصله عن الوفاء بالتزاماته أسفرت بحسب التقارير الطبية عن وفاة أكثر من 950 شخص منذ1مايو/17مايو 2020م.

 

وبلغ إجمالي الوفيات ليوم الأحد الموافق 17 مايو 2020م (89) حالة موزعة على جميع مديريات العاصمة المؤقتة عدن، نتيجة فيروس كوروتا و أوبئة أخرى مثل ؛ حمى الضنك والملاريا والتشيكونغونيا.

  

* نداء استغاثة

في خضم يوميات الموت التي تعصف بمدينة عدن وسكانها، وتعنت مايسمى بالانتقالي الجنوبي وتجدد الاشتباكات العسكرية بين قوات الجيش الوطني ومليشيا الأخير في أبين، والارتفاع الغير مسبوق في عدد الوفيات بمدينة عدن.

 

أطلقت الحكومة الشرعية، الأحد، نداء استغاثة للمنظمات الأممية والدولية لمساندة جهودها في مواجهة جائحة كورونا.

 

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر السفارة اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض، لعرض مستجدات الأوضاع الإنسانية في اليمن وخاصة في عدن.

 

ودعا وزير الصحة العامة والسكان "ناصر باعوم" المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة العاجلة للقطاع الصحي في اليمن، وفق ما جاء في موقع الحكومة.

 

وأوضح أن أولويات الحكومة تتركز في دعم القطاع الصحي بالمستلزمات الضرورية مع أدوات الحماية للعاملين لمواجهة فيروس كورونا، وتوفير أجهزة التنفس والدعم المالي للعاملين الصحيين، وأجهزة بي سي آر مع وحدة بيولوجية متكاملة، ومحاليلها، وأجهزة المساح الأنفي البلعومي مع الميديا لأخذ العينات.

 

وقال باعوم إن الحكومة تعتزم دعم القطاع الصحي بمستشفيات ميدانية وكوادر صحية متخصصة، وأسرة العناية المركزة المتكاملة ودعم الفئات الأكثر ضعفاً، واستمرار عمليات توفير السلل الغذائية، ودعم جهود الإصحاح البيئي في مختلف المحافظات.

 

وأشار إلى تخصيص الحكومة نحو ستة مليارات ريال كموازنة لدعم القطاع الصحي لمواجهة جائحة كورونا في اليمن.

 

ولفت إلى افتتاح الحكومة لـ27 مركزاً للحجر الصحي في كافة المحافظات المحررة، إلى جانب تركيب كاميرات حرارية في المنافذ الجوية والبرية وتوفير أدوات الفحص السريع.

  

وخصصت الحكومة حوافز نقدية وبدل المخاطر الذي رفعته وزارة الصحة العامة والسكان للعاملين في مواجهة وباء كورونا المستجد، وأعفت ما يتم استيراده من مستلزمات طبية وأدوية من الرسوم الضريبية والجمركية، كما تتواصل مع مختلف المانحين لتوفير دعم سريع وعاجل لليمن لمواجهة الوباء.

 

من جانبه قال رئيس الحكومة الشرعية "معين عبد الملك" -خلال اجتماع عبر الفيديو مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي، وممثل منظمة الصحة العالمية ألطف موساني- إن مدى انتشار الوباء في اليمن غير معروف على الأرض.

 

وأشار "عبد الملك" إلى تداعيات التصعيد الأخير لما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا والذي يزيد من معاناة الناس في عدن، مؤكدا ضرورة رفع الجهود الصحية في المدينة لمواجهة الفيروس، واتخاذ إجراءات لمحاصرة كورونا والأوبئة الأخرى.

 

وأكد، ضرورة صياغة آلية تسمح بإعادة جدولة الأولويات، وتخصيص الدعم لمواجهة كورونا، وطالب المجتمع الدولي بدعم جهود مواجهة الأوبئة التي تفشت في عدن وغيرها من المناطق، والتي دفعت الحكومة إلى إعلان المدينة موبوءة، كما شدد على أن الأولوية الممنوحة في الوقت الحالي لعملية الإصحاح البيئي والعمل مع القطاع الصحي لتحديد الأوبئة التي يعانيها المواطنون في عدن، وسببت عددا كبيرا من الوفيات.

 

* كارثة صحية

تشير تقارير مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني بعدن، إلى أن عدد الوفيات وصل في المدينة إلى 950 حالة وفاة منذ1مايو/17مايو 2020م

‏1مايو:27

‏2 مايو:12

‏3مايو:26

‏4مايو:32

‏5مايو:42

‏6مايو: 29

‏7مايو:65

‏8مايو:60

‏9مايو:55

‏10مايو:73

‏11مايو:56

‏12مايو:76

‏13 مايو: 70

‏14مايو:72

‏15مايو:80

‏16مايو: 86

‏17مايو:89

‏الإجمالي: 950

 

وبحسب رئيس مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني "سند جميل"، فقد سجلت العاصمة المؤقتة عدن يوم الأحد ‏17مايو (89) حالة وفاة، مع فشل سلطات الانتقالي الجنوبي بتطبيق قرار الإغلاق وحظر التجوال الشامل في بعض مديريات المدينة.

 

وتوزعت حالة الوفاة في مدينة عدن على النحو التالي:

(9) حالات كريتر

(2)  حالتين خور مكسر

(6) حالات المعلا

(3) حالات الروضة

(7) حالات التواهي

 (2) حالتين مستشفى الجمهورية

(6) حالات العزل مستشفى الجمهورية

 (11) حالة المنصورة

(13) حالة دار سعد

(4) حالات الممدارة

 (7) حالات الشيخ عثمان

(5) حالات القاهرة

(1) حالة الشعب

 (1) حالة البساتين

 (5) حالات مستشفيات خاصة

(6) حالات العزل "الأمل"

 (1) حالة مستشفى الصداقة

 

ولفت، إلى أنه تم صرف تصاريح الدفن بموجب خطابات على النحو التالي:

 (69)خطاب من أقسام الشرط دون معرفة سبب الوفاة،،وحسب المتعارف علية الأسباب طبيعية

 (5) خطابات من المستشفيات الخاصة

(12) حالة العزل الجمهورية والأمل

 (2) حالتين مستشفى الجمهورية

 (1) حالة مستشفى الصداقة

 

*مخاوف

في موازاة ذلك، يخشى السكان في عدن من أن تكون حالات الوفاة المتزايدة في المدينة ناتجة عن فيروس كورونا مع عدم خضوع أغلب الحالات التي أصيب وتوفيت لاحقا لفحص الفيروس نتيجة محدودية عينات الفحص.

 

وكانت وزارة الصحة قالت في وقت سابق مطلع الشهر الجاري إن الوفيات في عدن ناتج عن انتشار الحميّات، إلا أن مصادر طبية قالت: "إن غياب أجهزة الفحص والتشخيص الدقيق ساهم في التغطية على معرفة نوع الوباء المتفشي وأشار إلى أن كل الاحتمالات أصبحت واردة فيما إذا كان فيروس كورونا بالفعل أو أي من الحميّات المنتشرة حاليًا".

 

 وقد زاد ارتفاع عدد الوفيات في عدن - بأكثر من 500 في الأسبوع الماضي فقط ، وفقًا لسجل الحالات بالمدينة - وذلك ضمن سيناريو مخيف ينتشر فيه الفيروس بسرعة في بلد ليست لديه القدرة على مقاومته تقريبًا.

 

وقال التقرير «إن الارتفاع في حالات « كوفيد19» المشتبه فيها في اليمن يدق ناقوس الخطر في جميع أنحاء مجتمع الصحة العالمي، الذي يخشى أن ينتشر الفيروس مثل حرائق الغابات في جميع فئات العالم الأكثر ضعفاً مثل اللاجئين, أو أولئك الذين تأثروا بالحرب.

 

*تحديات إضافية

وكانت المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الوطنية العليا للطوارئ لمواجهة وباء كورونا الدكتورة "إشراق السباعي"، قالت يوم السبت الماضي، إن العاصمة المؤقتة عدن بحاجة لفتح مزيدٍ من المستشفيات والمحاجر الميدانية في المديريات لمجابهة وباء “كورونا” والأوبئة الأخرى.

 

وأفادت “السباعي” أن المؤسسات الطبية في البلاد تعمل بنسبة لا تزيد عن 45% من قدرتها التشغيلية بسبب ما تشهده البلاد من حرب وانقلاب قامت به مليشيا الحوثيين فضلاً عما فرضه تفشي فيروس كورونا من تحديات إضافية على القطاع الصحي.

 

وأضافت الدكتورة السباعي في مداخلة هاتفية على قناة “TRT” التركية أن العاصمة المؤقتة عدن تشهد تفشياً لأوبئة أخرى بجانب فيروس كورونا وهي أمراض الحُميات التي تفشت عقب ما شهدته المدينة من أمطار وسيول خلفت مستنقعات وبرك مياه متوزعة على مديريات المحافظة وشكلت بؤراً لتكاثر البعوض الناقل للأمراض.

 

وأشارت إلى أن العاصمة المؤقتة عدن هي أكثر المحافظات المحررة تضرراً وتسجيلاً لحالات الإصابة بفيروس كورونا فضلاً عن باقي أمراض الحميات(حمى الضنك، الملاريا، والشيكونفونيا المعروف محليا بالمكرفس).

 

وتابعت بالقول: وصلت حالات الإصابة بفيروس كورونا في مدينة عدن وحدها ل 100 حالة تراكمية فلن نستطيع أن نقدم الخدمات الصحية للمواطنين بظل الظروف الراهنة”.

 

وأوضحت الدكتورة السباعي أن الوضع الصحي في اليمن هو كارثي من السابق وليس من الوقت الراهن لكن تفشي فيروس كورونا زاد من حجم التحديات المفروضة على القطاع الصحي والكوادر الطبية.

 

وأفادت أنه ومنذ اندلاع الحرب في البلاد في العام ٢٠١٥ والقطاع الصحي في البلاد يفقد كوادره فمنهم من استشهد ومنهم من هاجر إلى خارج البلاد، والبلد اليوم تشهد تفشي وباء فيروس كورونا وكان للاطباء نصيب من حالات الإصابة فهم في خط الدفاع الأول بمواجهة الوباء وهناك إصابات وحالات وفاة ما بين الكوادر الطبية وهو ما يزيد من الأعباء والتحديات على كاهل وزارة الصحة.

 

ولفتت إلى أن دور منظمة الصحة العالمية خلال الفترة القريبة لم يكن بالقدر المطلوب خصوصاً ما يتعلق في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفشي فيروس كورونا، ما أدی لوصول الوباء لهذا المستوى العالي.

 

وأردفت بالقول،” في ظل هذه الظروف ونحن نعلم أن العالم بأسره يواجه تحدي كبير في مواجهة كورونا ونقص الإمكانيات، ولكن الوضع مختلف كثيراً بالنسبة لنا في اليمن فنحن دولة منهكة من الحرب التي تدخل عامها السادس ولابد علی دول الجوار والدول الشقيقة ان تقف مع اليمن في هذه المحنة الموجودة لدی دول العالم لكنها مضاعفة في اليمن.

 

وأكدت أن وزارة الصحة لا تعول كثيراً على الدعم الخارجي بقدر ما يعولون على جهدهم في وزارة الصحة وعلى دول التحالف العربي والدول الشقيقة.

ودعت المسؤولة اليمنية جميع أبناء البلاد إلى التكاتف والتظافر وتوحيد الصفوف لمواجهة فيروس كورونا المنتشر في العالم.

 

*سيناريو مرعب

تحذر كثير من التقارير الطبية من سيناريو مرعب ينتظر اليمن واليمنيين مع تفشي كورونا في ضل الحرب الدائرة وانهيار النظام الصحي في البلاد، وعدم الشفافية في التعاطي مع المعلومات عن هذه الأوبئة التي تضرب العاصمة المؤقتة.

 

وبحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن هناك سيناريو مرعب من جائحة كورونا، ينتظر اليمن مستقبلاً؛ في ظل الحرب الطاحنة، وانهيار النظام الصحي في البلاد، خصوصاً بعد وفاة المئات في عدن خلال أسبوع؛ بأمراض تشبه أعراض كورونا.

 

وأشارت الوكالة إلى أن الارتفاع في حالات كورونا المشتبه فيها في اليمن يدق ناقوس الخطر، حيث يخشى أن ينتشر الفيروس كحرائق الغابات في الدول الأكثر ضعفاً، التي تنتشر فيها الحروب.

 

ونقلت الوكالة عن أحد حفاري القبور في عدن، قوله إنه لم يشهد مثل هذا التدفق المستمر والكبير للوفيات، حتى في الأيام التي شهدت مواجهات دامية خلال السنوات الماضية.

 

وتوقعت منظمة الصحة العالمية، في أحد سيناريوهاتها إصابة أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة بالوباء، ووفاة أكثر من أربعين ألف حالة.

 

وأشارت الوكالة إلى أنه لا يوجد في اليمن إلا أقل من 500 جهاز تنفس صناعي، و 700 سرير وحدة العناية المركزة على الصعيد الوطني، وهناك اسطوانة أكسجين واحدة في الشهر لكل 2.5 مليون شخص. إضافة لذلك؛ تعرقلت جهود منظمة الصحة العالمية في تقديم الخدمات؛ بسبب قيود السفر والمنافسة مع الدول الأخرى.

 

وقالت الوكالة إن للأطراف المتحاربة في اليمن مناهج مختلفة إلى حد كبير للتعامل مع الوباء، ولكل منهم طريقته الخاصة بتأجيج الانتشار المحتمل للفيروس.

 

ويخشى العاملون الصحيون كثيراً، فليس لديهم إلا القليل من المعدات الوقائية من علاج أي شخص يشتبه في إصابته بالفيروس، كما أغلقت العديد من المرافق الطبية في عدن، مع فرار الموظفين.

  

وفي السياق قال مسؤول صحي في عدن للوكالة أنه “إذا اشتبه في إصابتك بالكورونا وأنت في عدن، فمن المرجح أن تنتظر في المنزل حتى وفاتك”.

 

وعن انتشار الأوبئة المجهولة التي قضت على المئات في أسبوع؛ قال العديد من الأطباء أنهم مقتنعون بأن أسباب الوفاة مرتبطة بكورونا، كما قدرت منظمة إنقاذ الطفولة عدد الأشخاص الذين يعانون من أعراض كورونا في عدن الأسبوع الماضي عند 385 حالة.

 

* نماذج مخيفة

إلى ذلك تشير بعض سيناريوهات نماذج منظمة الصحة العالمية، إلى أنه يمكن أن يصاب نصف سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة, ويمكن أن يموت أكثر من 40 ألف شخص.

 

نصف المرافق الصحية في اليمن تعاني من الخلل و 18? من 333 منطقة في البلاد لا يوجد بها أطباء. كما انهارت أنظمة المياه والصرف الصحي. وبالكاد تستطيع العديد من العائلات تحمل وجبة واحدة في اليوم.

 

لا يوجد في اليمن أكثر من 500 جهاز تهوية و 700 سرير وحدة عناية مركزة على الصعيد الوطني. وهناك اسطوانة أكسجين واحدة في الشهر لكل 2.5 مليون شخص. وقد قدمت منظمة الصحة العالمية حوالي 6700 مجموعة اختبار إلى اليمن، مقسمة بين الشمال والجنوب، وتقول إن 32000 مجموعة أخرى قادمة.

 

وتقول منظمة الصحة إنها تحاول شراء المزيد من المعدات واللوازم الوقائية لمكافحة الفيروس. لكنها قالت إن الجهود تعرقلت بسبب قيود السفر والمنافسة مع الدول الأخرى.

 

من جانبها وقال ألطاف موساني، مدير منظمة الصحة العالمية في اليمن «إذا كان لديك انتقال مجتمعي كلي في اليمن، سواءً بسبب الهشاشة،أو الضعف أو القابلية للتأثر، فسيكون ذلك كارثياً».

 

وكشفت منظمة "أنقذوا الأطفال" عن تسجيل 380 وفاة في مدينة عدن جنوبي اليمن خلال الأسبوع الماضي فقط، بعد ظهور أعراض عليهم تشبه أعراض فيروس كورونا.

 

ومن جهتها قالت منظمة أطباء بلا حدود إن من المستحيل معرفة مدى انتشار فيروس كورونا في اليمن، لأن القدرة على إجراء الفحوص الطبية هناك محدودة، وبعض المصابين يأتون إلى المستشفى الذي تديره المنظمة في عدن في وقت متأخر مما يجعل علاجهم أكثر صعوبة.

 

*مبادرات شعبية

في خضم ذلك أطلق ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، حملات إلكترونية عدة لإنقاذ مدينة عدن اليمنية (جنوبا) من الأمراض والأوبئة التي تتعرض لها، حتى باتت توصف بـ"المدينة الموبوءة" نظرا لانتشار فيروس كورونا المستجد، إضافة إلى أوبئة أخرى كالضنك والملاريا والطاعون الرئوي والكوليرا وغيرها.

 

يأتي ذلك بالتوازي مع استمرار "المجلس الانتقالي" المدعوم إماراتيا عبر مليشياته المسلحة في صراعه على حكم عدن، وإعلانه في 25 أبريل/نيسان 2020 الحكم الذاتي، عوضا عن السلطة المعترف بها دوليا المتمثلة في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي.

 

واستغاث ناشطون لإنقاذ أهالي عدن عبر حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في أوسمة عدة أبرزها: #أنقذوا_عدن_من_الموت، #عدن_تستغيث_يا_عرب، #عدن_مدينة_موبوءة، محملين الإمارات مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع الصحية والسياسية بالمدينة.

 

*بكاء مدينة منكوبة

وتداول الناشطون مقطع فيديو لمداخلة الدكتور نبيل غانم العضو السابق بالمجلس المحلي لعدن، مع برنامج "ما وراء الخبر" على قناة "الجزيرة" يطلق خلالها صيحة فزع عن الأوضاع الصحية في عدن بسبب الاقتتال وكورونا، ويبكي بحرقة مناشدا العالم إنقاذ المدينة المنكوبة.

 

ووصف ناشطون بكاء "غانم" بالمفزع، مشيرين إلى ما قاله بأن عدن تعيش وضعا صحيا كارثيا لم تشهد له مثيلا من قبل، وتعاني من انعدام كل مقومات الحياة البشرية، وانهيار المنظومة الصحية والبنية التحتية للمدينة، ومعاناة الكادر الطبي ووفاة الأطباء.

 

* دور التحالف

قال عضو المجلس المحلي السابق لمحافظة عدن، نبيل غانم، إن مدينة عدن تعيش وضعا صحيا كارثيا لم تشهد له مثيلا من قبل، حيث تعاني من انعدام كل مقاومات الحياة البشرية، وقد انهارت المنظومة الصحية كما انهارت كل البنية التحتية للمدينة، وبات الكادر الطبي يواجه الخطر وقد توفي العديد من الأطباء.

 

وأضاف في تصريحات لبرنامج "ما وراء الخبر" (2020/5/16)، على قناة الجزيرة، السبت، أن عدن ومنذ تحريرها من مليشيا الحوثي لم تتم إعادة إعمارها، بل تعرضت إلى إهمال متعمد من قبل التحالف والإمارات تحديدا، وأن الأخيرة تتعمد تدمير عدن.

 

وتابع حديثه أن الإمارات تسعى منذ ما قبل تدخلها في اليمن إلى تدمير ميناء عدن ووقف العمل فيه، من أجل ألا ينافس ميناء جبل علي، متهما الإمارات بالسعي إلى إماتة عدن من خلال دعمها للمجلس الانتقالي عبر الانقلاب وإعلان الإدارة الذاتية، وهو الأمر الذي فاقم الأزمة الصحية.

 

وأكد أن الحكومة الشرعية تتحمل أيضا المسؤولية، كون الوضع مأساويا للغاية "لأننا في كل ساعة نودع صديقا أو قريبا ولا نعرف على من سيأتي الدور"، وأعداد الموتى بعدن في ازدياد سريع حتى وصلت إلى عشرات الوفيات في اليوم الواحد، وهو عدد كبير مقارنة بعدد سكانها.

 

وناشد غانم كل دول العالم وكل المنظمات الدولية بإنقاذ عدن سريعا، لمواجهة الأمراض وإعادة أعمار البنية التحتية، خصوصا الطبية منها.

 

من جهته، قال الكاتب أسعد بشارة إن التحالف العربي، يتحمل جزءا من مسؤولية الحالة التي تعيشها عدن، لأن الصراع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي زاد الطين بلة، كما أن الهدنة التي أعلنها التحالف في أبريل/نيسان الماضي لم تكن كافية، وعلى الرغم من تقديم التحالف بعض المساعدات الطبية فإنها لا تكفي.

 

وأضاف أن الصراعات في جزيرة سقطرى ومدينة عدن أصابت مهمة التحالف في الصميم ويجب أن تتوقف، ومسؤولية التحالف اليوم إيقاف الصراع العبثي وتطبيق اتفاق الرياض إذا ما كان صالحا في الأساس قبل أن يتحول اليمن إلى كارثة إنسانية، والجميع اليوم مسؤولون عن كل هذه الكوارث.

 

بدوره، قال محمد المختار الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة حمد بن خليفة، أن من يتحمل المسؤولية الكبرى لما يحصل في عدن هي الإمارات والأطراف التابعة لها، كما أن التقارير تشير إلى أرقام كبيرة وكارثية من الموتى في اليمن، لكن القائمين على الحرب مستهترون بالشعب اليمني، ويجب أن تتوقف الحرب في اليمن ويتم إنقاذ الشعب اليمني من الوباء بأسرع وقت وقبل فوات الأوان.

 

في المقابل أكد ناشطون أن ما يحدث في عدن هو اجتماع أكثر من مرض، ومعاناة من تدهور البنية التحتية وعدم انتظام الرواتب، وضعف الخدمات، حتى أصبح المواطن يعيش أسوء فترة زمنية تهدد حياته، لافتين إلى أن عدن تعتبر مدينة موبوءة بالحمّيات وكورونا وكوارث متراكمة.

 

وحث ناشطون المنظمات الحقوقية على التصدي إلى محاولات التكتم والتعتيم على الأرقام الحقيقية لضحايا الأوبئة، حلفاء الإمارات، موكدين أم "الوضع كارثي في عدن ويحتاج إلى وقفة جادة من كل المنظمات والدول وتقديم يد المساعدة".

 

وعد ناشطون "المجلس الانتقالي" ضمن الأوبئة الخبيثة التي تعاني منها عدن، مشيرين إلى إن "عدن تصاب بثلاثة أوبئة خبيثة الانتقالي (مرتزقة الإمارات)، المكرفس، كورونا".

 

واستنكر ناشطون انشغال "مليشيات الانتقالي" في نهب ثروات الحكومة الشرعية، في عدن وسطوهم على البنوك، وعدم مبالاتهم في مكافحة الأوبئة والأمراض.

 

وحمّل الناشطون دولة الإمارات وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع الصحية والمعيشية والخدمية في عدن، لافتين إلى أنها تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها من انتشار لفيروس كورونا وأمراض أخرى، إضافة إلى انهيار للنظام الصحي.

 

واستنكروا موقف الإمارات وتجاهلها لكل ما تعانيه عدن، وعدم إرسالها أي مساعدات صحية أو طبية، في حين أنها ترسل الأسلحة والمدرعات لقتل اليمنيين، مؤكدين أن "هذه الدولة تنشر الخراب والدمار في كل مكان توجد فيها أو يوجد مرتزقة تابعين لها" .

 

وتلقى "المجلس الانتقالي" تعزيزات عسكرية إماراتية كبيرة خلال الأيام الماضية، من قبل حكومة أبوظبي، في ظل العملية العسكرية التي أطلقتها القوات الحكومية فجر الاثنين 11 مايو/أيار الحالي، في محيط مدينة زنجبار بعد فشل مساعي السعودية لإلزام المجلس الانتقالي بتنفيذ اتفاق الرياض.

 

وقارن ناشطون بين التكاليف المليارية التي تصرفها الإمارات على تسليح الانتقالي وبين التكاليف البسيطة المطلوبة للمعدات الطبية اللأزمة لتخطي الأزمة الصحية التي تعانيها عدن.

 

* تأسيس إنساني

في ذات الاتجاه كان التحالف العربي بقيادة السعودية قد رفض دخول إي مساعدات طبية للعاصمة المؤقتة عدن لمنع تفشي هذه الأمراض المميتة ومن ضمنها فيروس كورونا.

 

وفي بدايات شهر مايو الحالف تقد الدكتور "نبيل غانم" رئيس إتحاد الجاليات العربية بتركي، بمذكرة عاجلة إلى الرئاسة التركية، لتقديم بعض المساعدات والمستلزمات الطبية والعيادات المتنقلة لمكافحة الأوبئة التي تجتاح مدينة عدن.

 

وبحسب مصادر مطلعة فأن الرسائل كانت تتضمن مساعدات عاجلة لمواجهة وباء كورونا والإضرار التي خلفتها السيول في محافظتي عدن ومأرب.

 

وأوضحت إن الرسائل كانت "الأولى بخصوص طلب مساعدة عاجلة لليمن لمواجهة وباء كورونا الذي ظهر أخيرا وبشكل كبير خاصة في محافظة عدن ودعم القطاع الصحي بالمساعدات اللازمة خاصة وان تركيا قد ساعدت الكثير من الدول بهذا الخصوص، كما تم طلب المساعدة بالتخفيف من الأضرار التي تعرضت لها محافظة مأرب وعدن بسبب السيول. و الرسالة الثانية تتعلق بطلب معالجة وضع العرب الذين انتهت إقامتهم وهم في داخل تركيا اًو خارجها وكيف يمكن معالجة ذلك".

 

المصادر قالت أن الرئاسة التركية أبدت، استعدادها لتقديم المساعدة العاجلة لليمن في غضون ثلاثة أيام إذا سمح التحالف العربي للطائرات التركية بدخول الأجواء اليمنية وهو ما رفضه التحالف.

 

المصادر لم تستبعد أن الرفض السعودي للمساعدات التركية لإغاثة مدينة عدن، كان بإيعاز إماراتي للرياض، ويأتي في ضل الصراع المحتدم بين أبوظبي وانقر في المنطقة.

 

واعتبرت المصادر أن ذلك تأسيس إنساني سافر، للحالة الإنسانية والاستثنائية التي تعيشها العاصمة المؤقتة، من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية ومن خلفها الإمارات الباحثة عن تفعيل أجنداتها التشطرية في عدن.

 

* الخلاصة

عدن التي تتقياء الموت، وتلفظ أهلها غدت ملية بالتوابيت والنعوش، نتيجة انهيار القطاع الصحي وإغلاق لمعظم مستشفياتها، تستغيث من أوبئة غير معروف تستوطنها زادت معدل الوفيات فيها بنسبة 500 %، يقول البعض.

 

ويضيف آخرون، تعيش العاصمة المؤقتة عدن وسكانها تضاريس موت مخيفة، تتضاعف فيها حالة الوفاة اليومية بشكل متسارع، نتيجة تفشي الأوبئة والحميات القاتلة، التي تقابل باستغلال إماراتي عبر حلفائها في الانتقالي الجنوبي، وتقويض متعمد لعمل المؤوسسات الحكومية في عدن، وتماهي سعودي مع أجندات أمراء أبوظبي.

 

هو سيناريو مرعب ينتظر اليمن واليمنيين اذن، خصوصاً بعد وفاة المئات في عدن خلال أسبوع؛ بأمراض تشبه أعراض كورونا، ما ينذر بتحول المدينة إلى بؤرة جديدة لانتشار الفيروس على المستوى المحلي والاقليمي وفقا لخبراء.

 

تشير التقارير الصادرة موخرا أن مدينة عدن تعيش وضعا صحيا كارثيا لم تشهد له مثيلا من قبل، حيث تعاني من انعدام كل مقاومات الحياة البشرية، وانهيار للمنظومة الصحية والبنية التحتية للمدينة.

 

في الوقت الذي فضحت فيه هذه الكارثة عويل الأعمار السعودي والإماراتي للمدينة الموبوءة حاليا.

  

يتجاوز الأمر مجرد تضارب المصالح بين الرياض وأبوظبي في حال ثبتت نظرية الخلاف القائمة بين الحلفاء في التحالف، إلى تأسيسي الوضع الصحي الذي تعيش عدن.

 في الوقت الذي يقتصر فيه دور السلطات الشرعية، على إطلاق المناشدات والاستغاثات الإنسانية لا تملك فيه القرار ولا الموارد اللازمة لمواجهة الجائحة.

 

في الأخير يقول الكاتب اليمني "ياسين التميمي"، أن كورونا اليوم تحصد على الأرض عشرات الأرواح، وللأسف فإن المعلن من الضحايا أقل بكثير من أولئك الذين يتساقطون يومياً في ظل اختلاط الحقائق، والتي توزع المسؤولية عن هذه الوفيات إلى ما تسميه انتشار الحميات، ومن بينها حمى الضنك، والشيكوغونيا التي تنتقل عن طريق البعوض.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد