شارك فيه 126 جهة، 66 دولة و15 منظمة دولية و3 منظمات حكومية دولية وأكثر من 39 منظمة غير حكومية

مؤتمر المانحين لليمن.. استجابة للرغبات السياسية أم لاعتبارات إنسانية

2020-06-03 07:55:42 أخبار اليوم/ متابعة خاصة

 


لا تستعاد سيادة الدول من جلادها بدراهم معدودة، فمن يقبل الهدايا تحت شعارات إنسانية ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذب يبع حريته، هكذا بقراء الشارع اليمني، أعمال مؤتمر المانحين لليمن 2020 في السعودية .


يضيف آخرون: «عندما تكون المنح المالية عبارة عن هبة للوصاية.. فهي هبة لافائدة منها»، فالمنحة الكبرى التي ينتظرها الشعب اليمني من السعودية والمانحين هي عودة الشرعية اليمنية إلى نطاق جغرافيتها ولعاصمتها السياسية والاقتصادية في عدن، ومنحها حقها السيادي في استعادة الموانئ والمطارات، وتصدير النفط، والتي يمكن أن تغير من معادلات المنح السابق على الأرض.


بين التفاؤل والتشاؤم وكثير من الأسئلة ينظر كثير من اليمنيين إلى مؤتمر المانحين الذي عُقد في المملكة العربية السعودية الثلاثاء، لدعم خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، في ضل الوضع الإنساني الصعب والتفشي المخيف لفيروس كورنا في أخرى بالبلاد، وسط غياب تام للقطاعين الصحي والخدمي، إضافة إلى تدهور الحياة المعيشية، وفي ضل سلطات الانقلاب المدعوم إماراتيا في الجنوب اليمني، والانقلاب المدعوم إيراينا في شمال البلاد، وذلك استناداً إلى تجربتهم مع عدد من المؤتمرات المماثلة السابقة.


وليست هذه هي المرة الأولى التي تُعقد فيها المؤتمرات الدولية المانحة لليمن، لكنها المرة الأولى التي تُعقد فيها افتراضياً برئاسة السعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً في اليمن لقتال الانقلابيين الحوثيين.


مؤتمر المانحين
انطلقت،امس، أعمال مؤتمر المانحين لليمن 2020، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نظمته المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الأمم المتحدة، وسط خيبة أمل كبيرة لدى اليمنيين من تحقيقه أي شيء يذكر لصالح اليمن، في ظل عدم التزام الدول المانحة بدفع التزاماتها ووعودها للسنوات الماضية، وذهاب أغلب المنح والمساعدات الدولية التي دُفعت إلى جيوب وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية التي أنفقت معظم المنح والمساعدات الدولية على تغطية الميزانية التشغيلية ورواتب موظفيها.


شارك في المؤتمر المنعقد يوم الثلاثاء، أكثر من 126 جهة، منها 66 دولة و15 منظمة دولية و3 منظمات حكومية دولية وأكثر من 39 منظمة غير حكومية، بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.


ويتزامن هذا المؤتمر مع أوضاع إنسانية صعبة تعيشها اليمن، جراء انتشار كثير من الأوبئة أبرزها فيروس كورونا المستجد الذي حصد أرواح مئات اليمنيين الذين لم يتم تسجيلهم رسميا بسبب عدم توفر الفحوصات اللازمة، وعدم زيارة كثير منهم للمستشفيات.


 ويعاني القطاع الصحي في اليمن من أَضرار بالغة جراء الحرب التي دخلت عامها السادس، فوفقا لوزير الصحة العامة والسكان ناصر باعوم فقد تضرر 60% من إجمالي المنشآت الصحية.


وبالعودة إلى مؤتمر المانحين الذي غاب فيه الرئيس اليمني، «عبد ربه منصور هادي»، عن حضور هذه الفعالية الدولية الكبيرة الخاصة باليمن، دعا رئيس مجلس الوزراء، معين عبد الملك، في كلمته بهذا المؤتمر، المانحين الدوليين إلى مد يد العون السريع والعاجل للحكومة وللشعب اليمني؛ لمواجهة جائحة انتشار كورونا في اليمن، والمساندة في تقديم الحماية والدعم اللازم للعاملين في القطاع الصحي، الذين يمثلون خط الدفاع الأول للبلد.


وقال: «إننا في اليمن نعاني الوضع الأصعب على مستوى العالم؛ بفعل الانقلاب (الحوثي) والحرب والنزاعات، ونهب مقدرات الدولة من قبل الحوثيين في المناطق التي يحتلونها، وفرضهم لجبايات هائلة تثقل كاهل المواطنين وتسخيرها للحرب، وبفعل تزامن جائحة كورونا مع أنواع خطيرة من الأمراض والحميات التي تضرب مدن وقرى اليمن، وتهدد شعبنا بالموت والفناء؛ في ظل نظام صحي متهالك، وبفعل الأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءاً بسبب الحرب، وانخفاض أسعار النفط عالمياً، وبفعل الأوضاع المضطربة في العاصمة المؤقتة عدن».


ومن جانبه وصف وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نجيب العوج، مؤتمر المناحين الدوليين بالمنعطف المحوري في أهمية تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته.


تعهدات مالية
سعى مؤتمر المانحين لليمن لعام 2020، إلى جمع مليارين و400 مليون دولار، لكن الأمم المتحدة أعلنت في ختام المؤتمر، أن تعهدات المانحين بلغت 1.35 مليار دولار قدمتها الدول التي شاركت في المؤتمر، وفقا لبيان المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك.


ومن بين الدول التي تعهدت بتقديم دعمها المالي للعمليات الإنسانية، السعودية، التي أعلنت عن تعهدات مالية بقيمة نصف مليار دولار من إجمالي المبلغ.


فيما تعهدت الولايات المتحدة بمبلغ 225 مليون دولار وبريطانيا 196 مليون دولار وألمانيا 137 مليون دولار والمفوضية الأوروبية 78 مليون دولار.


من جهتها، أعلنت النرويج تقديم 175 مليون يورو لدعم اليمن، في حين قدمت كندا 40 مليون دولار كمساعدة للحكومة اليمنية عبر المؤسسات الأممية، وسويسرا 12 مليون دولا وفرنسا 9 مليون ونصف دولا وبلجيكا 5 مليون ونصف دولار، ، في حين قدمت السويد 30 مليون دولار وتبرعت هولندا بـ15 مليون يورو.


وقدمت كورويا الجنوبية 18.4 مليون دولار بينها مليونان مساعدات إنسانية وأربعة ملايين خصصت لمواجهة وباء كورونا إلى جانب تبرعها بـ19 ألف طن من الأرزـ وتبرعت اليابان ٤١ مليون دولا، وكندا ٤٠ مليون دولار أمريكي.


لفت أنظار العالم
تهدف المملكة العربية السعودية، بهذا المؤتمر إلى لفت أنظار العالم وتسليط الأضواء على الأزمة الإنسانية في اليمن المغيّبة عن اهتمام العالم، خاصة في ظل انشغال دول العالم بجائحة كورونا التي جمدّت كل اهتماماتها بالقضايا الخارجية لتركز على الاهتمام بشؤونها الداخلية.


وتتطلع إلى عمل حشد دولي للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم المالي والتعهدات المالية من قبل المانحين الدوليين لتمويل برامج الاستجابة الإنسانية والإغاثية في اليمن التي تنفذها الوكالات والمنظمات الإنسانية الدولية في اليمن، وفي مقدمتها وكالات الأمم المتحدة.


في موازاة ذلك قال وزير الخارجية السعودي، الأمير «فيصل بن فرحان بن عبد الله»، إن حكومتة بلادة، تثمن وتقدر بشكل كبير جهود الأمم المتحدة في دعم ومساندة برامج الإغاثة الإنسانية في الجمهورية اليمنية وكذا العمل الإنساني عبر وكالاتها العاملة في شتى أنحاء العالم وفي مقدمتها اليمن.


وأوضح: «لقد حرصت المملكة على استضافة هذا المؤتمر الافتراضي رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا». وأعرب عن تقديره للوفود المشاركة في هذا المؤتمر من حكومات الدول ومنظمات دولية ومنظمات غير حكومية، «وهو ما يعكس القناعة بأهمية هذا المؤتمر لزيادة الوعي بالأزمة الإنسانية في اليمن والإعلان عن تعهدات مالية لسد الاحتياجات الإنسانية هناك، والتي كان سببها انقلاب الميليشيات الحوثية المسلحة المدعومة من إيران على القيادة الشرعية في البلاد».


وأضاف المسؤول السعودي: «نجتمع اليوم والشعب اليمني يتطلع إلى ما سيسفر عنه هذا المؤتمر من تعهدات يطمح أن يتم تقديمها عاجلاً لتعينهم على مواجهة التحديات الإنسانية والسياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية بسبب الممارسات غير الإنسانية من الميليشيات الحوثية التي تقوم بالاستحواذ والنهب وفرض الرسوم على المساعدات الإنسانية وإعاقة وصولها إلى كافة الأراضي اليمنية».


مخاطر تهدد اليمن
في خضم هذه الأرقام التي يتوقع كثير من المراقبين بعدم التزام المنحين بها في تكرار للمؤتمرات السابق التي دعت إليها الأمم المتحدة.


قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، إن هناك عدة مخاطر تهدد الشعب اليمني، إلى جانب ما تشكله جائحة كورونا المستجد من تهديد مرعب لحياة الملايين من اليمنيين.


وأضاف غوتيريش خلال افتتاحه أعمال مؤتمر المانحين لليمن 2020م، أن المرافق الصحية في اليمن تعاني من نقص في الأجهزة الطبية وخاصة أجهزة التنفس وسيارات الإسعاف مما فاقم من أزمة فيروس كورونا ، كما أن المستشفيات التي تعمل لا يوجد فيها مصادر طاقة معتمدة.


وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من إغلاق أكثر من 30 برنامجًا إنسانيًا أمميا في اليمن العام المقبل نظرًا لنقص التمويل.


من جهته، أوضح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك في كلمته خلال المؤتمر، أن الوضع الإنساني في اليمن بالغ الصعوبة مع انهيار القطاع الصحي وتدهور الأوضاع المعيشية وانتشار المجاعة والنزوح والأمراض خاصة مع تفشي جائحة كورونا مؤخرًا .


وأضاف «ينتشر كوفيد-19 بسرعة في جميع أنحاء البلاد، وتشير البيانات المتاحة إلى معدل أعلى بكثير من الإصابة والوفيات مما هو عليه في العديد من البلدان الأخرى، وتقوم المرافق الصحية بصرف الأشخاص لأن نسبة الإشغال كاملة بالفعل أو ليس لديهم ما يحتاجون إليه لعلاج الأشخاص المصابين بالفيروس».


وتابع لوكوك، «اليمنيون أنفسهم يقولون أن الأمور أسوأ مما كانت عليه في أي وقت في التاريخ الحديث».
وقال « لابد أن نكون قادرين على مساعدة الأسر اليمنية وعلى مجابهة فايروس كورونا والحصول على الاحتياجات الأساسية للبقاء بأمان من هذا الفيروس» .وأشار لوكوك إلى صعوبات تواجه تقديم المساعدات في اليمن، وحاجة المنظمات الأممية لمزيد من الدعم الدولي لمواصلة العمل الإغاثة والإنساني.


وأضاف : «نحن نحتاج من السلطات خاصة في الشمال (في إشارة للحوثيين)، إنهاء القيود غير المقبولة التي تعيق برامجنا، ولقد شهدنا مؤخراً تقدماً ملموساً في عديد من القضايا وهو أمر إيجابي ونريد البناء على ما تم تحقيقه. لن ما زلنا بحاجة إلى المزيد».


وحذر لوكوك «من أن قطع التمويل عن جزء من البلد أو آخر بسبب القلق بشأن سلوك أولئك الذين يسيطرون، هو بمثابة عقاب جماعي للأبرياء والضعفاء.


وختم لوكوك إحاطته بالقول «سوف نسمع الآن منكم جميعاً ما إذا كان العالم مستعداً لمشاهدة اليمن يسقط في الهاوية أو بدلاً من ذلك سنقوم بمنع ذلك من الحدوث».


تحديات ومصاعب
لعل كثيراً من المساعدات التي تقدَّم عبر المانحين تواجه عدداً من المشكلات التي تحول دون التوظيف الأمثل لأموال المانحين، منها ما يتصل بالمانحين أنفسهم، وبعضها يتعلق بالحكومة اليمنية، وأخرى تتعلق بالفساد المستشري في المنظمات الدولية.


ومن أبرز التحديات «تردُّد البعض في الإيفاء ببعض تعهداتهم في مواعيدها المحددة، وحاجة بعض المانحين إلى موافقة برلماناته على التعهدات التي أعلنها، وإصرار البعض على تنفيذ تعهداته من خلال وكالات وبرامج خاصة به، وليس بالتنسيق مع الحكومة اليمنية».


في المقابل برزت مشكلات الجانب الحكومي اليمني المتمثلة في «ضعف القدرة الاستيعابية لأموال المانحين، وعدم توافر آلية ذات كفاءة وشفافية لإدارة وتوظيف أموال المانحين، وغياب الرقابة والتقييم لما يتم توظيفه من أموال المانحين».


يرى الباحث الاقتصادي اليمني «عبد الواحد العوبلي»، أن المؤتمرات السابقة نجحت بشكل كبير، وحشدت لليمن ما يزيد على 25 مليار دولار من بداية الحرب، إلا أنه يرى أن المنظمات التي تتسلم تلك الأموال «فاسدة ومتواطئة مع مليشيا الحوثي، وتتقاسم مبالغ المساعدات مع المليشيا».


وأكد العوبلي أن هذا الأمر جاء «في ظل غياب المساءلة والشفافية، وانعدام أي محاسبة من قِبل مؤسسات الحكومة الشرعية؛ مما يتسبب في ضياع مليارات من الدولارات كانت قادرة على أن تدعم الاقتصاد وتوفر، على أقل تقدير، عملة صعبة تحسّن من وضع الريال اليمني أمام بقية العملات الصعبة».


أما كل تلك المشكلات التي تواجهها اليمن التي باتت اليوم دون حتى بنية تحتية، يرى الباحث في الشئون الاقتصادية «نبيل الشرعبي» أن مؤتمر المانحين هذا العام لن يختلف عن مؤتمرات المانحين السابقة، ولن يحدث فارقا إيجابيا في واقع ما تبقى من صورة شكلية أو بقايا أطلال اقتصاد بلد أنهكته الحرب والصراع.


وفي تصريحات الشرعبي لموقع «الموقع بوست»، فأن يافطة مؤتمر المانحين هذا والمختزلة في دعم خطة الاستجابة الإنسانية، حُكم عليه مثل سابقيه بالوأد قبل ميلاده، فهو لم يهتم لواقع بلد ممزق وغارق بالحروب والصراعات، بل جاء استجابة لرغبة جهات خارجية في مقدمتها الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في اليمن.


إضافة إلى ذلك، فهو كما يعتقد الشرعبي مفصل على مقاس رغبة هذه الهيئة الأممية والمنحصرة في تمويل أنشطتها التي لم نلمس كيمنيين غير جرد حسابات بمليارات الدولارات كما يجري الإعلان عنه، أما على أرض الواقع فلم يتغير شيء للإيجابي.


بدوره قال الكاتب السياسي «محمد جميح» في تغريدة له على منصة تويتر رصدتها صحيفة «أخبار اليوم»، عندما تدعو السعودية لمؤتمر المانحين لليمن للعام ٢٠٢٠ يقول الحوثي: لا نريد مساعداتها.


وعندما تصل مساعدات المملكة للمحتاجين في مناطق سيطرته يسرقها من أفواه الجياع، حسب تصريح مسؤول برنامج الغذاء العالمي!
وعلى قول من قال: سارق و»مبهرر»!


الموقف الحوثي
في سياق تغريدات الدكتور «جميح» كانت جماعة الحوثي الانقلابية قد أبدت رفضها لاستضافة السعودية، مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن.


وقال الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام: إن «اللجوء إلى تنظيم السعودية مؤتمرا للمانحين في ظل استمرار العدوان والحصار هروب من أصل المشكلة»، حسب وصفة.وأضاف عبدالسلام: «تلك محاولات سخيفة من قبل المجرم لتجميل وجهه الإجرامي البشع» وفق قوله. داعيا المجتمع الدولي إلى العمل على وقف ما وصفه بـ «العدوان الظالم».من جانبه، وصف القيادي في الجماعة الانقلابية، محمد علي الحوثي، الثلاثاء، مؤتمر المانحين لليمن بـ»الفاشل».


وقال على حسابه في «تويتر» أيضا، إن «عدوان وحصار التحالف هما من أوصل الشعب إلى الحضيض»، مضيفا: «لا يمكن التلفيق بمؤتمر فاشل رائحته السياسية الأبرز»، مشدداً على «أن الحل في إيقاف العدوان»، بحسب تعبيره.واعتبر أن «اعتراف لوكوك بعدم وفاء المانحين بالتعهدات وإيقاف البرامج يؤكد كذبة العرقلة»، في إشارة إلى الاتهامات التي تُوجه للجماعة بعرقلة برامج ومشاريع الأمم المتحدة.


كما شن القيادي الحوثي، عبد المحسن طاووس، أمين عام مايعرف بمجلس تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للانقلابيين، هجوماً لاذعاً على المؤتمر وقال «إن المساعدات المقدمة لليمن من الدول المشاركة في العدوان هي ذات طابع سياسي وليست ذات طابع إنساني».


وأشار المسؤول الحوثي إلى أنه إذا كان مؤتمر المانحين سيعقد في أرض المعتدي، فكيف ننتظر مخرجات إيجابية منه تجاه اليمن، في إشارة إلى السعودية التي ترعى المؤتمر وتقود التحالف العربي، ضد جماعته الانقلابية.


منهجية في نهب المساعدات
ذلك الموقف المعلن من قبل جماعة الحوثي لايعني أن الجماعة لا تلهث خلف تلك المساعدات بحسب خبراء في الشأن اليمن.


وكشفت تقارير إعلامية سابقة واعترافات مسؤوليين أممين عن فساد وتؤطى المنظمات التابعة للأمم المتحدة مع جماعة الحوثي الانقلابية، التي تتقاسم معها مبالغ المساعدات المقدمة من المانحين.


وأظهرت الحرب الدائرة في اليمن أن المنظمات الأممية العاملة في البلد انحرفت بوصلتها عن هدفها الحقيقي الذي أنشأت من أجله، فخلال خمس سنوات من الحرب كشفت أحداث ووقائع تورط تلك المنظمات بدعم المليشيات لتواصل قتال اليمنيين وتدمير ما تبقى من مؤسسات دولتهم، والإضرار وزعزعة استقرار الدول المجاورة في مقدمتها المملكة العربية السعودية.


« ما يصل من مساعداتها إلى اليمن بسكويت منتهي الصلاحية، أصبح ممتلئًا بالحشرات»


بهذه الجملة التي علق بها ناشط يمني على طلب «الأمم المتحدة» في وقت سابق 4 مليار دولار، لتمويل برامجها الإغاثية في اليمن، والتي توضح حقيقة وجود مأساة كبيرة في اليمن.


المأساة لم تنجم عن نقص المساعدات الإنسانية التي تصل إلى اليمن عبر «الأمم المتحدة» أو غيرها، بل تعود إلى ظاهرة نهب وسرقة المساعدات والأموال التي تبعث إلى اليمن لإطعام الجوعى وعلاج المرضى وتعليم الأطفال.


يحدث ذلك في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين وضعوا كيانًا خاصًا ينظم آلية السيطرة على أموال الجياع والفقراء في اليمن يعرف بمجلس تنسيق الشؤون الإنسانية (النمشا)»، وهو كيان يهدف إلى السيطرة على أموال المساعدات المقدمة للشعب اليمني، بحيث لا تمر أي أموال أو مساعدات ولا ينفذ أي مشروع إلا بموافقة الحوثيين الذين فرضوا أيضًا «إتاوات».


إبعاد سياسية
على الرغم من حجم الكارثة الإنسانية الحالية في اليمن بالإضافة إلى أن الكثير من هذه التعهدات من قبل المانحين الدوليين، قد تتبخر بمجرد انتهاء مثل هذه المؤتمرات، كما حصل في كافة مؤتمرات المانحين الدوليين لليمن السابقة، والتي لا يصل للمحتاجين فعلياً منها غير الفتات وهو ما يشكل عامل إحباط لدى الكثير من اليمنيين الذين وقعوا فريسة للحرب الراهنة وتداعياتها الإنسانية الكبيرة.


فأن هناك بُعدًا آخرًا لمؤتمر المانحين لليمن المنعقد في السعودية، يقول مراقبون، من أهمها، منح هذه الدول المشاركة في المؤتمر، من خلال الأموال المقدمة تحت شعار إنساني، ميزة البقاء طويل الأمد في اليمن بعد الحرب.


حسابات سعودية
وفقا لحديث وزير الخارجية السعودي، الأمير «فيصل بن فرحان بن عبد الله»، خلال مؤتمر المانحين، فقد قدمت السعودية لليمن منذ بداية الأزمة اليمنية، في أيلول /سبتمبر 2014، مساعدات مالية وصلت إجمالاً إلى أكثر من 16 ملياراً و 940 مليون دولار، شملت تنفيذ مركز الملك سلمان السعودي للإغاثة والأعمال الإنسانية 453 مشروعاً في 12 قطاعاً غذائياً وإغاثياً وإنسانياً باليمن، إضافة إلى مساعدات لإعادة الأعمار.


وأضاف الوزير السعودي: قام البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بتنفيذ 175 مشروعاً في سبعة قطاعات تنموية بتكلفة بلغت أكثر من 150 مليوناً و520 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى تقديم مشتقات نفطية بقيمة 60 مليون دولار أمريكي شهرياً لتشغيل محطات الكهرباء، واستمرار مشروع (مسام) لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام الأرضية والذخائر الحية.


لكن وفقا لهذا الرقم- وفقاً لتحقيقات تجرى الآن على الواقع- تؤكد أن ما تم تنفيذه لا يساوي الربع من حجم المبلغ المعلن عنه من قبل وزير خارجية السعودية.


ويقول خبراء أن معظم مشاريع الإنسانية، التي تنفذها المملكة في مختلف أنحاء اليمن، تُشير، إلى رغبة الرياض الطويلة المدى في ترسيخ نفوذها ودفع جارتها الجنوبية إلى الاعتماد عليها بصورة متزايدة في المستقبل، مالم تسعى إلى تمكين الحكومة الشرعية من حقها الدستوري باستعادة تامة للموانئ والمطارات اليمني، وعودة الرئاسة والحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتمكينها من الاعتماد على مواردها الاقتصادي وتصدير النفط.. هو المنحة الأكبر الذي ينتظرها الشعب اليمني من الشقيقة والمانحين.


وفي ذات الاتجاه فأن الدعم السعودي المقدر بنصف مليار دولار، تأطر من في تنفيذ مشاريع يشرف عليها مركز الملك سلمان السعودي للإغاثة والأعمال الإنسانية، بالإضافة إلى 453 مشروعاً في 12 قطاعاً غذائياً وإغاثياً وإنسانياً باليمن، إضافة إلى مساعدات لإعادة الأعمار.


ويرى فريق أخر أن إقدام المملكة على تنظيم مثل هذه المؤتمرات من قبل الرياض من شأنها أن تحدّ من تأثير خارجي في ضل تنامي الأصوات العربية والعالمي لإنقاذ اليمن.


في رأي مخالف لسابقة يعتقد مراقبون، أن تلك المنحة هي محاولة سعودية جديدة تعطيها على المدى البعيد صلاحيات كاملة في إدارة الحكومة الشرعية، تمكن المملكة بموجبها إدارة هذا الدعم المعنون تحت شعار خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، دون الرجوع للحكومة الشرعية.


فريق أخر يقول أن هناك اعتبار أخر لرعاية المملكة لهذا المؤتمر، من ضمنها تخفيف التكلفة الإنسانية التي تسببت فيه الحرب والتي قادتها الرياض لإعادة الشرعية في اليمن وطال أمدها.. مشيرا أن ذلك المؤتمر من شأنه أن يمثل بداية لطريق السلام في ظل الاستغاثات الإنسانية المتكررة، التي تم إطلاقها من أطراف الصراع، بتزامن مع تفشي فيروس كورونا في شمال وجنوب اليمن.


ويستدل هذا الفريق استنتاجاته بتصريحات عدد من المسؤوليين السعوديين الذين المحو في كثير من المناسبات إلى اختمار أركان الحرب في اليمن، خاصة عقب الأزمة الاقتصادية التي تضرب بالسعودية وتهاوي أسعار النفط وتداعيات كورونا الاقتصادية على المملكة.


حسابات أممية
يعد مؤتمر المانحين الدوليين المنعقد مؤخرا في السعودية، أنه محاك ومصمم بما يتوافق مع رغبة هذه الهيئة الأممية المنحصرة في تمويل أنشطتها التي لم يلمس اليمنيين منها، غير جرد حسابات بمليارات الدولارات كما يجري الإعلان عنه، أما على أرض الواقع فلم يتغير شيء للإيجابي.


وتثبت المعطيات على الأرض، أن الأمم المتحدة تتعامل مع الكارثة الإنسانية في اليمن، من خلال هذه المؤتمر التي توفر ديمومة عمل منظمات في اليمن، لاعتبارات ومشاريع سياسية، لا باعتباره إنسانية في ضل الجائحة.


ويتهم البعض عمل المنظمات الأممي في اليمن، بالمتاجرة بأرواح اليمينين من خلال استخدام تعهدات المانحين المالية، لتفعيل أدوات العنف في اليمن، وغطاء لعمليات غسل الأموال لصالح سلطات الأمر الواقع في شمال وجنوب اليمن، الأمر الذي من شأنه إن يوسع من دائر الدم والصرع في اليمن.


ويستدرك هذا الفريق، تسعى الأمم المتحدة من تبرعات المانحين في ضل انعدام المساعدات الإنسانية على الأرض، إلى خلق قوى يمنية متصارعة يمكنها من إدارة الحرب أطول فترة ممكنة تنتهي بإضعاف البلاد، وتهدف إلى تمرير صيغة للخروج من الحرب أهم ملامحها تفكيك اليمن.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد