ستة عقود من انعدام الاستقرار..خلافات وانقلابات الحلقة (7)

2020-06-09 08:35:40 أخبار اليوم / نقلاً عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث

 

 



حادثـة اغتيــال الغشـمي في الشمال اسـتغلها خصـوم الرئيـس سـالمين لإزاحته نهائيا، حيـث نشـبت مواجهـات عنيفـة اسـتمرت يومـن انتهـت بمقتــل ســالمين وعــدد مــن أنصــاره.

في العام 1979 وبطلـب مــن الســعودية أرســلت الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة ومعدات عسكرية لنظام الحكم في الشمال لمواجهة ما يسمى الجبهة الوطنية كما أن السـوفييت وجهــوا إنــذارا لنظــام عــدن بضرورة وقــف إطــلاق النــار، مؤكدة عـدم رغبتهم في إسـقاط نظام صنعاء.


بعد قيام ثورتي سبتمبر واكتوبر الخالدتين والتحرر من الاستبداد في الشمال والاستعمار في الجنوب وبعد انحلال جهود السلام وتلاشي التأثير العربي على الاحداث نوعا ما ؛ ضهرت خلافات بين القوى الثورية للسيطرة على مقاليد الحكم... نستعرص هنا الحلقة السادسة من هذه الدراسة والتي تسرد تفاصيل الخلافات التي نشبت بين فصائل المعارضة الثورية سواء في الشمال حيث انه كانت سلطات الشمال تحارب اليساريين او التيار اليساري وفي الجنوب ايضاً كانت السلطات تحارب تيار اليمين حيث كانت الصراعات بين هذه القوى من أجل السيطرة على الحكم وتقلد المناصب في السلطة


استمرت اليمن في حالة انقسام وصراع في الشمال والجنوب حيث أن حالة عدم الاستقرار للوضع بسبب الخلافات القائمة بين التيارات الثورية المعارضة التي انبجست من السلطات الحاكمة نفسها كونها من قامت بالثورة مسبقاً ضد الملكيين في الشمال والاستعمارين في الجنوب ، لكن الاختلاف على مقاليد الحكم والاستيلاء على المناصب العليا والحساسة في السلطة هي من أورثت هذه الانقسامات بين هذه القوى..

نستعرض هنا الحلقة السابعة والاخيرة من هذه الدراسة التي تبين تفاصيل الخلافات التي حصلت مطلع السبعينيات في الشمال بدعم من نظام الحكم في الجنوب وايضاً المعارضون للحكم آنذاك من ذوي النفوذ السياسي والإجتماعي الى أن تقلد الحكم الرئيس ابراهيم الحمدي وما حصل من انقلاب عليه واغتياله فيما بعد واغتيال الغشمي بعده ايضا ، اما بالنسبة للجنوب فقد بلغت الخلافات ذروتها بين فريقي الحكم خصوصا بعد اغتيال الغشمي في الشمال وتم ازاحة الرئيس سالمين من الحكم نهائيا وتولى السلطة عبدالفتاح اسماعيل.

 خلافات وانقلابات
بــدأت الخلافات في الشمال بـين الرئـس عبـدالرحمـن الإرياني وحلفائه مــن الشــيوخ والعسكريين مطلع السبعينيات، خاصة بعدما ظهــرت قــوى وأحــزاب يســارية هنــاك بدعــم مــن نظــام الحكــم في الجنــوب، ورأى معارضــو الرئيــس الإرياني في ضعــف الدولـة وانتشـار الفوضى مبـرراً للتغيير ، وهــو مــا توافــق عليــه قــادة الجيــش أمثــال العقيد/ إبراهيــم الحمــدي نائــب القائــد العــام، والعقيــد عــلي أبــو لحــوم وشــيوخ قبليــون مــن ذوي النفــوذ السياسي والاجتماعي، وعــلى رأســهم الشــيخ عبداللــه بــن حسيــن الأحمر شـيخ قبيلـة حاشـد، ورئيـس مجلــس الشــورى، والشــيخ ســنان أبــو لحــوم،أحــد ابــرز شــيوخ قبيلــة بكيـل، إضافـة إلى الشـيخ/ مجاهـد ابـو شــوارب الــذي يجمــع بــن النفــوذ القبــلي باعتبــاره أحــد أبــرز شــيوخ قبيلــة حاشــد، والنفــوذ العســكري بصفتــه عميــداً في الجيــش.

قــدم الرئيــس عبدالرحمــن الإرياني اســتقالته إلى رئيــس مجلــس الشــورى الشــيخ الأحمر الــذي أحالهــا مرفقــة باســتقالته إلى القــوات المسلحة في يونيو/حزيــران 1974 ،وتولى الســلطة مجلــس عســكري يســمى (مجلــس القيــادة) مكــون مــن ســبعة أعضــاء برئاســة العقيــد إبراهيــم الحمــدي غـير أن التحالـف الـذي جمـع الحمـدي وعـددا مـن شـيوخ القبائـل وسياسيين وعســكريين ، لم يســتمر طويــلا، شــأنه في ذلــك شــأن كثيـر مــن التحالفــات السياسية التـي سرعــان مــا ينفــرط عقدهــا، ولم تمــض ثلاثــة أشــهر حتــى بــدأ الخــلاف بـيـن الرئيــس الحمــدي ورئيــس الــوزراء محســن العينـي.

وبعـد فترة وجيــزة اختلــف الحمــدي مــع الشيخين ســنان أبــو لحــوم، ومجاهــد أبــو شــوارب، بالإضافة إلى قيـادات عسـكرية مـن بيـت أبـو لحوم، وتزامـن ذلـك مـع تصريحات سـعودية تتهــم العينــي وبعــض وزراء حكومتــه بالعمل على الإساءة للعلاقــات بـيـن البلديــن» ،وظهــر مجلــس القيــادة، منقسـماً بــين فريقـيـن: الأول يضـم الرئيـس الحمـدي ونائبـه أحمـد الغشــمي ، وعبداللــه عبــد العـالم ، ويضـم الثاني رئيـس الحكومـة ومجاهد أبـو شـوارب، ويحيـى المتوكل، ودرهـم أبــو لحــوم.
وقــد كســب الحمــدي إلى جانبـه عـدداً مـن الشـيوخ والقيـادات العســكرية، إضافــة إلى حصولــه على الدعــم الســعودي، ومــع تصاعــد الخلافات أقــال الحمــدي محســن العينــي وعــدداً مــن الــوزراء وبعــض قيـادات الجيـش والأمن بدايـة العـام 1975 ،وفي أكتوبر/تشريــن 1975 نشــب الخلاف بــين الرئيــس الحمــدي والشــيخ الأحمر، إثــر قيــام الحمــدي بحـل مجلس الشـورى،واسـتمرت الخلافات خلال العاميــن 1976 ،و1977 ،بيــد أن الحمدي نجح في تقوية العلاقــات مــع النظـام الحاكــم في عــدن، مــع مــا أحدثــه مــن آثــار إيجابيــة في التنميــة المحلية وقيامــه بتصحيــح مالي وإداري في مؤسســات الدولــة، وإشراك المجتمع في الإدارة المحلية عـبـر تجربــة «المجالس التعاونيــة». وفي أكتوبر/ترشيــن 1977 ، عندمــا كان الرئيــس الحمــدي يســتعد لزيــارة عــدن للتفاهــم مــع قيــادة الجنــوب حــول الوحــدة، دبــر نائبــه أحمــد الغشــمي وعــدد مــن ضبــاط الجيـش عمليـة انقلابية قبـل يـوم مـن الســفر إلى عــدن، حيــث دعــاه الغشــمي لحفلــة غــداء في منزلــه، وقـــتل هنــاك مــع شـقيقه عبداللـه الحمـدي قائـد قـوات العمالقة،
وقالـت إذاعـة صنعـاء، على لســان (مجلــس القيــادة)، ٍ إن «أيـاد آثمة اعتــدت على حيــاة الرئيــس الحمــدي وأخيــه،وأوقــع الحــادث زلزالاً سياسـياً هـز اليمـن كلـه شـمالا وجنوبــا وتولى الســلطة المقدم أحمــد الغشــمي الــذي لم يســتمر ســوى ثمانيــة أشــهر حتــى اغتيــل في 24يونيــو/ حزيــران 1978 ،بانفجــار حقيبـة ملغومـة حملهـا إليـه مبعـوث النظــام الحاكــم في عــدن، وقامــت ضجـة في جامعـة الـدول العربيـة التـي أدانــت مــا حصــل، وحملــت نظــام الجنـوب بقيـادة سالمين رئيـس الدولـة وعبدالفتــاح إسماعيل زعيــم الحــزب الحاكــم مســؤولية اغتيــال الغشــمي.

وبلغـت الخلافات بيـن فريقـي الحكـم في عــدن ذروتهــا عقــب اغتيــال الغشـمي، وهـي الحادثـة التي اسـتغلها خصـوم الرئيـس سـالمين لإزاحته نهائيا، حيـث نشـبت مواجهـات عنيفـة في 26يونيـو 1978 واسـتمرت يومـن انتهـت بمقتــل ســالمين وعــدد مــن أنصــاره، ليتولى السـلطة عبدالفتـاح إسماعيل، بينـما تولى السـلطة في الشمـال خلفـا للغشـمي المقدم عـلي عبداللـه صالـح، وهــو أحــد أبــرز قيــادات الجيــش المناوئين للتيار اليســاري.
بـدأ صالــح عهــده بمواجهات عســكرية مفتوحــة مــع قــوى اليســار المسيطرة عــلى عــدد مــن المناطق الحدوديــة بدعــم مــن حــكام عــدن، وتعــاون معهــا أنصــار الرئيــس الســابق إبراهيــم الحمــدي، وكان لهــم وجــود فاعــل في بعــض وحــدات الجيــش، وعــدد مــن المناطق شـمال اليمـن، لكنهـم فشـلوا في محاولتهـم الانقلابية عـلى صالـح في بدايـة حكمـه، وعـاد التوتـر والتصعيـد بـيـن نظامــي عــدن وصنعــاء،بعـد اطمئنـان الجنـوب إلى أن الوضـع بــات لصالحــه في مواجهــة الشمــال المنقسم بــن قــوى وتيــارات عديــدة، ونشــبت حــرب فبراير/شــباط 1979 ، التــي شــنها اليســاريون ضــد نظــام صنعـاء تحـت ما يسمى (الجبهـة الوطنيـة) وبدعـم مـن جيـش الجنوب، وسـيطروا على مناطـق عـدة في الشـمال، وحـدث تدخــل إقليمــي ودولي مســاند لنظــام صنعــاء، مــن الــدول العربيــة ودول كـبرى، واتخـذت جامعة الـدول العربية قــرارا بوقــف إطــلاق النــار بشــكل فــوري، وكان للســعودية والعــراق وسـوريا دوراً في ذلـك القـرار، وبطلـب مــن الســعودية أرســلت الولايات المتحدة الأمريكية أســلحة ومعــدات عســكرية لنظــام الحكــم في الشمــال، للحيلولـة دون سـقوطه، كما أن قيـادة الاتحاد السـوفيتي التي تقود المعسكر الشرقي، وجهــت إنــذارا لنظــام عــدن بضرورة وقــف إطــلاق النــار، مؤكــدة عـدم رغبـة السـوفييت في إسـقاط نظـام صنعــاء.

وعلـى الفـور أوقـف السـوفييت تزويـد جيــش الجنــوب بالســلاح، وكان لذلــك تأثـره على مجـرى الحـرب لأن الاتحاد السـوفييتي كان المصدر الوحيد لتسـليح الجنـوب، وأدى ذلـك إلى نفـاد الذخائـر وخاصــة قذائــف المدفعية والطيــران التـي فرغـت منهـا مخـازن الجيـش، ولم يكـن هنـاك مصـدر لتعويـض مـا نفـد لان موقــف الاتحاد الســوفيتي كان مؤثـرا على الـدول الأخرى في المعسكر الشرقي، حيـث التزمـت الصـين وكوبـا وألمانيا الشرقية بالموقف الســوفييتي، وعنـد ذلـك أعلـن الجنـوب اسـتعداده لوقـف إطـلاق النـار، واتصلـت جامعـة الـدول العربيـة بالطرفين وتـم الاتفاق بينهــا على عقــد محادثــات في دولــة الكويـت، وهـي المحادثات التـي نجـم عنهــا اتفــاق الكويــت الــذي تضمــن إقامـة الوحـدة اليمنيـة، ودعـم اجـراء مصالحــة بــن نظــام صنعــاء وقــوى اليســار المتمثلة في الجبهــة الوطنيــة
وإنهـاء الأعمال المسلحة.

وتأثـرت العلاقـات بين شـطري اليمن في ظـل التنافـس الدولي والحرب البـاردة، إذ اتجــه النظــام الحاكــم في الجنــوب نحـو المعسكر الإشتراكي بقيـادة الاتحاد الســوفيتي، متبنيــا فلســفته السياســية والاقتصادية والاجتماعية، مســتنداً في ذلــك عل دعمــه العقائــدي، مقابــل حصــول الســوفيت على تسهيلات بحريــة وبريــة وجويــة بموجــب معاهــدة الصداقــة والتعــاون التــي وقعهـا الطرفـان في العـام 1979 ،وحضي الجنـوب بموجبها على الدعم السياسي والاقتصادي والعسـكري مـن قبـل دول الكتلـة الاشتراكية، في حين اتجـه النظام السياسي في الشـمـال نحــو المعسكر الغــربي ، مــع الاحتفاظ بعلاقات متوازنــة مــع الاتحاد الســوفيتي، وقامــت الســعودية بــدور الوســيط في علاقــة الشـمـال بالولايات المتحدة الأمريكية والـدول الغربيـة، إذ حصـل مــن خلالها على الدعــم العســكري الأمريكي أثنــاء الـصـراع المسلح مــع الجنــوب في العــام نفســه.

وظهـر في تلـك الجولـة مـن الـصراع بيـن النظامين اليمنيين أن الموقف الخارجي العــربي والــدولي كان قويــا وحاسـمـا في رفضـه اسـتمرار الحـرب بـين الطرفين أو إسـقاط أي منهـا، ومل يكـن مسـتغرباً وقــوف الــدول العربيــة وأميركا إلى جانــب نظــام صنعــاء باعتبــاره حليفــاً لهــا في مواجهــة المعسكر الشرقي (الاشتراكي) الــذي يمثلــه نظــام عــدن، لكـن المثير أن يتخـذ السـوفيت موقفـاً حازمــا ضــد حلفائهــم في الجنــوب اليمنـي، ويرجـع ذلـك -حسـب القيادي في الحــزب الإشتراكي الحاكــم في عــدن، جــار اللــه عمــر (1942_2002)إلى أن ثمة تفاهــم بــن الاتحاد الســوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية عــلى ضــمان اســتمرار الأوضاع القائمة في اليمــن كما كانــت عليــه .
بيــد أن مماطلة الولايات المتحدة الأمريكية بشــأن صفقــة الأسلحة التــي مولتهــا الســعودية في تلــك الحــرب، دفعــت
حكومــة صنعــاء للتوجــه إلى الاتحاد الســوفيتي،طلبــا لدعمهــا بالأسلحة والمعدات العســكرية، وهــو مــا اســتجاب لــه السـوفيت، ووجـدوا في ذلـك فرصتهـم الاستعادة مواقعهــم الســابقة في اليمــن الشمالي، وتجــددت العلاقــات العســكرية بــن صنعــاء وموســكو، وأرسـل السـوفيت كميـات كبـرة مـن الأسلحة شــملت قاصفــات ســوخوي المتطورة وقتهــا، ومقاتلات MiG21 ،ومروحيـات ودبابـات T55 ،وصواريـخ أرض- جــو.
  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد