ستة عقود من انعدام الاستقرار.. المشهد السياسي 2011-2001 الحلقة (11)

2020-06-14 06:50:36 أخبار اليوم / نقلاً عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث




قــادت الأخطاء والممارسات الســلبية بحـق الجنوبيـن مـن حكومـات صالـح المتعاقبة، إلى تزايــد الشــعور بالظلــم والرغبــة في الانفصال، وهــي النزعــة التـي ظلـت تتصاعـد منـذ سـنوات مـا بعــد حــرب 94م، حتــى انطلــق الحــراك الشــعبي الجنوبي بدايــة العــام 2007

مثـَّــل العــام 2001 - بحســب مراقبيــن، تحولاً في العلاقــات بــين القــوى السياســية مــن خــلال خــروج الــصراع السياسي بــين حـزب المؤتمر الشـعبي العـام، وحـزب التجمــع اليمنــي للإصلاح إلى المرحلة العلنيــة

قادت الأزمة السياسية بعد الوحدة الى سلسلة لقاءات واتفاقات شملت الأحزاب السياسية اليمنية كلها ، وتمخض عنها تشكيل لجنة حوار القوى السياسية بهدف نزع فتيل الأزمة وتجنيب البلاد تبعاتها، وبعد لقاءات عدة عقدتها اللجنة في صنعاء وعدن ، أنجزت وثيقة لحل الأزمة ومعالجة أسبابها عرفت ب «وثيقة العهد والاتفاق « وتم التوقيع عليها من قبل الأطراف السياسية اليمنية في حفل أقيم بالعاصمة الأردنية عمّان..



نستعرض هنا الحلقة الحادية عشر من هذه الدراسة التي توضح خارطة المشهد السياسي اليمني في فترة ما بعد ٢٠٠١ م الى عام ٢٠١١م وما حصل من تغيرات في المشهد السياسي اليمني

المشهد السياسي في الفترة 2011-2001
بــدأت هــذه المرحلة بانتخابــات المجالس المحلية للمديريــات والمحافظات (البلديـات)، التي أجريت في فبراير/شــباط 2001 ،وترافقــت مــع الاستفتاء على التعديـات الدسـتورية التــي اقترحها حــزب المؤتمر الحاكــم صاحــب الأغلبية البرلمانية المريحة في انتخابــات 1997 النيابيــة، حيــث حصـد مـا يقـارب 200 مقعـدا وبنسـبة تتجــاوز الــ60 بالمائة، فيــا حصــل حـزب الإصلاح على 63 مقعدا وبنسـبة تناهــز 21 بالمائة، وجــاءت نتيجــة الاستفتاء متوافقـة مـع رغبـة المؤتمر في إقـرار التعديـات التـي شـملت نحو 15مـادة، وقريبـا منهـا نتيجـة الانتخابات المحلية، حيــث حصــل المؤتمر علــى 3807 مقعــدا في مجالــس المديريات البالــغ عددهــا 6283 ،وحصــل على 284 مـن مقاعـد مجالـس المحافظات التــي تبلــغ 417 مقعــدا، يليـه حـزب الإصلاح بــ1449 مقعـدا مــن مقاعــد المديريات، و 85 مقعــدا مــن مقاعــد مجالــس المحافظات.

وإزاء ذلـك تعـززت قناعـات المعارضة بمختلف مكوناتهــا، أن نظــام الحكــم يتجــه للهيمنــة المطلقة عــلى المشهد السياسي مسـتفيدا من اختـال التوازن لصالحــه، وتجــلى ذلــك في إحــكام قبضتــه على الجيــش والأمن والمال العـام والوظيفـة العامـة، ويعمـل على تســخير كل ذلــك في تحقيــق أهدافــه ومكاســبه الخاصــة، مــع مــا كانــت تعيشــه البلــد حينهــا مــن تراجــع الهامــش الديمقراطي، وتضييــق على الحريــات العامــة، وتــردي الأوضاع المعيشية وتــدين مســتوى الخدمــات الأساسية، وتواصلــت لقــاءات أحــزاب المعارضة بقطبيهــا الرئيسيين حــزب الإصلاح مــن جهــة وأحــزاب المجلس الأعلى للمعارضــة مــن جهــة ثانيــة، حتـى تكللـت بتشـكيل اللقـاء المشترك، بعدمــا ظلــت أحــزاب المعارضة تتوجــس خيفــة مــن تراجــع الإصلاح وعودتـه إلى التحالـف مع النظـام، ذلك أن التواصــل بــين هــذه الأطراف كان قـد بـدأ منـذ العـام 1996 على هيئـة برنامــج يهــدف إلى تنســيق الجهــود مــن أجــل انتخابــات حــرة ونزيهــة، بيـد أن التنسـيق لم يكـن قـد وصـل إلى مرحلــة الاتفاق عــلى انضــواء القــوى السياسـية تحـت الفتـة اللقـاء المشترك إلا بعـد العـام 2000 ،وتحديـدا عقـب الانتخابات المحلية والاستفتاء عـلـى التعديــات الدســتورية بدايــة العــام 2001،لذلــك مثـــل العــام 2001 - بحســب مراقبيــن، تحولاً في العلاقــات بــين القــوى السياســية مــن خــلال خــروج الــصراع السياسي بــين حـزب المؤتمر الشـعبي العـام، وحـزب التجمــع اليمنــي للإصلاح إلى المرحلة العلنيــة وسعى اللقاء المشترك منـذ نشـأته إلى ترســيخ النهــج الديمقراطي القائــم على الحريــة والتعدديــة وســيادة القانــون والتــداول السلمي للسلطة، وحقـق مشـاركة إيجابيـة أثناء مناقشـة قانـون الانتخابات، ودخـل في حـوارات مضنيـة مع اللجنة العليا للانتخابات، ليضمن وجوداً مقبولاً في اللجان الانتخابية لضمان رقابة متوازنة، ونجحت أحزاب المشترك في مسعاها، وحافظت على تكتلها رغم الترغيب والترهيب، ومــع ذلــك فقد جاءت نتيجة انتخابات 2003 البرلمانية، معلنة عن الفوز الكاسح لحزب المؤتمر الشعبي بـ242 مقعداً، ونسبة 80بالمائة، الأمر الذي اعتبرته المعارضة تراجعاً واضحاً للتعددية الحزبية والمسار الديمقراطي في اليمن، في ظل الانفراد المستمر لحزب المؤتمر في تشكيل الحكومة، والسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة.

وفي العام 2006 أجريت انتخابات رئاســية ومحليــة وشــهدت طابعــاً ديمقراطياً تنافسياً وحققت تطــوراً مهماً على صعيـد التجربـة الديمقراطية، وحصل مرشـح المؤتمر الشـعبي الرئيس صالــح على نســبة 77 بالمائة، بينـمـا حصــل الراحــل فيصــل بــن شملان مرشــح اللقــاء المشترك على نســبة 21 بالمائة مــن الأصوات، أمــا نتائــج الانتخابات المحلية فتجــاوزت نســبة مـا حصـل عليـه المؤتمر 80 بالمائة. وتعـززت في الأعوام التاليـة للانتخابات الرئاسـية قبضـة نظـام صالـح على كل شيء، ومعهــا تراجعــت قــدرة أحــزاب المعارضة عــلى تحقيــق أي نتيجــة لصالــح الديمقراطية والتعدديــة السياســية، بفعــل الســطوة القويــة لنظــام الحكــم. وشــهدت الأوضاع الأمنية ترديــا ملحوظــاً في عــدد مــن المحافظات، خاصـة بعـد تبنـي تنظيـم القاعــدة عــددا مــن الجهـات التــي اسـتهدفت مراكــز حكوميـة وسـفارات أجنبيـة وسـياح أوروبيين، بعدمـا أذاع النظـام خـبر فـرار أكثـر مـن 20 عنصراً مــن عناصر القاعــدة مــن ســجن الأمن السياسي بصنعــاء، أبرزهــا الهجــوم على الســياح الأسـبان بدايــة يوليو/تموز 2007 ،بســيارة ملغومــة أثنــاء زيارتهــم معبــد ملكــة ســبأ في مــأرب، مــا أدى إلى مقتــل 8 ســياح وسائقين يمنييــن.

وفي هــذه الفترة تضاعفــت تحديــات اليمــن جــراء الانسداد السياسي وإغلاق قنـوات الحـوار والتواصـل بيـن القـوى السياسـية في الحكـم والمعارضة باســتثناء محاولات خجولــة كانــت تصـل إلى طريـق مسـدود، وفي جنـوب البـلاد تنامـت نزعة الانفصال والمطالبة بالعـودة إلى مـا قبـل الوحـدة اليمنيـة، اســتناداً إلى مظاهــر عــدة ارتبطــت بحــرب العــام 1994 وتداعياتهــا والآثار الناجمــة عنهــا، ومــن هنــا باتـت الوحـدة مثـار جـدل لا يتوقـف بـين مؤيـد لهـا ورافـض، سـيما بعدمـا قــادت الأخطاء والممارسات الســلبية بحـق الجنوبيـن مـن حكومـات صالـح المتعاقبة، إلى تزايــد الشــعور بالظلــم والرغبــة في الانفصال، وهــي النزعــة التـي ظلـت تتصاعـد منـذ سـنوات مـا بعــد الحــرب، حتــى انطلــق الحــراك الشــعبي الجنوبي بدايــة العــام 2007 تحــت وطــأة المعاناة التــي تكبدهــا آلاف العسكريين والأمنين والموظفين المدنيين جـراء تسريحهم من أعاملهم وحرمانهم مــن حقوقهــم المادية والمعنوية.

وأجمعت أغلب النخب السياسية اليمنية التي انضـوت في مؤتمر الحوار الوطنــي (انعقــد في الفترة مــارس/ آذار 2013 :يناير/كانــون 2014 ،)على أن حــرب 1994 ومــا حــدث بعدهــا نتــج عنــه «إلغــاء الشراكة السياسية
للجنــوب، وتحجيــم موقعــه ومكانتــه وحضــوره في المعادلة السياســية، مــع الإشارة إلى أن بعـض مظاهـر المعاناة
والإشكاليات السياسـية تعـود إلى فتـرة الاستقلال وقيــام جمهوريــة اليمــن الجنوبيـة في العـام 1967 ،ومـا شـهدته مـن ممارسات شـمولية وإقصـاء وعدم الاعتراف بالآخر، ومـا نتـج عـن ذلـك مـن دورات عنـف وقمـع وإقصـاء.

وبنــاء عليــه توافقــت مكونــات المؤتمر الوطنــي للحــوار على اســتبعاد بقــاء اليمــن موحــداً بالصيغــة التــي تمــت في العـام 1990 ،أو إعـادة الوضـع إلى ما كان عليـه قبـل الوحـدة، بدولـة في الجنـوب وأخــرى في الشــمال، واعتمــدت صيغــة جديـدة تقـوم على أسـاس اتحـاد فيدرالي يقسـم البلـد إلى 6 أقاليـم، 2 في الجنـوب و4 في الشـمـال، معتمــدة في تحديــد الأقاليم على عوامـل جغرافيـة وأخـرى اقتصادية،بالإضافـة إلى العوامـل والأبعاد الاجتماعية والثقافيـة والتاريخية غير أن الحـرب التـي اشـتعلت أواخـر العـام 2014 بســيطرة جامعــة الحوثي عـلـى العاصمـة صنعـاء وعـدد مـن المحافظات، كشــفت أن الحوثيــن يرفضــون خيــار الأقاليم، ومعهـم في ذلـك بعـض أنصـار الرئيـس السـابق عـي صالـح، فضـلا عـن أن قطاعـاً واسـعاً مـن الحـراك الجنوبي، لا يــزال متمســكاً بمطلــب الانفصال، ويرفــض مــشروع الأقاليم الــذي تــم إقــراره في مؤتمر الحــوار الوطنــي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد