الوفاة بسبب الإهمال الطبي الحلقة (6)

2020-06-28 07:55:43 أخبار اليوم/ متابعة خاصة


لم يسلم المختطفون وعائلاتهم من التهديد والإبتزاز النفسي الذي يمارس ضدهم من جماعة الحوثي ، والتشكيلات العسكرية والأمنية بعدن لإجبارهم على الصمت عن انتهاكاتهم في حق المختطفين والمعتقلين ، ولمنعهم من إبلاغ المنظمات الدولية والتحدث إلى الإعلام ، مما يفسر إحجام العائلات عن تقديم البلاغات والشكاوى الى الجهات المعنية..
في هذه الحلقة من التقرير السنوي لرابطة أمهات المختطفين ،
نستعرض الجرائم البشعة التي مورست ضد المختطفين والتي أدت الي وفاتهم بسبب الإهمال الطبي المتعمد

تصل الرعاية الطبية في كثير من أماكن الإحتجاز الرسمية وغيرها إلى أدنى مستوياتها بل وقد يحرم منها المختطف تماما في حين ينص قانون تنظيم السجون رقم (48)لسنة 1991م:
مادة (23) يجب على إدارة السجن أن تهتم بمراعاة الصحة العامة داخل السجن وتتولى علاج السجناء وتوفر الرعاية الصحية والوقائية لهم وتعين أطباء متخصصين بتنسيق مع وزارة الصحة العامة.

في قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديال) القاعدة 27 تكفل جميع السجون إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية العاجلة، أما السجناء الذين تتطلب حالاتهم عناية متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية ومن الواجب أن تتوفر في السجن دائرة خدمات طبية خاصة به تشتمل على مرافق مستشفى أن تكون مزودة بما يكفي من الموظفين والمعدات لتوفير خدمات العلاج والرعاية المناسبة للسجناء المحالين اليها )
وتنص القاعدة 30/ د ) حالة الإشتباه بإصابة سجناء بأمراض معدية، الترتيب للعزل االأكلينيكي والعل
اج الملائم لهؤلاء السجناء خالل فترة العدوى)

وخلال العام 2019 انتشرت عدوى مرض السل الرئوي بين المختطفين في سجن كلية المجتمع بذمار والتي تتخذها جماعة الحوثي سجنا لها حتى وصل عدد الأصابات المؤكدة فيه إلى ”11“ حالة وتوفي أحدهم وهو المختطف:
> هلال الجرف 31 ً عاما ـ محافظة ذمار

اختطف مسلحون تابعون لجماعة الحثي هلال الجرف من نقطة تفتيش تابعة لهم وهو في طريقه إلى مدينة مارب للبحث عن عمل بعد حصوله على بكالوريوس محاسبة من جامعة عمران واحتجزه المسلحون في سجن مدينة رداع ثم نقل إلى إصلاحية ذمار ومنها إلى سجن كلية المجتمع بذمار حيث كان السجن مكتظا بالمحتجزين وتتدنى فيه الخدمات المعيشية والصحية إلى أدنى مستوياتها.

أصيب هلال بمرض السل الرئوي الذي انتشرت عدواه بين المختطفين وظهرت عليه علامات الهزال وتحت ضغط زملائه المختطفين تم إسعافه إلى مستشفى ذمار العام فتم تشخيص حالته بأنها مجرد التهابات في الصدر ولثلاث مرات يتم إسعافه إلى المستشفى وطبيب المستشفى يصر على أنها التهابات فقط ولكن أحد المختطفين ( عبدالمطلب الإدريسي) كان يعمل مساعد طبيب أخبرهم أن العلامات التي تظهر على هلال تشير إلى إصابته بالسل الرئوي فاضطروا للاعتراف بذلك في المرة الرابعة ولكنهم لم يقوموا بأي إجراءات طبية لمعالجته ومنع انتشار العدوى بين بقية المختطفين .

توفي هلال في الساعات الاولى من مساء الأحد الموافق 24/2/2019 وهو بين زملائه فأبلغوا العناصر الأمنية في السجن فقاموا بنقله إلى ثلاجة مستشفى ذمار العام وأبلغوا زملاءه بأنه تم تسليم جثمانه لأسرته ولكن زملاءه علموا فيما بعد أن جثته لا تزال في ثلاجة مستشفى ذمار العام وأن جماعة الحوثي تريد مبادلة جثة هلال بجثة أحد قتلاها لدى قوات الشرعية ولم يتم تسليم جثته لأسرته إلا بعد أن تيقن مسلحو جماعة الحوثي أنه لا علاقة لأسرة الضحية بقوات الشرعية وأنهم غير قادرين على الضغط على الشرعية لمبادلة جثة هلال بجثة أحد من الحوثيين المقاتلين .

 خالد محمد محمود الحيث 45 عاما ـ العاصمة صنعاء
كان الضحية يعمل موظفا في وزارة الثقافة و السياحة وفي أيام العطل يعمل على سيارة أجرة وفي يوم الجمعة 22/2/2016 تم إيقافه من قبل مسلحين على متن دراجات نارية وقاموا باقتياده مع سيارته إلى المنطقة الرابعة ثم نقل إلى احتياطي الثورة بصنعاء وتعرض للتعذيب بالتعليق والضرب المبرح وحكى يوما لزملائه في المعتقل أنه كان معلقا الى مكان عال ثم إنهم جذبوا السلاسل التي كان معلقا بها حتى هوى أرضا وارتطم ظهره بأرضية الزنزانة وظل يعاني آلام ذلك السقوط طوال فترة احتجازه ولم يسمح لأسرته بزيارته إلا بعد نقله إلى سجن هبرة الإحتياطي و الذي ظل فيه لأكثر من عامين

عانى فيها من حصوات الكلى وجرثومة المعدة ولم يسمح له بالعرض على طبيب مختص.
ثم نقل إلى السجن المركزي بصنعاء واشتكى من التهابات الكبد ولكن إدارة السجن رفضت السجن إخراجه إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة بل اكتفت بعرضه على طبيب يعمل بإمكانيات متواضعة وبرغم توصيات ذلك الطبيب بنقل الضحية إلى مستشفى خاص نظرا لحالته الصحية الحرجة فقد ماطلت إدارة السجن ولم تستجب لذلك إلا بعد ضغط إعلامي وحقوقي قامت به رابطة أمهات المختطفين وعدد من المنظمات فتم إخراجه لإجراء عملية تركيب دعامة طبية القناة الصفراوية ولكنهم أعادوه للسجن في نفس اليوم رغم احتياجه للمكوث في المستشفى حتى تستقرحالته الصحية.

لم يتحسن وضعه الصحي بعد إجراء العملية وبدأت السموم في الانتشار في جسمه مجدد بعد ثلاثة أيام فقط من إجراء العملية فحذرهم طبيب السجن من مغبة ترك الضحية في الوحدة الصحية لأنه أوشك على الوفاة فتم السماح لأسرته بنقله إلى مستشفى آزال ولكن أطباء المستشفى أخبروا أسرته أنه لا أمل في حياته وفعلا توفي الضحية بتاريــــخ 20/11/2019 بعد يومين من نقله من وحدة العناية الطبية بالسجن المركزي.

يقول ”محمد ردوه“ وهو زميل الضحية في السجن وأطلق سراحه نتيجة تبادل أسرى مع جماعة الحوثي بعد موت الضحية بيوم واحد:
أصيب زميلي خالد الحيث بيرقان شديد واصفرت عيناه وكافة جسمه بشكل سريع ومخيف، بعدها تم نقله إلى قسم الرقود بمستشفى السجن المركزي الذي يفتقد لأدنى مقومات المستشفيات، وعُرضت حالته على طبيب مستشفى السجن، الذي أفاد أن وضعه صعب وحالته الصحية خطرة وعمل تقريرا بذلك.

ًأثناء بقائي بجوار المرحوم في قسم الرقود حوالي ”18“ يوما قبل نقله إلى المستشفى كانوا يسمحون لبعض زملائنا في السجن بزيارتنا وإعطائنا بعض الأكل من العنبر، ثم تفاجأنا بانقطاع كل شيء عنا لا زاد ولا أكل ولا ملابس، فسألنا بعض العناصر الأمنية فقالوا ممنوع من المدعو ”أبومحمد“ رئيس قسم الأسرى والسبب أنكم تواصلتم بأحد المحامين وشكوتم إدارة السجن وسيتم منع كل شيء عنكم ووضعكم في مكان لا ترون فيه الشمس، بعد ذلك أخذ المسؤولون على قسم الاسرى في السجن يماطلون في سرعة إسعاف خالد رغم حالته الصحية الحرجة ، ولكن بعد الضغط الإعلامي تم إسعافه إلى مستشفى الثورة وأعيد بحجة أنه لا يوجد أجهزة منظار متخصصة، ثم أُسعف إلى مستشفى آزال واُعيد إلى السجن ثم أُسعف إلى مستشفى المتوكل وهناك أجريت له عملية وأعادوه في اليوم نفسه إلى قسم الرقود بالسجن المركزي رغم إلحاح الأطباء على بقائه تحت اشرافهم وبعد ذلك جاء طبيب والمدعو ”أبو عمار“ مشرف حوثي في السجن، وشاهدوا حالته وأمر أبو عمار بنقله إلى غرفة العناية بقسم الرقود في مستشفى السجن.

وكان المشرفون يكلبشون المريض بالكلابش وهو في حالة صحية متردية ويحاط بعدد من العناصر الأمنية ويتم إدخاله إلى الطبيب مكبل اليدين ولا يفتح له الكلابش إلا بطلب الطبيب
ويذكر أن المدعو ”أبو عمار“ قام باستدعاء المختطف ”خالد الحيث“ قبل إجراء العملية وهدده قائلا : ما هذه الفوضى والبلبلة التي أحدثتموها في الخارج لماذا تتواصلون بالمحامي وماذا سيفديكم المحامي - لوجاء لحبسناه - ووالله يا خالد إذا لم تسكتوا ”لأمطك مط“.
وبعد وفاته استدعى مشرف السجن أحد رفاق الضحية في السجن وطلب منه دفع المبلغ المالي المتبقي من حساب العلاج واتصلوا لأسرته وطلبوا منهم مبلغ ”مائة وثالثين ألف ريال”وسلمت الأسرة المبلغ مقابل استلام الجثة ودفنها.
> علي عبد هلال العمار 45 ً عاما - محافظة الحديدة
اختطفه مسلحون حوثيون من منزله وأمام زوجته وأطفاله في 9/2/2017 وتم اقتياده إلى أحد السجون السرية بمدينة زبيد ثم نقل إلى سجن بمدينة الحديدة ثم نقل إلى السجن
المركزي بصنعاء ولم تتمكن أسرته من زيارته طوال فترة احتجازه ولم تكن تعرف شيئا عن وضعه الصحي الذي تأثر كثيرا بظروف الإحتجاز السيئة في السجون التي مر بها ولذا تفاجأت الأسرة باتصال زميل الضحية لهم وإبلاهم بوفاته بتاريــــخ 5/9/2019 واستلمت الأسرة جثة الضحية وتم دفنه.

يحكي (ع.ع.ف) وهو أحد زملاء الضحية في السجن
كان الفقيد يشكو من ألم شديد في معدته وقد تقيأ لأكثر من مرة تلك الليلة ولم يكن بأيدينا شيء من الأدوية لنعطيه فأعطاه بعض زملائنا زبادي فهدأ قليلا من الألم واستطاع أن يصلي الفجر وذهبت لزيارته في المكان الذي يرقد فيه فقال لي : لا تقلق عليا أنا بخير اذهب لتنام وبالفعل فارقته لأذهب إلى فراشي وعند الساعة السادسة صباحا سمعت بعض زملائنا يصرخون أنه أغمي عليه وذهبوا به إلى عادة السجن المتواضعة لكنه فارق الحياة قبل أن يصل الى العيادة .

ويقول زميله (غ.ع.ح) :
في تلك الليلة أصيب الضحية بالتهاب في المعدة وحرقة شديدة وبعد ان أغمي عليه طلبنا إسعافه وأخرجوه من العنبر ولكن لم تمض نصف ساعة حتى أكدوا لنا وفاته.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد