بين الحرب والسياسة..

مستقبل حزب الإصـــلاح اليمني بعد 30 عامـاً من التأسيس الحلقة 3

2020-09-19 10:45:40 أخبار اليوم / نقلا عن أبعاد للدراسات والبحوث فؤاد مسعد

 


بحلول شهر سبتمبر/ايلول 2020 يكون قد مضى على تأسيس حزب (التجمع اليمني للإصلاح) 30 عاما، حيث تم الإعلان عنه رسميا في 13 سبتمبر/ايلول 1990، بعد إعلان الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، وقيام الجمهورية اليمنية، والاعلان عن التعددية السياسية والحزبية، لأول مرة بعدما كانت الحزبية محظورة في كلا الشطرين.

وفي المقابل يرى بعض المتابعين أن الإصلاح يضم عناصر مناهضة للديمقراطية، يقول الكاتب والسياسي عبد الباري طاهر: «الإصلاح كقواعد وتنظيم له امتداد شعبي لا شك أن له مصلحة حقيقية في الديمقراطية. وكثير من قواعده مهتمة بالديمقراطية، غير أن في الإصلاح عناصر مزدوجة فهي مع الديمقراطية وضدها في آن واحد. وخطابها مزدوج وملتبس».

وحزب الإصلاح -كغيره من الأحزاب اليمنية – يكابد عناء الانتقال الشامل إلى الممارسة الديمقراطية وتطبيقها بشكل كامل، سواء أكان ذلك على مستوى البلد عامة أو في إطار الحزب، ويرجع ذلك لعوامل واسباب متعلقة بالأوضاع العامة والظروف المحيطة، وما عاشته البلاد- ولا زالت- من صراعات سياسية وعسكرية وأزمات متلاحقة. ويُتهم الإصلاح من بعض خصومه بأن الديمقراطية التي ينادي بها لا تختلف كثيراً عن السائد في المنطقة العربية.

ومع ذلك يلاحظ مراقبون أن النضال السلمي أصبح استراتيجية لدى الإصلاح تتكامل مع الشراكة السياسية، كما أصبح تربية وثقافة لدى أعضائه وكوادره، وأسلوباً في المطالبة بالحقوق والحريات.

- العنف والإرهاب:
يشدد حزب الإصلاح على بناء شخصية العضو على «الحوار والاعتدال في القول والعمل ومناهضة كل صور الغلو والتطرف مهما كان مصدرها وأيا كان لونها»، لذلك انتهج حزب الإصلاح- وشركاؤه في تكتل اللقاء المشترك- النضال السلمي الرافض لكل أشكال العنف ، وبدت الثورة السلمية اليمنية شاهدة على ديناميكية الإصلاح وشركائه في طريق النضال السلمي ، ذلك أنها اعتمدت الخيار السلمي ورفضت كافة أشكال العنف وعسكرة الثورة، الأمر الذي جعل حزب الإصلاح وحلفاءه يوقعون على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة ويقبلون بالشراكة والتسوية السياسية في اختيار رئيس توافقي لليمن، وحكومة وفاق وطني لتسيير المرحلة الانتقالية.

ويرى الإصلاح أن الآفات الناتجة عن التطرف كالإرهاب والعنف والإقصاء والقمع وتجاوز القوانين وتفشي الفساد والمحسوبية وغيرها، لن يجتث جذورها سوى إشاعة ثقافة الحوار وقبول الآراء والدفاع عن الحقوق، واعتماد جميع الأطراف – في السلطة والمعارضة- العمل السياسي الديمقراطي السلمي المدني، باعتباره مبدأ لحسم الخلافات والمنازعات.

ولاشك أن أنظمة الحكم في المنطقة العربية – ومنها نظام الرئيس السابق علي صالح- استغلت موضوع الحرب على الإرهاب بعد أحداث الـ11 من سبتمبر/أيلول 2001، فعملت على تعزيز القبضة الأمنية، وتوزيع الاتهامات على الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة في الشارع المعارض، لذلك بدأت الاتهامات تجد طريقها نحو حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي الذي غدا أكبر أحزاب المعارضة، بينما آثر الإصلاح العمل السياسي السلمي مع شركائه في تكتل اللقاء المشترك، وإن نشاط الإصلاح الواسع وحضوره الفاعل في المجتمع المدني جعل دعايات الحزب الحاكم واتهاماته تفقد كثيراً من مضامينها.

وبحسب بعض الباحثين فقد كان توزيع تهم الإرهاب – بعد أحداث 11 سبتمبر، ملمحاً بارزاً في الصراع السياسي، خاصة في وجه المعارضة التي يمثل (الإصلاح) أهم قواها على الساحة، وإزاء ذلك شدد الخطاب الإصلاحي على مواجهة مثل هذه الخطابات بمزيد من «العمل الوطني والانفتاح السياسي، وبذل المزيد من الجهود للنصح وتقويم التجربة السياسية التي يجب أن يتعاضد أبناؤها للدفاع عن حرية بعضهم مهما تباينت رؤاهم واختلفت مواقفهم»، مؤكداً على موقف الإصلاح الثابت «في الدفاع عن حق كل مواطن في التعبير ورفضه لأي إرهاب أو تخوين».

واعتبر الإصلاح أن «موضوع الإرهاب لم يعد ممكنا المتاجرة به، أو استغلاله لوأد أحلام المجتمع بالتحول نحو الحكم العادل والرشيد»، داعياً «السلطة اليمنية للاستفادة من جهود البلدان التي تدعي الشراكة معها في مكافحة تلك الآفة الإنسانية، ومن علاقة حكومات تلك البلدان بمجتمعاتها المعارضة والمشاركة أيضاً، بل وحتى تلك الجهود التي يبذلها الغرب، في محاولة الوصول إلى فهم مشترك لمصادر وحلول الاختلالات بين الشرق والغرب».

وجدد الإصلاح في مؤتمره العام الثالث (2002)، رفضه الإرهاب بكافة أشكاله وصوره من أي جهة، وتحت أي مسمى، كما أكد رفضه «استخدام العنف في العمل السياسي، واستنكر كل ما كان يحدث من عمليات تخريبية تضر بالأمن العام والسكينة العامة، وتنال من الأبرياء».

وكان الإصلاح قد أعلن منذ وقت مبكر موقفه الرافض للاغتيالات والاختطافات والتفجيرات والصدامات المسلحة، واعتبرها أعمال متعارضة «مع قيم المجتمع اليمني وتاريخه وتقاليده العريقة، وتستوجب تعاون الجميع للتخلص منها».

وهنا يتضح أن الإصلاح في كثير من بياناته ظل يعرب عن رفض العنف والتطرف والإرهاب، إلا أن متابعين للشأن السياسي اليمني، يرون في لهجة الحزب حيال الديمقراطية والتطرف علامة دالة على مدى تأثير التطورات السياسية في المنطقة على تحولات القوى السياسية فيها، لاسيما في مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، والغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، وما أعقبهما من توجه لمكافحة للإرهاب وتجفيف منابعه، وتنامي الدعوة للإصلاح السياسي في المنطقة العربية.
ويلاحظ أن اتهام الخصوم بالإرهاب ليست حكراً على طرف دون غيره، وكما استخدمه نظام الرئيس السابق علي صالح ضد المعارضة، جاءت جماعة الحوثي وتحركت دعايتها المناهضة لحزب الإصلاح والحكومة التي تضم مختلف أطياف العمل السياسي، في الاتجاه ذاته، وشنت الجماعة حربها تحت شعار محاربة الإرهاب والتكفيريين والقاعدة وداعش، وبعد الحرب ظهر خصوم جدد للإصلاح، ولم يكفوا عن استخدام الطريقة نفسها، اتهام الإصلاح بالإرهاب بالتزامن مع ما يتعرض له الحزب نفسه من حرب اجتثاث لا تتوقف.

تحت طائلة الاتهام:
كان الشيخ محمد المؤيد (1948-2017)، أحد القيادات البارزة في حزب الإصلاح، أول من طالته تهمة «الإرهاب» من قبل الأمريكان، بعد ما اعتقلته المخابرات الألمانية في مطار فرانكفورت بداية العام 2003، ليتم نقله إلى الولايات المتحدة الأمريكية أواخر العام نفسه وسط مطالبات يمنية بالإفراج عنه، وهناك أدانته محكمة ابتدائية بـ»دعم حركة حماس الفلسطينية وتنظيم القاعدة»، وظل في السجون الأمريكية حتى أصدرت محكمة استئنافية في العام 2008 حكماً يقضي ببراءته، ويلغي الحكم الابتدائي مع الإبقاء على التهمة التي أقر بها وهي «دعم حركة حماس»، وعاد إلى اليمن في العام 2009.

وظل الإصلاح في بياناته وتصريحات قياداته المطالبة بالإفراج عن الشيخ المؤيد، حريصاً على درء تهمة الإرهاب عنه، والإشادة به مع الإشارة إلى نشاطه في العمل الخيري والإنساني ودعم ورعاية الأيتام، لكن مراقبين وصفوا موقف الحزب بالضعيف تجاه القضية، وهو ما نفاه القيادي في الإصلاح حمود الذارحي- الذي تولى رئاسة الهيئة الوطنية للدفاع عن الشيخ المؤيد (غير حكومية)، وقال في إحدى مقابلاته الصحفية، «إن الإصلاح أراد أن لا ينفرد في الدفاع عن الشيخ المؤيد، ولكونه مواطناً يمنياً فإن مسؤولية الدفاع عنه ومتابعة قضيته ترجع إلى الحكومة ورئيس الجمهورية».

وفي مايو/ايار 2017 أصدرت وزارة الخزانة الامريكية بياناً أدرجت فيه القيادي الإصلاحي خالد العرادة (ينتمي لمحافظة مأرب)، في قائمة المشمولين بالعقوبات بمزاعم العلاقة بجماعات إرهابية، الاتهام الذي استنكره حزب الإصلاح، وقال في بيان له: «إن الإدارة الأميركية تتلقى معلومات مغلوطة من جهات تستهدف الشخصيات الوطنية المعروفة في أوساط المجتمع اليمني بفكرها الوسطي والمعتدل».

وكانت الوزارة الأمريكية قد أدرجت نهاية العام 2016، القيادي الإصلاحي الحسن أبكر، في قائمة المشمولين بالعقوبات، وهو القيادي المعروف في محافظة الجوف (شمال شرق البلاد)، حيث كان يقود المقاومة الشعبية ضد الحوثيين الذين يخوضون حرباً متواصلة منذ العام 2011 بهدف السيطرة على المحافظة الواقعة على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.

حزب الإصلاح حينها أدان القرار الأمريكي، واعتبره «دليلاً واضحاً على استهداف الشخصيات الوطنية، ذات الفكر الوسطي المعتدل، دون استناد إلى أي دليل ملموس»، مضيفاً في بيان له: «إن الحسن أبكر شخصية وطنية تؤمن بالعيش المشترك والعمل السياسي السلمي سبيلاً للوصول إلى السلطة، كما عرفه اليمنيون شخصية اجتماعية جامعة قضى عمره في إصلاح ذات البين، وسخر وجاهته وكل ما يملك لحل النزاعات القبلية المسلحة ومكافحة الثأر كظاهرة تنتشر في المناطق القبلية ومنها محافظة الجوف التي ينتمي إليها».

ويسود اعتقاد لدى المراقبين والمتابعين أن ثمة فتور يظهره الإصلاح تجاه منتسبيه الذين تطالهم تهمة الإرهاب، إذ تكتفي قيادة الإصلاح بإصدار البيانات، ومطالبة الرئاسة والحكومة اليمنية بـ»اتخاذ موقف واضح من هذه القرارات التي مست مواطنين يمنيين، وقفوا إلى جانب الشرعية، وضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن حق اليمنيين في بناء دولة تحميهم، وتلبي تطلعاتهم في الحرية والكرامة والمساواة والعيش الكريم».

 ولقد ظل الشيخ المؤيد حاضراً في المشهد، ومسنوداً بالتفاعل الشعبي الواسع، بدليل المتابعة المستمرة لقضيته منذ اعتقاله في ألمانيا ثم نقله إلى الولايات المتحدة ومروراً بمحاكمته وتبرئته، وانتهاء باستقباله الحاشد من آلاف المواطنين الذين احتفوا بعودته بعدما قضى سنوات في السجون الأمريكية، بينما يبدو الأمر مختلفا بالنسبة للقياديين الإصلاحيين الحسن أبكر وخالد العرادة، البعيدين عن الاستهداف المادي من قبل الأمريكان، كما أنهما معروفان بحضورهما الاجتماعي في مناطقهما ذات التركيبة القبلية المتماسكة (الجوف ومأرب)، ويحظيان بالمكانة الاجتماعية والسياسية البارزة، ويحتفظ كل منهما برصيد كبير في سجل الحرب ضد جماعة الحوثي، الأمر الذي يرجح ضلوع الحوثيين وجهات اقليمية متضررة من دعم الاصلاح لشرعية الرئيس هادي في تضليل الأمريكان بمعلومات مغلوطة عنهما، ليتحقق لهم ما يريدون من حصولهم على أدلة تدين خصومهم بالإرهاب، وهو الاتهام الذي ظلت جماعة الحوثي المدعومة من إيران والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات يطلقانه على خصومهما من حلفاء الشرعية المناهضين لانقلاب 21 سبتمبر 2014 ، واعلان الإدارة الذاتية كانفصال من طرف واحد في أبريل 2020م.

- القضية الجنوبية:
شهدت القضية الجنوبية تصاعدا ملحوظا في الجانبين السياسي والإعلامي بعد انطلاق الحراك الجنوبي في العام 2007، عبر جمعيات المتقاعدين العسكريين، وهي مرتبطة بحرب العام 1994، وما تمخض عنها من نتائج رأى البعض أنها أدت إلى إقصاء الجنوبيين المحسوبين على الطرف الذي خسر الحرب، وفيما ظلت السلطة تتجاهل الاحتجاجات التي قادها المتقاعدون فإن الأحزاب السياسية لم تكن تتوقع أن تسير تلك الفعاليات بتلك الوتيرة إلى الحد الذي وصلت إليه بعد سنوات قليلة، خاصة بعد الثورة الشعبية في العام 2011. ومع أن أحزاب المعارضة لم تتوافق مع ما يطرحه قادة الحراك من مطالب بانفصال الجنوب عن الشمال إلا أن نظرتها للقضية الجنوبية باتت تحتل الصدارة مع انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني، إذ اتفقت جميع الأحزاب والمكونات السياسية المشاركة في الحوار على أهمية القضية، وضرورة العمل على حلها.

وهذا ما نلاحظه في موقف الإصلاح من القضية الجنوبية، الذي بدأ خجولاً في البيان الختامي لمؤتمره العام الأول الذي انعقد في سبتمبر/ايلول 1994، أي بعد نحو شهرين فقط من انتهاء الحرب، إذ دعا الحكومة، وكان مشاركاً فيها بقرابة ثلث المقاعد الوزارية، لـ»معالجة آثار الحرب وإزالة مخلفاتها وتعمير المناطق المتضررة».

أما في آخر مؤتمر له وهو المؤتمر العام الرابع، فقد أفرد الإصلاح للقضية الجنوبية فصلا خاصا، و»وقف المؤتمر أمام الأوضاع الخطيرة في المحافظات الجنوبية ونذرها الكارثية، الناجمة أساساً عن سياسات التفرد وإقصاء شركاء الحياة السياسية وغياب المواطنة المتساوية»، متهماً السلطة بأنها «أدارت ظهرها لأسس التعددية السياسية والحزبية ومرتكزات الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة اليمنية، وأصرت على التعامل مع أوضاع وتحديات ما بعد حرب 1994، بخفة وتعالٍ»، وأشار البيان الختامي للمؤتمر إلى دعوته السابقة في بيان المؤتمر العام الأول، وإزاء تدهور الأوضاع دعا الإصلاح في بيانه «المجتمع اليمني بكل قواه ومكوناته السياسية والاجتماعية ومنظماته المدنية لتحمل مسؤوليتهم الوطنية، ودراسة الحلول والمعالجات الجادة، متخذين من القضية الجنوبية مدخلاً للإصلاح السياسي والوطني الشامل».

فيما يتعلق برؤية الإصلاح لحل القضية الجنوبية فقد ضمنها في الوثيقة التي قدمها لمؤتمر الحوار الوطني (مارس/آذار 2013- يناير/كانون ثان 2014)، كما فعلت كل القوى السياسية المشاركة في المؤتمر، وأكدت رؤية الإصلاح أن «القضية الجنوبية تتصدر القضايا الوطنية المطروحة على أجندة مؤتمر الحوار، وأنّ حلها سيشكل المدخل الصحيح للإصلاح الوطني الشامل، والأساس والمدماك المتين الذي ستقام عليه دعائم الدولة المدنية الحديثة».

ونصت رؤية الإصلاح على «أن الخطوة الأولى تبدأ بإجراءات بناء الثقة وتهيئة الأجواء والمناخات المناسبة تمهيدا لحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً وشاملاً، يحفظ كيان الدولة، ويستعيد المضامين السلمية لوحدة مايو عام 1990، ويعيد الاعتبار لأهداف الثورة اليمنية، ويضع الجنوب في مكانه الوطني الطبيعي كطرف في المعادلة الوطنية، وكشريك حقيقي في السلطة والثروة».

 ومع تأكيد الإصلاح على ضرورة إنهاء حالة الاختلالات الأمنية الحاصلة في بعض محافظات الجنوب، وسرعة معالجة غياب ونقص الخدمات العامة في المحافظات الجنوبية. فإنه يدعو إلى «توفير كافة الامكانات اللازمة للجنة القضائية المشكلة من الرئاسة وبما يكفل سرعة إنجازها للمهمة المناطة بها، في معالجة قضايا المبعدين والأراضي، وإلزام الحكومة بتنفيذ قراراتها، وإعادة الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، سواء كانت خاصة بالأفراد أو الأحزاب أو النقابات أو الدولة، مع التعويض العادل عن الفترة الماضية». ويشدد على «معالجة أوضاع الموظفين المدنيين والعسكريين والمشردين والموقوفين والمحالين قسراً إلى التقاعد والنازحين في الخارج، وإعادتهم إلى أعمالهم ودفع مستحقاتهم القانونية. ومعالجة وتسوية أوضاع المبعدين والمفقودين المدنيين جراء مختلف الصراعات السياسية التي شهدتها الساحة الجنوبية وتسوية معاشاتهم التقاعدية والذين لم يشملهم حصر لجنة المبعدين».

 ولا يزال موقف الإصلاح من القضية الجنوبية يشوبه اللبس وتثار حوله الشكوك من بعض فصائل الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، حيث تحمله تلك الفصائل مسؤولية الحرب التي اندلعت في العام 1994، كونه كان شريكاً فيها إلى جانب الرئيس السابق علي صالح، مع حلفاء آخرين في الشمال والجنوب، جمعهم في الغالب شعار الدفاع عن الوحدة اليمنية ومواجهة الانفصال. وفي الوقت الراهن لا يخفي متطرفو الحراك الجنوبي –سيما فصيل المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات، عداءهم لحزب الإصلاح، لسببين رئيسيين، يتعلق الأول بالتصورات المسبقة لديهم عن الإصلاح كتنظيم سياسي قوي ومتماسك يقف في صف المشروع المناهض للانفصال، وهو مشروع الدولة الاتحادية الذي يقوده الرئيس هادي، أما السبب الثاني فهو مرتبط بموقف أبو ظبي من تيارات الإسلام السياسي ومنها حزب الإصلاح.

- قضية المرأة:
رغم الأهمية التي تمثلها المرأة والدور الذي تقوم به في الحياة السياسية اليمنية، سواء من داخل الأحزاب والتيارات السياسية أو من خارجها، إلا أن كثيراً من المعوقات لا زالت تقف في طريق المرأة، وتحول دون مشاركة المرأة بالشكل المطلوب، على تفاوت بين حزب وآخر، وكذلك من محافظة إلى أخرى.

في اليمن -ذات المجتمع القَبلي- ينظر إلى المرأة باعتبارها ثانياً بعد الرجل، حيث تحرم النساء في كثير من المناطق اليمنية من حقها في التعليم، سيما التعليم الثانوي والجامعي، ناهيكم عن المشاركة في الانتخابات، لكن المنافسة السياسية بين الأحزاب المؤثرة في المشهد – وفي مقدمتها حزب الاصلاح المؤثر في كثير من المناطق القبلية والأرياف، كان لها دور كبير في إشراك المرأة في الانتخابات كناخبة في الغالب لا كمرشحة.

وقد اتسمت المشاركة النسائية السياسية في اليمن بالحيوية، خاصة في آخر انتخابات نيابية شهدتها البلاد في العام 2003، وبلغت نسبة النساء المشاركات في الانتخابات 42% من إجمالي عدد الناخبين، غير أنه لم يترشح منهن سوى 11 امرأة، فازت واحدة فقط، ودل ذلك على وجود هوة بين تشريع متقدم من جهة، ونظرة المجتمع السلبية للنساء من جهة ثانية. بمعنى أن الغبن الذي تتعرض له المرأة لا يتصل معظمه بالنصوص القانونية، وإنما بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.

فيما يتعلق بحزب الإصلاح فالملاحظ أن حضور المرأة الإصلاحية بدأ هامشيا ثم أخذ ينمو ويقوى، وشهدت الدورة الثانية للمؤتمر العام الرابع للإصلاح جدلاً واسعاً بين أعضاء وقيادات الحزب حول موضوع المرأة، بعد طرحه في المؤتمر، وبعد نقاش استأثر بالكثير من الوقت والجهد، وشهدت قاعة المؤتمر انقساماً بين مؤيد ومعارض، أقر المؤتمرون بتصويت الأغلبية، توسيع نطاق عمل المرأة في الحزب، وتحويله من مكتب إلى دائرة، وبحسب المؤيدين لهذا التعديل فإنه يهدف «إلى تطوير هياكل الإصلاح ولوائحه، وتجويد العمل في القطاع النسوي وتقويته».

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد