الحرمان التعسفي من الحياة (قتل المدنيين) والانتهاكات المتعلّقة بالوضع الإنساني...

فريق الخبراء: من الممكن التخفيف من حدة الوضع الإنساني المتردي في اليمن إذا امتثلت أطراف النزاع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني

2020-10-17 09:04:39 أخبار اليوم / خاص الحلقة (7)

 



يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان الحرمان التعسفي من الحياة. يجب على مسؤولي إنفاذ القانون (سواء كانوا من أفراد الشرطة أو الجيش أو غيرهم من أفراد قوات أمن الدولة) أن لا يستخدموا القوة المميتة إلا حيثما تكون هناك استجابة متناسبة للهدف المشروع المراد تحقيقه وفي حال الضرورة القصوى.
يجب استخدام الأسلحة النارية فقط للدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة؛ لمنع جريمة خطيرة بشكل خاص تنطوي على تهديد خطير للحياة؛ أو القبض على شخص يشكّل مثل هذا التهديد والذي يقاوم الجهود المتبعة لوقف التهديد، أو لمنع هروب ذلك الشخص.
وحتى في هذه الظروف، يجب أن لا تستخدم الأسلحة النارية إلا عندما تكون الوسائل الأقل خطورة غير كافية لتحقيق هذه الأهداف، مع استخدام القوة المميتة فقط عندما لا يمكن تجنبها تماماً من أجل حماية الأرواح. كما أن الدولة مسؤولة عن الانتهاكات التي ترتكبها الجهات الفاعلة غير الحكومية


 (مثل الميليشيات والجماعات المسلحة) التي تعمل لدعم سلطات الدولة أو كعملاء لها. كما يقع على عاتق الدول التزام إيجابي ببذل العناية الواجبة لحماية الحق في الحياة من التهديدات التي يشكلها الآخرون، بما في ذلك على سبيل المثال، وضع أنظمة استجابة فعالة للعدالة الجنائية.

 خلال فترات النزاع المسلح، يجب تفسير حظر الحرمان التعسفي من الحياة وتطبيقه مع مراعاة قواعد القانون الدولي الإنساني. إن استخدام القوة المميتة بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، بشكل عام، لن يعتبر «تعسفياً». وعلى العكس من ذلك، فإن استخدام القوة المميتة غير المتسقة مع القانون الدولي الإنساني (كاستهداف المدنيين) سيُمثل إنتهاكاً أيضاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

 بموجب القانون الدولي الإنساني، من غير القانوني قتل المدنيين وأي أشخاص لا يشاركون فعلياً (أو توقفوا عن المشاركة) في الأعمال القتالية، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين استسلموا أو أصبحوا غير قادرين على القتال. ويُشكل قتل هؤلاء الأشخاص جريمة حرب. وقد يُشكل القتل أيضاً جريمة ضد الإنسانية، إذا تم ارتكابه كجزء من هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد أي مجموعة من السكان المدنيين عن علم بالهجوم.


الاستنتاجات الوقائعية
إن الخسائر في الأرواح الناجمة عن الهجمات التي تنتهك القانون الدولي الإنساني تمثل أيضاً انتهاكاً لحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان للحرمان التعسفي من الحياة. ومع ذلك، ورغم بُعدهم عن ساحة المعركة،
لا يزال الأفراد يُقتلون بشكلٍ غير قانوني على أيدي أطراف النزاع. خلال الفترة المشمولة بالتقرير، حقق فريق الخبراء في ستة عمليات قتل على أيدي جماعات مرتبطة بأطراف مختلفة في النزاع، وكشف عن نمط من الاستخدامات غير القانونية للقوة المميتة من قبل الجهات الفاعلة أثناء العمليات الأمنية أو إنفاذ القانون.
كما واصل الفريق التحقيق في مزاعم حدوث وفيات في الحجز.
 ومن بين هذه الحالات، قامت عناصر من قوات الحزام الأمني ظهر يوم الجمعة 7 حزيران/يونيو 2019 بقتل خمسة مصلين وجرح ستة مصلّين آخرين في مسجد التوحيد بقرية مثعد بمديرية الأزارق بمحافظة الضالع أثناء أدائهم صلاة الجمعة.
وأفاد شاهد عيان أن المسلحين دخلوا المسجد وبدأوا يتهمون المصلين بالانتماء للحوثيين. وقتلوا اثنين من المصلين بعد أن تحدياهم، وأصابوا عدة مصلين آخرين عندما فتحوا النار داخل المسجد.
ثم اختارت العناصر ستة رجال من المسجد واقتادتهم إلى الخارج حيث كانت مركبتهم البيك آب متوقفة والتي حملت شعار قوات الحزام الأمني وعليها سلاح مُركب.
أُتهم الرجال بأنهم من الحوثيين ومن العائلة الهاشمية، إذ أن التصور العام في اليمن هو أن الهاشميين موالون للحوثيين. تم إعدام ثلاثة منهم بإجراءات موجزة من بينهم إمام القرية وجندي من اللواء 33 التابع للقوات المسلحة لحكومة اليمن في الضالع، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت القوات على علم بانتماء الرجل.
ثم أُخذ الرجال الثلاثة الآخرون على متن السيارة واُقتيدوا خارج القرية إلى مقر المجلس الانتقالي الجنوبي في قعطبة حيث تم احتجازهم لمدة يومين. وبحسب ما ورد أُ طلق سراحهم بعد ذلك بسبب ضغوط من وجهاء القرية.

 تُظهر عدة وثائق وخطابات رسمية حصل عليها الفريق ومؤرخة في حزيران/يونيو وتموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2019، تُظهر أن إدارة البحث الجنائي بمحافظة الضالع قد أجرت تحقيقاً.
وتم إجراء تشريح طبي للجثث الخمس، والذي يوضح تفاصيل مواضع دخول وخروج الطلق الناري مبيناً أن الرجال قد أُطلق النار على كل واحد منهم مرتين أو أكثر على الاقل. وصدرت مذكرة توقيف بحق المتهمين بتسمية ثمانية أشخاص على انهم عسكريين.
وقُدمت طلبات من قبل المدير العام لشرطة الضالع الى قائد قوات الحزام الأمني بمحافظة الضالع لتسليم المتهمين، مُسمياً أحد الرجال بأنه مسؤول عن المركبة العسكرية التابعة لقوات الحزام الأمني مع أفراد آخرين. وكان أسم هذا الشخص قد ذُكر أيضاً في الوثائق الرسمية المؤرخة في أيلول/سبتمبر 2019 التي أشارت إلى أنه قد تم تعيينه لاحقاً على رأس كتيبة في لواء العاصفة الثاني عشر.
وقدمت الشرطة في الضالع وعدن إلتماسات إلى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي مطالبةً إياه بالتدخل لضمان تقديم المتهمين إلى العدالة.
في آذار/مارس 2020، تقدم أهالي الضحايا المحبطين بسبب عدم إحراز تقدم بشكوى إلى النائب العام. وفي آب/أغسطس 2020، ورد أن الملف قد أُحيل إلى عدن. ولغاية تاريخ كتابة هذا التقرير، يُدرك الفريق أن المتهمين لم يتم إلقاء القبض عليهم. 

 وفي مطلع كانون الثاني/يناير 2020، قامت قوات الأمن الخاصة التابعة للحكومة اليمنية بتحويل مدرسة الأرام الثانوية بالقرب من قرية الخبر في مديرية حبان في محافظة شبوة إلى ثكنة عسكرية، ما دفع عشرات الطلّب إلى التظاهر ضد الاستيلاء على مدرستهم في الأول من شباط/فبراير.
وعلى إثره وفي اليوم الثاني اقتحم مئات الأفراد من قوات الأمن الخاصة التابعة للحكومة اليمنية، التي أشار إليهم الشهود على أنهم «مقاتلون من الإصلاح»، قرية الخبر بحثاً عن هؤلاء الطلّب واعتقلوا أخوين إثنان يبلغان من العمر 14 و16 عاماً واحتجزوهما بسبب ادعاء ارتباطهما بقوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. وفي فترة بعد الظهر، اقتربت مجموعة من الرجال المدنيين من سكّان القرية من المدرسة لإجراء مفاوضات بشأن إطلاق سراحهما، فأطلق أعضاء من قوات الأمن الخاصة، الذين يحرسون المرفق، النار عليهم بسلاح كلاشنكوف (إيه كيه 47 ) وقتلوا رجلين من المجموعة.
 وفي مثال آخر وبتاريخ 6 نيسان/أبريل 2020 في تمام الساعة 11 صباحا كان شاب في التاسعة عشرة من عمره، وهو طالب في معهد المملاح التقني، عائداً إلى منزله بسيارته مع زميلته. وأوقفاهما مسلّحان، يزعم أنهما من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، عند نقطة تفتيش أمنية في مديرية المعلا بالقرب من الكورنيش، مقابل فندق كورال في محافظة عدن. وبعد التحقق من بطاقة هوية الرجل، طلبا منه أن يسلّم هاتفه إليهما وعندما رفض قاموا بتصويب البنادق عليه والإعتداء عليه وحاول الضحية الهروب فأطلق الجنديان عليه النار وقتلاه. وأثناء ولايته السابقة، حقق فريق الخبراء في حالات الوفاة المزعومة أثناء الاحتجاز بسبب سوء المعاملة من قبل الحوثيين في أماكن الاحتجاز في صنعاء في الفترة من عام 2015 إلى عام 2016 . وفي هذا العام تلقى الفريق تقارير موثوقة عن امرأتين توفيتا في زنزانتيهما في مركز احتجاز خارج صنعاء في عام 2019، بعد الضرب العنيف من قبل الحراس لمقاومة محاولات أخذهن بعيدا لاغتصابهن. كما تلقى مزاعم عن صبي تعرض للتعذيب حتى الموت في أحد مراكز الشرطة في صنعاء .

 هناك مجموعة من الحالات الإضافية التي تحقق فيها فريق الخبراء من عمليات قتل غير مشروعة ولكنه لم يتمكن من تحديد انتماء وانتساب مرتكب الجريمة.
ومن الأمثلة على ذلك مقتل رجل في محافظة عدن في 28 آب/أغسطس 2019. كان الضحية على متن حافلة صغيرة أوقفتها مجموعة من الرجال المسلحين بسيارات نقل عسكرية تحت تهديد السلاح على تقاطع جولة الكرة على الطريق العام الذي يربط عدن بتعز في مديرية دار سعد.
وبدأ المسلحون في فحص وثائق هوية الركاب وأساءوا معاملتهم شفهيا، واتهموهم بانتمائهم إلى قوات الحزام الأمني.
وقد طلب من جميع الركاب البالغين الذكور النزول من الحافلة الصغيرة. وبعد البحث، لم يسمح للضحية، والذي كانت يرتدي شوالا عسكريا، مع مدنيين أثنين آخرين، بالعودة إلى الحافلة الصغيرة.
وقد نقل الضحية إلى محطة وقود تقع على بعد 50 مترا من تقاطع جولة الكرة. وقد أخذه المسلحون، بعد خلع ملابسه، إلى منطقة ريفية على بعد أقل من كيلومتر واحد من تقاطع الطريق في جولة الكرة بالقرب من مركز شرطة دار سعد وعثر على جثته في الصباح التالي وهي مليئة بالرصاص .

 وفي حالة أخرى، تحقق فريق الخبراء من اختطاف اثنين من الموظفين الذكور من هيئة الهلال الاحمر الإماراتي بتاريخ 18 آذار/مارس 2020 أثناء مغادرتهم لنادي رياضي في منطقة الدرين بالمنصورة في عدن حيث بعد الفصل بينهما من خلال وضع أحدهم في سيارته ومن ثم وضع الآخر في سيارة الجاني وأخذهما إلى مكان مجهول. وفي اليوم التالي عثر عليهما ميتين من قبل شرطة كابوتا، مع ممثلين عن دائرة التحقيق الجنائي، في مبنى مهجور في مدينة كابوتا شمال شرق عدن.
وجاءت هذه الحادثة في سياق رسائل التهديد المتكررة التي تلقاها موظفو الإغاثة في هذه المنظمة.
 
وفي أحدث حالة تم التحقق منها، قُتل مصور صحفي يبلغ 34 عاماً بتاريخ 2 حزيران/يونيو 2020 على أيدي مسلحين مجهولين بالقرب من منزله في مديرية دار سعد، بالقرب من عدن. وقد عمل مع وكالات صحفية دولية مختلفة تغطي الحرب في المحافظات الجنوبية وحظي عمله بقدر كبير من الثناء على المستوى الدولي، وخاصة من جانب صحفيين آخرين، بسبب الفيلم الوثائقي لوكالة فرانس برس عن معركة عدن.
وأفيد بأنه تلقى قبل شهر رمضان 2020 تهديدات مختلفة بالقتل.
وفي 3 حزيران/يونيو 2020، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً عاما أدان فيه وفاته وأعلن أنه سيتم إجراء تحقيق شامل في مقتله .

الاستنتاجات القانونية
 واستنتج فريق الخبراء إلى أن عمليات القتل هذه ترقى إلى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد تكون بعض عمليات القتل هذه، وفقا لمستوى صلتها بالنزاع، بمثابة انتهاك بموجب القانون الدولي الإنساني وتشكل جريمة حرب.

الانتهاكات المتعلّقة بالوضع الإنساني 
 يحظر القانون الدولي الإنساني بشدة تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وهذا الحظر مكرس في قانون المعاهدات ومعترف به بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي. ولا استثناء من هذه القاعدة حتى في حالة الضرورة العسكرية القصوى.
وكنتيجةٍ طبيعية لحظر التجويع، يحظر، توصلاً لذلك، مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري.
كما أن حظر التجويع كأسلوب من أساليب الحرب له آثار على استخدام الحصار.
لا يحظر القانون الدولي الإنساني عمليات الحصار في حد ذاتها، طالما أن الغرض منها هو تحقيق هدف عسكري ولم تُفرض بهدف تجويع السكان المدنيين.ووفق ما هو مذكور في القسم «أ» (الفقرة 64)، يحظر القانون الدولي الإنساني أيضًاً الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة بطبيعتها، فضلاً عن حظر العقاب الجماعي. 

 وينص القانون الدولي الإنساني على معايير محددة تحكم الوصول إلى الإغاثة الإنسانية. إذا عانى السكان أثناء نزاع مسلّح غير دولي، من مشقة مفرطة بسبب نقص الإمدادات الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، ينص القانون الدولي الإنساني على ضرورة تنفيذ أعمال الغوث.
يجب على أطراف النزاع السماح بمرور مواد الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين إليها، وتسهل مرورها بسرعة وبدون عرقلة، شريطة أن تكون هذه الإغاثة ذات طبيعة غير متحيزة وأن تقدم دون أي تمييز مجحف. في حين أن موافقة الدولة لعمليات الإغاثة مطلوبة، يجب ألا يتم حجب الموافقة بشكل تعسفي.
يجب على الأطراف عدم إعاقة الوصول على أسس وشروط غير منصوص عليها في القانون الدولي الإنساني. ويجب احترام وحماية أفراد الغوث الإنساني، ويمكن تقييد حركتهم مؤقتاً في حالات الضرورة العسكرية القصوى فحسب. قد تعتبر انتهاكات قواعد الإغاثة الإنسانية أيضًا على أنها استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب.

 في أيار/مايو 2018، أدان قرار مجلس الأمن رقم 2417 بشكل لا لبس فيه «استخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال في عدد من حالات النزاع». وأشار كذلك إلى حظر حرمان المدنيين من المواد التي لا عنى عنها لبقائهم على قيد الحياة والالتزام بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتيسيرها.
يعتبر هذا القرار، الذي تم اعتماده بالإجماع، علامة بارزة على الاعتراف بالصلة بين النزاع وانعدام الأمن الغذائي.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، صوتت جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي لإدراج جريمة محددة تتعلق باستخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب في النزاعات المسلّحة غير الدولية ضمن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يعكس إلى حد كبير الجريمة المدرجة في نظام روما الأساسي للنزاعات المسلّحة الدولية. لم تدخل الجريمة حيز التنفيذ بعد.
ومع ذلك، فقد تم الاعتراف باستخدام تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره انتهاكًا جسيماً للقانون الدولي الإنساني ويرقى إلى مستوى جريمة حرب في النزاعات المسلّحة غير الدولية بموجب القانون الدولي العرفي.

 بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكل فرد الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء الكافي. يعني الغذاء الكافي أن يكون الغذاء متاحًا، ويمكن الوصول إليه، ومقبولًا في سياق ثقافي معين، وذو جودة كافية لتلبية الاحتياجات التغذوية للأفراد. وإمكانية الحصول على الغذاء في هذا السياق تشمل إمكانية الوصول المادية والاقتصادية (أي القدرة على تحمل التكاليف).
والدول ملزمة باستخدام الحد الأقصى من الموارد المتاحة لتحقيق الحق في الغذاء الكافي تدريجياً. ومع ذلك، تبرز التزامات فورية - على سبيل المثال عدم التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في وصول الأشخاص إلى الغذاء، أو التمييز فيما يتعلّق بالحصول على الغذاء. وسيعتبر الفشل في توفير «المحتوى الأساسي» للحق، بما في ذلك التحرر من الجوع، على أنه انتهاكًا ظاهراً.
وهكذا، وكما ذكرت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن المادة 11 تعتبر منتهكة «عندما تقصر الدولة عن أن تلبي، على أقل تقدير، الحد الأساسي الأدنى المطلوب ليكون الفرد متحرراً من الجوع». 
 إذا ادعت الدولة بأنها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لأسباب خارجة عن إرادتها، تتحمل عبء إثبات ذلك وأنها «التمست بلا جدوى الحصول على الدعم الدولي لضمان توافر الغذاء المناسب وإمكانية الوصول إليه». على سبيل المثال، يمكن أن يشكل منع الوصول إلى المساعدات الغذائية الإنسانية في نزاع غير دولي انتهاكًا للحق في الغذاء. وقد لفتت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الانتباه إلى التزام الدول الأخرى بالاعتراف بالدور الهام للتعاون الدولي والإيفاء بالتزاماتها المتمثلة باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة لبلوغ التحقيق الكامل للتمتع بهذا الحق. وعلاوةً على ذلك، «يتعين على الدول أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض حظر على الغذاء أو اتخاذ تدابير مشابهة تعرض للخطر ظروف إنتاج الغذاء والحصول عليه في بلدان أخرى. فينبغي ألا يستخدم الغذاء مطلقاً كأداة لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية». وعلاوة على ذلك، تضمن الدول بموجب اتفاقية حقوق الطفل حق الأطفال في الصحة، بما في ذلك توفير الأطعمة المغذية الكافية ومياه الشرب النظيفة.
 
الاستنتاجات الوقائعية
لقد ساهمت أطراف النزاع في تدهور الوضع الإنساني من خلال طريقة إدارة العمليات العسكرية، ومن خلال إعاقتها والاخفاق في تسهيل الوصول إلى إمدادات الإغاثة الإنسانية بشكل مناسب.
وأدت بعض الإجراءات التي اتخذتها الأطراف، إلى تقليص قدرة السكان على الوصول إلى السلع الضرورية الأساسية، ومثال على هذه الإجراءات عدم دفع الرواتب، وتقييد الوصول والسياسات الاقتصادية والقيود المستمرة على نقاط الدخول الدولية للإمدادات. ومن الممكن التخفيف من حدة الوضع الإنساني المتردي في اليمن بشكل كبير إذا امتثلت أطراف النزاع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد