« حقوق المحاكمة العادلة «

فريق الخبراء: جميع أطراف النزاع في اليمن ما تزال ترتكب الانتهاكات المنهجية والواسعة النطاق للحق في محاكمة عادلة..

2020-10-29 11:02:26 أخبار اليوم/ خاص الحلقة (18)




كشفت التحقيقات التي أجراها الفريق عن وجود نمط سائد يتمثل في ان نزاع البيانات والاعترافات التي تجرم الاشخاص نفسهم عن طريق التهديد والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من جانب سلطات تابعة لأطراف مختلفة من أطراف النزاع. وفي إحدى القضايا تم احتجاز شخص انفراديا لمدة 27 يوما وتعرض مراراً للتعذيب بما في ذلك الضرب المبرح والصعق بالكهرباء. وقد أُجربَ على الاعتراف بجرائم بتسجيل فيديو وبعد ذلك تم نشر التسجيل على محطة تلفزيونية محلية تابعة للحوثيين.

 

وفي قضية أخرى فقد تعرض أحد المحتجزين لدى سلطات الأمر الواقع إلى التعذيب مراراً وأجبر على الاعتراف من خلال فيديو كما في القضية السابقة.

 

وقد تحقق الفريق من حالات أخرى مشابهة فيما يخص لموظفي حكومة اليمن. ففي إحدى الحالات، وعلى سبيل المثال، أُجبر رجل من المختفين على التوقيع على اعترافات بعد تعرضه للتعذيب في مركز احتجاز غير رسمي تسيطر عليه حكومة اليمن.

وعلى مدى فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر، أُجبر على التوقيع على عدد من الوثائق، دون معرفة محتوياتها لأنه كان معصوب العينين، وأن يبصم من 30 إلى 40 وثيقة قيل له إنها تمثل التقرير الكامل للتحقيق.

فريق الخبراء: السلطة القضائية في اليمن تعاني شأنها شأن هيئات القطاعات العامة الأخرى من تقليص دفع المرتبات والمستحقات..
فريق الخبراء: حدوث انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في إطار نظام إدارة العدل في اليمن..
 
وكما أشير اليه سابقا في هذا التقرير فإن الضمانة الدستورية التي تنص على أن الشخص المحتجز يجب أن يُقدم إلى المحكمة في غضون 24 ساعة من وقت الاعتقال، ترفض بشكل ممنهج.

وفي جميع الحالات التي تم التحقيق فيها تقريباً، لا تتاح للمحتجزين إمكانية الوصول إلى محكمة، بل ولا تتاح لهم إمكانية الاتصال بمحامٍ أثناء فترة الاستجواب.

 وتسمح هذه الفجوة الزمنية الكبيرة بارتكاب التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والاستمرار في الإفلات من العقاب كما هو الحال عند مثول المدع عليه أمام النائب العام أو حتى في وقت لاحق أمام المحكمة، تكون الأدلة الحساسة للوقت على سوء المعاملة البدنية قد فُقدت.

وأشار ممثل قانوني لأحد الموكلين إلى الصعوبات التي تعترض قيام المحاكم باستنتاجات فيما يتعلق بهذا التعذيب.

وفي حالة موكله والذي أفاد بأنه تعرض للتعذيب أثناء استجوابه من قبل الحوثيون، عين القضاة لجنة للتحقيق في الادعاءات ولكن اللجنة وجدت أن الأدلة المقدمة غير كافية لإثبات الانتهاكات حيث لا يوجد سجلات طبية ونظرا لإنقضاء فترة زمنية ما بين الأحداث والتحقيق فلا توجد علامات أو أثار رئيسية ظاهرة على جسد الضحية. 


 ولم يكن للمتهمين الذين اعتقلوا بتهم جنائية سوى القليل من الاتصال بممثليهم القانونيين. وفي حالة المحتجزين الثلاثين المحكوم عليهم بالإعدام (سابقا أشير اليها بقضية المحتجزين)، من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء فلم يتمكن المحامي الذي يمثلهم من زيارتهم حتى بعد تقديم استئناف للقرار.

وفي قضية الصحفيين العشرة، فقد أصدر الصحفيون الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام تعليمات رسمية إلى المحامي بالاستئناف ضد القرار عن طريق وكالة خاصة تمت صياغتها وتوقيعها تحت سلطة مدير السجن لعدم إمكانية الاتصال بمحاميهم على الرغم من قيام المحامي بتقديم طلب رسمي لزيارتهم.

وقد ذكر أحد الممثلين القانونيين في صنعاء بأن «على الرغم من توافر تصريح النائب العام فإن الزيارات للموكلين ما زالت مرفوضة من جانب سلطات السجون.»
 
وحيثما يسمح بالوصول، فإن البيئة التي تجري فيها اللقاءات تعوق الاتصال السري والآمن. وغالبا ما يكون حراس السجون متواجدين وقريبين من أي شخص.

إن ضيق الوقت المسموح به يقوض بشدة تحضير حجج الدفاع. فعلى سبيل المثال، في حالة أسماء العميسي فإن النصيحة القانونية الوحيدة التي كان يمكن للمحامي تقديمها قبل جلسة الاستئناف للمدعى عليها، والذي لم يكن لديه حق الاطلاع على ملفها، بأن تبقى صامتة تماما خلال الجلسة.

وتم إبلاغ مكتب فريق الخبراء بأن المحامين، في معظم الاحيان، يغتنمون فرصة تبادل بضع كلمات مع موكليهم أثناء جلسات الاستماع في المحاكم.

وقد أدت التدابير التي اتخذت مؤخرا بهدف احتواء انتشار كوفيد-19 إلى التقليل من الاتصال المسموح به بين المدع عليهم ومحاميهم.
 لا يستطيع المدعى عليهم ومحاميهم على حد سواء الاطلاع على ملفات القضايا، مما يزيد من تقويض إعداد أي دفاع. وأثناء إجراءات المحاكمة، تنحصر الأدلة التي قدمتها النيابة العامة في البيانات المكتوبة.

ولا توجد فرصة للمتهم لكي يتفحص الشهود أو أن يقدم أدلة تفنيد. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب التدخل السياسي، في عملية تعيين القضاة والنواب العامين، والفساد، فإن الحق في المثول أمام محكمة محايدة ومستقلة في اليمن لا يمكن ضمانه.
 
إن الممارسة التي تقضي إلى فرض قيود على الأشخاص حتى بعد تربئتهم قد لوحظت في عدة قضايا. وفي قضية المحتجزين الـ 30 التي تمت الإشارة اليها أعلاه، أُفرج عن الستة الذين صدرت براءتهم بشرط تحديد كفيل وعدم الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بقضيتهم.

وهنالك صحفي آخر تمت تبرئته وإطلق سراحه بتاريخ 5 أيار/مايو 2020 فرضت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء قيود تتضمن الإقامة الجبرية المحددة في صنعاء، وتعليق أي نشاط إعلامي وعدم الكشف عن المعلومات الخاصة بقضيته. وقد فرضت قيود مشابهة على الصحفي الوحيد الذي أفرج عنه في قضية الصحفيين العشرة المشار اليها أعلاه.


 ويؤكد فريق الخبراء وجود انماط متشابهة للحرمان من المحاكمة العادلة في مناطق من الدولة خاضعة لحكومة اليمن. وهذه تشمل وشملت هذه الحالات الحرمان من المحاكمة الفورية والى وصول إلى محام والإخفاق في الإبلاغ عن التهم وتقديم معلومات عن الإجراءات، وانتزاع الاعترافات عن طريق التعذيب.

ومن بعض الأمثلة على القضايا التي حقق فيها الفريق، في إحدى الحالات في مأرب، احتُجز شخص لأكثر من عامين دون أن يبلغه النائب العام رسمياً بالتهم الموجهة إليه أو أن يمثل أمام قاضٍ.


وفي قضية أخرى، ألقي القبض على صحفي بناء على أمر أصدره قائد عسكري في حكومة اليمن واقتيد في البداية إلى سجن عسكري.

تم احتجازه لأكثر من 16 يوماً في مركز احتجاز للشرطة العسكرية ولم يبلَّغ إلا شفوياً بالاتهامات الموجهة إليه من قبل قائد المحور.

وفي قضية ثالثة، تم اعتقال شخصية دينية في نهاية عام 2019 على يد قوات عسكرية تابعة للحكومة اليمنية ولا يزال رهن الاحتجاز دون توجيه تهم رسمية إليه ودون إمكانية الاتصال بمحام.


 وبالنظر للضرورة الملحة بشكل خاص لضمان الامتثال الصارم للقانون الدولي في قضايا عقوبة الإعدام، فإن الفريق يساوره القلق لأن الانتهاكات الخطيرة للضمانات الإجرائية لا تزال مستمرة في هذه القضايا.

وفي جميع القضايا المشار إليها أعلاه في المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء التي فرضت فيها عقوبة الإعدام، كانت هناك إخفاقات واضحة في الإجراءات القانونية الواجبة/المحاكمة العادلة في الإجراءات.

وعلاوة على ذلك، فإن عقوبة الإعدام تطبق على قضايا خارجة عن فئة «أشد الجرائم خطورة» (وهي حالات تنطوي على جرائم بالغة الخطورة تنطوي على عمليات قتل عمد).

في قضية نواب البرلمان الخمسة والثلاثون، على سبيل المثال، أُستخدم هذا القانون الخاص بالإعدام فيما يتعلق بممارسة حقوقهم السياسية، بينما في حالة الصحفيين العشرة، كان يجري تطبيق عقوبة الإعدام للمعاقبة على حرية التعبير.

ولا يزال الأفراد في «جناح المحكوم عليهم بالإعدام» في انتظار الاستئنافات لفترات غير محددة.

وفي حين لم تنفذ عقوبة الإعدام في أي من القضايا الرمزية للفريق، يُدرك الفريق بأن عقوبة الإعدام قد نُفذت في قضايا أخرى أثناء ولايته. ويكرر الفريق الإعراب عن المخاوف التي عبرت عنها هيئات اخرى للأمم المتحدة فيما يتعلق باستخدام عقوبة الإعدام في اليمن في انتهاك للقانون الدولي.
 
3- الاعتداءات على القضاة وأشكال أخرى من التدخلات
حقق فريق الخبراء في كيفية انخراط سلطات الأمر الواقع وحكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي في ممارسة الضغط على القضاة والنواب العامين. فالهجمات والتخويف والاعتقالات تحركها أسباب سياسية أو أمنية ومصالح شخصية.

ومن بين القضايا التي أحيلت إلى الفريق فيما يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن، فقد نجا القاضي صلاح بجاش، رئيس محكمة المخا، في 1 نيسان/أبريل 2020، من محاولة اغتيال أدت إلى إصابته ورئيس قلم التوثيق في المحكمة بجروحٍ خطيرة.

وقي قضية أخرى، في 31 آذار/مارس 2020 في تعز، أغار عناصر من الميليشيا بزي مدني على المجمع القضائي، وهددوا القاضي أنور المجيدي بسبب اتخاذه لقرار مناوئ لمصالح هشام عبد الواحد شحان في نزاع على الأرض. وكانت جماعة الميليشيا برئاسة هشام عبد الواحد سرحان، وهو ابن عبد الواحد سرحان، المستشار الأمني السياسي لحكومة اليمن والمنتسب إلى حزب الإصلاح في تعز .
 
ونتيجةً للتخويف والهجمات، فر القضاة والنواب العامون غير التابعين لسلطات الأمر الواقع من المحاكم المعينين بها ونقلوا إلى تلك المناطق من البلد الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن.

إن تعيين القضاة والنواب العاملون الموالين لسلطات الأمر الواقع والرقابة على القرارات القضائية التي يتخذها المشرفون الذين تعينهم سلطات الأمر الواقع في جميع المكاتب العامة، بما في ذلك السلطة القضائية، قد يساعد في توضيح الانخفاض النسبي في حالات الهجمات الأخيرة ضد القضاة والنواب العاملون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، حقق الفريق في قضية قاض اعتقلته سلطات الأمر الواقع عام 2017 واتهمته بالكشف عن مواقع عسكرية لجهات معادية.

ولم تُوجه إليه قط تهماً رسمية ولم يحاكم أمام محكمة. وقد اختفى لمدة ستة أشهر تقريباً حتى رأته أسرته في شريط فيديو تم بثه على قناة المسيرة، حيث بدا أنه يعترف.

ووفقاً لمحتجزين سابقين كانوا محتجزين معه، تعرض للتعذيب وانتزاع اعترافه. ولا يزال محتجزاً في تعز وقد أثارت الرابطة الدولية للقضاة قضيته مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن.


 وفي مطلع عام 2020 في عدن، قوبل انتقاد القضاة بشأن التعيينات القضائية من قبل الحكومة اليمنية بمضايقات وتهديدات ضد القضاة الذين تحدثوا صراحةً.. على سبيل المثال تعرض بعض القضاة بما في ذلك القاضية رواء مجاهد للتهديد والمضايقة لانتقادهما علناً تعيين أعضاء جدد في مجلس القضاء الأعلى ممن وردت عنهم أنباء على أنهم مرتبطون بأعضاء المجلس الحاليين أو من أقاربهم. 


وفي مواجهة هذا المناخ فقد أورد بعض القضاة والنواب العامون أنهم يمارسون فرض الرقابة الذاتية خلال تأديتهم لمهامهم وذلك بهدف تجنب معاداة الطرف المسيطر على المنطقة. 


كما وجد فريق الخبراء أن السلطة القضائية تعاني، شأنها شأن هيئات القطاع العام الأخرى، من تقليص دفع المرتبات والمستحقات.

فمنذ كانون الثاني/يناير 2020 تم تعليق صرف رواتب القضاة في شمال البلاد بالكامل، ويبدو أنه مدفوع لأسباب سياسية من قبل مجلس القضاء الأعلى تحت سلطة حكومة اليمن. الأمر الذي يوفر أرضاً خصبةً لمزيد من الفساد، وهي خاصية لا تزال تقوض استقلال ونزاهة العدالة في اليمن.


 الاستنتاجات القانونية
وخلص فريق الخبراء إلى حدوث انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في إطار نظام إدارة العدل في اليمن، لا سيما من خلال تسييس النظام والحرمان المنتظم من حقوق المحاكمة العادلة والاعتداء على الضباط القضائيين وفرض عقوبة الإعدام بطريقة مخالفة للقانون الدولي. وعندما يكون هذا بالضرورة مقترنا بالنزاع فإن مثل هذه المخالفات تشكل أيضا انتهاكا للقانون الدولي الإنساني. ويشير فريق الخبراء إلى مدى تكرار الانتهاكات المرتبطة بالمحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء بشكل خاص، ولكنه يرى أن الانتهاكات ترتكب من قِبَل السلطات في جميع انحاء اليمن.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد