نظام العدالة اليمني يفتقر إلى الوسائل والقدرات اللازمة لإجراء تحقيقات مستقلة وذات مصداقية في مجموعة الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها كافة الأطراف أثناء النزاع>

فريق الخبراء يدعو مجلس الأمن إلى النظر في إحالة قضايا اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية

2020-11-01 08:37:17 أخبار اليوم/ خاص


من الواضح أنه لا تزال هناك فجوة كبيرة في المساءلة فيما يتعلق بالانتهاكات المرتكبة في اليمن. وبهدف تقديم مساهمة إضافية في مجال المساءلة هذا، سعى فريق الخبراء إلى تقييم القدرة الحالية لنظام العدالة اليمني على إجراء محاكمات للانتهاكات التي ترقى إلى مرتبة الجرائم الدولية. نظام العدالة اليمني ليس النظام الوحيد الذي يمكن أن يشارك في التحقيق والملاحقة القضائية في الجرائم المرتكبة في اليمن. ومع ذلك، فإن الكثير من القضايا المحتملة تقع عادةً ضمن اختصاص نظام العدالة اليمني، مما يجعله ميداناً مهماً بشكل خاص للتقييم. . نتيجةً للتحقيقات التي أجراها، يرى فريق الخبراء أن نظام العدالة اليمني يفتقر في الوقت الحالي إلى الوسائل والقدرات اللازمة لإجراء تحقيقات مستقلة وذات مصداقية في مجموعة الانتهاكات الجسيمة التي أُرتكبتها كافة الأطراف أثناء النزاع.

كما أن للفريق شكوكاً كبيرة بشأن قدرة نظام العدالة على إجراء محاكمات للمسؤولين بطريقة تتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. يفتقر الضحايا والشهود والجهات القضائية إلى الحماية الكافية من الأعمال الانتقامية المحتملة. أسئلة مهمة تحيط بما إذا كانت هناك إرادة سياسية كافية لدعم الإصلاح الضروري.
 يحتاج النظام الحالي لإقامة العدل في اليمن إلى فهمه على خلفية عمل النظام في السنوات السابقة. على الرغم من الحماية الرسمية لاستقلال القضاء في الدستور اليمني. كان النظام القضائي خلال نظام صالح يهيمن عليه الفرع التنفيذي، بدلاً من العمل كمؤسسة مستقلة. وفي الفترة الانتقالية بين الاعوام 2011-2014، كان قطاع العدل أحد المجالات الرئيسية التي تم تحديدها على أنها تتطلب إصلاحاً هيكلياً. مؤتمر الحوار الوطني، على سبيل المثال، سلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الاستقلال القضائي، وأوصى من بين أمور أخرى، بإصلاح مجلس القضاء الأعلى واتخاذ تدابير لمكافحة التحيز تجاه الأحزاب السياسية والجماعات الطائفية أو الفصائلية.

 حددت بعض التقييمات التي أُجريت لنظام العدل خلال هذه الفترة الانتقالية نقاط ضعف رئيسية. ووردت معلومات عن أوجه قصور كبيرة فيما يتعلق بمعايير المحاكمة العادلة، بما في ذلك في قضايا عقوبة الإعدام. واستمر استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات على الرغم من عدم قانونية مثل هذا السلوك. تم الإبلاغ عن التمييز النشط ضد النساء (كمسؤولات قضائيات وكمشاركات أخريات في النظام). ودخل القضاة في إضرابات متكررة احتجاجاً على التهديدات والاعتداءات الجسدية التي واجهوها. تم تحديد التعليم والتدريب القضائي وإدارة القضايا وتراكمها والبنية التحتية الأساسية على أنها مجالات تتطلب مساعدة إنمائية. واستمر الفساد في كونه مشكلة منهجية، حيث وصفت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في عام 2012 القضاء بأنه يعاني من «الفساد المستشري». وكان للتأثيرات الخارجية (كالسياسية أو القبلية) في بعض الأحيان أثر ودمار على التطبيق السليم للقوانين. وشوهت مزاعم المحاباة والمحسوبية عملية تعيين بعض موظفي القضاء والنيابة العامة وغيرهم. كانت الأنظمة الموجودة لتناوب القضاة والنظام الرسمي للمساءلة للتعامل مع سوء السلوك من قبل الجهات القضائية عرضةً للتلاعب وذلك بالدفع بالتحقيقات، أو استخدام نقل الموظفين، في بعض الأحيان، كشكلٍ من أشكال الانتقام من الأفراد. كما أدت قيود الموارد والبنية التحتية الى إعاقة الأداء.

 أُجريت إصلاحات مهمة خلال الأعوام بين 2011-2014، لا سيما فيما يتعلق بتكوين مجلس القضاء الأعلى وإعادة هيكلة وزارة العدل. تم تكثيف بناء قدرات الجهاز القضائي، واستمرت برامج تعزيز سيادة القانون، حتى أثناء النزاع الحالي. ومع ذلك، فقد توقفت عملية الإصلاح الأعمق لقطاع العدالة.
 خلال النزاع الحالي، ازداد ضعف وتفتت قطاع القضاء. فالنواب العامون والمحاكم ببساطة لا يعملون في بعض مناطق البلاد، ولا سيما في الجنوب. وتلقى فريق الخبراء عدة تقارير عن عدم استجابة السلطات للتحقيق في الانتهاكات المزعومة ومقاضاة مرتكبيها، على الرغم من إحراز تقدم فيما يتعلق بإحالة القضايا من قبل لجنة التحقيق الوطنية إلى المدعي العام. ولا يزال القضاة والجهات القضائية الفاعلة الأخرى يواجهون هجمات أو تهديدات بالاعتداءات أو أشكال أخرى من المضايقات. إذ يسود مناخ التخويف في النظام، حيث يتردد بعض الفاعلين القضائيين حتى في متابعة الإجراءات المتعلقة بالهجمات التي حصلت ضدهم، وإفادة بعضهم عن تبني درجة كبيرة من الرقابة الذاتية في ظل الضغوط السائدة. لا يزال الفساد يُثار كقضية مستمرة من قبل المحاورين.

 بصرف النظر عن الطريقة التي سعى بها العديد من المسؤولين القضائيين للدفاع عن استقلالهم ومواصلة أداء وظائفهم، فإن نظام الحوكمة المزدوج الحالي (بما في ذلك المجالس القضائية العليا المزدوجة والمعاهد القضائية العليا ورؤساء المحكمة العليا) عبر إنقسام حكومة اليمن أو سلطات الأمر الواقع أدى إلى تآكل الثقة في قدرة نظام العدل الرسمي على إقامة عدالة نزيهة. في هذا التقرير، سلّط فريق الخبراء الضوء في قسم نظام إدارة العدل على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث في هذا القطاع، وفي بعض المناطق أُختير النظام القضائي لتحقيق أهدافٍ سياسية: على سبيل المثال في المحاكمات المختصرة ضد نواب او صحفيين في المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء. بشكل عام، هناك أوجه قصور كبيرة فيما يتعلق بتأكيد ضمانات المحاكمة العادلة. إن سلطة وشرعية بعض القضاة والمحاكم محل نزاع (على سبيل المثال عمل بعض القضاة وبعض المحاكم داخل مناطق تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع غير المعترف بها من قبل الحكومة اليمنية). فريق الخبراء ليس على علم بأي عمليات تحقق لتحديد وعزل المسؤولين القضائيين أو أعضاء النيابة المتورطين في الانتهاكات الماضية أو الحالية .

قد تكون أي محاكمات مستقبلية لأولئك الذين ارتكبوا الانتهاكات في سياق النزاع في اليمن حساسة بشكل خاص، مع وجود خطر كبير من الأعمال الانتقامية ضد من يشاركون في الإجراءات. إن انتشار مناخ الخوف وانعدام الثقة في السلطات يقلل بالفعل من رغبة الأفراد في تقديم شكاوى رسمية والمشاركة في الإجراءات القانونية. في ظل عدم وجود تدابير أمنية صارمة للجهات الفاعلة القضائية وبرنامج مناسب لحماية الضحايا والشهود، يشعر فريق الخبراء بالقلق من أن سلامة المشاركين (سواء كانوا قضاة أو مدعين عامين أو محامي دفاع أو موظفي المحاكم أو متهمين أو ضحايا أو شهود) لن يتم ضمانها. علاوةً على ذلك، ستكون هناك حاجة إلى زيادة كبيرة في الإرادة السياسية عبر الطيف السياسي لدعم وحماية استقلال النظام في التعامل مع هذه القضايا المشحونة سياسياً.

 على المستوى الفني، يتطلب القانون اليمني إصلاحات كبيرة لدعم الملاحقات القضائية لكامل نطاق الانتهاكات التي ترقى إلى مرتبة الجرائم الدولية ولضمان تغطية الأنماط المناسبة للمسؤولية. فالقانون الجنائي، على سبيل المثال، لا يبدو أنه يجرم حالياً الاختفاء القسري أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية. والقانون يغطي التعذيب، لكن بشكلٍ محدود ولا يتطابق مع التعريف المنصوص عليه في المعاهدات الدولية. كما أنه لا يغطي جميع جوانب العنف الجنسي. لا يبدو أن القانون يتناول جميع أنماط المسؤولية ذات الصلة (مثل مسؤولية الرئيس أو القائد). في مواجهة القانون، هناك بعض البنود التقييدية المحتملة، على سبيل المثال فيما يتعلق بوقت تقديم الشكاوى أو الأذونات الإضافية اللازمة لمتابعة الملاحقات القضائية ضد موظف إنفاذ قضائي أو موظف مدني. في حين أن هناك مجموعة من الضمانات الإجرائية المتعلقة بالمتهمين نظرياً، إلا أن الضمانات الإجرائية الأساسية غالباً ما تكون وهمية. يميز القانون اليمني ضد المرأة، بما في ذلك ما يتعلق بالقيمة المعطاة لشهادة المرأة. بعض الجرائم المحلية التي يمكن استخدامها لتغطية الانتهاكات الجسيمة (مثل القتل والاختطاف المصحوب بالموت) تفرض عقوبة الإعدام، مما يزيد من القلق بشأن أوجه القصور في الإجراءات القانونية الواجبة. يضاف إلى ذلك حقيقة قلة الخربة في نظام العدالة اليمني لملاحقة الجرائم الدولية.
 إلى جانب نظام القضاء المدني، يوجد نظام القضاء العسكري الذي تخضع إجراءاته لقانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرية. إن مسائل القانون الجنائي الموضوعي التي يتعامل معها منصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكرية، الذي يتضمن فصلاً عن جرائم الحرب. ومن خلال قراءة نصية للقانون، ليس من الواضح ما إذا كان النطاق يمتد ليشمل جميع الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي ترقى إلى جرائم الحرب بموجب القانون الدولي العرفي أو تلك التي تنشأ بموجب قانون المعاهدات فقط. لا يبدو أن اختصاص المحاكم العسكرية يقتصر على الأفراد العسكريين فقط. ويحتوي قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرية على القليل من الحقوق الإجرائية لـ «المحاكمة العادلة»، رغم أنه ينص على تطبيق ضمانات قانون الإجراءات الجنائية (العادي) على الأمور غير المنصوص عليها في القانون العسكري. ففي تموز/يوليو 2020، أُعلن عن انعقاد الجلسة الأول في المحكمة العسكرية في مأرب لمحاكمة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي ونحو 174 متهماً (من العسكريين والمدنيين) بتهم تتعلق بالانقلاب على الرئيس هادي. وتميل طبيعة إجراءات المحاكم العسكرية الى أن تكون أقل توثيقاً من النظام المدني، وبالتالي تظل غامضة إلى حدٍ ما. ومع ذلك، يرى فريق الخبراء أنه من غير المحتمل أن تكون المحاكم العسكرية محصنة من التحديات التي تشغل نظيراتها المدنية. كذلك يعتبر فريق الخبراء أنه يجب أن يقتصر استخدام المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية وبالتحديد تلك التي يرتكبها العسكريون مع استبعاد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ينبغي التعامل معها من خلال المحاكم المدنية. 

 في ضوء العوامل المذكورة أعلاه، خلُص فريق الخبراء أن هناك تحديات كبيرة تواجه نظام العدالة اليمني (سواء على المستوى المدني أو العسكري) في القدرة على التعامل بالشكل المناسب مع العدد الكبير من القضايا المتعلقة بالانتهاكات التي حدثت ولا تزال تحدث أثناء هذا النزاع. حتى لو انتهى النزاع قريباً، سيستغرق إعادة بناء نظام عدالة موحد ومعالجة نقاط الضعف الموجودة مسبقًا فترة طويلة من الوقت. ذلك رسخ رأي فريق الخرباء أن المجتمع الدولي بحاجة إلى استحداث المزيد من المبادرات للمساعدة في سد فجوة المساءلة في اليمن. 

 مبادرات العدالة الدولية 
في حين أن المسؤولية الأساسية للتصدي للانتهاكات تقع على عاتق أطراف النزاع، يمكن للمجتمع الدولي، بل يجب عليه، اتخاذ المزيد من المبادرات للمساعدة في سد فجوة المساءلة. ترد أدناه المبادرات الخاصة التي يمكن للمجتمع الدولي أن يتخذها.

يوجد بعض الإجراءات التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي على الفور، فيما قد يتطلب غيرها مزيدًا من الحوار وبيئة وطنية مشجعة أكبر. ومع ذلك يرى فريق الخبراء أنه من المهم أن يبدأ الحوار في أقرب وقت ممكن .

 1-إحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية
اليمن ليس طرفًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كذلك لم تصادق معظم أعضاء دول التحالف الداعمة لحكومة اليمن في النزاع على نظام روما. مع ذلك، بإمكان مجلس الأمن أن يحيل الوضع في اليمن إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية. وهذا من شأنه أن يرسل إشارة قوية مفادها أن الانتهاكات المرتكبة في اليمن تهم المجتمع الدولي وأنه لا يوجد أحد فوق القانون عند ارتكاب هكذا جرائم. وبالنظر إلى طبيعتها، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع ومقاضاة عدد قليل من الأشخاص فقط. إنما تداعيات مثل هذه الملاحقات القضائية ستكون هامة في اليمن وعلى مستوى العالم. بالتالي، يدعو فريق الخبراء مجلس الأمن إلى النظر في إحالة قضايا اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية. 
 في الوقت ذاته، نظرًا للعدد الكبير من القضايا التي ستحتاج إلى مزيد من التحقيق مع مراعاة المشاكل الخاصة التي تواجه نظام العدالة اليمني، ينبغي على المجتمع الدولي النظر في مبادرات أخرى. يوجد خطوات يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها على الفور وأخرى قد تتطلب إطارًا زمنياً أطول.
 2-آلية تحقيق دولية مستقلة لليمن 
يدعم الفريق تأسيس هيئة عدالة جنائية دولية للتحقيق والتي يمكن أن تبني على عمل فريق الخبراء البارزين إنما مع تطوير ملفات متعلقة بالعدالة الجنائية. تم اتخاذ مبادرات مماثلة في سياقات أخرى مثل إنشاء الجمعية العامة لآلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق في سوريا وإنشاء مجلس حقوق الإنسان لآلية التحقيق المستقلة في ميانمار. وقد كُلفت هذه الهيئات بجمع الأدلة على انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والجرائم الدولية وتوحيدها وحفظها وتحليلها، وإعداد الملفات من أجل تيسير وتسريع الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة، وفقاً لمعايير القانون الدولي، في المحاكم أو الهيئات القضائية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية التي لها اختصاص في الجرائم أو قد تكون لها في المستقبل ولاية قضائية على هذه الجرائم .

 3-محكمة خاصة مثل محكمة مختلطة 
يشجع فريق الخبراء النظر في المدى البعيد في إمكانية إنشاء محكمة مختلطة (تشمل الجهات الفاعلة الوطنية والدولية). وهو نموذج تم استخدامه بنجاح في أماكن أخرى - على سبيل المثال في سبراليون وكمبوديا - بالتعاون بين الأمم المتحدة والبلد المعني. وقد تم إنشاء بعض المحاكم عبلا الاتفاق بين الأمم المتحدة والدول المعنية. وقد تم إنشاء البعض الآخر ضمن نظام العدالة الوطني مع تشريعات تسمح بالمشاركة الدولية (على سبيل المثال في تيمور ليشتي وجمهورية أفريقيا الوسطى). وهو أيضاً نموذج تم استخدامه بنجاح على المستوى الإقليمي من قبل الاتحاد الأفريقي في إنشاء الدوائر الأفريقية الاستثنائية في السنغال والمحكمة المختلطة المخطط لها لجنوب السودان ومن قبل الاتحاد الأوروبي بشكل معدل في دعم الدوائر المتخصصة في كوسوفو. لم يوجد سابقة مماثلة بين جامعة الدول العربية / دول الخليج ومن الصعب توقع تكامل الدعم على المستوى الإقليمي لهكذا مبادرة. إنما يرى فريق الخبراء أن إنشاء مثل هذه الهيئة المختلطة يجب أن يولى اهتمامًا حقيقيًا من قبل الجهات الفاعلة الدولية والسلطات اليمنية . في الجانب اليمني وعلى سبيل المثال يمكن إنشاء هيكل متخصص ضمن النظام القضائي اليمني من شأنه أن يسمح بتطوير المعرفة المتخصصة للقضاة والمدعين العامين والمحققين والمحامين. إن إشراك الجهات الدولية الفاعلة جنبًا إلى جنب مع الجهات الوطنية الفاعلة من شأنه أن يقلل المخاوف بشأن الحياد والاستقلال. يدرك فريق الخبراء أن مبادرة كهذه ستتطلب ليس رغبة المجتمع الدولي فحسب إنما ظروفًا مؤاتية داخل اليمن – لا سيما نظام حوكمة موحد ودعماً من المجتمع اليمني. سيدعم فريق الخبراء إجراء المزيد من البحث والحوار حول إنشاء آلية محددة لليمن. 

 4-ممارسة الدول الثالثة للولاية القضائية العالمية 
لدى القانون الدولي عدة أسس يمكن على أساسها لغير أطراف النزاع أن تباشر ملاحقات قضائية على جرائم دولية مزعومة ناشئة عن انتهاكات ارُتكبت في اليمن. ويشمل ذلك حالة الشخص الذي يُدعى أنه من رعايا الدولة (باستخدام الولاية القضائية على الجنسية)؛ أو عندما تكون الضحية من رعاياها (ولاية شخصية سلبية). كما يشمل حالات لا توجد فيها صلة بالدولة، ولكن طبيعة الجريمة من النوع الذي يعترف فيه القانون الدولي بمصلحة جميع الدول في مقاضاتهم ومعاقبتهم «الولاية القضائية العالمية». سنت العديد من الدول الثالثة تشريعات تغطي الجرائم الدولية التي تتجاوز الحدود الإقليمية من هذا النوع - سواء كان ذلك عملا بالتصديق على نظام روما الأساسي أو على سبيل المثال في أداء واجباتها فيما يتعلق بمنح محاكمها الولاية القضائية على النحو الذي تتطلبه الأنظمة الدولية الأخرى (مثل نظام الانتهاكات الجسيمة أو إتفاقية مناهضة التعذيب).
في السنوات الخمس الماضية ازداد عدد الدول التي بدأت محاكمات في أنظمتها المحلية ضد أفراد يُزعم أنهم مسؤولون عن جرائم دولية في دول أخرى عبر استخدام «الولاية القضائية العالمية».
ومن أبرز هذه المحاكمات تلك التي تتم في دول أوروبية ضد أفراد يُزعم أنهم ارتكبوا انتهاكات ترقى إلى مرتبة الجرائم في سوريا. يكمن بعض من اسباب الزيادة في هذه الحالات في أن عدد السوريين من ضحايا وشهود وجناة مزعومين الموجودين في أوروبا بالإضافة إلى الجهود العابرة للحدود الوطنية في مشاركة المعلومات وإلتزام مسؤولي الهجرة وإنفاذ القانون بالعمل معًا لتحديد الجناة المشتبه بهم ودور مجتمعات الشتات والمنظمات غير الحكومية العابرة للحدود الوطنية والشبكات الرسمية داخل أوروبا. 

 في حين أن جميع هذه العوامل قد لا تتوافر بنفس القدر مثل سوريا بالأخص نظرًا لأن نسبة اليمنيين الذين تمكنوا من الفرار من اليمن أقل من نسبة السوريين، فإن الدول الثالثة تحتفظ بالقدرة على التعاون في تبادل المعلومات وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة لبعضها البعض بالإضافة إلى القدرة على تجهيز أنظمتها للاستخدام في الحالات المناسبة. يشار إلى أن العديد من المبادرات التي اتخذتها المنظمات غير الحكومية وشركات المحاماة على الصعيد العالمي سعت إلى بدء تحقيقات رسمية من قبل الهيئات القضائية الوطنية بما في ذلك في الأرجنتين وفرنسا والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية وإيطاليا (مع زعم في آخر حالة عن تواطؤ شركات أسلحة). بغض النظر عن نتائج هذه الحالات المحددة، يشجع فريق الخبراء الدول الثالثة على استخدام شبكاتها بفعالية لمشاركة المعلومات ذات الصلة وأن تكون مستعدة وراغبة في المقاضاة في محاكمهم الوطنية لتلك القضايا المتعلقة بالانتهاكات المرتكبة في اليمن.
5-ضمان أن السلام يتضمن إدراج الاحترام للمساءلة . 
كان الاهتمام الدولي محقًا في التركيز على الجهود المبذولة لإنهاء النزاع في اليمن. ويؤيد فريق الخبراء العمل الهام الجاري في هذا الصدد بما في ذلك عمل المبعوث الخاص للأمين العام لليمن. إلا أنه يشير إلى ضرورة تأكيد تضمين الاحترام المناسب لحقوق الإنسان في المفاوضات، بما في ذلك الحاجة إلى ضمان المساءلة في الانتهاكات الجسيمة التي حدثت. ويشير الفريق في هذا الصدد إلى الحاجة إلى صون القانون الدولي وتجنب أي قرارات عفو عام واسعة النطاق أو أي تدابير أخرى من شأنها تقويض محاكمة المسؤولين عن الجرائم الدولية .

 6-نظام العقوبات
 في شباط/ فبراير2014 أصدر مجلس الأمن القرار 2140 بفرض عقوبات مختلفة، بالتحديد حظر السفر وتجميد الأصول على قائمة من الأفراد. المعايير العامة للإدراج تعلقت «بالمشاركة في أو تقديم الدعم لأعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن». حدد القرار أمثلة معينة للسلوك الذي من شأنه أن يفي بهذا الاختبار مثل «التخطيط أو التوجيه أو ارتكاب أعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني الواجب التطبيق أو الأعمال التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن». في العام 2015 تم إضافة أمثلة أخرى بما فيها «عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن أو الوصول إلى المساعدات الإنسانية أو توزيعها في اليمن». وشهد شباط/فبراير 2020 إقرار مجلس الأمن بأن «الانخراط في العنف الجنسي في النزاعات المسلحة أو تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي» يفي بمعايير حقوق الإنسان كما وردت في قرار مجلس الأمن رقم 2140 .

 حتى الآن لم يتم إدراج أي فرد بالاعتماد صراحة على أي من أسس حقوق الإنسان أو القانون الإنساني هذه. بالمجمل تم إدراج خمسة أشخاص فقط بموجب نظام العقوبات. تم إدراج الجميع وفق المعيار العام لتهديد معايير السلام أو الأمن أو الاستقرار. ومن الملاحظ أيضًا أن الأفراد الخمسة جميعهم ينتمون إلى طرف واحد من النزاع (سلطات الأمر الواقع). يوصي فريق الخبراء بأن ينظر مجلس الأمن في إضافة قوائم للنظام تراعي الانتهاكات ذات الصلة بحقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي الإنساني مع ضمان الإمتثال للأساليب الوقائية الإجرائية الصارمة لضمان الحد الأدنى من معايير الإجراءات القانونية المتعارف عليها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد