الشرطة تواصل حرباً شاملة عليهن في الأسواق والشوارع ..شهيدات الحجاب في تونس.. لا عزاء لهَّن ولا تأبين!

2009-12-13 04:20:51

* اعتراض الفتيات المحجبات في الشوارع ومواقف الحافلات والأماكن العامة.. ونزع حجابهن بالقوة وسط المارة!

*إذا كانت الحرب ضد الحجاب حالات منفردة في العالم فإنها ممارسة يومية في تونس

*ارتداء الحجاب محظور على المرأة في تونس بحكم القانون رقم "108" الصادر عام 1981م في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة

* طرد الطالبات من فصول الدراسة ومنعهن من دخول قاعات الامتحان!

إجبار المحجبات على توقيع تعهد بعدم ارتداء الحجاب وتهديدهن بالسجن في حال عودتهن إلى ارتدائه مجدداً!

*إيقاف السيارات التي تقل نساء وفتيات ومحجبات وإجبارهن على النزول ثم اقتيادهن إلى مراكز الشرطة!

*لجنة الدفاع عن المحجبات" و"منظمة حرية وإنصاف" تبذلان جهوداً مكثفة لتسليط الضوء على محنة المرأة التونسية المحجبة


عبدالباقي خليفة

لم تكن التساؤلات الكثيرة المؤسسة على فكر نقدي لطريقة تعاطي الأمة مع قضاياها ، بدعا من القول ، فلو كان ما يحدث في تونس ، يحصل في ألمانيا التي قتلت فيها الدكتورة مروة الشربيني ، لقامت الدنيا ولم تقعد... بل لو أن ما يحدث في تونس حصل في بلد عربي آخر لما شهدنا صمت القبور في أكثر وسائل الإعلام اهتماماً بقتل "د.مروة الشربيني" ، وأخبار المحجبات من فرنسا وحتى استراليا ومن الولايات المتحدة وحتى ألمانيا، وهو أمر محير حقا!!

ففي الوقت الذي نقر فيه بأن الحرب ضد الحجاب في عدد من دول العالم حالات منفردة ، وفي أطر محددة كالمدارس أو المصالح الحكومية ، مع إشارتنا لعامل التحريض الإعلامي والسياسي في نمو تلك الظواهر ، فإنها في تونس حرب شاملة تمثل كارثة مجتمعية وثقافية . وخدمة مجانية أو رشوة يقدمها النظام الحاكم لأعداء التعايش الحضاري والحوار الثقافي ، والحريات الدينية والعامة ، في العالم .

وتجدر الإشارة إلى أن المرأة التونسية محظور عليها إرتداء الحجاب بالقانون رقم "108" الذي صدر عام 1981م في عهد الرئيس التونسي الراحل "الحبيب بورقيبة" ، الذي اعتبر الحجاب "زياً طائفياً" وليس فريضة دينية "!!" وحظر ارتداءه في الجامعات، ومعاهد التعليم الثانوي!

وقائع موثقة

لم تعد فضائع الاعتداءات على المحجبات وطردهن ، مجرد روايات تنقل على ألسنة الضحايا وشهود العيان ، أو قرارات صادرة من الجهات العليا في السلطة التونسية ،تتبجح بها عبر وسائل الإعلام المختلفة ، بل حقائق مدعومة بأشرطة الفيديو والتي تملك " لجنة الدفاع عن المحجبات " نسخا منها ، يمكن لأي مهتم بهذه القضية الإطلاع عليها . ونحن في هذا التقرير ، نرصد بعض الأعمال الهمجية التي تعرضت لها المحجبات في تونس بداية العام الجاري 1430 / 2009 م .

وكانت آخر المعلومات التي وصلت ، ونحن نعد هذا التقرير ما أوردته ، لجنة الدفاع عن المحجبات ، بتونس بتاريخ 18 يونيو وفحواه " إقدام مجموعة تابعة لفرقة ( الحرس الوطني ) يوم 16 يونيو 2009 م باعتراض السيارات المارة عبر الطريق الرابط بين مدينة نابل ومدينة الحمامات ( الشمال الغربي لتونس ) وايقاف جميع السيارات التي تقل نساء وفتيات محجبات وإجبارهن على النزول ، ومن ثم اقتيادهن إلى مركز ( الحرس ) أين يجبرن على توقيع تعهد مكون من 5 نسخ بأن لا يلتزمن بارتداء الحجاب ، كما وقع تهديدهن إن عدم مجددا إلى ارتدائه ،" وقد أدانت اللجنة تلك الممارسات المشينة ودعت السلطة التونسية للكف عن اضطهاد المحجبات . وبتاريخ 9 يونيو 2009 م ، تعرضت 4 فتيات هن قدس القلاعي، وشيماء بن فاطمة ، ومريم القلاعي ، وسناء غرسلي ، للايقاف من قبل عنصري جندرمة باللباس المدني واقتاداهن إلى مركز شرطة بوقطفة ( بالشمال الغربي التونسي ) وطلب منهن عدم ارتداء الحجاب ، ولم يطلق سراحهن إلا بعد تدخل مجموعة من مناضلي لجنة الدفاع عن المحجبات وحقوق الانسان . وقالت اللجنة نقلا عن الفتيات الضحايا أنهن تعرضن للكلام السوقي والمبتذل والتهديد من قبل الجندرمة . وقد حملت اللجنة السلطات التونسية العليا " المسؤولية عن الحرب المفتوحة التي تشنها على المحجبات خاصة في المؤسسات التعليمية ، وعلى الخصوص خلال العام الدراسي وأثناء فترات الامتحانات " واستهجنت اللجنة " سياسة القمع والابتراز التي تمارس على المواطنات التونسيات المحجبات " وحملت أجهزة السلطة الادارية منها والبوليسية " مسؤولية ما يترتب على تلك السياسات الاستبدادية من نتائج كارثية " كما وجهت نداءا غالبا ما تذيل به بياناتها إلى علماء الأمة والمدافعين عن حقوق الانسان للاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه ما يجري في تونس من اضطهاد وقمع ضد المعارضين بصفة عامة والاسلاميين بصفة خاصة لا سيما مظاهر التدين كالحجاب .

زي موحّد!

وقد تزامن ذلك مع اعلان وزارة العدل الأميركية قرار مقاضاة مقاطعة في نيوجرسي ، لأنها منعت موظفة مسلمة لديها من ارتداء الحجاب ، وقامت بطردها لاحقا . وقالت الوزراة في بيان لها " إن القضية المرفوعة ضد مقاطعة " ايسكس ، بنيوجرسي ، والتي تشير إلى منع ، عفت بشير ، من ارتداء الحجاب خلال العمل كموظفة في قسم مراقبة المحتجزين لديها ينتهك البند السابع من قانون الحقوق المدنية الأمريكي للعام 1964 ( ميلادية ) . وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيانها " لا يجب أن يضطر الموظفون إلى الاختيار بين معتقداتهم الدينية ، وكسب معيشتهم " ومن المقرر أن تدفع مقاطعة " ايسكس " تعويضا ماديا مرتفعا لعفت بشير ، بعد إسقاط تعلة الزي الموحد للموظفين الذي بررت به المقاطعة إجراءاتها التمييزية . وبالمناسبة فقد اقترحت رجاء بن سلامة ،( يسارية ) اعتماد زي موحد في تونس لتبرير قمع المحجبات!!

ممارسات شتى

وكانت لجنة الدفاع عن المحجبات في تونس قد ذكرت في تقريرها يوم 1 يونيو 2009 م أنها تمكنت من تصوير مشاهد بالفيديو أمام أحد المعاهد في " أريانا " بتونس في 28 مايو 2009 م . ويظهر في الشريط أحد مسوؤلي المعاهد وهو يقوم بطرد المحجبات من أمام فصول الدراسة ، ويمنعهن من الدخول . وقالت اللجنة أن " اللقطات التي تضمنها الشريط ليست سوى عينة وفقنا في تسجيلها في ظروف صعبة " وأن حجم الانتهاكات له صور شتى تصل إلى حد الاعتداء اللفظي والجسدي ، والملاحقة البوليسية بالزي المدني في الشوارع بغرض إرهاب المحجبات ودفعهن للتخلي عن لباس الحجاب . وفي تقرير لها بتاريخ 12 فبراير الماضي ذكرت لجنة الدفاع عن المحجبات في تونس أن مدير معهد الدراسات التكنولوجية ببنزرت ( شمال تونس ) قام برفقة كاتب عام المعهد كمال القروي بمنع الفتيات المحجبات من الدخول لقاعات الامتحانات يوم 11 فبراير 2009 م . و" يعمد مدير المعهد المذكورمنذ عدة سنوات إلى حرمان الطالبات المحجبات من إجراء الامتحانات وهن مرتديات للحجاب .

خطف المحجبات

وهي سياسة تعتمدها السلطات في تونس منذ وصول الجنرال زين العابدين بن علي إلى السلطة ، فقد أفادت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، أنه تم اختطاف الفتاة التونسية المحجبة ، ابتسام القبطيني يوم 12 فبراير ، وذلك أثناء مرورها أمام مركز جندرمة ( اسم قبيح في ذاكرة الشعب التونسي لقوات الشرطة الفرنسية إبان الاحتلال " منزل بورقيبة " من محافظة بنزرت ، حيث وقع خطفها وإدخالها عنوة إلى مركز الجندرمة . وتعرضت لعملية استنطاق أفضع مما كان يجري وراء الستار الحديدي ، أو أقبية ستالين ، وسجون نوريغا . ومن ذلك سؤالها عمن أقنعها بارتداء الحجاب ، وهل تدعو له بين صديقاتها ، ومن هن زميلاتها وغيرها من الأسئلة التي تنم عن روح شريرة تجاوزت الفرعونية والنمرودية والفاشية والنازية بمراحل . وقالت لجنة الدفاع عن المحجبات ، أن الضحية تعرضت أيضا للسخرية وإلى نعتها بأوصاف مشينة . وتعبيرات مشينة لا يترجم حجم الحقارة والقبح الذي تطفح به قواميس" الشين " لدى أجهزة القمع في تونس . كما تعرضت للتهديد ، إن هي عادت للبس الحجاب مجددا . وذلك بعد إرغامها على توقيع تعهد بعدم لبس الحجاب في المستقبل!! .

تقارير حقوقية

وقد توالت التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية التي ترصد حجم الاعتداءات على حقوق الانسان في تونس ، حيث افادت منظمة " حرية وإنصاف " في برقية لها يوم 14 مايو 2009 م أن " المدير العام لقسم البيولوجيا ، ببرج الصدرية ، وحيد غربال ،اعتدى بالعنف المادي على طالبات محجبات بالمعهد العالي لتكنولوجيا البيئة " و" هددهن بالطرد لأن منشورا وزاريا قد ورد في الغرض يمنع الحجاب في المؤسسات ( التربوية ) " . وأضاف بيان لجنة الدفاع عن المحجبات في 17 مايو الماضي أن " المؤسسات التعليمية أصبحت بؤرا لاستهداف المحجبات ، وتمارس عليهن الضغوط وكل أشكال القمع والذي وصل إلى حد العنف اللفظي والطرد التعسفي"!

وفي 16 مايو الماضي ( 2009 م ) أفادت المنظمة بأن " الفتاة رحمة البجاوي ( والتي لم يتجاوز ما مضى من عمرها 14 عاما ) تتعرض إلى مضايقات مستمرة من قبل عنصري البوليس السياسي ، بليغ ، وعثمان ، التابعين لمركز جندرمة ، منزل بورقيبة ، حيث يعمدان يوميا إلى ايقافها واحتجازها بمركز الجندرمة ، واجبارها على توقيع التزام بنزع الحجاب . كما تتعرض الفتاة خولة البجاوي لنفس الممارسات الستالينية ، بسبب ارتدائها الحجاب . وكانت رحمة قد تعرضت إلى اعتداء بالعنف من قبل عناصر الجندرمة ، صحبة والدها رضا البجاوي ووالدتها وصديقتها رانيا اللواتي وبعض المحجبات الآخريات . وذكرت المنظمة أنها تعرف أسماء عناصر الجندرمة الذين قاموا بالاعتداء على المواطنين المذكورين ، وهم بليغ الفرشيشي ، وعادل مغروم ، وعثمان وحاتم وأشرف وسامي بن علالة وعبدالرزاق وعارف .

حملات مستمرة

يشعرالمهتمون بقضايا حقوق الانسان في تونس ، بالامتنان ، وينظرون باكبار للجهود التي تبذلها ، لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، ومنظمة حرية وإنصاف ، وغيرهما من المنظمات الحقوقية التي أثبتت أنها تدافع عن حقوق الانسان بعيدا عن أي حسابات سياسية أو ايديولوجية أو ارتهان لسلطة ، فالكثير من الأحداث ما كان للعالم أن يطلع عليها لولا هذه الشموع المضيئة ، وهذه التضحيات التي تليق بمن يحملون هموم الانسان ويدافعون عن كرامته وحقه في العيش كما يريد هو لا كما يريد له الآخرون . ومن ذلك ما كشفته ، لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، في بيانها يوم 25 أبريل 2009 م من أن الجندرمة تشن حملة ضد المحجبات في ، سوق منزل تميم ، حيث قام الجندرمة باللباس المدني والرسمي بايقاف المحجبات ، ودفعهن باتجاه مراكز الجندرمة في المدينة واجبارهن على توقيع التزام بعدم ارتداء الزي الاسلامي . ولم تكن الحملة خاصة بمنطقة بعينها بل شملت الكثير من الأقاليم التونسية ، ففي محافظة نابل ( الشمال الغربي ) تواصلت الحملة لعدة أيام . وشملت الحملة الشباب الملتحي أيضا . وفي صفاقص ( عاصمة الجنوب التونسي ) عمد عدد من عناصر الجندرمة بالباس الرسمي يوم 25 فبراير 2009 م باعتراض طريق الطالبات المحجبات ، واستنطاقهن ، وذلك في إطار سياسة القمع الممنهجة ضدهن .

ويبقى القول أن ما ورد في هذه المتابعة ليس سوى عينة من واقع القمع الذي تعيشه تونس ، وكوة صغيرة أطللنا من خلالها على حجم الاضطهاد الذي تتعرض له النساء والفتيات المحجبات في تونس أرض عقبة ابن نافع ، وأسد بن الفرات ، والزيتونة ، وابن رشيق وأبي زيد القيرواني ، والامام سحنون ، وابن خلدون ، والطاهر بن عاشور ، ومحمد صالح النيفر ، وعبدالرحمن خليف ، وغيرهم من الخالدين في الذاكرة الثقافية .

نقلاً عن مجلة المجتمع

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد