المجلس الانتقالي وملامح المستقبل المجهول..!

2021-10-09 02:58:38 أخبار اليوم/خاص

  

شهدت المحافظات الجنوبية العديد من التطورات السياسية والميدانية منذ تأسيس ما عرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تمرد بدوره على الحكومة الشرعية في أغسطس/آب 2019.


أسفرت هذه التطورات في تحديد مستقبل الانتقالي بعد أن حولته الى أمر واقع وشريك في حكومة المناصفة التي أفرزها إتفاق الرياض. وهو الاتفاق الذي استند عليه مركز أبعاد للدراسات والبحوث في دراسته «ما هو مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي» حيث اعتبرته احدى أبرز المحددات التي يمكن من خلالها استقراء مستقبل الانتقالي.

اتفاق الرياض
ساهم اتفاق الرياض في اشراك الانتقالي بالحكومة الشرعية، بعد أن كان خيار الحسم العسكري لاستعادة المحافظات الجنوبية خيار الحكومة التي انقلب عليها وطردها من عدن.


تشير دراسة مركز أبعاد إلى أنه منذ توقيع اتفاق الرياض بات مصير الانتقالي مرتبطاً إلى حد كبير بنجاح أو فشل الاتفاق، ذلك الاتفاق الذي منحه مشروعية متصلة بوجوده كأمر واقع، ألزمه بجملة من الأمور يأتي في مقدمتها ربط التشكيلات المسلحة ضمن وزارتي الداخلية والدفاع، وإخراج وحداته العسكرية والأسلحة المتوسطة والثقيلة، وقد اصطدمت جهود القيادات السعودية في الغالب برفض المجلس الانتقالي والقيادات العسكرية والأمنية الموالية المحسوبة عليه.

وقالت «فيما أبدت القوات الحكومية التزامها بالتنفيذ، وهذا الأمر وإن لم تكشف عنه القيادات السعودية إلا أنه لم يعد سراً، خاصة وأن ثمة تصرفات وبيانات صادرة عن الانتقالي عززت ذلك، وكشفت حقيقة موقفه الذي يرفض التطبيق الكامل لبنود الاتفاق».

وفي الوقت الذي ترى فيه الدراسة أن نجاح الاتفاق سيمنح الانتقالي فرصة البقاء كقوة شبه مسلحة وشريكاً للحكومة في كثير من الملفات والقرارات المصيرية فإنها تقول إن ثمة مخاوف داخل الانتقالي من أن يؤدي تنفيذ الاتفاق، إلى إضعاف قوات الانتقالي وتشتيتها وتغيير قياداتها وإدماجها في القوات الحكومية».

واعتبرت الدراسة أنه إذا ما فشل الاتفاق، وهو ما يسعى إليه الانتقالي، فإن حرباً مناطقية تنتظر عدداً من المحافظات الجنوبية، كنتيجة متوقعة لما ظل الانتقالي يمارسه، وما يدعو إليه وما يحتويه خطابه من اتهامات وتحريض ضد محافظات ومناطق جنوبية معينة.

وأضافت «المجلس الانتقالي الجنوبي فشل في إيجاد حضور له في شبوة وحضرموت والمهرة وأبين، وقد كشفت أحداث أغسطس 2019 التي شهدتها شبوة وأبين وعدن ضعف الانتقالي وهشاشة قوته، حيث هرب الآلاف من عناصره من معسكراتهم قبل أن تنشب المعركة، ولولا تدخل الطيران الإماراتي بقصف القوات الحكومية على مشارف عدن لتراجعت قوات الانتقالي وربما انهارت تماما».

وفي ضوء هذا المحدد –اتفاق الرياض– استنتجت الدراسة عدة سيناريوهات لمستقبل الانتقالي، كان الأول فيها «ضغوطات من جانب الرياض على الحكومة والمجلس الانتقالي لتنفيذ الاتفاق، وما يترتب عليه من استقرار الوضع في عدن والمحافظات الجنوبية المحررة.


واشارت الى أن «ضغوطات الرياض ستكون للتنفيذ الجاد للاتفاق، بما يمكن المؤسسات الحكومية من استئناف عملها، وبما يؤدي إلى قيام الحكومة بدورها وواجباتها في المحافظات المحررة، وكذلك ما يتعين عليها عمله في الحرب مع جماعة الحوثي لتحقيق الهدف الرئيس المتمثل في استعادة الدولة والمؤسسات الوطنية على كامل تراب اليمن، وإنهاء الانقلاب الحوثي».

إلا أن الدراسة تعتقد أن ثمة معوقات محلية وإقليمية وكذلك أطراف وقوى يمنية وغير يمنية تقف في طريق هذا السيناريو، خاصة وأن تلك القوى باتت تقتات على الصراع وتأزيم الوضع في المناطق المحررة، وليس من مصلحتها إنهاء التوتر والتطبيع. حد تعبيرها.

وفي سياق متواصل ترى الدراسة ان السيناريو الثاني يتمثل بـ»انفجار الوضع العسكري بين الحكومة الانتقالي، ما سيؤدي إلى استمرار الصراع بين الطرفين مع ما سينتج عنه من تداعيات وآثار منها استنزاف الطرفين ماديا وبشريا».

وتشير الدراسة الى أن هذا سيخدم جماعة الحوثي وسيمنحها فرصًا جديدة لتوسيع سيطرتها على حساب الحكومة والانتقالي في مناطق جنوبية يسعى الحوثيون للسيطرة عليها، خاصة في الضالع وأبين وشبوة.

ومن جهة أخرى جاء السيناريو الثالث متمثلًا ببقاء حالة المراوحة في التنفيذ كماهي، بمعنى عدم وجود تنفيذ للاتفاق مع عدم الإعلان من أي طرف انتهاء الاتفاق، وهو ما يبقي حالة التوتر والتربص وتبادل الاتهامات مسيطرة على مواقف الطرفين.

وترى الدراسة أن ذلك سيعني تراجع الاهتمام السعودي بالاتفاق الذي جاء برعايتها، لصالح قضايا وملفات أكثر إلحاحا لدى الرياض، مع الحفاظ على الحضور السعودي جنوبا من خلال قيادة قوات التحالف العربي في عدن، أو عبر مراكز وبرامج الدعم التي أخذت تحتل حيزاً كبيرا في عدد من المحافظات المحررة، وفي مقدمتها عدن.

وفي سياق متصل، جاء السيناريو الرابع في الدراسة مشيرًا الى تقليص نفوذ الحكومة، مع بقاء الحالة المسلحة كأمر واقع... وتقول «تزايد حالات التصعيد العسكري الحوثي جنوباً وشرقاً، مع تحقيق بعض أهدافه، بالسيطرة على مناطق جديدة كما في نهم شرق العاصمة صنعاء، والتوسع في محافظة الجوف على حساب القوات الحكومية، وتزامن ذلك مع حالات استهداف المؤسسات الحكومية والمنشئات الاقتصادية في المحافظات والمناطق المحررة».

وتابعت «ربما يكون كل ذلك مؤشراً على محاولات جدية لتقليص مساحة نفوذ الشرعية وبالتالي ممارسة المزيد من الضغوط عليها، تمهيداً للقبول بأنصاف حلول، إما بشكل جزئي على شاكلة اتفاق الرياض أو بشكل كلي في الوصول إلى اتفاق سلام شامل مع الحوثيين لوقف الحرب، مع بقاء التشكيلات المسلحة جماعة الحوثي شمالًا، وقوات الانتقالي جنوبًا والقبول بها كأمر واقع».

الدعم الإماراتي
ارتبط الانتقالي –تأسيساً وتمويلاً– بالدعم المقدم من دولة الإمارات في ظل توتر العلاقة بين الحكومة الشرعية اليمنية والإمارات وفي إطار الضغط على الحكومة وابتزازها. بحسب الدراسة.


معتبرة الانتقالي مجرد ورقة تحركها أبوظبي من أجل تحقيق مكاسب في جنوب اليمن، الأمر الذي يربط مصير الانتقالي بدرجة رئيسية بمستقبل الدعم الإماراتي.


وقالت «سيكون لأي تغيير في سياسة أبو ظبي الخارجية نحو اليمن آثارها المباشرة على مستقبل المجلس الانتقالي، ولا يقتصر دعم الإمارات للانتقالي على الدعم المادي فحسب بل يشمل توفير الغطاء السياسي والإعلامي، وتوظيف إمكاناتها في تقديم قادة الانتقالي للسفراء والدبلوماسيين وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية في جولات ولقاءات خارجية».

علاقة الرياض وأبوظبي
رغم التعثر والإخفاق الملازمين للرياض منذ بداية تدخلها في الحرب اليمنية قبل سبع سنوات، الا أنها ما تزال أهم الفاعلين الإقليميين في المشهد اليمني.

ذكرت الدراسة انه «وبضوء أخضر منها –الرياض– تمكنت أبوظبي من نسج علاقات قوية مع حلفاء محليين، حينما كانت أهم حليف للسعودية في الملف اليمني، وفي حال غيرت الرياض موقفها تجاه أبوظبي فإن ذلك وبدون شك سيلقي بظلاله على وضع القوى اليمنية التابعة للإمارات وفي مقدمتها المجلس الانتقالي.

وأشارت الى أن ذلك «قد لا يكون بالقضاء عليها بصورة نهائية، ولكن بسحب البساط من تحتها لصالح قوى وتشكيلات أخرى تنشئها السعودية أو تكون على وفاق معها».

وقالت «استفادت الإمارات وأتباعها في المجلس الانتقالي من الأزمة الخليجية عندما أعلنت الرياض والمنامة وأبو ظبي منتصف العام 2017 قطع العلاقات مع دولة قطر، حيث توطدت العلاقة بين الرياض وأبوظبي على حساب الدوحة.

وتابعت» غير أن ظهور بوادر تصالح بين السعودية وقطر مع فتور في علاقة الرياض بأبو ظبي ينعكس سلباً على الانتقالي كورقة إماراتية في جنوب اليمن، إذ ظل خطاب الانتقالي يقدم نفسه كحليف موثوق لدى السعودية كونه خصما لدودا لقطر».

وأكدت أنه «بعودة العلاقات السعودية- القطرية إلى وضعها الطبيعي يفقد الانتقالي –تبعا لأبوظبي- كثيرا من عوامل قوته التي بناها في الفترة الماضية على ركام الخلافات الخليجية، و تصور أن الأزمة ستستمر إلى ما لا نهاية».
واردفت «من جهة ثانية فإن السعودية التي بدت في الآونة الأخيرة على خلاف مع الإمارات في قضايا كثيرة لن تكون أكثر حرصاً على الانتقالي وهو مجرد أداة وظيفية لأبوظبي، يؤدي دورا مرسوما في زمان ومكان محدودين».

الحرب والتسوية
يحرص المجلس الانتقالي على أن يكون حاضرًا في أي حوار قادم حول التسوية السياسية ووقف الحرب، وضمن ذلك في أحد بنود اتفاق الرياض، إذ يترتب على هذه الحوارات وضع اليمن كافة والجنوب على وجه الخصوص، والانتقالي تحديداً على طاولات المفاوضات التي تضمن له وجوده فيما بعد.

قالت دراسة مركز ابعاد «مع أن الانتقالي يدعي تمثيل الجنوب كافة إلا أنه يدرك أن ثمة قوى وتيارات جنوبية موجودة وتسعى للمشاركة في أي حوار يحدد مستقبل البلاد».

وأشارت الى أن «استمرار الحرب وتراجع فرص السلام والتسوية تدفع الانتقالي لتكريس المزيد من السيطرة على المناطق ومنازعة الحكومة في مناطق سيطرتها حتى يعزز من حضوره ومشاركته في أي حوار قادم».
ومن جهة أخرى ترى الدراسة أنه في حال التوافق على وقف الحرب والدخول في مفاوضات للتسوية فالمرجح اعتماد إحدى الصيغ المطروحة من قبل الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى اليمن، وهي في الغالب رؤى وتصورات مبنية على وحدة اليمن، مع إتاحة مجال لنوع من الفيدرالية وتوسيع صلاحيات السلطات المحلية في المحافظات».

وأضافت «وذلك ما سيجعل الانتقالي مجبراً على السير في إحدى طريقين، إما المشاركة ضمن بقية القوى والأطراف السياسية أو البقاء خارج التسوية ملوحاً بما لديه من قوة لفرض السيطرة على بعض المناطق ومنها العاصمة المؤقتة عدن، والعمل على إثارة المشاكل في المناطق المجاورة وفق قدراته المادية والبشرية، سواء في شبوة وحضرموت أو في جنوب تعز باعتبارها مناطق تابعة في الوقت الراهن للحكومة الشرعية».

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد