خاطرة في مغامرة المقاومة الغير محسوبة ومقامرة الإصلاح المحسوبة

2006-08-17 19:52:48

يتسارع المشهد السياسي على الساحة اليمنية المتزامن مع حدثين هامين على المستويين المحلي والاقليمي كان ابرزهما المتغير الهام في اطار الصراع العربي الاسرائيلي والذي فرض نفسه كعنوان بارز على المشهد السياسي اليمني إلا انه يبدو توقيت الظهور وعنوانه الساطع كان لهما اثر في خلخلة الحسابات السياسية التي بنيت على قواعد لعبة الشطرنج في التعاطي مع الحدث الابرز الذي تشهده الساحة اليمنية كمنجز تاريخي حققته منذ 16 عاماً في سياق تأكيد تحديد هويتها الديمقراطية للتبادل السلمي للسلطة والتي تتأهب لخوض انتخابات رئاسية ومحلية، ولم يكن هذا الحدث له اهتماماته المحلوظة خارجياً كونها جزء من منظومة ترى فيها القوى الدولية والاقليمية محط انظارومفارقة بين من يرونه جزءً من منجز دولي ومن يرونه جزءً من تآمر يستهدف المنطقة وتكويناتها السياسية، إلا ان المستجد هذه المرة هو التأثير للمتغير والحدث الهام الذي يشعل المنطقة بنيران ولهيب عدوانه المتمثل في شناعة جرائم الاحتلال الصهيوأميركي في كل من العراق وفلسطين ولبنان، ولان هكذا حدث يرتبط تاريخياً وعقائدياً وقيمياً وانسانياً بمشاعر العروبة والاسلام كان هو الاكثر تأثيراً في خلخلة التوازنات ليس على مستوى التحالفات الاقليمية فحسب وانما انتقل ليكون اثره مزلزلاً للتحالفات القطرية بين جموع الكيانات السياسية وبمختلف مشاربها، ولأن اليمن بمتغيرها الديمقراطي وخارطتها السياسية التي ضمت تحالفات قوى المفارقات الايدولوجية تحت ما يسمى اللقاء المشترك والتي يحسب لها تمكنها من التماسك إلى هذه اللحظة، لكن المفارقة الاكبر تهديداً على هذ التماسك هي تركيبة الحسابات السياسية وتأسيس توازنها لهذا المشترك بين حسابات الداخل وفرضيته وحسابات الخارج وتقديراته وبينهما تقع الثوابت القومية والوطنية والاسلامية من قضايا الامة وفي مقدمتها الصراع الصهيوأميركي، وبهكذا فلسفة للتوازنات السياسية تخوض مغامرة مسك العصا من الوسط في مواجهة تحديات تهز الثوابت العقائدية والقومية والوطنية وتحول دماء هذه الامة إلى احداث تتناوب على استثمارها العديد من القوى السياسية. وبالعودة إلى تقييم توجهات الداخل السياسي تجاه حدث العدوان الغاشم على لبنان وفلسطين والعراق من قبل اميركا نجد ان ثمة صدمة تلقاها الشارع اليمني بصورة خاصة والعربي عموماً لسوء تفاعل القوى السياسية وخاصة المنظوية تحت احزاب اللقاء المشترك، وإن استثنينا لاحقاً الوحدوي الناصري إلا ان الابرز في عنوان هذا المشترك هو الربكة للقراءة السياسية التي احدثها التجمع اليمني للاصلاح مؤخراً من خلال ظهوره الادنى اهتماماً بهذه القضية الاسلامية والقومية التي لا يختلف عليها اثنان على مستوى تحديد المواقف السياسية وتأكيد الموقف الداعم لجميع اشكال المقاومة للاحتلال الصهيوأميركي ليشمل ايضاً شبه الاغفال المتعمد في التعاطي الاعلامي لهذه القضايا في اعلام هذا الحزب، والظاهر للقراءة الاولية لما شد عليه الرحال «التجمع اليمني للإصلاح» هو المغامرة بكل قيمه وثوابته وثقافته وفكره ومنهجيته ووضعها على كفة رهان استجداء ود مواقف الاميركان ومنظماتهم الصهيونية للوقوف معهم صفاً في معركتهم الانتخابية مع الحزب الحاكم في اليمن، وهنا وبالتسليم وبهكذا منطق مفزع في سياسة حزب عريق له امتداده الإخواني وإيدولوجيته الفكرية التي ظلت مرتكزاً حافظ على مستقبل الصراع العربي الاسرائىلي بكفة متوازنة من اجل طموح في خوض انتخابات محلية اقصى ما يمكن ان يرجو تحقيقه منها شبه ظهور سياسي بإضافة جرامات معدودة تتمثل في كسبه إن تم ما هو طامح إليه من عدد من مقاعد المجالس المحلية والمدعومة في هذا الانجاز بدعم اميركي، وإن كان عنوانه المعهد الديمقراطي الاميركي والمنظمات الراعية للديمقراطية، وليكن ثمنه فلسطين وابناء فلسطين.. فهل ياترى ان هذا الثمن الذي يدفعه هذا الحزب من تاريخه وقيمه وماهيته وهويته وثقافته اصرار على المضي قدماً في سياسة استجداء المواقف الاميركية منية في دعم مواقفه وتأييد اطروحاته في معركته الانتخابية القادمة- فهل يا ترى ان حسابات الحزب الدقيقة قد اهلته إلى قناعة ان الانتخابات المحلية وخوض معركتها مع المؤتمر الشعبي العام الحاكم اهم من خوض معركته العقدية القومية ضد العدو الصهيوأميركي والتي تفرضها عليه ادبياته وواجباته الدينية والفقهية والاخلاقية ام انها مغامرة اسقطت هذا الحزب من مكانته ليس على المستوى السياسي اليمني وانما على المستوى الاقليمي والدولي؟.. ويبدو ان نظرية المغامرة التي سعت كل من القاهرة والرياض وعمّان مغامرة غير مسحوبة كما وصفت القاهرة والرياض وعمّان وصف ما قامت به المقاومة اللبنانية والفلسطينية واثبتت نتائج المعارك عكسها وبأنها مغامرة غير محسوبة إلا ان مغامرة الاخوة في الاصلاح في توطيد علاقاتهم بالاميركان وفي هكذا توقيت يبدو انها فعلاً هي المغامرة الغير محسوبة التي استحقت المجازفة للانشغال بلقاء نائب السفير الاميركي عن الخروج في مظاهرة شعبية لاستنكار العدوان، وليت الامر اكتفى على ذلك، واقول هذا وانا في غاية الألم والحزن على هذا الحزب الذي استكثر قادته حتى بإطلاق نبرات تصريحاتهم على وسائل الاعلام المحلية أو العربية والدولية وإدانة هذا العدوان، ومن هنا فإننا نشعر هذا الحزب قادة وقواعد بأننا لسنا الوحيدين الذين اصابتنا الدهشة والذهول من جمود مواقفه تجاه قضايا الامة والعدوان الصهيوأميركي على اخواننا في الدين والعروبة والدم في لبنان وفلسطين والعراق بل كان قبلنا حركات المقاومة في فلسطين خاصة مذهولين يبحثون لهذا الجمود عن مبررات يقنعون بها انفسهم لكي لا يصلوا إلى قناعة بأن ثمة متغيراً ايدولوجياً قد يكون مفاجئاً للجميع يضع قضايا الامة في سياسة هذا الحزب المستقبلية على مفترق توازنات السياسة، ولن نكون منصفين إن قلنا بأن الوحدوي الناصري على الساحة الوطنية كان هو الاكثر اجلالاً في مواقفه الساطعة من غيره على الساحة باستثناء مواقف فخامة الاخ الرئىس وإلى حين قريب.. نقول لاخواننا في التجمع اليمني للاصلاح بأن ما ستجنونه من كسب في الانتخابات المحلية حتى وان تجاوز توقعاتكم فإن في مقابله خسارتكم كانت اكثر بكثير مما كان في حسبانكم على المدى البعيد ان لم يكن القريب ايضاً، ولا تستبعدوا سرعة التقييم والتحليل والدراسة لهذه المواقف من قبل العديد من الشخصيات المعنية والمهتمة بما يحدث على الساحتين الوطنية والاقليمية كما انني وانا لا اخفي ميولي بحكم تربيتي الثقافية على خطى فكر هذا الحزب توجسي وخوفي بأن التنازل الحاصل والناتج عن الجلوس مع المحتل الاميركي ان يتطور في مفهوم ثقافاته ومدلولاته وتشعباته السياسية لمفاهيم العصر وعولمته إلى عدم استثناء الجلوس مع العدو الصهيوني، واذا اخذنا بقاعدة الشرع الحنيف بأن ما اسكر كثيره فقليله حرام يجب ان تنطبق على منهجيتكم اليوم، واكتب هذه الاسطر التي اختتم بها خاطرتي بأنني قد ناشدت في لقاء خاص بالاخ الاستاذ محمد اليدومي والاخ محمد قحطان وبحضور الاخ امين علي امين لإعادة حساباتهم في هكذا سياسة خاصة في الوقت الراهن وفي ظل الظروف والمتغيرات، لكن يبدو ان رؤيتهم للواقع تفرض عليهم متغيراً انا ممن يرفضه ومعي ملايين الملايين من الشعوب العربية والإسلامية. وبهكذا خاطرة اؤكد انني لا اهدف إلى مهاجمة الحزب والتشهير به بل اجد نفسي وبدون شعور وباجتهاد قد اكون اصبت فيه وقد اكون اخطأت، بيد انني اهدف من خلاله إلى الدفاع عن ثقافة وفكر ومنهج تربوي يحمله هذا الحزب وتربيت انا عليه، كما ان انتقادي لهكذا مواقف اقدم عليها بعض المجتهدين في الحزب والذين يبررون ما يقومون به لا يمثل شيئاً اذا ما فتحت اجندة علاقات غيره بالاميركان ويقصدون بها المؤتمر الشعبي العام، وهنا اقول ان وجود ذلك في المؤتمر امر لم يستبعد ولم يكن مفاجئاً طالما وفيه شخصيات سياسية لديّ من الهاجس القوي بعلاقاتها بما هو ابعد من الاميركان، ولذلك فإن القطرة من الإصلاح امام نهر لغيره في هكذا اتجاه يعد انتكاسة للإصلاح ولا مفارقة يمكن القياس عليها.. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد