الأمن القومي العربي في خطر .. دارفور - القرن الإفريقي - الخليج العربي والصراع الخفي؟ واشنطن - تل أبيب - طهران - أديس أبابا والأجندات المتنوعة إلى أين تسير بالمنطقة؟

2008-04-30 12:01:55

عبد الباسط الشميري

maktoob.com@abast6

تحديات جمة فرضتها المعطيات لتفرز لنا هذا الواقع السلبي الذي يكتنف المشهد السياسي العربي من المحيط إلى الخليج والحقيقة أن القدر الكبير من التحدي الذي تواجهه امتنا يكمن في الواقع المأزوم المتمثل في الحراك الفجائي الداخلي الذي برز للسطح لحظة زمنية فارقة وخطيرة، وأصبح كالموضة أو الماكياج يمكن استخدامه وتجريبه وبالطريقة أو الأسلوب الذي نراه ماثلاً للعيان، وقد يروق لهذا الطرف أو ذاك استنساخ التجارب حتى لو تعارض الفعل كلية مع قيم وعادات مجتمعية قد تكون بحسب فهم البعض طبيعية ولا تمثل إشكالية على الإطلاق، والظاهرة عموماً بكل اعتمال تزعم أنها إيجابية ولا غبار عليها إن سارت في الاتجاه والمسار الوطني المتطلع لرفد وتعزيز قيم الولاء القومي ونبذ أشكال الفرقة والتشتت وتغليب المصالح القومية على المصلحة القطرية وصولاً إلى تأصيل قيم الحب والسلام، لكن ما يؤسف له بالفعل هو شيوع القطرية لتحل بديلاً عن القومية وتفكيك الكيانات وإعادة رسم السياسات الوطنية تماشياً أو وفقاً لمصالح قوى أجنبية أو إقليمية لها أجندات مشبوهة تفرضها على المنطقة وبكل الوسائل المتاحة غير المتاحة.

ولعل أخطر تلك الأجندات ما يحضر لجنوب السودان دارفور وللقرن الأفريقي عموماً والخليج العربي والجزيرة على وجه الخصوص وهذا ليس من بنات أفكارنا لكنه الواقع الذي سبق أن حذرنا منه ولا زلنا نجدد دعوتنا لكل القوى الخيرة في وطننا العربي للنهوض من سباتها العميق والوقوف في وجه كل المخططات الأجنبية القادمة من الغرب والشرق ومن الجنوب والشمال وتسعى وحثيثاً للانقضاض على الفريسة ونحن كعرب وللأسف الشديد لا نعير الأمر أدنى اعتبار، اننا ننظر لما يجري على الساحة الإقليمية من حراك وسباق محموم على البحار والمياه الإقليمية وكأن الأمر لا يعنينا في وقت غدا القرن الأفريقي والبحر الأحمر والخليج العربي الشغل الشاغل للقوى الأجنبية والإقليمية، فالقوارب الإيرانية المحملة بكل أنواع المخدرات والحشيش والسلاح تجوب مياه الخليج والبحر العربي وكذلك السفن والبوارج الأميركية التي لا تستطيع الاعتراض على مثل تلك القوارب وإن حصل فمن باب التمويه والتخويف ليس إلا كذلك الحال مع قراصنة البحر والذين وجدوا ضالتهم ببقاء الصومال وطناً بلا حكومة.

وإذا كان هذا حال الصومال المفتت فكيف سيكون حال دارفور الذي يراد له أن يكون المحطة القادمة للدمار والخراب خاصة ولم يعد بمقدور أحد إيقاف التدهور الذي وصل إليه الجنوب السوداني مع الشمال في ظل تنامي لغة الاقتتال والعنف، وللعلم إن ما يدور هناك ليس سوى مسرحية صهيونية الصنع مؤكدة بدأت فصولها العام 1983م، عندما انشق "جرنج" عن الحكومة المركزية زودته إسرائيل بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة بل قامت بتدريب عدد من الطيارين وقد كشفت إحدى وسائل الإعلام العربية قبل مدة بأنه في العام 1988م وبعد معركة بين الجيش السوداني وقوات "جون جرنج" وجد بين جثث القتلى أكثر من خمسة ضباط صهاينة بينهم اثنان من رجال الموساد وثبت وبحسب مجلة الأهرام العربي الصادرة في القاهرة في ديسمبر 2004م وفي عددها رقم (405) أن هناك آخرين شاركوا في حرب المدن 1990م بين الجيش السوداني وقوات التمرد وأدى إلى احتلال المدن وهي مامبيو واندارا وطمبوه، وقد كشف لاحقاً أن تل أبيب تدفع مرتبات لبعض ضباط وقيادات جيش تحرير السودان وتناولت هذه المعلومات مجموعة من الصحف العربية والأجنبية، والحقيقة.

أن إسرائيل كانت ولا تزال تلعب دوراً خطيراً في قضية دارفور تسعى من خلاله إلى تطويق مصر في إطار أجندة متعددة المسارات والأغراض وتستهدف إلى جانب مصر العديد من الدول العربية، بمعنى أن دارفور هي لعبة صغيرة ضمن إطار أكبر وضمن حالة استهداف كبرى ومثل هذا الحديث يفترض أن يدفعنا دفعاً لمحاولة استقراء الواقع بكل اعتمالاته بدءً من ضرب الصومال وتفتيته ثم ما آل إليه وضع الشعب الصومالي مروراً بإغراق القرن الأفريقي بالبوارج والسفن الأجنبية ثم ماهية أهداف إسرائيل وواشنطن الحقيقية؟ وما السر في التقاء المشروع الفارسي بالمشروع الأميركي ثم الوفاق الخفي بين أديس أبابا وتل أبيب، ولماذا تصر طهران على استهداف العرب في الوقت الذي تتحالف سرياً مع الكيان الصهيوني وأميركا وتدفع بمئات القوارب المحملين بالحشيش والمخدرات لإغراق شباب المنطقة في أتون هذا المرض الخبيث.

وختاماً يبدوا أننا أمام مشاريع واستهداف إقليمي ودولي من العيار الثقيل غايته ابتزاز المنطقة والحؤول دون إيجاد نهضة لشعوبها ومظاهر استقرار لأبنائها وما من شك أن العالم كله أصبح يتكتل تبعاً لمصالحه فما ضير إذاً لو أعاد العرب إطار تشكلهم وفق المصالح العليا لشعوبهم.

إن نوازع "الأنا" والغلو في حب الذات وعلى حساب الغير لم تعد في زمن عالمي مفتوح ومتكتل تعني أي نجاح حتى وإن كان الشريك الأول في معادلات "الأنا" هذه إسرائيل وواشنطن نفسهما.

فهل يعي الأشقاء والجيران ما معنى الأمن القومي العربي وأين مكامن الضعف والقوة "أم على قلوب أقفالها".

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد