قصص قصيرة جداً: عشر رسائل مبتلة..

2011-08-18 16:50:16 شيماء صالح باسيد

      
مبتلة بألم: ذات مساء موجوع تساقطت كل أوراقي الصفراء وعدتني ألا ترحل..فمدت لي بيمينها ميثاقاً بذلك, في حين كانت الكف اليسرى مشغولة بتمرير سكين على خاصرتي مثلما على حبل الود الذي يربطنا معاً.. لا الحبل أوصلني إليها ولا السكين قطعته..ظليت معلقاً بـ(الهوى).
مبتلة بخيانة: ساحت دموعي كنهر جاري ليس له مصب حين تحسسته بيدي كان الحبل يليق ببطل مثله، لكنه أيضاً كان غليظ جداً..خشن جداً..مفتول جداً..ومميت جداً جداً,لقد انتهكوا قدسية الدين في ذلك الحبل الذي لفوه حول عنقه ليفصل رأسه عن جسده صبيحة يوم عيد..
مبتلة بدم: أخترقت الرصاصة أسفل صدره..ابتسم للموت بتوجع وهو يهم بخلع قميصه لتخترقه المزيد والمزيد من رصاصاتهم الجبانة..صرخ رفيقه: ياللعار...ياللعار سلمية تضرب بالناااااار.. لم يكمل كلماته إلا ورصاصة جبانة أخرى تخترق هامته الشجاعة..
مبتلة بأمومة: تلتقط قطعة من سلة الغسيل, تلفها بشكل مخروطي لتعصر ما تستطيعه من أحشائها..تفردها مرة أخرى تنفضها ليتقاطر رذاذ منعش على وجهها مخففاً عنها لهيب شمس الضحى.. تتأمل القطع المنشورة على الغسيل..أثوابها..قمصان زوجها..فقط لا غير..ترسل بصرها للمدى الرحب مصحوباً بزفرة محترقة تقطع قلبها.."متى سيأتي الطفل لأكمل بأثوابه فراغ حبل الغسيل".
مبتلة بنفط: رسالة مبدوءة بـ(Dear Sara) ومختومة بالسلام الأمريكي وقطرات دم أسود خط رسالته ولم ينسى أن يكتب بين سطورها: بهذا النفط يا عزيزتي سأبني لكي قصراً في(Beverly Hills)
مبتلة بجهل: كانت بقعة دم صغيرة جداً جداً...لا تكاد تراها العين المجردة...أصر على رؤيتها لكنه لم يرها ليلتها..لم يصدقها..لم يرحم توسلاتها وبكائها,أصر مجدداً على رؤية الدم فغرقا صباحاً في بركة من الدماء..
مبتلة بوحدة: في نهاية الأسبوع..أحمل معي خبزاً سبق تجفيفه وأذهب للبحر لأنثر الخبز للنوارس وأرى كيف هو البحر. لكني أصبحت وحيدة أجلس كشاهدة قبر وأنثر الخبز كرفات.. فلم تعد النوارس تأتي إلى هنا ..لقد أصبحت تذهب لمكب النفايات فالغذاء وفير هناك...
مبتلة بشقاوة: بعد ما أستبد بقلبه العاشق اليأس...كرر الاتصال مرةُ تلو الأخرى..فكتب لها رسالة مستعجلة تقول: (حرام..ما أسمع صوتك المخملي الآن مبتلاً بصوت المطر)...إذن كيف سأسميه غيثاً؟؟أبصرت الرسالة أختها الصغرى التي كانت تعبث بالجوال لتضغط على(مسح) مستعجلة للبحث عن قائمة الألعاب.
مبتلة بنسيان: عندما استيقظت هذا الصباح وجدت البيت مملوءاً بطيور كثيرة تطير من غرفة إلى غرفة ومن ركن إلى ركن بلا توقف وبدون أن تصطدم بأشيائه وجدرانه وكأنها لدهر كانت هنا.. لا أدري كيف نمت البارحة ونسيت قميصي مفتوحاً..
مبتلة بالعشق: أفرش سجادتي وأصلي وأنا أفكر بها, لا أقرأ تعاويذ المساء بل تعويذتي الكبرى, يخفق قلبي أكثر وأكثر حين أنتظرها كل مساء ولا تأتيني..يتحدث معي الأصحاب فأنعطف لهم للحظة ثم أعود لها, ينهضون لمائدة العشاء وأنا يحدوني الجوع إليها, انضم إليهم وأتناول الأطباق فأجدني ممتلئ بها...يمازحوني!؟؟ ريجيييم... فأنثني ضاحكاً وأنا أقلب موائدها الدسمة في داخلي. يسألوني ما هو ريجيمك؟؟ أقول لهم: لن تستطيعوه فهو قاس وطويل الأمد.. إنها تلتهم روحي, تسرق مني تفاصيل حياتي..كل المرايا تعكسها لي, أنا مسروق..مجتاح..مسبي, أنا لم أعد أنا !! لذلك كان يجب أن يشق أحدهم صدري ويطهرني منها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد