قال تعالى : " يأيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" البقرة.. وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): " صوموا تصحوا" قبل البحث عن الصيام من الناحية الطبية يجب أن نشير إلى ناحية هامه وهي أن الصيام في القرآن عبادة يجب الإمتثال بها لأمر الخالق العظيم ولا يجوز تعليقها بما يكشفه لنا العلم، فمجال العلم مهما ارتقى محدود ولا يمكن له أن يستوعب كامل حكمة الله في كل ما يروض عليه الكائن البشري أو كل ما يروض به هذا الكون بشكل عام. ولكن هذا لا يمنع من التحدث عما تكشف عنه الملاحظة أو يكشف عنه العلم من فوائد التوجيهات الإلهية.
الصوم نظام حياتي غذائي دوري يلتزم به الإنسان المؤمن شهراً في كل عام وله تأثيره العميق على نفسيته وجسمه وهو تدبير وقائي كما هو إجراء علاجي لكثير من الحالات المرضية ولعل الجهاز الهضمي أكثر الأجهزة تأثراً بهذا النظام.
وكذلك فعملية الطعام لا تنتهي ببلع اللقمة وإنما تبتدئها بها تلك اللقمة التي تحرك أجهزة البدن كافة لتدبيرها وإذا كان أكثرنا يقصر في أداء أعماله اليومية سواء أكانت تلك الأعمال جهداً عقلياً أو نفسياً أو فكرياً، فالقليل منا من يقصر في تشغيل معدته بما يلتهمه في الطعام طيلة النهار ولذلك يغدو الجهاز الهضمي أكثر الأجهزة عملاً وتحملاً لأعباء الهضم الكبيرة، فإذا أمكن أن نريح أعضاء الجسم كافة والجهاز الهضمي خاص بنظام ثابت طيلة شهر كامل لحصلنا على فوائد عديدة لا يمكن إنكارها وعلاج الكثير من الأمراض وأهمها:
1-البدانة: حيث يتم تخليص البدن من شحومه المتراكمة التي تشكل عبئاً ثقيلاً عليه والتي تغدو مرضاً صعباً عندما تزداد. ذلك المرض هو داء السمن. فالجوع هو أحسن الوسائل الغريزية في معالجة السمن وإذابة الشحوم المتراكمة وتصحيح استقلاب الدسم بالبدن ككل كما تقي الإنسان من مضار الأدوية المخفضة للشهية أو الهرمونات المختلفة التي تعلن عنها شركات الأدوية وعبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، والتي قد ينخدع البعض ويلجأ لها لمعالجة بدانته.
2-أمراض جهاز الهضم: كما في التهاب المعدة الحاد حيث أن أساس المعالجة هو الصيام لمدة 24 ساعة كما يفيد الصيام في تهيج القولون وأمراض الكبد وسوء الهضم، كما أن الصيام لمدة شهر كامل فرصة كافية لإخلاء المعدة من الطعام المتراكم وتعطيها فرصة للراحة من غير إرهاق- كما أن الصيام يريح الأمعاء والمصران الغليظ من الطعام المتراكم وبذلك يتخلص الصائم من الغازات والروائح الكريهة التي تنتج عن التخمة وسوء الهضم والتخم في الأمعاء بسبب عدم قدرتها على امتصاص الطعام أو التخلص منه. كما أن الصيام يعالج حالات الإسهال.
ومن فوائد الصوم أيضاً أن يحمي الإنسان من مرض السكر عند الأصحاء كما تقل نسبة السكر لدى مرض السكر إلى أدنى المعدلات وهذا يعطي البنكرياس فرصة للراحة.
3- تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وخناق الصدر: وذلك نتيجة تخفيف وارد الدسم على الشرايين والوقاية من إصابتها بالتصلب.
4- التهاب الكل والمجاري البولية: حيث يتم إراحة الكليتين والجهاز البولي بعض الوقت في طرح الفضلات المستمرة.
5- الربو القصبي
6- الاضطرابات النفسية والعاطفة
ولذلك فإن الجوع يولد في الجسم رد فعل بعد الصيام يتجلى في الرغبة في الطعام وبشعور بالنشاط والحيوية بعد أن اعتاد على تناول الطعام بشكل ممل والصوم يمثل أرقى أشكال المعالجة بالجوع وقد تفوق بمرات استخدام الأدوية إذ تعتمد المعالجة بالصوم على هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع ثم إعادة ترميمها من جديد عند العودة لتناول الطعام.