دور الثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية

2007-08-19 14:38:45

أحمد ناجي أحمد

إن دور الثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية مهم وجوهري وذلك يبدأ من معرفتنا لحقيقة أنَّ الثقافة تصنع في الوعي الجمعي للأمة شخصيتها الثقافية التي تكونت عبر التاريخ ، ومن هنا فإن المثقف المنتمي لهذه الشخصية الثقافية للأمة ينطلق في وعيه الفكري وحركته على صعيد الواقع من منطلق الدفاع عن الشخصية الثقافية للأمة في وجه مختلف التحديات التي تواجهها ومن هذا المنطلق أتجه الأدباء والمثقفون في هذا الجزء من الوطن العربي وفي أزمنة التشطير إلى الدفاع عن الهوية الوحدوية لليمن أرضا وإنسانا واتجهوا من خلال إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الى رفض التشطير والتأكيد على دور الثقافة والمثقفين في النضال من أجل الوحدة منذ عام 1970 وضع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين على رأس جدول اهتمامه ونضاله الربط بين تحقيق الديمقراطية والوحدة في سياق ثقافة وطنية تستند الى نضال بالكلمة في اتجاه بلوغ الغايات والأهداف العظيمة للوطن.

لقد ساهمت قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في تقديم التصورات والرؤى التي تساعد على تسريع التحول الديمقراطي الوحدوي، ونعتقد أن المدخل الثقافي هو وسيلتنا في النضال من أجل تطوير مكتسباتنا الوطنية والديمقراطية وأن أبرز المهمات في مرحلتنا الراهنة تكمن في تأكيد الوحدة الوطنية وذلك لأنها صمام الأمان لرسوخ القيم الوحدوية والديمقراطية.

وفي هذا السياق فإن دور مؤسسات المجتمع ضروري ومهم في تعميم ثقافة المجتمع المدني وتجسيدها في الوعي الجمعي للشعب وعليه نعتقد أن تعزيز الوعي والتحول الديمقراطي إنما يتم من خلال تعميم ثقافة السلام ونبذ العنف والتأكيد على الوحدة الوطنية والمجتمع المدني الفاعل والمتماسك والايجابي في النهوض بمسئولياته في تثبيت دعائم الوحدة اليمنية بمحتواها الديمقراطي وقيمها التي اكتسبت زخمها في دخول بلادنا أول انتخابات رئاسية على أساس تنافسي، هذا قدم اليمن كدولة متميزة في الممارسة الديمقراطية على مستوى الوطن العربي.

مسئوليات المجتمع المدني

أن على كل مؤسسات المجتمع المدني حماية تلك المكتسبات ودعمها وتطويرها، وبدون حمايتها من الأخطار التي تهدد الوطن وفي مقدمتها أخطار العنف والتطرف الذي يستهدف وضع العقبات أمام نهوض الوطن وتقدمه وهو الأمر الذي فرض علينا كاتحاد أن نؤكد وقوفنا وبحزم مع القيم الديمقراطية والشرعية والدستورية، ومن هذا المنطلق فإن اتحادنا يؤكد على أن حماية المكتسبات الوطنية والديمقراطية والوحدوية إنما يتحقق من خلال جهد مكثف بين السلطات ومؤسسات المجتمع المدني في مشروع وطني شامل للنهوض بمستوى الوعي الديمقراطي في المجتمع والنهوض بمستوى الوعي الحقوقي في الاتجاه الذي يتزامن مع مشروع تنموي ينهض بالأطراف والمناطق النائية حتى لا يجعلها عرضة لاستغلال معاناتها وتوظيفها في اتجاه لا يخدم النهوض الحضاري. .

إن تعميم ثقافة الحريات والحقوق المدنية ضرورة أساس ومهمة ملحة ينبغي القيام بها عاجلاً وبدون تأجيل من أجل انتصار ثقافة السلام والتسامح، وعلى هذا الأساس فإن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يولي تعزيز الهوية الوطنية والديمقراطية القائمة على مبدأ الولاء الوطني أهمية خاصة.

كما أن إتحاد الأدباء يرى أن الوحدة الوطنية تستند إلى ثقافة ترى في تعزيز السلم الاجتماعي كصمام أمان للوحدة ولمكاسب الشعب الوطنية.

ويهمنا هنا التأكيد على أهمية ألأعلام والثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية وصيانة السلم الاجتماعي في سياق مشروع وطني تتضافر من خلاله جهود مؤسسات المجتمع المدني في سياق شراكة واسعة مع الدولة وفق إستراتجية وطنية شاملة للنهوض الوطني تعطي أولوية خاصة للوحدة الوطنية وترسيخ السلم الاجتماعي. ويهمنا هنا أن نؤكد على أن موضوع الوحدة الوطنية قد وجد اهتماما خاصا على صعيد الاستراتيجيات الثقافية والإعلامية وعلى صعيد الإستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة والشباب وعلى صعيد برامج الأحزاب

وعندما تبرز مشكلات تتصل بتعريض السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية للخطر فإن الحاجة ماسة إلى وضع كل الأدبيات والوثائق المتصلة بصيانة الوحدة الوطنية وصيانة السلم الاجتماعي موضع التطبيق من قبل كل شركاء العمل السياسي والوطني ومن قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني

ولابد من التأكيد على حماية الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي يبدأ من الاهتمام بالتربية المدنية والاهتمام بالطفولة وغرس مفاهيم السلام والمحبة والولاء الوطني وحب الوطن في نفوس النشء ولابد من الاهتمام بتجويد الرسالة الإعلامية الموجهة للمجتمع ولفئة الأطفال على وجه الخصوص:

أولا : بما أن عقلية الطفل العربى وبنائه هى أهم ما نملك، فعلينا أن نستثمر من خلال تحقيق معادلة تجمع ما بين المتعة والتثقيف، بإيجاد منظومة إعلامية متفاعلة قادرة على إمتاع الطفل وتثقيفه معا.

ثانيا : أهمية الانتباه لخطور الفضائيات العربية غير المشفرة، والتى تقدّم رصيدا ضخما من البرامج والرسوم المتحرّكة الأجنبية دون وجود جهة رقابية تحدّد ما ينبغى، وما لا ينبغى، أن يقدّم، فقد أسفر تحليل المضمون عن عشرات من الحالات الصارخة التى تستدعى الوقوف عندها، وتحيل ما يقدّم فى ضوء الخصوصية التى تتمتّع بها المجتمعات العربية والإسلامية، ولاسيما عندما تقترب من الدين أو القيم الأخلاقية.

ثالثا : هناك حاجة متزايدة لإنشاء مرصد إعلامى عربى عبر القنوات الفضائية لرصد وتسجيل وتحليل ما يقدم والخروج بنتائج وخلاصات واستدلالات هامة تجاه ما يمكن أن يمس عقلية الطفل العربى والمسلم.

رابعا : اعتماد منهج للتربية الإعلامية فى المدارس، وقصور ثقافة الطفل، ونوادى الأطفال، بما يسمح، ليس فقط بالمشاهدة الواعية، بل والخروج بأهم القيم التى ينبغى أن ترسخها البرامج فى عقول الأطفال.

خامسا : أهمية مخاطبة كافة مؤسسات التنشئة، وفى مقدمتها الأب والأم، كأول وأهم مؤسسات التنشئة، ثم المدرسة وجماعات الأصدقاء والنوادى، بشأن الانتباه وأهمية ممارسة دورها الواعى على سلّم الاحتياجات النفسية والاجتماعية والوجدانية للطفل.

سادسا : استثمار الرسوم المتحرّكة كشكل فنى محبّب، ليس فقط على مستوى الترفيه، وإنما أيضا على مستوى المدرسة بحيث تتحوّل الشخصية الكارتونية إلى صديق يمكنه أن يمتّع ويسلّى، وفى الوقت نفسه يثقّف ويوجّه ويرشد.

سابعا : هناك حاجة ملّحة لإعادة النظر فى الإنتاج العربى الذى ما زال حتى الآن يعتمد على التقليد والمحاكاة أكثر من الابتكار والتجديد ويمكن أن يبدأ ذلك تدريجيا، ليس فقط بدبلجة الأعمال الأجنبية، وإنما بإيجاد شخصيات كارتونية عربية إسلامية لها خصوصية واضحة.

ثامنا : مخاطبة المسئولين عن القنوات المتخصّصة لتقنين القيم والسلوكيات الإيجابية فيما يقدّم عبر هذه القنوات وفق خطة مدروسة واستراتيجية واضحة.

تاسعا : ضرورة القيام بتقييم دورى لبرامج الأطفال وإعداد تقارير ربع، أو نصف سنوية، تُعرض على المسئولين على هذه القنوات لتقييم الإيجابيات والسلبيات فى الخرائط البرامجية على غرار التقارير المدرسية.

عاشرا : أهمية تفعيل مواثيق الشرف الإعلامية، وإقامة المهرجانات المتخصّصة لبرامج الأطفال على غرار مهرجان سينما الأطفال، بحيث يُعرض إنتاج الدول المختلفة، ويكون المعيار للأفضل، بالنسبة ل : الناحية القيمية أولا، والإنتاجية ثانيا والتأكيد على القيم المدنية المعززة للوحدة الوطنية ونبذ التفرقة.

وعلى الصعيد نفسه لابد من تعزيز هذه المفاهيم بالنسبة لكل مؤسسات المجتمع المدني في علاقاتها مع بعضها البعض وفي علاقة الجميع مع الدولة وهنا يبرز السؤال الأساس، كيف نستطيع ان نصل الى تعزيز روح الوحدة الوطنية، بين التنظيمات والقوى السياسية ؟ وهذا يتطلب التقاط المشترك بين كافة القوى السياسية في مواجهة التحدي الخارجي. ما في شك، يجب ان يبقى لدينا اختلافنا ورؤانا المختلفة في النطاق الداخلي، وحتى في النطاق البرامجي عموما، لكن في المشترك، التحدي الخارجي، عندما يكون لهيب التحدي الخارجي هو اللهيب الطاغي، علينا أن نلتقط جميعا القاسم المشترك. مهمة الثقافة كيف تعزز المشترك، كيف تعزز وعي المشترك، كيف تعزز رؤيا المشترك بين جميع القوى والتنظيمات السياسية. كذلك من اجل أن تعزز الروح المعنوية، على الثقافة وعلى المثقفين، أن يساهموا في أن يبقى لدينا حالة قادرة على استخلاص العبر والدروس، من خلال تحديات الأمر الواقع، علينا أن نجيد القدرة على التعلم، لان هذا الواقع هذه التحديات، متطورة دائمة، وهي قابلة لان تفي بالوسائل الجديدة وفي التقنيات الجديدة، وقابلة لان تغذى بالتكتيكات الجديدة.

لا بد ان نكون قادرين على متابعة استخلاص العبر، والدروس لحظة بلحظة.

العبر

من الذي يستطيع أن يساهم بصورة أساسية في استخلاص العبر والدروس؟ ليس فقط الأطر العسكرية وحدها، وليس فقط الأطر السياسية وحدها، وإنما الأطر الثقافية، أيضا تستطيع من خلال تأثيراتها الشاملة أن تساهم في دفع عجلة استخلاص العبر والدروس من خلال وقائع التحديات، كذلك يجب أن يكون لدينا، قدرة على تغذية الديناميكية الوطنية، في تطوير الوسائل والأساليب. دور المثقف أن يساعد الديناميكية الوطنية بان تكون أكثر حركية، بان تكون أكثر مرونة، لاكتشاف دائم وتطوير الوسائل والأساليب التي تتناسب مع الواقع ومع تحديات الواقع.

وفي هذا السياق لا يفونني أن أؤكد أن اتحاد الأدباء وفي مختلف الظروف ظل وفيا لدوره السباق في تعزيز فاعلية الثقافة في التسريع بالتطور الوحدوي وفي الانتصار لقيم الوحدة، وفي مذكرة الاتحاد إلى قيادة شطري الوطن في 24/ 12/ 1989م الموقعة من قبل كل من رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الأستاذ أحمد قاسم دماج وكذلك الأمين العام لاتحاد الأدباء الأستاذ المرحوم عمر الجاوي جاء فيها:

«إن الاعتماد على الشعب والتنظيمات الوطنية ضمان فعلي لتحقيق الوحدة، وبدون توحيد الجهود ومشاركة الجماهير تهتز الثقة وتفتح منافذ لتسلل الأعداء وعليه نطالبكم ونرجوكم:

1 - أن تعلنوا بوضوح وبأسرع وقت ممكن عن إحالة مشروع دستور دولة الوحدة إلى المجلسين التشريعيين في البلاد.

2 - الإعلان المشترك بإطلاق جميع أو كل الحريات كاملة ابتداء بحرية الأحزاب والصحف وإلغاء القيود المسنة في الدستورين.

3 - إلغاء عوائق الأخشاب بين الشطرين دون إبطاء، وإنهاء المعاملات الجمركية السيئة على السلع كلها.

4 - العمل السريع على إنجاز مهمة التحالف الوطني.

5 - التصديق والتطبيق لنتائج اللجنة الاقتصادية وغيرها من اللجان المجتمعة حالياً.

6 - إلغاء قوانين الرقابة على الصحافة وكل أجهزة الإعلام الأخرى.

7 - إلغاء الإجراءات التي تحد من حرية العمل للمواطن وعلى رأسها شهادة حسن السيرة والسلوك.

وتواصلا مع هذا النفس الريادي لجيل المؤسسين لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين،ومع انتصار شعبنا في تحقيق الوحدة اليمنية وتثبيتها على أرض الواقع،فإننا نعتقد أن حماية الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي وحماية حقوق الإنسان وحماية الحريات المدنية في الصدارة من مهام الأدباء والمثقفبن وشركاء الهم الوطني في بلادنا.

وإذا كانت إفرازات العمل السياسي قد دفعت بالبعض إلى إقامة اصطفافات على مستوى قبلى فنسمع عن اصطفاف بكيلى واصطفاف حاشدي، وربما نسمع عن اصطفاف مدحجي، فإنني من هذا المكان أدعو صناع الوحدة اليمنية وفي مقدمتهم المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وأدعو كذلك مختلف القوى السياسية وفي مقدمتها التجمع اليمني للإصلاح ومختلف القوى السياسية وكذلك مختلف مؤسسات المجتمع المدني إلى إقامة تحالف مدني ائتلاف مدني من أجل حماية الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي ونبذ العنف ومن أجل حماية الحريات واحترام حقوق الإنسان.

هذه هي رسالتنا. تعالوا إلى الشعب، إلى القيم المدنية لا نعدكم بالامتيازات وإنما ينتظركم عمل شاق في التوجه نحو المستقبل.

وفقكم الله وسدد على طريق الخير خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد