عن تقرير مجلس الشورى حول تزايد أعمالها في سواحل الصومال وخليج عدن ..القرصنة البحرية صناعة غربية للسيطرة على المنطقة من خلال التواجد الأجنبي

2009-04-11 04:29:41


تقرير/إياد البحيري

أثار التواجد العسكري البحري الأجنبي في خليج عدن جدلاً كبيراً حول الأهداف التي تسعى إليها دول الغرب من من خلاله في المنطقة وهو الأمر نفسه الذي دفع اليمن إلى الشعور بالخوف والقلق الكبيرين إزاء هذا التواجد في واحد من أهم الممرات الدولية في العالم وفي هذا الوقت بالتحديد.

وجاءت أعمال القرصنة التي تدور حولها شبهات كثيرة خاصة فيما يتعلق بدعمها حيث أقلقت العالم كله وهددت اقتصاده في البحر حيث لا يعقل أن حفنة صوماليين يستطيعون القيام بكل تلك الأعمال من اختطاف وقتل وترعيب ما لم يكن هناك داعم قوي وهذه قد تكون الخطة التي تسعى من خلالها الدول الأجنبية إلى فرض سيطرتها على الممر الدولي في خليج عدن.

وأكد تقرير أعدته اللجنة المشتركة من لجنتي السياسية والعلاقات الخارجية والدفاع والأمن بمجلس الشورى عن القرصنة البحرية في السواحل الصومالية وخليج عدن حيث أكد أن هذا التواجد المخيف للقوات الأجنبية في خليج عدن تحت مبرر حماية مصالح تلك الدول وتأمين حركة التجارة الدولية يبعث على الشعور بالقلق والخوف معاً مما ستتعرض له المنطقة من الأخطار المحتملة.

مشيراً إلى أن اليمن أكثر من يشعر بالقلق باعتبار أن مسرح عمليات القرصنة يدور بالقرب من مياهها الإقليمية.

وقال التقرير: إأن ترك الخلافات الصومالية ومشكلة الدولة الصومالية دون حل يزيد من الأعباء الأمنية والاقتصادية لبلادنا حيث يتدفق عدد كبير من اللاجئين الصوماليين إلى اليمن لكن يبدو أن الدول الكبرى تريد مسرح الخلافات والأزمات في الصومال مستمراً وربما تصب الزيت على النار حتى يتهيأ لها الجو أكثر فأكثر.

وهذه الدول تنظر إلى أنه إذا تم حل مشكلة الصومال فمن الصعوبة أن تستمر عمليات القرصنة التي تسهل لتلك الدول التقرب أكثر وأكثر وفرض السيطرة على المنطقة فضلاً على أن حل مشاكل الصومال سيبعد شبح التدويل للمنطقة وما يترتب على ذلك من مخاطر في الحاضر والمستقبل.

وأكد التقرير الذي أعده مجلس الشورى أن ظروف الصومال الصعبة التي مر بها بعد انهيار النظام والدولة عام 1991م وما تلا ذلك من صراعات وحروب أهلية طاحنة عمقت هوة الخلافات بين الفرقاء الصوماليين وفتحت الباب أمام التدخلات الإقليمية والدولية وهذا الأمر الذي أطال مدة النزاع في الصومال حيث سادت الفوضى الأمنية والسياسية وفتحت شهية الطامحين بثرواته بل فتح الباب لهم وبدا ذلك جلياً من البحر حيث بدأت المناوشات تدور بشكل محدود بين الصيادين المحليين وسفن الصيد الأجنبية التي دخلت إلى المياه الصومالية الخالية من الحراسة وبعد ذلك تطورت الأساليب تحت مسميات كثيرة منها المشاركة والحماية من قبل أمراء الحرب مقابل مبالغ مالية تدفعها السفن الأجنبية وهو الأمر الذي مهد الطريق لظهور قراصنة محترفين استغلوا السواحل الصومالية بالهجوم على السفن التجارية والسياحية واحتجازها بهدف الحصول على فدية.

وتحركت السفن الحربية إلى تلك السواحل تحت غطاء وذريعة حماية سفنها ومصالحها الاقتصادية وتسهيل حركة التجارة الدولية وزاد الأمر تعقيداً أمام دول المنطقة لكنه نجاحاً كبيراً للدول الطامعة بخيرات هذه المنطقة مما حذا بالأمم المتحدة إلى إصدار قرار يمنح تلك الدول فرصة الهجوم على القراصنة حتى يكون تواجدها في هذه المنطقة شرعي وتعطي الحق لقواتها في مطاردة القراصنة الذين تتضارب الآراء في أمر وجودهم وظهورهم.

ولم يستبعد التقرير أن تكون هناك مؤامرة تقودها جهات بهدف الإضرار بالدول العربية المطلة على البحر الأحمر بشكل خاص ودول شبه الإقليم بشكل عام مشيراً إلى أن القراصنة ليسوا مجموعة صغيرة من الإرهابيين الذين يعملون لصالح أنفسهم بل يعمل أكثرهم لصالح جهات ودول هدفها التأثير على المنطقة واستهداف طريق سير التجارة العالمية من خلال استخدام طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً عن باب المندب وقناة السويس.

عصابات مسلحة بدعم خارجي. .

عن نشأت القراصنة الصوماليين قال التقرير أن اندلاع الحرب الأهلية عقب انهيار النظام في الصومال كان وراء ظهور محترفي القرصنة خاصة في ظل الانقسامات بين الفصائل الصومالية التي مزجت بين السياسة والقبيلة سواء داخل الحكومة الانتقالية أو بين الجماعات الإسلامية المناهضة للوجود العسكري الأثيوبي ولم يستبعد مراقبون دعم هذه الانقسامات من قبل دول أجنبية طامحة بخيرات المنطقة.

وأشار التقرير إلى أن هذه الانقسامات شكلت عصابات من المسلحين مزودة بالقوارب السريعة والأسلحة المتوسطة والخفيفة وبدأت بمهاجمة السفن العابرة في المنطقة دون تمييز منوهاً إلى أن عصابات القرصنة الصومالية تكونت من بحارة سابقين وهم يمثلون محركيعمليات القرصنة وذلك يرجع إلى معرفتهم بشؤون البحر وطرق الملاحة وتكونت أيضاً من أعضاء سابقين في المليشيات التجارية وهؤلاء يعتبرون رجال العمليات ذلك لخبرتهم العسكرية أما المكون الثالث فهم خبراء تقنيون ويمثلون الآلة المحركة للعمليات وذلك لخبرتهم بالاتصالات واستخدام الكمبيوتر ومعرفتهم بتشغيل أجهزة تحديد المواقع الملاحية وهواتف الأقمار الصناعية والمعدات العسكرية.

وقدرت منظمة بحرية متمركزة في كينيا عدد القراصنة المنتشرين على طول السواحل الصومالية بنحو "3200" فرداً موزعين في ثلاث مجموعات ومعظمهم كانوا يعملون في خفر السواحل الصومالية سابقاً إضافة إلى قراصنة من أريتريا العاملين في المياه الإقليمية وقبالة السواحل الصومالية حيث يتمركز القراصنة في إقليم بونتلاند شمال الصومال ويقع فيه ميناء "إيل" معقل القراصنة الرئيسي وتضم أعمال القرصنة أيضاً تهريب السلاح والمهاجرين.

وأشار التقرير إلى أن عمليات القرصنة وصلت إلى حوالي "85" عملية منذ بداية عام 2008م وحتى نوفمبر من نفس العام حسب إحصائيات المكتب البحري الدولي منوهاً إلى أنه تم الإفراج عن غالبيتها مقابل فدية مالية يدفعها المالكون ومن هذه السفن التي تم الإفراج عنها مقابل فدية السفينة الأوكرانية "فاينا" والتي تعرضت للاختطاف في 25 سبتمبر 2008م وكانت تحمل على متنها أسلحة روسية الصنع من بينها "33" دبابة طراز "تي 72" وهذه تعد من أكبر السفن التي تم اختطافها بعد ناقلة النفط السعودية.

وقدر المكتب البحري مكاسب القراصنة جراء عملياتهم خلال عام 2008م بحوالي "30" مليون دولار كلها فدية مقابل الإفراج عن سفن.

وأعاد المكتب البدايات الحقيقية لعمليات القرصنة إلى 1995م حيث اتخذت شكل حوادث متفرقة بالقرب من سواحل مدينة "كسمايو" الصومالية وكانت تستهدف السفن الخشبية الصغيرة المتجهة إلى موانئ شرق أفريقيا مثل "ممساسا" في كينيا ودار السلام في تنزانيا.

ولكن حدة وتيرتها زادت في 2007م حيث تصاعدت عمليات القرصنة واتسع نطاقها حتى مسافة تتراوح بين "200-300" ميل بحري من السواحل الصومالية حتى خليج عدن.

واعتبر المكتب السواحل الصومالية الأخطر على مستوى العالم خلال الربع الثاني من عام 2008م حيث تخطى بذلك أندونيسيا ونيجيريا وذلك بوقوع "24" عملية قرصنة في سواحل الصومال من إجمالي "62" عملية قرصنة بحرية في العالم.

وأشار التقرير إلى أن القراصنة أصبحوا أكثر تطوراً وأكثر صفاقة لأن الجهود التي تبذل لمكافحة نشاطاتهم ما زالت محدودة.




 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد