رئيس مركز الشفافية الدكتور/ سعيد عبدالمؤمن لــ "أخبار اليوم الاقتصادي":

لعنة الموارد تحققت على اليمنيين والنفط بدأ بالنضوب

2014-12-21 16:50:45 الاقتصادي- حاوره/ نبيل الشرعبي

يقول الخبير الاقتصادي والمتخصص في اقتصاد الثروات المعدنية المعدنية، ورئيس مركز الشفافية الدكتور/ سعيد عبدالمؤمن: اليمن تمتلك كثيراً من الثروات، لكن العبث قد طال هذه الثروات، والفساد مكّن القلة الفاسدة من نهب معظم هذه الثروة سواء كانوا من الداخل أو الخارج وتحققت لعنة الموارد على اليمنيين.

 ويضيف: وقد خرج النفط والغاز وبدأ بالنضوب دون أن تصل نعمته إليهم، بل وتحققت آثاره السيئة على الجميع فمناطق الإنتاج تعرضت للتدمير البيئي وتلوثت المياه كما هو حاصل في حضرموت، وتلوثت الأجواء كما هو حاصل في مأرب وتقاتلت القبائل على فتات النفط في شبوة.

ويلفت إلى أن الأسوأ من ذلك تدمير النسيج الوطني فنتيجة للفساد والتوزيع السيء لموارد هذه الصناعات أصبح أبناء المحافظات الجنوبية يشكون مر الشكوى من نهبها حتى خيل إليهم أن كل شمالي مسؤول عن ذلك، ولم يجدوا من وسيلة للتعبير عن الغضب الذي يكمن في صدورهم إلا المطالبة بالانفصال والتخلي عن هوية تكونت منذ القدم، كما أورد في حديث خاص لــ " أخبار اليوم الاقتصادي".. الحوار:


* الجميع يتحدث عن امتلاك اليمن ثروات معدنية هائلة، لكن الواقع أو المواطن البسيط لم يلمس أياً من عوائد هذه الثروات بالشكل المنصوص عليه في الدستور والقانون- عدالة توزيع الثروات، وذلك لمشاريع البنُى التحتية، إذ الغالبية من هذه المشاريع ممولة خارجياً... وأنتم بصفتكم من أبرز المختصين في هذا المجال – الثروات المعدنية، نود منكم التالي:

وضع رؤية واقعية حول هذا القطاع؟

** اليمن حباه الله بالعديد من الثروات وأهمها النفط المعادن والاسمنت والأسماك أو ما يمكن أن تقوم عليه صناعات استخراجية عديدة تبدأ من الاستكشاف والتنقيب ثم التكرير والتصنيع والتصدير، وبالتالي تغطية الاحتياجات المحلية من المنتجات المختلفة وكذا توفير العملات الأجنبية، التي تغطي الواردات من السلع المختلفة..

ويطلق على هذه الأنشطة الصناعات الإستخراجية كونها تعتمد على الأخذ من الأرض أو البحر لموارد تكونت على مدار سنين طويلة بعضها غير قابل للتجدد كالنفط والمعادن، وبعضها قابل للتجدد، ولكن ببطء مثل الغاز وهو ما يدفع البلدان إلى وضع استراتجيات رشيدة للإنتاج والاستهلاك بالشكل الذي يحسّن مستوى معيشة الأجيال الحالية ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.

وهو ما تفتقر إليه اليمن، فالعبث قد طال هذه الثروات والفساد مكن القلة الفاسدة من نهب معظم هذه الثروة سواء كانوا من الداخل أو الخارج وتحققت لعنة الموارد على اليمنيين فقد خرج النفط والغاز وبدأ بالنضوب دون تصل نعمته إليهم، بل وتحققت آثاره السيئة على الجميع، فمناطق الإنتاج تعرضت للتدمير البيئي وتلوثت المياه كما هو حاصل في حضرموت وتلوثت الأجواء كما هو حاصل في مأرب وتقاتلت القبائل على فتات النفط في شبوة..

والأسوأ من ذلك تدمير النسيج الوطني فنتيجة للفساد والتوزيع السيء لموارد هذه الصناعات أصبح أبناء المحافظات الجنوبية يشكون مر الشكوى من نهبها حتى خيل إليهم أن كل شمالي مسؤول عن ذلك ولم يجدوا من وسيلة للتعبير عن الغضب الذي يكمن في صدورهم إلا المطالبة بالانفصال والتخلي عن هوية تكونت منذ القدم.

* حجم الثروات المستكشفة؟

أبرز الثروات المستكشفة النفط وتقدر الاحتياطيات بما يقارب الثلاثة مليارات برميل، وقد كشفت شبكة الإعلام والتلفزة الأمريكية "سكاي نيوز" في التاسع من يناير 2013م عن وجود مخزون ضخم من النفط تحت أقدام اليمنيين تصل نسبته إلى 34 % من احتياطي مخزون النفط العالمي الإضافي، وبما يوازي احتياطات النفط في المملكة العربية السعودية، والتي تقدر أيضا بـ 34%.

أما الغاز فتقدر الاحتياطيات بحوالي 18,2 تريليون قدم مكعب واكبر كمية مثبتة حتى الآن في مأرب، وتشير بعض المعلومات إلى أن محافظة الجوف يوجد بها كميات كبيرة من الغاز..

أما احتياطيات المعادن فإن الإحصائيات الرسمية توضحها الجداول التالية:




الجداول



والذهب موجود في كل مكان، ولكن قوى الفساد تسيطر على أشهر منجمين في حجة وحضرموت والأمور في طور الاستكشاف كما يقولون..

ومن المعروف أن منجم الحامورة بمدينة تعز بدأ العمل فيه من ثمانينيات القرن العشرين، ولكن دون نتيجة حتى أصبحنا نقول إن الحفر قد تجاوز أثيوبيا وان الشركة سوف تحضر لنا الماس من الكونجو..

أما الثروات البحرية والأسماك، فاليمن من أغنى الدول بها فالشواطئ تمتد لأكثر من ألفين وخمسمائة كيلو متر من البحر الأحمر وحتى البحر العربي، ولكن التجريف والتفجير والسفن تعمل على تدمير هذه الثروة بالشكل الذي حرم المواطن من غذاء صحي بفعل ارتفاع أسعاره بشكل جنوني وحرم الخزينة العامة من موارد كبيرة حيث تذهب إلى جيوب الفاسدين..

إن هذا الفساد الكبير في هذا القطاع الاقتصادي يخفي وراءه مصالح غير مشروعة استحوذ عليها مسؤولون في اليمن ووكلاء هذه الشركات في اليمن، وقد تماهت معهم الشركات الأجنبية لما حققه ذلك لها من مكاسب كبيرة، إضافة إلى ما جناه المديرون فيها من مكاسب لأنفسهم، وفي هذا الصدد يقول تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام2004م:

إن اليمن ضمن 14 دولة نفطية متهمة باختفاء جانب كبير من عائداتها النفطية في جيوب مديري الشركات الغربية المنتجة والوسطاء والمسؤولين المحليين.

ولقد كان أقوى تعبير عن الألم الذي لحق باليمن قول النائب علوي العطاس أمام البرلمان: (إن بقاء النفط في باطن الأرض خيرٌ من خروجه بهذه الاتفاقيات).

* حجم الثروات المستخرجة؟

** بلغت الكميات المستخرجة من النفط من 1986 وحتى عام 2010م ما مقداره 2.701.638.594 برميلاً.


* حجم الثروات الفعلية؟

** وفقاً للقول الرسمي فقد خرج الرئيس السابق بمقولته الشهيرة قبل سنوات حول نضوب النفط ونتيجة للفساد عدم الاستقرار وضعف الأمن فالإنتاج يتناقص حتى وصل إلى أقل من مائة وخمسين ألف برميل يومياً، أما الغاز فقد عقد النظام السابق صفقة تنازل بموجبها عنه إلى الشركات الأجنبية بثمن بخس مع تكبيل اليمن بمنشآت ذات تكلفة عالية، في الوقت الذي تحتاج فيه اليمن للغاز لتوليد الطاقة الكهربائية مما قد يدفع إلى استيراده بعد ذلك بأسعار عالية، وهي نفس التجربة المصرية في البيع للكيان الصهيوني الغاصب بأقل من أربعة دولار واستفادة للفاسدين من النظام.. والآن ستعود مصر للاستيراد ومن الكيان نفسه فمخرج الفساد في اليمن ومصر واحد، أما بقية الثروات فهي موجودة، ولكن تتطلب ترشيد الإنتاج والتصدير بالشكل الذي يحقق فائدة أعلى، وفي الوقت نفسه يحفظها لحاجة أبناء اليمن.

* ذكر الرئيس هادي في أحد خطاباته قبل أسابيع قليلة أن أكثر من 34 شركة تنقيب عن الثروات المعدنية أوقفت أعمالها بسبب الاضطرابات الأمنية... كيف لم نسمع بهذه الشركات من قبل، وما الذي تفعله وماذا تقدم؟!

** بالفعل الشركات تغادر للأسباب المعروفة: انعدام الأمن، فرض الشراكات من قبل النافذين، فرض الإتاوت، وقطع الطرق وخطف الأجانب، وما يقوم به من رجال القبائل من الاعتداء على منشآت الشركات لمحاولة الحصول على حقوقهم أو التوظيف أو قيمة الأراضي، وتزداد هذه الأمور يوماً بعد يوم في ظل غياب الدولة والقضاء العادل النزيه، وهذه الشركات منها ما يعمل في الاستكشاف النفطي والمعدني ومنها ما يعمل في الحفر والخدمات وغيرها من الخدمات اللوجستية، ومن المعروف أن اليمن من البلدان الأكثر فساداً وبلد طارد للاستثمار والإجراءات الإدارية أكثر تعقيداً والبنية الأساسية متهالكة، وهو ما يدفع إلى هروب الشركات الأجنبية والمحلية، فالقطاع الخاص في اليمن أصبح يفضل الاستثمار في الخارج بسبب الفساد.

* رؤيتكم أو رؤية علمية وتجارية ناجعة لإدارة واستثمار الثروات المعدنية في اليمن؟

** يتطلب الأمر بالنسبة للثروات المختلفة في اليمن الآتي:

وجود إدارة رشيدة تؤمن بأن هذه الثروات ملك الشعب بأجياله الحالية والقادمة وأنها المخرج الحقيقي من الأزمات الاقتصادية والتسول على أبواب المانحين، وبالتالي ضرورة الحفاظ عليها وتوجيهها إلى ما يخدم عملية التنمية الشاملة والمستدامة

وضع استراتيجيات للاستكشاف والتنقيب والإنتاج والاستهلاك والتصدير بالشكل الذي يحافظ عليها لفترة أطول..

تكوين شركة حكومية واحدة للاستكشاف والإنتاج وتوفير الإمكانيات لها وتمكينها من استلام كل القطاعات، التي انتهت عقود الشركات الأجنبية بها..

تشجيع الشركات المحلية على العمل في هذه القطاعات وتوفير الدعم الفني لها والكادر المحلي، بما يؤدي إلى تعظيم الاستفادة منها وفي الوقت نفسه إيجاد فرص عمل حقيقية للحد من البطالة والفقر.

تشجيع الأفراد على استخراج المعادن بالطرق اليدوية المعتمدة على الأدوات التقليدية والغير مكلفة وتشجيع قيام الصناعات اليدوية في مناطق الاستخراج هذه لإنتاج منتجات تغطي الاحتياجات المحلية وتعمل على تنمية السياحة..

إشراك السلطات المحلية في عمليات الإنتاج والرقابة وتوزيع الموارد بما يحقق تنمية حقيقية في هذه المناطق

تشكيل لجنة وطنية كفؤة لتقييم مشروع الغاز المسال واستعادة هذه الثروة قبل أن يتم استنزافها لصالح قوى الفساد..

محاكمة الفاسدين كبيرهم وصغيرهم ممن سهل أو نهب ثروات اليمن واستعادة الأموال المنهوبة..

التوزيع العادل للثروة وتنمية المناطق المنتجة والحفاظ على البيئة وإنشاء صندوق سيادي توضع فيه جزء من هذه الثروة توجه لتحقيق تنمية في القطاعات الاقتصادية ويعود المردود للأجيال القادمة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد