بوادر "أوباما " بين إشكاليات وعيها ووعي واقعنا .. حل القضية وإحلالات الوعي.. خارطة طريق قديمها والجديد

2009-05-05 04:33:37


مطهر الأشموري

الرئيس والممثل الأميركي المعروف " ريجان" هو الذي صار في قرار تطوير ما عرف ب"حرب النجوم"، وهذا المشروع هو الذي استنزف ما عرف بالإتحاد السوفيتي مادياً وسياسياً أو حرب أفغانستان التي كانت إكمالاً لهذا الاستنزاف.

من حرب النجوم إلى حرب أفغانستان إستراتيجية استنزاف اميريكية لم تتغير مع تعاقب عدد من الرؤساء في البيت الأبيض حتى الرئيس بوش "الابن". إذا كان الجهاد الإسلامي احتوى في الإستراتيجية الأميركية فهل إعلان أمريكا قبل نصف قرن أو أكثر من اندثار الشيوعية بأن عدوها القادم بعد الاندثار هو الإسلام - هل ذلك الإعلان يعني أن عدوها القادم هو الجهاد الإسلامي أم الإرهاب الإسلامي؟ هل الجهاد أو الإرهاب أو أحداث سبتمبر 2001م لصالح الإستراتيجية الأميركية منذ الإعلان؟

ربما نقتنع بأن الرئيس ريجان في استنزاف ومشروع حرب نجوم كان صاحب قرار في تنفيذ إستراتيجية أو تعجيل التنفيذ، وربما نقتنع كذلك بأن الرئيس بوش "الأب" كان صاحب قرار ومنفذ إستراتيجية في حرب تحرير الكويت والتدخل في المنطقة.

والرئيس بوش " الابن" رغم توليه الرئاسة خلال دورتين متتاليتين لكن شخصيته وأداءه لم يقنعا به صاحب قرار في وضع أحداث سبتمبر 2001م أو حرب احتلال العراق وقبلها أفغانستان بقدر ما هو منفذ إستراتيجية.

فترتا بوش " الابن" تؤكد أن الإستراتيجية هي أقوى من الرئيس في السياسية الأميركية وبالتالي فالرئيس يعدل في التعامل مع أرض الإستراتيجية وقد يعجل أو يؤجل تنفيذ خطواته أو مراحله ولكن لا يعدل ولا يغير في الإستراتيجية ولا يخالفها أو يخرج عنها كمراجعة وإرادة وغايات وأهداف مهما غير ونوع في الأساليب والوسائل.

إذا كان الرئيس "أوباما" هو صاحب قرار في إطار الإستراتيجية فذلك يكفي لإحداث تغييرات ذات إيجابية في سياسات أمريكا العالمية وفي السياسة الدولية ويقدر علىخلخلة وتخفيف مشاكل أكثر تفاقماً أو تأزماً في مناطق عديدة من العالم. لا نحتاج لاستقبال بوادر ومبادرات الرئيس " أوباما" بأحلام من التفاؤل أو بحطام من التشاؤم.

القرارات السياسية لا تقيم قبل وحين صدورها وأي تقييم حتى الصدور هو تقييم تقديري ولكنها تقيم بالتطبيق كفشل أو نجاح أو بينهما بأي نسبة.

التطبيق يستخدم لتقويم الإستراتيجيات والمفترض أن لكل نظام حاكم أو معارضة إستراتيجية.

وبحسب ثقل كل نظام في منطقة أو قارة في العالم تكون له إستراتيجية تقيم كمراجعة مرحلياً وقد يضاف لها ما يفترض ولا يلغى مفروض لها إلا إذا فاجأ متغير في الواقع أقوى من الإستراتيجية " أي أقوى من قوتها". منذ اندثار ثقل الشيوعية " الإتحاد السوفيتي "فإن الولايات المتحدة لم تنهزم، وهي بالتالي قد تحتاج لتغيير في سياسات ووسائل الإستراتيجية وليس في تغيير الإستراتيجية.

الأزمة المالية متغير قد يكون مفاجئاً لكن ليس مباشراً ضد الإستراتيجية ولا معيقاً مباشراً لها فإذا عدنا إلى الحرب الباردة سنجد أن السوفيت كانوا ينجحون في مساحات من هذ العالم بالإعلام الموجه كإثارة وتثوير ومن ثم الخضوع لها أو الإخضاع، بينما الولايات المتحدة استخدمت أساليب الترغيب الناعمة أكثر من الترهيب وتصل إلى إقناع واقع أو الإقناع بالواقع.

الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر 2001م لم تضخم فقط هذه الأحداث بعد تضخيم الإرهاب وإنما مارست في نفس اللحظة " إرهاب العالم" كتهديد مسح دولة أو دول من خارطة العالم ومن كوكب الأرض والتلويح بحرب صليبية في ظل تطور رهيب لأسلحة الفتك والدمار الشامل. قد يكون هذا من وجه الترهيب متفهماً، ولكنها في جوانب محورية من التعامل مثلت امتداداً الإستراتيجية إلى السوفيت أكثر من الامتداد للوسائل والسبل الأميركية الأنجح.

فخلال دورتين انتخابيتين لبوش الإبن تمادت أمريكا في أساليب الإخضاع المكشوفة والمجاهر بها أكثر من وسائل الإقناع وتعمدت كشف الأنظمة وخلق وضع انكشاف لقضايا وحقوق حيوية وخلقت وعياً محتقناً غير طبيعي وغير موات لأطراف صراع داخلي أو مؤثر خارجي لتوجيهه أو تشكيله وهو وعي فوضى واضطراب لا يعبر عنه الظاهر كقناعة أو اقتناع غير تسيسه ومسايسة لوضع قوة.

فهل مثل هذا تريده أمريكا وهل ذلك لصالحها في التعامل مع أي إستراتيجية أو أي أهداف؟ لم يصل صدام حسين إلى الحد الأدنى من شعبية عبدالناصر لكنه حين تدخلت أمريكا وبالواجهة معارضيه كالجلبي والإخفاق في تقديم العراق كأنموذج للديمقراطية والتحضر فمثل ذلك يعطي صداماً شعبية أو بطولة شعبية، فبمثل ذلك تتعاطى أمريكا مع الأنظمة والمعارضات عربياً ولم يعد يفهم ما إذا كانت تريد من خلال قضية فلسطين كشف الأنظمة؟ أم من خلال الأنظمة تكشف القضية ؟أم من خلال كل ذلك ستكشف؟ وبالتالي ماهية هذه الاستكشافات وما هي الاكتشافات حتى الآن؟ في الحرب نسلم ببراعة التكتيك في الإطباق على بغداد وقدرات ودقة القوة، ولكن أمريكا تسلم بإخفاق طويل وبعيد المدى والأثر في تطويع أفغانستان أو العراق أو في تطبيع الحياة لقرابة العقد، فهل مثل هذا يبرر التعامل مع أنظمة ومعارضات أو مع شعوب المنطقة من ذات الحالة مع وفي العراق؟

هل في مثل هذا ما لا نعيه لصالح أمريكا أو أي إستراتيجية لها كأن تكون الفوضى الخلاقة في الوعي ثم في الواقع مثلاً؟

العالم في تشكله منذ اندحار الشيوعية حتى الآن لم يعد ينازع أمريكا في القوة أو يواجهها بالقوة ولكنه من الأقوياء بعدها إلى أضعف ضعيف يستخدم أي متاح سلمي في الواقع أو في الوعي أو مرتبط بواقع وارتباطات أكثر من واقع وأكثر من مشكلة لينال الحد الأدنى من الحقوق والاستحقاقات أو يدافع عن الحد الأدنى من المصالح.

والمشكلة لم تعد إذاً فيما نعيه ومالا نعيه عن أمريكا ولا في المباشر وغير المباشر،ولكنها باتت في تقديرات وتقييمات أمريكية غير واقعية وغير واعية لواقع آخرين ولطبيعة ومدى ردود فعلهم ومدى وعيهم تجاه أي متغير.

عندما تواصل الولايات المتحدة وضع العداء مع كوبا فهل ذلك حقداً على الشيوعية أم خوفاً من شيوعية كوبا؟

فكلاً الإجابتين لا وعي فيهما ولا يحترمهما واع، واذاً فالولايات المتحدة ليس كل عمل تسير فيه أو رؤية تمارسها لديها الوعي الكافي بالضرورة حتى من أوجه مصالحها أو استراتيجياتها أو نحو ذلك.

لسنا بحاجة إذا إلى قطع الأمل تجاه بوادر "أوباما" كما لسنا بحاجة لعشم قد ننصدم فيه أو به.

اللذة هي في مستوى الوعي الممارس خلال عقد ل"أوباما". . مثلاً حين ينتهي وحصيلته كلام البوادر أو المبادرات، فإذا وضع الضعف يفقدنا قدره وتأثير للممارسة في الواقع ومراس الواقع فإنه يظل المهم تلازمية الفراسة والمراس للوعي! <

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد