بدائل المشروع الإماراتي..

لإعادة صياغة المشهد الجنوبي وضرب مشروع الوحدة

2019-08-07 07:31:02 أخبار اليوم/ تقرير خاص



في ظل التقويض الإضافي لنفوذ الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، والتحولات في الموقف الإقليمية في اليمن، والحراك ألأممي الذي يواصل الدوران في الحلقة المفرغة، فإن ملامح الترتيبات الدولية والإقليمية الساعية لإعادة صياغة المشهد الجنوبي المحضرة لها مسبقاً قد بدأت تختمر أركانها.
ملامح تلك الترتيبات دشنت ولو بشكل غير مباشر عقب الانسحاب الإماراتي من اليمن والإعلان عن خفض قواتها في مطلع شهر يوليو من العام الحالي، ورغبة الساسة الإماراتيون بالانتقال من الاستراتيجية العسكرية إلى خطة تقوم على تحقيق "السلام "، حسب وصفهم.
الخطة الإماراتية تتضمن مراجعة شاملة لسياساتها الخارجية، تمهيداً لإعادة تموضعها الاستراتيجي في اليمن، والتي مهدت- أيضاً- الأرضية المناسبة لفتح قنوات تواصل سرية مع جماعة الحوثي الانقلابية، والتقارب مع النظام الإيراني، التي تحاربهما على اليمن، ضمن مشاركتها الفعالة في التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن.
نَّخْبُ التقاربات المحرّمة بين الإمارات وإيران انعكست سلباً على ملف الحرب في اليمن، التي يراها الطرفان ساحة تخادم مشترك، تتقاسم فيها الأدوات الإيرانية والإماراتية مساحة لا تستهان بها في خارطة النفوذ الجغرافي.
وفي خضم هذه التطورات، فإن دراماتيكي العلاقات الإيرانية الإماراتية، لم تشفع لحلفاء الأخير وقادته جنوب اليمن، والذي بحسب خبراء قدموا كـ "غرابيل" لهذا التقاربات المحرمة.
في 1 أغسطس 2019، كانت العاصمة المؤقتة مع موعد هو الأكثر دموية منذ عامين، عقب استهداف جماعة الحوثي الانقلابية وتنظيم "داعش" الإرهابي- وفي وقت متزامن- هجومًا مزدوجًا، بطائرة مسيرة، بمركبة مفخخة، سقط خلالها أكثر من 50 قتيلاً من منتسبي الشرطة والحزام الأمني، بينهم القيادي الكبير بينهم القائد منير اليافعي (أبو اليمامة).
* صياغة المشهد الجنوبي
بحسب تسريبات إعلامية فإن الهجمات من قبل المتمردين الحوثيين وتنظيم الدولة "داعش"، ليست بمعزل عن التقاربات الأخيرة بين أبوظبي وطهران لإعادة صياغة المشهد الجنوبي بما يستوعب تفاهمات الطرفين، في ظل اندفاع الأول نحو الأخير والتخلي عن خطاب المواجهة معها.
التسريبات كشفت عن خطة إماراتية إيرانية تسعى إلى تصفية قيادات سياسية وعسكرية وازنة في جنوب اليمن، وإعادة صياغة المشهد في المحافظات الجنوبية، بما يضمن تهيئة المجال للحليف التقليدي لإيران، عيدروس الزبيدي.
ولتنسيق الأمني بين الإمارات وإيران بتوفير معلومات عسكرية للمتمردين الحوثي تمكنهم من توجيه ضربات نوعية ضد أهداف وشخصيات سياسية وعسكرية وازنة، تشعر بتململ من سياسة أبوظبي في اليمن.
كما أن المعلومات أيضا، ستشمل أهدافا حيوية تابعة للحكومة المعترف بها.
التفاهمات الإيرانية الإماراتية ومن ورائهما جماعة الحوثي الانقلابية والمجلس الانتقالي، جرفت مسار الهجمات الحوثية وغيرت بوصلة الإحداث جنوبي اليمن، من خلال البروباغندا الإعلامية لأبوظبي وأبواقها في ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
* استنفار حلفاء الإمارات


بالتزامن مع الحراك السياسي الذي يقوده المبعوث ألأممي إلى اليمن" مارتن غريفيث"، بزيارة إلى الإمارات ولقائه بقادة المجلس الانفصالي، يحاول قادة المجلس من الاستفادة واستغلال هجمات الخميس الدامي، وحالة الغضب الشعبي ودفع الشارع الجنوبي نحو التصعيد ضد الحكومة الشرعية، وتحريضه على أبناء المناطق الشمالية.
الأحد 4 أغسطس الحالي -وعقب يومين من حادثة الهجوم الحوثي على معسكر الجلاء- قال "أحمد بن بريك"، محافظ حضرموت المقال، والرئيس الحالي للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، في اجتماعً استثنائيًا للهيئة الإدارية للجمعية، " إن المرحلة المقبلة تعد أخطر المراحل في حياة أبناء الجنوب".
وأضاف "بن بريك" أن "المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع رص الصفوف، والتلاحم، والانخراط في مشروع التحرير والاستقلال واستعادة الدولة، الذي يحمله المجلس الانتقالي ويرفع رايته".
وأكد أن "المجلس الانتقالي، عازم على مواصلة السير نحو هدف الشعب الجنوبي في استعادة دولته، مهما كانت التضحيات".
وكشف "بن بريك" - على حد وصفه- عن "حجم التحديات التي تواجه الجنوب، وتستهدف النيل من مشروعه التحرري، الذي اختطه شعب الجنوب والمتمثل في التحرير، والاستقلال، واستعادة الدولة".
الثلاثاء 6 أغسطس 2019، مرتدياً البزة العسكرية اتهم "هاني بن بريك" نائب رئيس ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا جماعة الحوثي والحكومة اليمنية وحزب الإصلاح بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف معسكر الجلاء في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس الماضي، والذي راح ضحيته أكثر من 30 جنديا من الحزام الأمني بينهم قائد الحزام العميد منير اليافعي الملقب "أبو اليمامة".
وقال بن بريك- في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء بعدن- إن "الهجوم على معسكر الجلاء نفذ عبر تنسيق ثنائي بين الحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح".
وزعم أن حزب الإصلاح يقود مؤامرة خطيرة للسيطرة على مدينة عدن.
وذكر أن اتهام حزب الإصلاح والحكومة بالضلوع في العملية مبني على معلومات وتحريات قام بها فريق لجنة استخباراتية عُليا ومتخصصة، توصلت إلى معلومات دقيقة وهامة حددت نوع الصاروخ، ومن أين تم إطلاقه، وأسماء من تواطؤوا مع الحوثيين وقاموا بمدهم بالمعلومات.
وأشار إلى أن تزامن حادثتي استهداف معسكر الجلاء، واستهداف قسم شرطة الشيخ عثمان، كان إيذانًا لبدء تنفيذ مخطط كامل للسيطرة على مدينة عدن من قبل حزب الإصلاح، إلا أن تلك المساعي أفشلتها القوات الجنوبية.
ودعا نائب رئيس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً،، أبناء المحافظات الجنوبية لـ"هبة شعبية سلمية"، مؤكداً استعداده للحرب، مُشيراً إلى أن هناك هبة شعبية ستنطلق لطرد حكومة معاشيق، والتي لا يمكن أن تبقى هذه الحكومة يوماً واحداً في عدن وهي تعمل كل الدسائس ضد الجنوب، وفق تعبيره.
ولفت إلى أنه متى ما تحرك الشعب نحو معاشيق واعترضهم أحد فلن ينتظر قادة الكتائب والجنود أي أوامر من عيدروس أو هاني بل سيهبون لنصرة شعبهم والشرعية شرعية الشعب، حد قوله.
وأشار نائب رئيس الانتقالي إلى أن الصاروخ أطلق من الجهة الشمالية الغربية لعدن واستهدف العميد/ منير اليافعي عبر شريحة جواله لحظة نزوله لاستقبال قائد قوات التحالف العربي في مدينة عدن، لافتا إلى أن الهجوم كان مخططًا لضرب جميع من كانوا في منصة العرض التي ضمت قادة بارزين في قوات التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي وليس اليافعي فقط، كما قال.
واتهم بن بريك الحكومة الشرعية بأنها تقود مخططا لفرض سيطرتها على مدينة عدن. وقال إنهم رصدوا "تحركات للشرعية لفرض سيطرتها على الوضع في عدن بعد الحادثة".
وتابع أن "مركبات وأطقم عسكرية تابعة لقوات الحكومة الشرعية (المعترف بها دوليًا) انتشرت في بعض مديريات عدن بهدف السيطرة على المدينة اعتقادًا منها أن الانفجار ضرب قيادة التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي معًا".
يأتي ذلك، فيما بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، اليوم الثلاثاء زيارة جديدة إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، التقى خلالها رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، عيدروس الزبيدي.
* ضرب مشروع الوحدة
المتابع لسير تصريحات أبواق الإمارات قبل تفجيرات الخميس الدامي في العاصمة المؤقتة عدن وما أعقبها من تصريحات من قبل مستشار ولي العهد الإماراتي " "عبدالخالق عبدالله" ومدير شرطة دبي المقال "ضاحي خلفان" وحليفها في اليمن "هاني بن بريك"، نائب رئيس ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، و"أحمد بن بريك"، رئيس ما يعرف بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
فإن جميع التصريحات تعبر عن سياسة أبوظبي في اليمن بضرب مشروع الوحدة اليمنية، وتعميق الكراهية ضد المناطق الشمالية في الجنوبي اليمن، وإزاحة بعض القيادات الجنوبية، والعمل على إبعاد الحكومة اليمنية من المشاهد السياسي والعسكري في شمال وجنوب اليمن.
التصريحات الغير مباشرة من قبل أبواق الإمارات تهدف، إلى الحث على التثوير الشعبي وهندسة نوع من الفتن العنصرية والمناطقية، ودفع العاصمة المؤقتة، لوضع استثنائي يسمح بتحركات تحمل بعدا شعبيا، ويتم توجيهها لفرض خيار الانفصال الفوضوي.
وتلك خطوة تمهيدية تقول مصادر سياسية، من المتوقع أن تتلوها خطوة أخرى لمواجهة ما تبقى للشرعية من أدوات عسكرية وأمنية وطرد المسؤولين والوزراء والقادة المحسوبين عليها، وصولا إلى فرض الانفصال عبر هذه الوسيلة من التثوير الشعبي.
* خطوات تمهد الانفصال


بحسب خبراء في الشأن اليمني فإن ظهور هاني بن بريك ببزته العسكري واتهامه للحكومة الشرعية وتقديمه معلومات غير مؤكدة مبنية على تحريات قام بها فريق لجنة استخباراتية عُليا ومتخصصة عن نوع الصاروخ، ومن أين تم إطلاقه، وأسماء من اعتبرهم متواطئين مع الحوثيين، فإن الإمارات تحاول تقديم المجلس الانتقالي الانفصالي نفسه للعالم، كطرف معني بكل ما يجري ومصادر سلطة البت في التحقيق وفي التعاطي مع النتائج، وكخطوة تمهيدية لفرض خيار الانفصال يعقبها مراحل تصعيدية ضد الحكومة اليمنية.
المرحلة الثانية في الرؤية الإماراتية لفرض الانفصال هو تحشيد الشارع الجنوبي، فقد بدأت حشود قبلية جنوبية بالوصول إلى مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، الإثنين، وسط توقعات بأن تصل الأعداد ذروتها الثلاثاء تلبية لدعوة الاحتشاد التي وجهتها لها أطراف جنوبية، على خلفية الهجمات التي تعرضت لها عدن الخميس الماضي
محاولة أخرى للاستفادة من الحادث والغضب الشعبي، للتصيعّد ضد الحكومة الشرعية، بعد أن استغل الهجمات لتنفيذ عمليات استهداف ممنهجة وترحيل مواطنين ينتمون إلى محافظات الشمال.
مصادر قبلية تحدثت لموقع "العربي الجديد"، قالت إن الفعالية والتحشيد يعدان من وسائل التصعيد ضد الحكومة الشرعية، والتحرك على الأرض من خلال استخدام القبلية كواجهة لهذا التحرك لإبعاد الحرج عن "الانتقالي" والتشكيلات العسكرية. وأضافت أنه يمكن كذلك اعتبارها محاولة فرض سلطة الأمر الواقع وطرد الحكومة الشرعية، بعيداً عن الضغوط الخارجية التي قد تتعرض لها قيادة "الانتقالي" خصوصاً في ظل التحولات في الموقف الإماراتي في اليمن والتحفظ السعودي على تقويض إضافي لنفوذ الحكومة اليمنية في عدن.
ويرى فريق آخر أن أي تحرك تحت غطاء القبيلة هو خطر جداً، وهو رمي آخر الأوراق التي قد تشعل صراعاً جنوبياً بحتاً، لأنها قد تدفع القبائل الجنوبية إلى الانقسام والتمترس خلف أطراف بعينها أو بجانب أبنائها، وهو أسوأ من الصراع بواسطة التشكيلات العسكرية.
ولفت إلى أنه "إذا ما فكرت الإمارات بالسماح لحلفائها باستخدام القبيلة في الواجهة، لإبعاد التهمة عنها وعن التشكيلات الموالية لها، صحيح أنها تنقذ نفسها بهذه الخطوة إذا ما تمت، لكنها قد تغرق الجنوب في صراع هو أسوأ ما يخشاه الشارع الجنوبي".
* الخلاصة
بعد أن فشلت أبو ظبي في فرض قوى الأمر الواقع الناعمة (المجلس الانتقالي) والخشنة (الأحزمة الأمنية والنخب العسكرية) كطرف في المعادلة السياسية وفي طاولة المفاوضات المعنية بإنهاء الحرب وإحلال السلام.
الإستراتيجية الإماراتية تسعى إلى فرض بدائل مشروعها التشطيري في اليمن من خلال خلق نوع من الارتباك والتشظي في معسكر الحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية، واستثماره لتغيير ميزان القوى.
تحاول الإمارات ومن خلفها إيران وبريطانيا والاتحاد الأوربي الذي جمع قادة الحراك الجنوبي في وقت سابق في عمان، اغرق الجنوب اليمني في صراع هو أسوأ ما يخشاه الشارع الجنوبي"، والحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية.
ملامح التحول في المشهد الجنوبي الذي بدأت في عدن طرحت العديد من التساؤلات حول الصمت والسكون الحكومي والسعودي وأبعاده.
في ضوء المعطيات السابقة، لم يعد مفهوماً النوايا التي تضمرها المملكة، وهل لديها استراتيجية إزاء التقلبات المتسارعة في اليمن، والتي تخدم جماعة الحوثي ومشروع الا دولة.
وهل الإجراءات التي اتخذتها الإمارات، سواء تجاه إيران، أو في ملف اليمن، تمت بالتشاور والتنسيق مع السعودية؟.
بحسب الصحفي والباحث السياسي اليمني "كمال السلامي" فإن المملكة مطلعة على الوضع كاملا، وعلى دراية بتطورات الأحداث في عدن وغيرها من المحافظات المحررة".
السلامي قال، إنه لا يبدو أن لدى الرياض استعداداً حاليا لفتح ملف التصعيد في الجنوب مثلا، ذلك أنها لا تريد أن تضيف تعقيداً إلى التعقيد الحاصل. مؤكدا أنها أمام خيارين، أحدهما أكثر صعوبة، أما أن تنحاز لخيار المجلس الانتقالي الجنوبي -مدعوم إماراتيا- وبالتالي تخسر الشرعية وتخسر مبرر الحرب.
أما الخيار الثاني، فهو أن تنحاز لصالح الحكومة الشرعية وخياراتها المتمثلة في إقامة دولة اتحادية، وبالتالي قد يدخلها ذلك في صدام مع المجلس الانتقالي، وقواته التي باتت لا يستهان بها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد