اليوم العالمي للمعلم.. واقع ثقيل في اليمن!

تذكير ببؤس الواقع وسنوات عجاف من الحرب والحرمان من المرتبات..

2019-10-07 09:40:47 أخبار اليوم/ تقرير

 

بينما يحتفل المعلمون حول العالم باليوم العالمي للمعلم- الذي يصادف يوم 5 أكتوبر من كل عام- كان الحال مختلفًا مع عشرات الآلاف من المعلمين اليمنيين الذين لم تعد رمزية "عيد المعلم" تمثل لهم سوى باعثٍ للألم تلح على في تذكيرهم ببؤس واقعهم الذي صيرتهم إليه سنوات عجاف من الحرب والحرمان من المرتبات في ارتفاعٍ قاصم لأسعار السلع الغذائية الأساسية والخدمات التي أصبحت عسيرة المنال على السواد الأعظم من المعلمين شأنهم شأن الغالبية من اليمنيين.

في صُلب المشكلة

خلال السنوات الأربعة الماضية، يكافح مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في قطاع التربية والتعليم في اليمن، خصوصًا أولئك القاطنين في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، من أجل الاستمرار في وظائفهم دون مرتبات تحت ضغط الحاجة، بعد أن وجدوا أنفسهم مجبرين على مواصلة مهنتهم خوفًا من إقصائهم من وظائفهم الحكومية.

حيث توقفت مرتبات ميلوني موظف في القطاعات الحكومية في اليمن منذ أغسطس 2016، في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، بينهم 242 ألف معلم ومعلمة، 72% منهم يعيشون في مناطق سيطرة الانقلابين الحوثيين، ولا يستلمون أي مرتبات منذ أربع سنوات.

في حين يعد وضع المعلمين في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية أفضل حالًا من نظرائهم في مناطق سيطرة الإنقلابيين، حيث يتقاضون مرتباتهم بشكل منتظم، إلا أن نسبتهم لا تتجاوز الربع من إجمالي عدد المعلمين في اليمن، والتي لا تتعدى 28% فقط، لكن المشكلة بالنسبة لغالبيتهم تكمن في انخفاض متوسط الأجور بالمقارنة في الغلاء الكبير الذي ترهص به السوق المحلية على خلفية تدهور الريال اليمني مقابل الدولار إلى أدنى مستوى في تاريخه، حيث لا يتعدى مرتب المعلم في أحسن الأحوال 150 دولارًا، وهو مبلغ زهيد في ظل نفقات المعيشة والسكن والخدمات ومقتضيات الحياة الأساسية.

البحث عن مهنة أخرى

 

بينما اضطر معلمون آخرون بسبب الوضع المتأزم، إلى التخلي عن المهنة والبحث عن مهنة أخرى تكفل لهم دخلًا بديلًا يعيلون به أنفسهم وأسرهم، بعد أن أعطب الحوثيون ما تبقى لهم من أمل في الحصول على راتبٍ زهيد، علمًا أنه خلال السنوات الماضية شهد قطاع التعليم محاولات اضطراب واحتجاجات للمطالبة بحقهم في الحصول على رواتبهم، قوبلت من قبل الحوثيين بالتجاهل تارة، والتهديد والوعيد تارة أخرى، إلى الحد الذي وصلت في المطالبة بالراتب في نظر المليشيا الحوثية ضربًا مما يطلقون عليه "العمالة والارتزاق" وغيرها من نعوت الخوين، هدفها إرهاب المعلم ومصادرة حقه وإجباره على العمل بالمجان تحت ضغط واقعٍ لا يرحم.

خدمة طوعية

على الرغم من كل السدود والأسلاك الشائكة التي سلبت من المعلم القوت والوقت، ما يزال نسبة كبيرة منهم يمارسون المهنة بلا مقابل، خصوصًا في المناطق الريفية، وفي أحسن الأحوال يتقاضون مبالغ رمزية تكون في الغالب من تبرعات الأهالي أو مبادرات إحسان فردية لتشجيع استمرار العملية التعليمية.

ابتزاز المعلم

 

محاولات السلطة الانقلابية في إطفاء صوت المعلم لم تقف عند التهديد أو إرغامه على العمل الجبري، بل تعدت إلى إقصاء عدد غير قليل من المعلم والتلاعب بهيكلية المنظومة التعليمية وإسناد الوظيفة الحكومية إلى غير أهلها من أصحاب الكفاءة، عن طريق التعيينات التي تتم على أسس فئوية أو انتماءات سلالية، ساهمت في تداعي المنظومة التعليمية كما لم يحدث من قبل.

فقد أدى ابتزاز المعلم ومصادرة أجره إلى أغراض جانبية انسحبت على قطاع التعليم بشكل عام، وعلى الطالب بشكل خاص، وهو ما أكدته منظمة "يونسف" للتربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة، وتقارير ومنظمات دولية أخرى معنية بهذا الجانب، آخرها ما أفصحت عنه ممثلة اليونيسيف في اليمن "سارا بيسلو نيانتي" بأن مليوني طفل يمني أصبحوا خارج المدارس، بينما 3.7 ملايين آخرين معرضون لخطر التسرب من مدراسهم، مؤكدة على حقيقة أن ذلك من شأنه أن يؤخر عجلة التنمية والفقر بسبب حرمان ملايين الأطفال من حقهم في التعليم، كما أن العنف والنزوح والهجمات التي تتعرض لها المدرس تحول دون وصول العديد من الأطفال إلى المدارس.

الانجراف نحو الحرب

يتعاظم الخطر بشكل أكبر في حال كهذا، مع التحاق الأطفال الذين كان قَدَرُهم أن يكونوا على مقاعد الدراسة، بانخراطهم في معمعة الحرب في صفوف جماعة الحوثي، التي دفعت بكل قوة في خلق هذا الواقع لتشجيع تلاميذ المدارس على النحو الذي يدفعهم إلى ترك التعليم، ثم الزج بهم في أتون الحرب.

حيث سعت جماعة الحوثي منذ بواكير عهدها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا إلى تحويل المدارس الحكومية إلى ثكنات لتطحلب الفكر الغلوائي، وبث المفاهيم الطائفية والتحريض، مستغلة سلطتها في فرض فعاليات وأنشطة لها دَمْغتها الطائفية على مدراء المدارس، بل وصل الحال في بعض الأحيان إلى إجبار طلاب المدارس على المشاركة في تنظيم المناسبات والأعياد التي تقيمها الجماعة بين فترة وأخرى، وخاصة في محافظات: صنعاء وحجة وصعدة، مع العلم أن ثلثي مقاتلي الجماعة هم من الأطفال وصغار السن، معظمهم يتم استدراجهم من المدارس بعد شحن أدمغتهم بثقافة الكراهية والموت والأفكار الطائفية ونبذ المجتمع.

///////////////////////////////////

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد