حوار جدة.. مبادرة سعودية نحو تسوية معاقة

2019-10-12 04:38:27 أخبار اليوم/ تقرير خاص

  

 

في خضم الأحداث التي يموج المشهد العام في اليمن، عاد الحديث مجددً ا عن "حوار جدة" الذي تعثر منذ مطلع سبتمبر الماضي، بعد أحداث التمرد التي قام بها ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيًا ضد الدولة اليمنية، في عدن وبعض المحافظات الجنوبية.

وكانت وزارة الخارجية السعودية دعت كلاً من الحكومة الشرعية وقيادات الانتقالي الجنوبي بداية سبتمبر الفارط إلى حوار جدي في مدينة جدة السعودية في محاولة للتقريب بينهما بعد أن تعذر الخروج بالوضع من عنق الزجاجة، إلا أن المباحثات لم تتم في حينها كما كان يأمل الجانب السعودي، برغم حضور وفد الانتقالي الجنوبي إلى جدة ثم عودته خالي الوفاض.

إلا أن السعودية نجحت مؤخرًا في إنعاش مبادرتها من جديد، حيث يعقد الوفد الحكومي نقاشا مع قيادات التمرد المدعوم إماراتيا بغية التوصل إلى صيغة لحل الأزمة بين الشرعية والمتمردين الخارجين عليها، وسط حالة من عدم التفاؤل الشعبي من جدوى هذه المباحثات، خصوصًا أنها تأتي بالتزامن مع تصعيد جديد للإمارات في المحافظات الجنوبية يوحي باستمرار تغوّل يدها العابثة في تقويض الدولة اليمنية ومحاولة إبعادها أكثر عن أي حضور في إدارة الأزمة في المناطق التي ترى الإمارات ضرورة أن تظل تحت هيمنتها وبخاصة في عدن وسقطرى.

* اليد العابثة تُلوِّحُ بالأسوأ

بوادر الجنوح الإماراتي تجلت في استدعاء جزء من قوات العمالقة بأسلحتها وعتادها في الساحل الغربي لليمن إلى عدن، لضمان بقائها تحت سطوة أبوظبي منعًا لتكرار ما حدث قبل أكثر من شهر، غداة سيطرة الجيش اليمني على عدن في أعقاب محاولة الانقلاب التي أشرفت عليها الإمارات عن طريق أدواتها المحليين، قبل أن تتدخل الإمارات مباشرة في إيقاف تقدم القوات الحكومية واقتراف الطيران الإماراتي محرقة بحق الجيش اليمني على تخوم عدن، خوفًا على انفلات الحبل من يدها في الوقت الذي رأت فيه حصاد جهدها الذي دأبت عليه خلال أكثر من أربع سنوات في جنوب اليمن يتبدد خلال ساعات.

من الواضح أن قيام الإمارات بسحب بعض أذرعها الأمنية في الساحل الغربي وإرسالهم إلى عدن يعد تصعيدًا مفضوحًا بكل المقاييس يكشف عمق الفجوة بين ما تظهره الإمارات من رغبة في نجاح نقاش جدة وما تستعد له في المرحلة المقبلة، وهي خطوة اعتبرها مراقبون تسخينًا للوضع المضطرب في العاصمة المؤقتة التي تسيطر عليها مليشيات المجلس الانتقالي المثقل بالعتاد والسلاح الإماراتي الموجه صوب اليمنيين وقيادتهم المعترف بها دوليًا.

أيضا في الفترة نفسها التي عاد فيها حوار جدة إلى الواجهة، عاد السيناريو العبثي للإمارات في سقطرى تجسد في محاولة انقلاب على السلطة المحلية بالجزيرة، بعد محاولتها عبر مجاميع مسلحة تنضوي تحت ما يعرف بـ"الحزام الأمني"، وبالتنسيق مع مدير أمن محافظة سقطرى، أحمد علي الرجدهي الذي عزله الرئيس هادي من منصبه منذ أيام، في خطوة استباقية، أفضت إلى إحباط مخطط إماراتي ببسط السيطرة الأمنية على الجزيرة اليمنية ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة في المحيط الهندي.

* ملامح تسوية منقوصة

حتى الآن لا يوجد تفاصيل كافية تشير إلى تقدم المباحثات بين الحكومة الشرعية ومتمردي الانتقالي الجنوبي، وسط أنباء شبه مؤكدة، عن مقترح طرحته السعودية من شأنه أن يجمع الطرفين على صيغة توافقية للحل وفق التصور الذي تراه السعودية للأزمة.

وبالرغم من أن بنود هذا المقترح ما تزال غير معلنة، إلا أن هناك ما يشير إلى أن المقترح السعودي لن يخلو من بنود تتضمن إشراك الانتقالي الجنوبي في الحكومة وإعطائه بعض الحقائب الوزارية، كما سبق أن طالب بعض مسؤولي الانتقالي في وقتِ سابق، في مقابل السماح بعودة الشرعية إلى عدن التي يسطر عليها حلفاء الإمارات.

* أنصاف الحلول تصنع تسويات هشة

صيغة الحل هذه، إن تمت على هذا النحو، لن تكون في صالح الشرعية، وإن بدت مرضية من ناحية السماح لها بالعودة إلى العاصمة المؤقتة، لكن هذه العودة تبقى مرهونةً بمزاج من يملك القوة على الأرض، فأي عودة للشرعية إلى عدن لا تتضمن معها عودة الجيش اليمني، لا يمكن الركون إلى جانبها، طالما ليس هناك ما يضمن بقاءها، أو يضمن عدم تكرار سيناريوهات ما حدث مؤخرًا بعد إعلان الانتقالي الجنوبي التمرد على الدولة بقوة السلاح.

وبالتالي فإن أي صيغة للحل لا تتضمن حلّ المجلس الانتقالي وإيقاف نشاطه المناهض للدولة اليمنية، وبسط سلطة الجيش الوطني على كافة الأراضي المحررة، لا يعد حلًا ناجعًا، بل على العكس تمامًا، فمن الوارد جدًا أن يتفسخ الاتفاق وتعود الأمور إلى الصفر، وقد أصبحت أكثر استعصاءً على الترويض. 

كما أن بقاء الجيش اليمني خارج الدائرة، مع وجود حكومة عزلاء في عدن، لا يعني إلا أمرًا واحدًا هو منح الانتقالي الجنوبي الذي لا يحظى بأي اعتراف دولي، مزيدًا من الوقت لإعادة ترتيب نفسه للمرحلة التي يكون فيها الانقلاب أكثر نضجًا في حال تهيأ له المناخ الملائم لإعادة الكرّة من جديد.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد