الإمارات في اليمن.. من دعم الشرعية إلى تقويض ملامح الدولة

2020-05-11 14:24:44 أخبار اليوم/ تقرير

 

تزامنا مع الدعوات الغاضبة والمنددة بالعبث الذي تمارسه الامارات في اليمن، والذي كان آخره دعم وتمويل الانفصاليين في جنوب اليمن، نشر مركز الجزيرة للدراسات، ورقة بحثية للصحفي والباحث اليمني محمد الاحمدي، بعنوان « الإمارات في اليمن: من دعم الشرعية إلى تقويض ملامح الدولة» تناولت التغلل الاماراتي في اليمن، منذ دعم الثورة المضادة التي جاءت بالحوثيين في اعقاب الربيع العربي والثورة الشبابية السلمية في اليمن، وصولا إلى دخولها على خط الأزمة اليمنية، بعد مشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وأعقب ذلك من تدمير لليمن وإنشاء واحتواء المتمردين الانفصاليين، وتقويض سلطة الشرعية، والهيمنة على الموانئ والجزر اليمنية، إلى جانب رعاية الاغتيالات السياسية والصفيات للشخصيات السياسية والدينية بمدينة عدن وعدد من محافظات الجنوب، التي تم بعضها بأيدي مرتزقة أجانب.


خبیر استراتیجي سعودي في لقاء تلیفزیوني:
 الإمارات كانت الممول الرئیس للحوثیین وحلیفهم، صالح، من أجل اجتیاح العاصمة صنعاء، في سیاق الحرب على حزب الإصلاح في الیمن

الدور الإماراتي یعزز سلطة الحوثیین


كشفت السیاسات الإماراتیة في الیمن، أن توقف عملیة التحریر على حدود الشطرین هدفها إعادة ضبط مسار الحرب وفق الأجندات الإماراتیة، وأن إطالة أمد الصراع بصرف النظر عن كلفته الإنسانیة كانت مقصودة، بغیة التحكم بأدوات اللعبة وصولًا إلى عقد اتفاق هدنة إماراتیة مع الحوثي أو إیران نفسها.

كما أسهم الدور الإماراتي في الیمن بشكل غیر مباشر في تعزیز قدرات الجماعة الحوثیة، فقد أدى تلاشي الشرعیة في المناطق المحررة إلى فقدان الثقة الشعبیة بقدرة الأخیرة على إنجاز عملیة التحریر لإسقاط المشروع الحوثي، ووفر الوضع القاتم في جنوب الیمن مادة إعلامیة حربیة لجماعة الحوثیین لاستثماره داخلیا في تعزیز مواقفها المناهضة للتدخل السعودي/الإماراتي والتحشید لمواجهة قوات الشرعیة والتحالف.

یشكِّك كثیرون في جدیة حرب الإمارات لدعم الشرعیة أو إسقاط الحوثیین، رغم إعلان جماعة الحوثي مسؤولیتها عن ثلاث هجمات فقط، ادعَّت أنها استهدفت مواقع حیویة في الإمارات. بینها هجوم بطائرة مسیرَّة من نوع صماد استهدف مطار أبوظبي في تاریخ 26 یولیو/تموز 2018 ، وهو الأمر الذي نفته الإمارات وعزت الانفجار في المطار إلى حادثة تسببت بها مركبة لنقل الإمدادات لكن الحوثیین بعد نحو عام نشروا تسجیلاً مصورً ا للهجوم.

وفي الوقت الذي كانت العاصمة المؤقتة، عدن، تشهد حالة من الغلیان والتوتر بین الانتقالي المدعوم إماراتیا والشرعیة، سارعت أبوظبي لإرسال وفد أمني رفیع المستوى إلى طهران، التقى مسؤولین إیرانیین وانتهى اللقاء بالاتفاق على ضرورة تعزیز الدبلوماسیة، والتأكید على أهمیة تعزیز أمن میاه الخلیج وبحر عُمان.
وبالتوازي مع ذلك، أعلنت الإمارات إعادة الانتشار وسحب جزء من قواتها في الیمن و
هو الأمر الذي حظي بإشادة وترحیب الحوثیین، واعتبرها ناطق الحوثیین، محمد عبدالسلام، خطوة محل تقدیر ا كانت دوافعها أيا كانت دوافعها، مؤكدًا توقف ضرباتهم ضد الإمارات منذ اتفاق السوید بسبب توقف عملیاتها في الساحل الغربي، وانسحابها الجزئي من الیمن أثار التقارب بین أبوظبي وطهران تساؤلات عدة، حول انعكاساته على الیمن، وما إذا كان بالفعل مجرد مباحثات ثنائیة لحل مشكلات تتعلق بالحدود البحریة بین البلدین، حسب المسؤولین.
الإماراتیین، أم إنه مقدمة لتحالف قادم على حساب التحالف الإماراتي القائم مع السعودیة، خصوصًا في ضوء المصالح الاقتصادیة الكبیرة بین البلدین وعودة العلاقات الإماراتیة أیضًا مع النظام السوري، ومخاوف الإمارات من أي تأثیرات تطول مصالحها الحیویة في حال نشوب حرب محتملة مع الولایات المتحدة الأمیركیة، كما أن احتفاء میلیشیا الحوثي بالزیارة الإماراتیة لطهران، أثار تساؤلات حول حدوث انقسام بین السعودیة والإمارات بشأن طبیعة التعامل مع الحوثي، وبالتالي تأثیر ذلك على موقف الشرعیة، وإطالة عمر الأزمة في البلاد.

تعز في قلب عاصفة الثورة المضادة

تمثلِّ محافظة تعز الكتلة السكانیة الأكبر في أحداث الثورة السلمیة في الیمن، ولذلك حظیت بنصیب وافر من السیاسات الإماراتیة الناقمة، ربما أخفقت أبوظبي في نقل تجربة الأحزمة الأمنیة والنخب إلى محافظة تعز، رغم الدعم الذي حظیت به كتائب أبوالعباس نسبة إلى قائدها «أبي العباس»، عادل عبده فارع، المصنفَّ في قوائم الإرهاب الأمیركیة والسعودیة والإماراتیة، لكنها لم تتوقف عن دعم الأخیر حتى اللحظة، من ناحیة، ومن ناحیة أخرى توجهت إلى دعم وریث النظام السابق في الیمن، طارق محمد صالح، ابن شقیق علي صالح، الذي قًتل على ید حلفائه الحوثیین، في 4 دیسمبر/كانون الأول 2017 ، حیث عمل طارق صالح من ذ فكِّ شراك ة عائل ة آل صالح بالحوثیین بعد مقتل عمه على استقطاب بقايا الحرس الجمهوري وعناصر المؤتمر الشعبي العام في العدید من مؤسسات الأمن والجیش وأنشأ قوة أطلق علیها «حراس الجمهوریة»، یقُدرَّ قوامها بحوالي 12 لواء یتراوح عدد أفراد كل لواء بین 1500 إلى 2000 فرد، متخذاً من مدینة المخا غربي تعزمقرا لقیادة القوات التي أطُلق علیها مؤخرًا اسم «المقاومة الوطنیة»، وجمیع أفرادها یتلقون رواتبهم وتسلیحهم، من الإمارات.

حُرِّرت مدینة المخا ومیناؤها وقبلهما مدیریة ذبُاب من قبضة الحوثیین خلال عملیة أطُلق علیها «الرمح الذهبي»، انطلقت في ینایر/كانون الثاني 2017 ، ومثلَّ طرد الانقلابیین من مدینة المخا تحولًا استراتیجیا كبیرًا في العملیات بالیمن، حیث تكمن أهمیة السیطرة على المدینة ومینائها في تأمین ممر باب المندب الملاحي الاستراتیجي، كما تربط المدینة محافظة تعز بمحافظة الحدیدة الساحلیة، وتسهِّل السیطرة علیها استرجاع ما تبقى من بلدات على طریق الحدیدة تعز، لكن أحداث السنوات الثلاث الأخیرة كشفت عن رغبة إماراتیة في فصل المخا ومینائها الاستراتیجي عن محافظة تعز، للإبقاء على المحافظة رهن الحصار والفوضى وسیاسات التفكیك من الداخل، حیث ارتفعت في الآونة الأخیرة الأصوات المنددة بهذه السیاسات، متهمة طارق صالح بإدارة مخطط یستهدف ضرب تعز ببعضها بشكل عام وتمزیق نسیجها الاجتماعي ویؤثر على تركیبتها الدیمغرافیة، حیث تفید المعلومات عن استقطابات لأفراد في الجیش وتجنید لبعض أبناء مناطق الحجریة وتوزیع الأسلحة والأموال تمهیداً لحرب وصراع دامٍ في تعز بمزاعم الانتقام للشهید، عدنان الحمادي، في كفة وفي الكفة الأخرى یجري عمل من نوع آخر ینتمي لذات الحیل والمكائد التي نسجتها الإمامة طیلة فترات تحكمها بالبلد، في التاریخالقریب والبعید.

وهكذا، في الوقت الذي كان یعوَّل على تحریر سواحل تعز بأن تكون متنفسًا للمحافظة وأن یتسنى إعادة تشغیل مینائها، أصبحت عبارة عن دولة أخرى تتبع قوات لا تخضع لسلطة الشرعیة وإنما تتبع بشكل مباشر الإمارات. لم تتوقف السیطرة الإماراتیة الحصریة على السواحل الغربیة للیمن عبر «قوات طارق»، وإنما امتدت إلى الجزر القریبة والمطلة على مضیق باب المندب، كما في جزیرة میون وجزر حنیش الصغرى والكبرى بالإضافة إلى جزیرة زقر وغیرها، وبدت الشرعیة فعلیا خارج منطقة عملیات الساحل الغربي، وكذلك السعودیة التي انسحبت قواتها عقب استهداف قائد القوات الخاصة السعودیة، العقید عبدلله السهیان، أواخر العام 2015 ، باستهداف صاروخي تبنته جماعة الحوثي وتتُهَّم الإمارات بتنسيقها.

الإمارات والجماعات السلفیة

مقابل حربها على الكتل السكانیة والقوى السیاسیة الیمنیة المحسوبة على الثورة السلمیة في الیمن، سعت أبوظبي منذ الوهلة الأولى للتدخل العسكري في الیمن، إلى استثمار حالة الاستیاء والرغبة في الانتقام لدى منتسبي الجماعة السلفیة «الجامیة» التي هُجِّرت قسریا من دماج في صعدة، إثر عدوان الحوثیین على مركز دار الحدیث، وعودة آلاف الطلاب إلى دیارهم، حیث تمت تعبئتهم للانخراط في المقاومة المسلحة ضد الحوثیین، خصوصًا في تعز وعدن، وتولت الإمارات لاحقًا إعادة هیكلتهم في إطار ألویة وتشكیلات مسلحة تتلقى منها الدعم والتمویل والتوجیه مباشرة، بما في ذلك كتائب أبوالعباس، عادل فارع، في تعز والأحزمة الأمنیة في عدن وأبین ولحج وجزء من ألویة العمالقة في الساحل الغربي.

حتى المساجد التي اغتیل أئمتها في عدن من المحسوبین على التیارات السلفیة الأخرى جرى تسلیم مساجدهم بأوامر القیادي.

السلفي في المجلس الانتقالي، هاني بن بریك، لشخصیات تنتمي لنفس التیار المنتمي إلیه والمدعوم إماراتیا، لتماهیه مع المشروع الإماراتي المعادي للدیمقراطیة ووحدة التراب الیمني.

حرب الإرهاب ورقة رابحة لتمریر مشاریع النفوذ

نجحت الإمارات في استثمار القلق الدولي من خطر التنظیمات الإرهابیة في الیمن، وهي المفردة التي تمثل قاسمًا مشتركًا لدى مختلف الفاعلین الدولیین، واستخدمت بكثافة على مدى فترات مختلفة من الصراع في الیمن، ومثلَّت هاجسًا مقلقاً للولایات المتحدة الأمیركیة على مدى عقود، فیما استثمرها الرئیس السابق، علي صالح، لاستجلاب الدعم الدولي في مواجهة مطالب التغییر إبان الثورة السلمیة، وظلت فزاعة حتى أثناء انقلابه مع حلفائه الحوثیین على الشرعیة في الیمن.

بعد تحریر عدن وبقیة المحافظات الجنوبیة، ركزت دولة الامارات العربیة المتحدة على تعزیز نفوذها في تلك المحافظات، سواء من خلال وجودها العسكري المباشر، أو من خلال التشكیلات العسكریة التي أنشأتها خارج هیاكل الجیش الوطني والأجهزة الأمنیة التابعة للسلطة الشرعیة.

وبهدف تسویق نفسها وتبریر وجودها العسكري في تلك المحافظات الجنوبیة، تولت القیادة العسكریة الإماراتیة التخطیط لعدد من العملیات العسكریة تجاه مناطق یشُتبه بوجود التنظیمات المتشددة وعناصر تنظیم القاعدة فیها. وقد جرى تنفیذ تلك العملیات من خلال قوات الحزام الأمني، والنخب، بمشاركة مباشرة من القوات الإماراتیة والمخابرات والقوات الأمیركیة.

وباستثناء العملیة العسكریة التي نفُِذّت بإشراف من محافظ حضرموت وقیادة قوات التحالف، أواخر نوفمبر/تشرین الثاني2018، فإن الكثیر من النقد یوُجَّه باتجاه تعامل الإمارات المنفرد مع ملف الإرهاب، وإصرارها على إقصاء وتهمیش السلطة الشرعیة والجیش الوطني وأجهزة الأمن الرسمیة وحتى في بعض الأحیان قیادة التحالف، وتنفیذ معظم تلك العملیات من خلال تشكیلات عسكریة خارجة عن سلطة الدولة ورافضة لشرعیتها، وأن مثل هذا الأمر قد یأتي بمردودات عكسیة في الأجلین المتوسط والبعید.

لكن یمكن القول: إنه برغم الحدیث عن سلسلة من العملیات العسكریة الإماراتیة على الإرهاب في الیمن، لم یتسنَّ قیاس أي نتائج ملموسة على الواقع، عدا الإعلان عن انسحاب عناصر القاعدة أو داعش من مناطق قیل: إنها كانت تمثل معاقل لتلك العناصر، بینما تشیر تحقیقات صحافیة إلى احتمال وجود صفقات سریة من نوع ما أفضت إلى صناعة انتصارات مزعومة. في هذا السیاق، أفاد تحقیق استقصائي لوكالة أسوشیتد برس الأمیركیة أن التحالف بقیادة السعودیة عقد اتفاقات سریة مع تنظیم القاعدة في الیمن، وخلص إلى أنه دفع أموالًا للتنظیم مقابل انسحاب مقاتلیه من بعض المناطق في البلاد.

وأفاد التحقیق بأن فصائل مسلحة مدعومة من التحالف جندَّت مسلحي تنظیم القاعدة في الیمن، وتم الاتفاق على انضمام 250من مقاتلیه لقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتیا في محافظة أبین جنوبي البلاد. وذكرت الوكالة أن هذه الاتفاقات تمت بعلم أمیركي وأمَّنت انسحاب بعض مسلحي القاعدة مع العتاد الذي نهبوه من بعض المدن، من بینها المكلا جنوبي الیمن وسبع مناطق في محافظة أبین (جنوب) ومدینة الصعید بمحافظة شبوة (جنوب).

واستند تحقیق أسوشیتد برس على تقاریر میدانیة ومقابلات مع أكثر من عشرین مسؤولًا، بینهم قیادیون أمنیون یمنیون وزعماء قبائل ووسطاء وأعضاء سابقون في تنظیم القاعدة. واستناداً إلى هذا التحقیق، فقد صوَّت مجلس النواب، في 24 مایو/أیار 2017 ، مطالباً وزیر الدفاع الأمیركي وقتها، جیم ماتیس، بأن یقرر ما إذا كان أفراد الجیش أو المخابرات الأمیركیة قد انتهكوا القانون في استجواب المعتقلین في الیمن.

ناهیك عن ذلك، ثمة اعتقاد سائد لدى الكثیر من المراقبین بأن الاستثمارات الإماراتیة المتنامیة في البنى التحتیة في قطاعَي الطاقة والأمن في الیمن، ظلت تشكِّل بصورة مطَّردة القوة المحرِّكة خلف التدخل الإماراتي لمحاربة الإرهاب في الیمن ومناطق أخرى، كما أن عملیات مكافحة الإرهاب التي تنفذها أبوظبي لا تقتصر حصرًا على أمن قواتها في الیمن -حیث تنتشر القوات الخاصة التابعة للحرس الرئاسي الإماراتي منذ مایو/أیار 2015 - بل تشتمل أیضًا، وبصورة مطردة، على استراتیجیتها الهادفة إلى زیادة تأثیرها الجیوسیاسي في القرن الإفریقي والمحیط الهندي، بما في ذلك حمایة محطات الطاقة والبنى التحتیة البحریة. واللافت أنه منذ مطلع العام 2018 ، تحولت حمایة هذه البنى التحتیة والأصول إلى مصلحة قومیة أساسیة بالنسبة إلى الإمارات، نظرًا إلى تدخلها المتزاید في المناطق الواقعة جنوب الیمن على المستوییَن، العسكري والسیاسي.

لم یتوقف الأمر عند التوظیف السیاسي الإماراتي للحرب على الإرهاب في الیمن، فقد كشُف النقاب أیضًا عن وصول أسلحة أمیركیة إلى تنظیم القاعدة في الیمن عن طریق الإمارات والسعودیة؛ الأمر الذي دفع أعضاء بمجلس النواب الأمیركي إلى طلب التحقیق، وأعُلن أواخر نوفمبر/تشرین الثاني 2019 ، عن اعتزام وزارة الخارجیة الأمیركیة والبنتاغون إرسال محققین إلى كل من السعودیة والإمارات للتحقیق حول نقل نوع معین من الأسلحة الأمیركیة، بینها عربات مدرعة أمیركیة الصنع تعُرف ب « MRAPs»،بیعت للسعودیة والإمارات، إلى جماعات متطرفة، من ضمنها مقاتلون مرتبطون بتنظیم القاعدة، ومتمردو ن مدعومو ن من إیران ومیلیشیات انفصالیة، في خرق للاتفاقیا ت المبرمة مع واشنطن ، وقد استخدمت هذه المجموعات الأسلحة ضد الحكومة الیمنیة المعترف بها دولیا والتي تدعمها أمیركا. 

انتهاك السیادة

مارست الإمارات العدید من الإجراءات التي تمثلِّ انتهاكًا للسیادة الوطنیة، كونها لم تكن بموافقة الحكومة الشرعیة صاحبة السیادة على التراب الیمني، بلغت ذروة هذه الإجراءات مطلع مایو/أیار 2018 ، عندما هبطت طائرات نقل عسكریة إماراتیة في جزیرة سقطرى الیمنیة، أثناء وجود رئیس الحكومة السابق، أحمد عبید بن دغر، وعدد من وزرائه في الجزیرة في زیارة تفقدیة افتتح خلالها عدداً من المشاریع الخدمیة؛ حیث أنُزلت دبابات وقوات في إطار مسعى البلد الخلیجي لمد نفوذه إلى مجرى مائي استراتیجي تحیط به مناطق صراع مائي.


أدى هذا التحرك إلى قیام الحكومة بإبلاغ مجلس الأمن، متهمة الإمارات بالاستیلاء على میناء ومطار الجزیرة. وقال مصدر في الحكومة حینها لرویترز: إن التحرك الإماراتي استعراض قوة من أجل «مصالح تجاریة وأمنیة» متهمًا الإمارات بمحاولة استعمار الیمن.


وزعم موقع « Verdict» البریطاني أن الإمارات تخطط لتحویل جزیرة سقطرى الیمنیة إلى منتجعات سیاحیة كالتي في دبي؛ ما سیؤدي إلى تدمیر بیئة الجزیرة الفریدة خلال أقل من 10 سنوات.

نجحت السعودیة في احتواء الأزمة، وانسحبت القوة العسكریة الإماراتیة من الجزیرة، لكن المطامع الإماراتیة لم تنته بالتأكید؛ إذ لا تزال الإمارات حاضرة في الجزیرة تحت غطاء العمل الإغاثي والإنساني، وهناك حدیث عن عملیات تجریف واسعة، قامت بها الإمارات في الجزیرة، وسیطرة على العدید من المناطق الحیویة باسم مشاریع استثماریة.

بالمناسبة، یكاد یكون موقف الحكومة التركیة الموقف الوحید الأكثر مسؤولیة وحرصًا على السيادة الیمنیة، وفقاً لبیان الخارجیة التركیة، الذي عبرَّ عن قلق الحكومة التركیة إزاء التطورات في سقطرى، معتبرًا أنها «تشكِّل تهدیداً جدیداً لوحدة أراضي الیمن وسیادته، المؤكَّد علیهما في قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة»

خلاصة واستنتاجات

وعلیه، یخلص الباحث إلى أن الدور الإماراتي في الیمن كان كارثی ا ومدمرًا طیلة خمس سنوات من التدخل العسكري، وكانت النتیجة أن نجحت أبوظبي في تقویض عناصر السلطة الشرعیة وصولًا إلى الإجهاز على ما تبقى من حضورها في مناطق الجغرافیا الیمنیة الحیویة جنوب الیمن، وإعادة ضبط إیقاع الحرب وفق أجنداتها الهادفة إلى وأد طموحات التغییر وتقلیص دور قوى الإسلام السیاسي، كما نجحت في بناء أدوات محلیة صلبة كوكلاء لحمایة نفوذها على السواحل والجزر والموانئ الیمنیة.

وفیما یتعلق بملف الحرب على الإرهاب، سعت الإمارات إلى استثمار حالة القلق الدولي حیال الصورة النمطیة عن التهدیدات التي تمثلها التنظیمات الإرهابیة في الیمن، لتعزیز نفوذها عبر أدواتها المحلیة التي أنشأتها خارج هیاكل الدولة الیمنیة، من أحزمة أمنیة ونخب ومجموعات سلفیة معادیة للدیمقراطیة، إلى جانب استقطاب تركة النظام السابق وتمكینها من أجزاء حیویة في الجغرافیا الیمنیة، وكذلك استقطاب عدد من المسؤولین في حكومة الرئیس، عبد ربه منصور هادي.

حققت نجاحات جزئیة مزعومة في الحرب على القاعدة وداعش، لكن لا توجد معاییر واضحة لمستوى هذه النجاحات ناهیك عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها تحت ذریعة الحرب على الإرهاب والإخوان، تصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانیة.

لكن الإمارات أخفقت بطبیعة الحال، في وأد طموحات التغییر وطمس معالم الربیع في الیمن، وفي ضمان تمكین أدواتها المحلیة في الجنوب من تمام السیطرة وفرض مشروع الانفصال، كما أخفقت في بناء أدوات تحوز رضا الشعب الیمني.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد