بين الحرب والسياسة..

مستقبل حزب الإصـــلاح اليمني بعد 30 عامـاً من التأسيس الحلقة 4

2020-09-20 07:58:22 أخبار اليوم / نقلا عن أبعاد للدراسات والبحوث فؤاد مسعد



بحلول شهر سبتمبر/ايلول 2020 يكون قد مضى على تأسيس حزب (التجمع اليمني للإصلاح) 30 عاما، حيث تم الإعلان عنه رسميا في 13 سبتمبر/ايلول 1990، بعد إعلان الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، وقيام الجمهورية اليمنية، والاعلان عن التعددية السياسية والحزبية، لأول مرة بعدما كانت الحزبية محظورة في كلا الشطرين.

ومع ذلك فإن وضع المرأة في الإصلاح لا يزال دون المستوى المأمول، والبعض يرجع ذلك إلى أن «التراث السائد في المنطقة لا يزال في مرحلة متأخرة، وهذا يؤدي إلى عدم إدماج المرأة بشكل كامل، وليس بمقدور الحزب تعديل هذا الإرث».

وخلال الفترة الماضية برزت نساء إصلاحيات في العمل السياسي وكذلك في الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، ومنهن الناشطة الحقوقية توكل عبدالسلام كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في العام 2011، وهي عضو في مجلس شورى الإصلاح الذي يمثل برلمان الحزب. وقبل حصولها على جائزة نوبل كانت من أبرز نشطاء حقوق الإنسان في اليمن، من خلال الدفاع عن حقوق الإنسان في فعاليات وانشطة متعددة، وكذلك في الدفاع بشكل خاص عن حقوق الصحفيين وحرية الرأي والتعبير، من خلال منظمة (صحفيات بلا قيود)، التي أسستها في العام 2005، وتنشط في رصد واقع الصحافة اليمنية وما تتعرض له من انتهاكات. غير أن علاقة كرمان بقيادة حزبها ساءت في العامين الأخيرين ما أدى إلى إصدار قرار من رئاسة الحزب بتجميد عضويتها، على خلفية انتقاداتها المستمرة للتحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية.

- المجتمع القبلي:
ينظر البعض إلى تنوع حزب الإصلاح على أنه نقطة ضعف بينما هو- من وجهة نظر آخرين- انعكاس للمجتمع اليمني، ذلك أن تواجد شخصيات محسوبة على التيار القبلي والتيارات الدينية المختلفة كالإخوان المسلمين والسلفية والصوفية والزيدية، إلى جانب حضور التيار الشبابي والطلابي والمرأة، مع حضور التنوع الجغرافي في الحزب، من شمال الشمال الى الوسط والجنوب ومن الشرق إلى الغرب، كل ذلك حافظ على هذا الحزب ليكون ابن بيئته، أكثر منه حركة نخبوية أو فئوية أو ايديولوجية.

ونتج عن كونه حزبا جماهيريا- أكثر منه حزبا نخبوياً، أنه استطاع أن يجذر وجوده في المجتمع القبلي الذي ظل شبه مغلق أمام الأحزاب السياسية خاصة ذات الأيديولوجيا الوافدة والقيود التنظيمية الصارمة، وكان لوجود قيادات ورموز قبلية واجتماعية في الصفوف القيادية لحزب الإصلاح أثره في الدفع بكثير من أبناء القبائل للالتحاق بالحزب، إما بالعضوية المنضبطة أو بإقامة نوع من التفاهم والتنسيق في بعض المواقف.

وعن ارتباط الحزب بالمجتمع، يقول محمد قحطان، أحد قيادات الإصلاح: «جاء الاعلان عن قيام التجمع اليمني للإصلاح تعبيراً صادقاً وامتداداً طبيعياً لحركة الاصلاح اليمنية الحديثة، كما جاء استجابة طبيعية لنسيج المجتمع اليمني ومقوماته الفكرية والقيمية، وكان بذلك صرحاً شامخاً وقوة دفع كبيرة في ترسيخ مسار التطور السياسي والاجتماعي والثقافي للمجتمع اليمني».

- القضية الفلسطينية:
تتصدر قضية فلسطين اهتمامات الإصلاح اليمني الذي يوجز موقفه إزاءها بـ»مساندة ودعم الشعب الفلسطيني حتى ينال حقه في تقرير مصيره بنفسه وقيام دولته المستقلة» بحسب البرنامج السياسي للحزب، وكثيراً ما يتصدر أعضاء في الإصلاح مناشط وفعاليات محلية وعربية داعمة للقضية الفلسطينية، خصوصاً أن أول رئيس للإصلاح، وهو الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، عُرف بمواقفه الداعمة للفلسطينيين، وترأس لجان وهيئات عديدة – يمنياً وعربياً- داعمة لقضية فلسطين.

 ويلاحظ أن موقف الإصلاح من القضية الفلسطينية جاء منسجماً في الغالب مع موقف اليمن الرسمي والشعبي الداعم لفلسطين، وتُجمع القوى السياسية اليمنية على هذا الموقف «تجاه القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني حتى نيل كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني».

في مؤتمره العام الأول عام 1994، قال بيان الإصلاح إن «التقدم الذي يحققه الكيان الصهيوني على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، إنما هو بسبب الحالة المتردية التي تعيشها الأمة»، ودعا «زعماء وقادة الدول العربية والإسلامية إلى تصحيح المسار وإعادة النظر في كل القضايا، وعلى كافة المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية، وانتهاج أساليب جديدة في التعامل مع العدو الصهيوني، تضمن إعادة الحقوق المشروعة إلى أصحابها وتردع المعتدين».

وبعد نحو عامين استنكر الإصلاح ما وصفها بـ»السياسات الاستيطانية والعدوانية»، ودعا «جميع دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية لممارسة الضغوط على الحكومة الصهيونية لوقف تلك الممارسات العدوانية».

وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية- انتفاضة الأقصى في العام 2000، أشاد الإصلاح بـ»الانتفاضة ضد الاحتلال الصهيوني، وجهاد أبناء الشعب الفلسطيني وتضحياتهم وصمودهم»، كما أشاد بـ»تلاحم فئات الشعب الفلسطيني وتكتل جميع فصائله وقواه السياسية على قاعدة الوحدة الوطنية أمام الهجمة العدوانية الصهيونية، والمحاولات الرامية لتدنيس المقدسات الاسلامية». وفي آخر مؤتمر له أشاد الإصلاح بـ»صمود الشعب الفلسطيني في غزة وقوى المقاومة، أمام العدوان الهمجي والغاشم للكيان الصهيوني».

ويمكن استنتاج عدد من المحددات في موقف الإصلاح من القضية الفلسطينية، أهمها:
1-التأكيد على الحق العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وحق العودة، وحق الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير أرضه.

2-ضرورة «الحوار بين الفصائل الفلسطينية للخروج بنتائج إيجابية تعيد للشعب الفلسطيني وحدته وتماسكه، وتمكنه من مقاومة الاحتلال».

3-رفض التطبيع مع إسرائيل، باعتباره «جناية تاريخية بحق الشعوب»، ولم يحقق العرب الذين طبعوا العلاقات مع إسرائيل شيئاً نافعاً يخدم الفلسطينيين، ويرى الإصلاحيون أن التطبيع يجعل العرب «يتنازلون عن كل شيء مقابل الانخراط في الانخراط بشرق أوسط، يقوم على أنقاض العرب كأمة وكيان واحد، قادر على التحكم بمصيره أو التأثير في قضاياه».

ورغم انسجام الموقف الحزبي للإصلاح مع الموقف الرسمي للحكومة اليمنية والموقف الشعبي اتجاه القضية الفلسطينية كما اشرنا سابقا، إلا أن ذلك لم يدفع الإصلاح كحزب سياسي أن يعقد اتفاقيات أو شراكات أو حتى علاقات بعيدا عن الحكومة اليمنية مع اي من الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة حماس كحركة مقاومة، تاركا للجهات الرسمية المهمة في قيادة الراي العام اليمني اتجاه القضية الفلسطينية وتقديم العون للشعب الفلسطيني وقيادته، والاشراف على الجهود الشعبية الانسانية.
 
المبحث الرابع: محطات بارزة في مسيرة الإصلاح
 
أولاً: المشاركة في السلطة
أفضت نتائج الانتخابات النيابية في أبريل/نيسان 1993، إلى فوز التجمع اليمني للإصلاح بالمرتبة الثانية (63 مقعد بنسبة 21%) بعد المؤتمر الشعبي الذي حصل على 123 مقعد بنسبة 40%، وقبل الحزب الاشتراكي الحاصل على 56 مقعد بنسبة 18%، وأسفر عن تلك النتيجة اتفاق الأحزاب الثلاثة على الدخول في تجربة ائتلاف ثلاثي، يتضمن تشكيل حكومة ائتلافية وتنسيق برلماني بين الكتل البرلمانية الثلاث.

ورأى حزب الإصلاح أن مشاركته في السلطة – حينها- «جاءت نتيجة طبيعية وضرورة موضوعية، بعد أن خاض بشرف ونزاهة، أول انتخابات نيابية بعد قيام الجمهورية اليمنية، ومن خلال الموقع الذي حصل عليه». وتنازل الإصلاح في التشكيل الحكومي عن المركز الثاني لصالح الاشتراكي، «مراعاة للمصلحة الوطنية وتأكيداً لحسن النية تجاه شريكه في الائتلاف الحزب الاشتراكي».

تمكنت انتخابات (1993) من إلغاء «القسمة على اثنين» القاعدة التي حكمت الفترة الانتقالية، وذلك لعدة أسباب: الأول وجود شريك جديد في السلطة أفرزته الانتخابات وهو حزب «الإصلاح»، والثاني: نتائج الحزب الاشتراكي المتواضعة في الانتخابات. والثالث، ظهور المؤتمر الشعبي العام في موقع السيطرة على قرابة نصف أعضاء البرلمان. وسمح تنازل حزب الإصلاح باحتفاظ الحزب الاشتراكي بنصيب معقول من السلطة تفوق تمثيله في مجلس النواب. لكن كانت الانتخابات واحدة من محاور الصراع الجديد التي أوصلت إلى الأزمة السياسية 1993 ثم حرب 1994، حيث أبدى الاشتراكي خشيته من قيام حزب المؤتمر، بمساندة الإصلاح، بتقليص نفوذه وسلطاته باسم (شرعية الانتخابات)، الأمر الذي دفع الاشتراكي للاستقواء بـ(شرعية الوحدة واتفاقها)، مقابل ما يصفه بـ(الاستقواء بالأغلبية البرلمانية). وظل الطرفان يراهنان على ما يستندان عليه للمواجهة بينهما، ويعمل كل منهما على إقصاء الآخر، لكن تأييد حزب التجمع اليمني للإصلاح لحزب المؤتمر الشعبي العام جعل صوتهما أكبر من صوت الحزب الاشتراكي، ليبدأ هذا الأخير بالتحالف مع الأحزاب الصغيرة.

ورغم ذلك إلا أن علاقة الإصلاح بالاشتراكي شهدت تحسناً كبيراً بعد تشكيل الحكومة الائتلافية، وبعدما جرت لقاءات عدة جمعت قيادتي الحزبين، بيد أن تجربة الائتلاف تلك لم يكتب لها أن تستمر، وسرعان ما أعاقتها الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد طوال ثمانية أشهر خلال الفترة (أغسطس/آب 1993- أبريل/نيسان 1994)، ثم اندلاع الحرب الشاملة بين مايو/أيار ويوليو/تموز من العام نفسه، ليخسر الحزب الاشتراكي الحرب ويغادر السلطة. وبعد الحرب تشكل ائتلاف ثنائي جمع «المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح» ورأى حزب الإصلاح في «طبيعة علاقاته بالمؤتمر الشعبي، والقواسم المشتركة التي تجمعهما، حافزاً للدخول في الائتلاف الثنائي، وكان يتوقع أن تتوفر للائتلاف عوامل نجاح تمكنه من المعالجات الجادة لجميع الاختلالات».
ومن هنا جاءت مشاركته في الحكومة، «رغم الاختلال النوعي في توزيع حقائبها حيث تحمل مسئولية الوزارات الخدمية التي كانت تعاني من مشاكل خانقة تجعلها على وشك الانهيار»، أما على الصعيد التشريعي والدستوري، فقد حقق الإصلاح انتصاراً تشريعياً تمثل في تعديل المادة الثالثة من الدستور، حيث صارت تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد لجميع التشريعات، بعدما كانت في السابق المصدر الرئيسي.

وكما دبت الخلافات سريعاً بين شريكي اتفاق الوحدة اليمنية (المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي) لتتعطل آلية التحالف بينهما، سرعان ما بدأ الائتلاف الثنائي الجديد (المؤتمر والإصلاح) يواجه عقبة الخلافات التي أخذت تعترض طريقه، وبحسب رئيس حزب الإصلاح حينها، فإنه «بعد أشهر فقط على تشكيل الائتلاف، تبنى المؤتمر الشعبي سياسة التخلص من مشاركة الإصلاح، وبدأ بمحاربة وزراء الإصلاح بتقليص صلاحياتهم». والأمر ذاته أكده سياسيون يمنيون من خارج حزب الإصلاح، مشيرين إلى أن أبرز ما قام به نظام الرئيس صالح – بعد حرب 1994، حملات القمع وارتفاع حدة الفساد، وتضييق الهامش الديمقراطي وتنامي نزعة السلب والنهب، وحصول المزيد من الانفلات الأمني والإداري، وطال القمع والتهميش حتى شركاء النظام نفسه في الحرب، من القادة الجنوبيين وحزب الإصلاح الذي ناله الكثير من التشهير والتضييق.
 
ثانياً: مغادرة السلطة وتأسيس (اللقاء المشترك) وتدشين النضال السلمي
 توسعت هوة الخلافات بين شريكي الائتلاف الحاكم يوما بعد آخر، ولم تعد لقاءات الرئيس صالح مع قيادة الإصلاح قادرة على معالجتها واحتوائها، فبدأ الإصلاح أولى تحركاته نحو أحزاب المعارضة الرئيسية المنضوية في إطار (مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة)، وهي الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب البعث، بالإضافة إلى حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، وبحث اللقاء الذي انعقد أواخر أغسطس/آب 1996، موضوع الاستعداد للانتخابات البرلمانية (أبريل/نيسان 1997)، في ظل اتهام حزب المؤتمر من قبل الإصلاح وأحزاب المعارضة بإدارة العملية الانتخابية بطريقة منفردة تعمل على إقصاء بقية الأحزاب وحرمانها من حقها في المشاركة، وحينها وقع الطرفان (حزب الإصلاح وأحزاب المجلس الأعلى للمعارضة) على البرنامج التنفيذي للقاء المشترك لـ(ضمان انتخابات حرة ونزيهة)، وكان ذلك اللقاء النواة الأولى لتشكيل تكتل (اللقاء المشترك) الذي تأسس فيما بعد.

أجريت الانتخابات النيابية وحصل المؤتمر على 187 مقعدا، فيما حصل حزب الإصلاح على 64 مقعدا، ومع إن الإصلاحيين رأوا أن تلك النتيجة «لا تعبر عن الأوزان الحقيقية للقوى السياسية في الساحة بقدر ما كانت محصلة لترتيبات وإجراءات غير مشروعة سُخرت لها آليات الدولة بصورة محمومة»، لكنها جعلتهم يتنفسون الصعداء، بإعلانهم الخروج من الائتلاف الحاكم، والانتقال إلى صفوف المعارضة. وتواصلت لقاءات الإصلاح مع أحزاب المعارضة تحت لافتة اللقاء المشترك، ومنذ العام 2001 خرج الصراع السياسي بين المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح إلى مرحلة العلن، وتعزز حضور الإصلاح ضمن تكتل اللقاء المشترك، باعتباره أكبر أحزاب التكتل الذي تعزز حضوره هو الآخر في المشهد السياسي اليمني خلال العقد الأخير من حكم الرئيس صالح، وهي الفترة الواقعة بين عامي 2001 و2011.

ومن جهته بدأ نظام صالح في اتخاذ إجراءات جديدة لمحاربة حزب الإصلاح عقابا له على خروجه من دائرة التحالف مع النظام إلى التحالف مع المعارضة، فتم إلغاء المعاهد العلمية التي يشكل الإصلاحيون نسبة كبيرة فيها كإداريين ومدرسين، كما بدأ النظام يشجع الجماعات الإسلامية المناوئة لحزب الإصلاح كالسلفية والصوفية وغيرهما، وأخذ يقدم لها مختلف أوجه الدعم من أجل التضييق على حزب الإصلاح، وتلقى تنظيم (الشباب المؤمن) ذي المرجعية الزيدية الشيعية في محافظة صعدة دعمًا سخياً من قبل نظام صالح، شمل: موارد وهبات مالية منتظمة وموسمية، وعدداً من المشاريع الحكومية، والتغاضي على سيطرتهم غير القانونية على فروع الوزارات والمؤسسات الحكومية في محافظة صعدة، وهو ما أدى إلى تمكنهم من إعداد مؤسسات خاصة بهم وتوسيع سيطرتهم واستقطاب الأعضاء والمناصرين، وتسليح عناصرهم وشن الحرب على السلطة نفسها فيما بعد.

ورأى الإصلاحيون أن «الهامش الديمقراطي يتعرض يوماً بعد يوم للتضييق من خلال استهداف العمل النقابي وإضعافه، وسعي الحزب الحاكم للسيطرة على النقابات والمنظمات والجمعيات، ومحاولة ضرب وإجهاض أي عمل نقابي مستقل، كما طالت المضايقات الأحزاب السياسية بقيام السلطة بعمليات استنساخ لعدد منها، كما تعرضت حرية الصحافة للمضايقات من قبل الحكومة، وأثار ذلك استياء الرأي العام الداخلي والخارجي».

وإزاء الأوضاع العامة التي تشهدها البلاد، أخذ موقف الإصلاح في المعارضة يتغير تبعاً لتغير رؤيته، فقد ظل يختط موقفا خاصا به في المعارضة منذ خروجه من السلطة في العام 1997، حيث بدأ يجتمع مع أحزاب المعارضة في إطار اللقاء المشترك، لكنه أعاد التحالف مع الرئيس صالح ودعم ترشيحه في الانتخابات الرئاسية عام 1999، وتلك كانت آخر محطة يلتقي فيها الإصلاح وصالح، وما إن أجريت الانتخابات المحلية والاستفتاء على الدستور في العام 2001، حتى اتخذ الإصلاح موقفا معارضا للحزب الحاكم، لكنه لم يكن مندمجا مع بقية أحزاب المعارضة، لذلك ظل موقع الإصلاح يثير الجدل ويطرح التساؤلات، كما ويتهم أحيانا بأنه يضع رجلاً في السلطة وأخرى في المعارضة، ويرجع الإصلاحيون ذلك إلى أن حزبهم ظل يؤثر «نهج الإصلاح -وليس التغيير- وما يتطلبه فقه الإصلاح في التعامل مع القضايا»، بأسلوب يختلف عن أساليب القوى التي تسعى للتغيير. بينما أرجع مراقبون حينها موقف الإصلاح ذاك-إلى أن خروجه من السلطة ما هو إلا خروج مؤقت لا يلبث أن يعود إليها، وبالتالي فإنهم يرون أن «رغبة الإصلاح بالعودة إلى السلطة أضعفت أداءه في المعارضة».

 استمر ذلك فترة من الزمن، ساءت خلالها الأوضاع وتعززت علاقة الإصلاح بحلفائه في اللقاء المشترك، خاصة بين الحزبين الكبيرين الإصلاح والاشتراكي، حيث رأى المراقبون في «قبولهما بالتلاقي والتحاور والائتلاف بعد الاحتراب أمراً في غاية الأهمية».

وتعززت قناعة الإصلاحيين «أن النظام الحاكم يسير بالبلد نحو الهاوية»، بعدما تمكن من حسم الجولات الانتخابية – المحلية 2001 و2006، والنيابية 2003، والرئاسية 2006، وتعززت قبضته على كل شيء، وبفعل سطوته القوية تراجعت قدرة أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) على تحقيق أي نتيجة لصالح الديمقراطية والتعددية السياسية. وفي الوقت نفسه أخذت رؤية الإصلاح تتجه صوب التغيير، بعدما أثبتت محاولات إصلاح النظام فشلها، وجاءت مواقف الإصلاح منسجمة مع بقية أحزاب اللقاء المشترك، سيما وأن «حيز السياسة اكتسب مكانة أكبر في خطاب الإصلاح، على حساب الحيـّز الديني»، وفق بعض الباحثين، وأن «الإصلاح أدمج الخطاب الديني في خطاب عام حر مفتوح إلى حدٍ كبير»، من وجهة نظر آخرين.
ويلاحظ الباحث السياسي/ عمرو حمزاوي – في دراسة صادرة عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن الأولويات التشريعية للإصلاح تغيرت، وبات يسعى إلى تعديلات دستورية تستهدف توزيعاً أكثر عدلاً للسلطة، وإصلاحات في القوانين الانتخابية والقوانين الخاصة بالحقوق السياسية، وتحسين رقابة البرلمان على السياسات الحكومية الاقتصادية - الاجتماعية، وتقليص الفساد. علاوة على ذلك، سعى وإن بدرجة أقل، إلى إدخال التشريعات الدينية.
رد إعادة توجيه

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد