العنف القائم على النوع الاجتماعي

2020-10-22 07:58:10 اخبار اليوم - خاص (الحلقة الثاني عشر)

 

 

يواجه النساء والفتيات والرجال والفتيان والأشخاص الذين لا يمتثلون للميول الجنسية و/ أو الهوية الجنسانية النمطية خطر شديد في التعرض لجميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، نتيجة للنزاع والسياق المعياري. وكان العنف القائم على النوع الاجتماعي مستشريًا وواسع الانتشار قبل النزاع، خاصة بسبب الأعراف الجنسانية الراسخة وعدم المساواة. منذ بداية الحرب، وثق صندوق الأمم المتحدة للسكان ومقدمو الخدمات ارتفاعًا مستمرًا في أعداد الناجين الذين يصلون إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي، على الرغم من العوائق المتعددة التي تحول دون الإبلاغ والتحديات المتزايدة التي تواجه هذه الخدمات .

 

تشير إحصائيات صندوق الأمم المتحدة للسكان حتى شهر حزيران/ يونيو 2020 إلى زيادة مقدرة بنسبة 13 بالمائة في حصول الناجين على خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي في العام 2020 مقارنة بالعام 2019 وزيادة بنسبة 15 بالمائة مقارنة بالعام 2018. تشير الإحصاءات بمحافظة واحدة في جنوب اليمن إلى زيادة في العام 2020 قد تصل إلى 29 بالمائة مقارنة 

بالعام 2019 و41 بالمائة مقارنة بالعام 2018. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن 3 ملايين امرأة وفتاة معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي و120 ألفاً معرضات لخطر القتل .

 

يمثل النزوح المستمر عامل خطورة رئيسي لجميع أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي سواء في بيئات مضيفة أكثر أمناً أو في تجمعات سكانية غير آمنة وغير رسمية. بين العامين 2018 و2020 تلقى الفريق إدعاءات عن حدوث عنف جنسي ضد النازحين داخليًا في الحديدة وعدن وإب من قبل جناة مرتبطين بعدة أطراف في النزاع وكذلك إدارة المخيمات والمجتمعات المضيفة ونازحين آخرين. وهذا يتطلب المزيد من التحقيق .

 

أ‌ . العنف الجنسي من قبل قوات الحزام الأمني ضد المهاجرين الإثيوبيين  

 

وجد فريق الخبراء في العامين 2018 و2019 أن قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا ارتكبت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي مستهدفة مجتمعات " المهمشين" السود والأفارقة. وحدثت العديد من هذه الإنتهاكات في مرفق إحتجاز المهاجرين في البريقة والذي تم إغلاقه في أيار/ مايو 2018. خلال فترة كتابة هذا التقرير، ركز الفريق في تحقيقاته على إدعاءات العنف الجنسي التي إرتكبتها قوات الحزام الأمني ضد مهاجرين إثيوبيين خلال "حملة إحتجاز مناهضة للمهاجرين" في العام 2019 .

 

بين آذار/ مارس وحزيران/ يونيو 2019 قامت قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا بقيادة اللواء شلال علي الشايع باعتقالات جماعية واحتجازات للمهاجرين الإثيوبيين في لحج وعدن بحجة الأمن القومي.

 

اعتقلت واحتجزت القوات تعسفيًا ما يقدر بنحو 5.000 شخص من النساء والفتيات والرجال والفتيان المهاجرين في ظروف مروعة بمرافق مخصصة في لحج وعدن. وقد سبق وأن عرب الفريق عن قلقه حول وضع المهاجرين في لحج وعدن. وتلقى الفريق تقارير أنه بحلول تموز/ يوليو 2019، توقفت هذه القوات عن إحتجاز المهاجرين في هذه المرافق بزعم نقص التمويل. يتناسب هذا الوقت مع بدء سحب الإمارات العربية المتحدة لقواتها البرية من اليمن .

 

خلال فترة كتابة هذا التقرير ونتيجة لتحقيقه الإضافي في وضع المهاجرين المحتجزين، تحقق الفريق أنه خلال فترة 4 أشهر من آذار/ مارس حتى حزيران / يونيو 2019، إغتصبت قوات الحزام الأمني خمس نساء وأربع فتيات وأخضعت 12 رجلا وثلاثة فتيان للعري القسري وامرأتين وفتاتين لأشكال أخرى من العنف الجنسي. كما تلقى الفريق تقارير موثوقة عن إغتصاب فتى ومحاولة إغتصاب فتى آخر وإدعاءات أن القوات إغتصبت 30 امرأة وفتاة أخريات وثلاثة فتيان

 

أخبر ناجون الفريق أنهم وصلوا في البداية إلى اليمن عبر ساحل رأس العارة في جنوب غرب اليمن. عند وصولهم قام المهربون بإحتجازهم في مخيمات إحتجاز غير رسمية حيث قال بعضهم أنه تم إغتصابهم وتعذيبهم في هذه المخيمات بالذات . الذين تم إطلاق سراحهم أو تمكنوا من الفرار هربو مشيًا على الأقدام ضمن مجموعات بإتجاه عدن بطريقهم نحو السعودية وهي الوجهة النهائية الأصلية. لم يتمكنوا من تفادي نقاط التفتيش والدوريات العسكرية على خط الطريق السريع لحج-عدن أو حتى عندما يطلبون المساعدة المباشرة من الجيش، تم إحتجازهم وأخذهم إلى مرافق عسكرية مخصصة في مكان قريب بما في ذلك "إستاد  22 مايو" في لحج في مديرية الشيخ عثمان. أفاد مهاجرون لاحقا أنه تم نقلهم إلى هذا الإستاد من المرافق المخصصة الأخرى .  

  

" اغتصبونا كأنا كنا حيوانات. العنف والذل من الجنود كان أسوأ بكثير من المهربين. في ليلة كانوا يغتصبونني وأنا كنت أعاني من ألم شديد بسبب الإغتصابات السابقة . صديقتي التي لم يكونوا يغتصبوها ليلتها، جاءت لتساعدني وعرضت أن نتبادل الأماكن حتى يتم إغتصابها بدلً مني." امرأة ناجية من الاغتصاب 

 

ارتكبت قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا الإغتصاب والعنف الجنسي في أحد مرافق الإحتجاز هذه على طريق لحج-عدن الرئيسي وكذلك في "إستاد 22 مايو ". أحيانا كانت الإنتهاكات تحدث على مرأى الآخرين بوضوح وهذا خلق خوفا بين المعتقلين الآخرين. في جميع الحالات التي تحقق منها الفريق، استخدم المرتكبون الاغتصاب المهبلي والشرجي والفموي والاغتصاب الجماعي ضد النساء والفتيات المهاجرات. استخدموا أنواعًا مماثلة من العنف ضد الناجيات قبل وأثناء وبعد ارتكاب العنف الجنسي بما في ذلك الضرب المبرح والتهديد بالسلاح لقمع محاولات المقاومة أو الفرار. وصفت النساء والفتيات كيف تعرضن للاغتصاب في مناسبات متعددة على مدار عدة أيام. في بعض الحالات وفي نفس الوقت كن يسمعن أو يرون جنودًا وحراسًا آخرين يغتصبون أخريات في الجوار. تم اغتصاب امرأة عدة مرات على مدار 13 يومًا من قبل 28 جنديًا مختلفًا .  

  1. حدد الفريق أن أفعال العنف الجنسي هذه أظهرت العديد من القواسم المشتركة بما في ذلك الظروف الوقتية والجغرافية وأنواع الضحايا والجناة وطريقة عمل الجناة ودرجة تكرار الأفعال. استنتج الفريق أن أفعال العنف الجنسي هذه تم إرتكابها كجزء من نمط إنتهاكات قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا .  
 

" المرة الثانية عندما إغتصبوني كان الأمر مؤلما ومضطربا أكثر. أخذني أربع جنود إلى هضبة. مزقوا ملابسي عني. أحدهم وضع وشاح رأسه في فمي حتى لا أتمكن من الصراخ وآخر أجبرني على الأرض. تداور الأربعة على إغتصابي، كان الأمر مؤلما للغاية وكنت أفقد وعيي أحيانا ثم أستفيق. تركوني هناك عارية أنزف حتى وجدتني امرأة يمنية." امرأة ناجية من الاغتصاب 

 

جنود وحراس الحزام الأمني في مرافق "الإستاد 22 مايو" في لحج اقتربوا جسديًا وقاموا بالإنحناء فوق امرأتين وفتاتين - أعمارهن 17 و15 سنة – بينما كانوا يدلون بتعليقات موحية جنسيًا و/ أو مع لمس الأعضاء التناسلية. كما قالت الناجيات للفريق أنه كان يوجد حالات معينة حيث حاول الجنود والحراس إجبار بعض النساء والفتيات على ممارسة الجنس معهم مقابل إطلاق سراحهن ثم تم نقلهن إلى مكان آخر. لم ير الشهود هؤلاء النساء والفتيات مرة أخرى بعد نقلهن .  

 

تلقى الفريق تقارير موثوقة بأن قوات الحزام الأمني في هذه المرافق حاولت إغتصاب فتى بعمر 15 سنة وتركته مجروحًا وفاقد الوعي بعد ذلك. نفس هذه القوات إغتصبت ولدا آخر بظروف مشابهة، بحسب تقارير. كما تلقى الفريق إدعاءات أنه في مناسبة واحدة أخذ جنود ثلاثة فتيان مهاجرين) 10-12 سنة (بعيدا عن معتقلين آخرين وعاد الثلاثة من بعدها مصدومين وقالوا إنه تم إغتصابهم .

 

وفقاً لشهود استخدم الحراس العري القسري كجزء من المعاملة القاسية واللاإنسانية لإذلال مجموعات المهاجرين الذكور والسيطرة عليهم ومعاقبتهم. وتضمن ذلك نزع جميع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية وإجبارهم على التدحرج فوق بعضهم البعض في الوحل أو كسر الزجاجات على رؤوسهم .  

 

وجد الفريق أن انتهاكات العنف الجنسي هذه لم تكن أعمال عنف جنسي منعزلة إنما أفعال تم ارتكابها جميعًا في سياق معين لا يمكن تجاهله. وقد ارتُكبت هذه الأفعال تحت ستار النزاع المسلح في فترة آذار/ مارس- حزيران/ يونيو 2019 حيث أن قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيًا كانت متواجدة في جنوب البلاد وتسيطر على عدة مرافق عسكرية بين عدن ولحج حيث كان يتم إعتقال المهاجرين تعسفيًا. كذلك عندما إرتكبت هذه القوات نفسها إنتهاكات مماثلة في الماضي ) على سبيل المثال، مرفق إحتجاز المهاجرين في البريقة ( لم يتم محاسبتها وأثر ذلك أن المرتكبين باتوا يعرفون حالة الإفلات من العقاب لأمور متعلقة بنظام العدالة الجنائية الذي لا يتعامل بشكل فعال مع الانتهاكات المرتبطة بالنزاع أو الشواغل الأمنية للضحايا .

 

وقعت أفعال العنف الجنسي هذه في سياق أوسع من التمييز الهيكلي ضد الناجين وكانوا جميعهم مهاجرين إثيوبيين. يعزز النظام الشبيه بالطبقي اليمن الوضع " التبعي" للمجتمعات السوداء والأفريقية ويذكر بالمعاملة مع مجتمع الأقليات " المهمشين" في اليمن ويرسخ التصور بأن نساء وأطفال هذه المجتمعات هم أقل قيمة من أولئك الذين ينتمون إلى القبائل "اليمنية". وهذا يعني أيضًا أنهم لا يحصلون على ذات الحماية من خلال الوساطة القبلية التي قد يتمتع بها الآخرون

 

ب‌ . سلطة الأمر الواقع [إحتجاز وتعذيب وعنف جنسي ضد النساء والفتيات في صنعاء]  

 

بين كانون الأول/ ديسمبر 2017 و كانون الأول/ ديسمبر 2019 إحتجز أفراد من سلطات الأمر الواقع بما فيه ا إدارة البحث الجنائي والأمن الوطني نساء وفتيات بسبب آرائهن السياسية و/أو مشاركتهن في مظاهرات وقاموا بتعذيبهن وذلك تضمن من الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بالإضافة إلى المعاملة القاسية واللاإنسانية والمذلة في سلسلة من مرافق الاحتجاز السرية داخل صنعاء وفي محيطها. وضمن هذا السياق تحقق فريق الخبراء من أن أفراد من سلطات الأمر الواقع اغتصبوا ست نساء وأيضا عرضت إثنين من هؤلاء النساء إلى أشكال مختلفة من العنف الجنسي. على إمتداد فترة من الزمن إغتصبوا ثلاث من هؤلاء النساء في أكثر من 20 مناسبة .

 

" إحتجزوني بسبب مشاركتي في المظاهرة. بعد أن استجوبوني واتهموني زورا بالترويج للمخدرات والدعارة، دخل رجل إلى الغرفة كانوا ينادونه "ولي الله". أخبرني أنه سيطهر ذنوبي بإجباري على أداء "جهاد النكاح". عصبوا عيني وقيدوا يدي بالأصفاد ونزعوا ملابسي. في الساعة التالية تناوب هو ورجال آخرون على اغتصابي. حاولت الصراخ لكنهم كمموني. كان بإمكاني البكاء فقط. كان الأمر وحشيا، لم يكن لديهم رحمة." امرأة ناجية من إغتصاب .

 

ارتكب أفراد من سلطات الأمر الواقع هذه الإنتهاكات تحت ستار محاربة "الفجور " والدعارة. في تقريره للعام 2019، وجد الفريق أنهم قاموا تعسفيا بإعتقال النساء والفتيات من اللواتي قمن بالإعتراض على الحوثيين وكن يعملن في حقوق النساء و/أو كن مشاركات في المظاهرات التي كانت تقودها النساء في صنعاء بين كانون الأول/ ديسمبر 2017 ونيسان/ أبريل 2019. وخلال فترة التحقيق الحالية هذه، تلقى فريق الخبراء تقارير موثقة تفيد بأن سلطات الأمر الواقع إحتجزت حوالي 279 امرأة وفتاة، بلغ عمر بعضهن 14 سنة، وفقا لشهود، في خمس مباني سكنية سابقًا داخل وفي محيط صنعاء كانت قد تحولت إلى مرافق إحتجاز سرية . أخذوا النساء مباشرة إلى المرافق أو بعضهم عبر إدارة البحث الجنائي في شارع العدل وفي مرافق للشرطة وسط صنعاء. تم إبقاء النساء والفتيات في هذه المرافق لمدة بين شهر وتسعة أشهر وبعضهن لفترات أطول بكثير، بحسب تقارير . تم احتجازهن بمعزل عن العالم الخارجي وفي بعض الحالات في الحبس الانفرادي .

 

عرضت سلطات الأمر الواقع النساء والفتيات في هذه المرافق لروتين الإذلال والتلقين العقائدي والتعذيب بما في ذلك الإغتصاب. قام مشرفو المنشأة والمحققون والموظفون الذكور الآخرون باغتصاب المحتجزات بشكل متكرر ومنتظم . ووصف المرتكبون والحارسات الزينبيات هذا التصرف بأنه "تطهير" و"إعادة تأهيل" لسلوكهن غير الأخلاقي. وأخبروا جميع الناجيات الستة بأن "التطهير " يتم عبر ويبرره "جهاد النكاح". وقام الرجال وهم مسلحون في معظم الأحيان بضربهن بعنف وتهديدهن أحيانًا بمساعدة الحارسات النساء. اغتصبوهن واحدة تلو الأخرى عن طريق المهبل والشرجي والفم. في بعض الحالات ذلك شمل الإغتصاب الجماعي. كان هذا يحدث دائمًا في الغرفة التي يتم فيها إستجواب المحتجزين أو في الغرف المجاورة. وقد أبلغوا الناجيات أثناء الاغتصابات بـ " الاتهامات" الموجهة إليهن بأنهن متواطئات مع العدو وأشاروا إلى علو منزلة المغتصب. قال المرتكبون أو الحارسات للناجيات في عدة حالات بأن "التطهير " تم بواسطة ولي الله أو عبر أحد "السادة". وفي حالات أخرى قيل كذلك للناجيات إنهن حيوانات ولم يعودوا بشراً وأنهن أصبحن ممتلكات للجناة؛ وفي حالة واحدة إعتبار الضحية "غنيمة حرب ". 

 

في بعض الأحيان إختار المحققون أو الحارسات مجموعات من النساء والفتيات ليتم اغتصابهن بالتناوب. وقالت ناجيات للفريق إنهن تعرضن للإغتصاب بغض النظر عن مستواهن الإجتماعي أو إنتماءاتهن السياسية. ووصفن كيف شاهدن حارسات زينبيات وأفراد آخرين يأخذون المحتجزات بعيدًا عن الزنازين ثم يعيدونهن بعد ذلك . عاد هؤلاء النساء والفتيات مصابات بصدمات نفسية و/ أو مصابات بجروح و/ أو أعلن أنه تم تعرضهن للاغتصاب. كانت المحتجزات يسمعن الصراخ والبكاء المكتوم لمحتجزات أخريات في الغرف المجاورة. وتلقى الفريق إدعاءات بوفاة امرأتين وفتاة تبلغ من العمر 15 عاما، على ما يبدو في زنزاناتهن بعد تعرضهن للإغتصاب أو بعد تعرضهن للضرب من قبل الحراس لمقاومة محاولات أخذهن. عمليات الإغتصاب حطمت إرادة بعض الناجيات مترافقة مع العزلة والإذلال وأدت بهن إلى اليأس وزادت ميولهن للإنتحار

 

" فكرت في قتل نفسي، لكني لم أجد في زنزانتي ما يساعدني لتحقيق تلك الغاية. عندما هددوا بإطلاق النار عليا أو قتلي كانت قد تمنيت لو يقوموا بذلك حتى يعفوني من الألم." امرأة ناجية من إغتصاب

 

تم إتهام المحتجزات داخل المرافق زوراً بممارسة البغاء والفجور ودعم التحالف عبر التحريض على ما يسمى بـ "حرب ناعمة" يقودها التحالف والانتماء إلى أطراف معادية أخرى والتجسس لصالحهم. قام المحققون الرجال بمساعدة حارسات نساء بإخضاع المعتقلات للاستجواب والتعذيب. لقد استخدموا هذا بشكل متعمد لإذلالهن ووصمهن وإكراههن على الإعتراف بالإتهامات الباطلة. وشمل ذلك الصعق بالكهرباء والحرق والضرب وتعليقهن لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة والتهديد باغتصابهن أو أفراد الأسرة والتعري القسري وفي حالتين العنف الجنسي عبر الإمساك بالنهود أو الفرج. وعلم الفريق أنه تم إلتقاط صور وفيديوهات لمحتجزات يعترفن بإتهامات أو لوجودهن في مواضع مهينة وتذكيرهن بأن كل ذلك يمكن أن يتم إرساله إلى عائلاتهن إذا لم يمتثلن لمطالب الحوثيين .  

 

أثناء احتجازهن في هذه المرافق أبلغ الناجيات الفريق أن حضورهن كان إلزاميًا لـ " برنامج" من المحاضرات وتلقين العقائد حول مسؤولياتهن كنساء وفتيات وعن تاريخ الحوثيين وعقيدتهم وعن تهديد التحالف. تم حلق رؤوس بعض النساء والفتيات. وصفت محتجزة كيف أُجربت النساء والفتيات في إحدى المنشآت على نقل صناديق فيها ما يشبه الذخائر والعمل لساعات عديدة باليوم لصنع كميات كبيرة من الطعام والذي قال لهن الحراس إنه للجبهة .

 

" أجربونا على الإنخراط فيما أسموه "الدورات الثقافية". علمونا عن ما المطلوب لإطاعة الحوثيين وعن فساد الشباب والنساء وعن حاجتنا للتوبة عن ذنوبنا عبر التطهير بالجهاد من خلال مهبلنا." امرأة ناجية من إغتصاب

 

في بعض الحالات طلب المحققون والحارسات من الناجيات العمل مع الحوثيين مقابل إطلاق سراحهن أو إسقاط الإتهامات  الكاذبة ضدهن. قالت امرأة حارسة لإحدى الناجيات: "أنت غبية، ألا يمكنك أن تشاهدي كيف حررنا أنفسنا من الإذلال وعملنا معهم وأصبحنا زينبيات ."

 

بحسب تقارير، في العامين 2019-2020 تم نقل مجموعة كبيرة من النساء والفتيات من هذه المرافق إلى السجن المركزي بصنعاء وقد وصفن لشهود تعرضهن للاحتجاز والاغتصاب في منشآت سرية في مبان سكنية سابقا ةفي مرافق إدارة البحث الجنائي .

 

تحقق فريق الخبراء من ثلاث حالات لنساء احتجزتهن سلطات الأمر الواقع في العام 2018 في أعقاب الاحتجاجات التي قادتها نساء في صنعاء بعد إدانتهن علانية للحوثيين وهن ما زلن مختفيات حتى تموز/ يوليو 2020. يوجد معلومات تشير إلى أن الثلاثة كن محتجزات لدى إدارة البحث الجنائي في هذه المنشآت السرية في صنعاء .  

 

يستنتج الفريق بأن أفراد من سلطات الأمر الواقع ارتكبت العنف الجنسي وانتهاكات أخرى بحجة التصدي للدعارة والفجور وبهدف محاربة ما زعموا به علنًا، على الأقل منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، "الحرب الناعمة" التي يشنها التحالف الذي يسعى إلى تقويض أخلاق المجتمع اليمني بما في ذلك "إفساد" المرأة اليمنية. وقد علق مدير عام البحث الجنائي العميد سلطان زابن علنًا على هذا الأمر ونفى أيضًا مزاعم الإحتجاز التعسفي والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات. بحسب تقارير، أصدرت إدارة البحث الجنائي كانون الثاني/ يناير 2020 إحصاءات تظهر أنها إحتجزت" 45 شبكة دعارة" في صنعاء في العام 2019 فقط. وأشارت الشاهدات اللواتي قابلهن الفريق بخصوص الانتهاكات في مرافق الاحتجاز السرية هذه إلى استخدام تهم كاذبة مثل "الفجور" والبغاء ضد هؤلاء المحتجزات وكان المعنى يُفهم على أنه دعم المعارضين الحوثيين. بدا أن سلطات الأمر الواقع استخدمت مثل هذه الاتهامات والاعتقالات والاغتصابات مع العلم أنها لتجذب وصمة عار شديدة للنساء والفتيات ويكون لها كذلك تأثير رادع على الضحايا وعائلاتهن والضغط عليهن لتأكيد سلطة الحوثيين والامتثال لها، ومنع العائلات من الإبلاغ عن الانتهاكات أو متابعة إطلاق سراحهن وتعريض الناجيات والأسر لخطر الإقصاء الاجتماعي والعنف المجتمعي والأذى على المدى الطويل. كذلك فإن مثل هذه الذريعة "تمكّن" الجناة ورؤسائهم من نزع الطابع الإنساني عن النساء والفتيات واستخدام الإغتصاب كوسيلة للسيطرة والإكراه .

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد