« المدافعون عن حقوق الإنسان «

فريق الخبراء: سلطات الأمر الواقع مليشيا الحوثي والمجلس الانتقالي مسؤولون عن انتهاك حقوق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك النساء وحقهم في الحرية والتعبير.

2020-10-28 08:17:19 أخبار اليوم/ خاص الحلقة (17)

 




«لم يولِ المجتمع الدولي القدر الكافي من الاهتمام للناشطين والمخاطر التي يواجهونها». أحد المدافعين عن حقوق الإنسان المهددين.


يستخدم الفريق مصطلح المدافعين عن حقوق الإنسان لوصف الأشخاص الذين يعملون، فردياً أو مع آخرين، لتعزيز حقوق الإنسان أو حمايتها. وكفئة من الفئات، لا تقتصر على الاشخاص القادمين من فئة مهنية معينة، بل قد تشمل، على سبيل المثال، موظفي منظمة لحقوق الانسان، أو مؤسسة وطنية لحقوق الانسان، أو صحفيين يعملون على قضايا حقوق الانسان، أو محامين يعملون على قضايا حقوق الانسان، او اطباء يعالجون ضحايا الانتهاكات.


حقق فريق الخبراء في حالات الهجمات التي تعرض لها نشطاء حقوق الإنسان، والعاملين في المنظمات غير الحكومية، والمحامين الذين يدافعون عن حقوق الضحايا والذين تعرضوا للتهديد والترهيب والمضايقات، و/أو الاحتجاز بسبب عملهم المشروع من قِبَل سلطات الأمر الواقع وحكومة اليمن وقوات التحالف.

«ليس لديك أدنى فكرة عن عدد الصعوبات التي نواجهها في الميدان، نحن جميعنا الذين يراقبون الانتهاكات، ويكتبون التقارير ويقدمونها». امرأة كانت محتجزة سابقاً وتعمل في منظمة غير حكومية معنية بحقوق الإنسان
فعلى سبيل المثال، حقق الفريق في قضية أحد المحامين السابقين للسجناء من الطائفة البهائية. اختفى هذا المحامي في آذار/مارس 2020، وبعد شهر ونصف الشهر فقط، أُبلغت أسرته بأنه معتقل من قِبَل الحوثيين في مرفق الأمن والمخابرات في صنعاء. يزعم أن عمله في الدفاع عن حقوق البهائيين كان السبب وراء اعتقاله التعسفي. وعلى الرغم من الطلب المقدم من النيابة الجزائية المتخصصة فلم ينظر النائب العام في قضية الضحية ولم يتهم بأي جريمة. وكانت نقابة المحامين اليمنيين نشطة جدا في الدعوة لإطلاق سراحه حيث أطلق سراحه في نهاية تموز/يوليو 2020.


 وقد أبلغ محام آخر وناشط في مجال حقوق الانسان الفريق بأنه احتجز تعسفا ثلاث مرات لعدة ساعات كل منها على يد سلطات حكومة اليمن في مديرية أمن مأرب وأنه تعرض للملاحقة في مناسبات مختلفة في الشوارع من قبل رجال مسلحون كانوا يرتدون ملابس مدنية على متن دراجات نارية. وأبلغ الفريق بأن مديرية أمن مأرب اتهمته «بالكتابة ضد قيادة الدولة ووصفه وزير الدفاع بأنه شخص فاسد».


حقق الفريق في مزاعم عن تهديدات، وتخويف، وهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في محافظة تعز، في مناطق تسيطر عليها حكومة اليمن. وفي إحدى الحالات التي تم التحقيق فيها، أُجبر مدافع عن حقوق الإنسان على مغادرة المحافظة بسبب تهديد حياته عندما أُستهدفت السيارة التي كان يستقلها في ايار/مايو 2019. وهو يعتبر الاعتداءات والتهديدات قد حصلت نتيجةً لعمله. كما أُضطر إلى إغلاق مكتب منظمته بسبب سلسلة من الهجمات المباشرة ضد موظفيه. إن ممارسة استدعاء الناشطين في مجال حقوق الإنسان الذين ينتقدون الجيش هو تكتيك تستخدمه قيادة محور تعز في القوات المسلحة اليمنية لتخويف ومضايقة أولئك الناشطين. أن أوامر الاستدعاء الصادرة لا تكشف عن طبيعة الشكوى أو أي جناية ذات صلة وتذكر المادة 64 فقط والتي تعطي الأساس القانوني لإصدار أوامر الاستدعاء.


وقد وثق الفريق أيضاً الاعتقال التعسفي في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 لرئيس جمعية الهلال الأحمر اليمني في محافظة عمران حيث كان في المطار على وشك المغادرة على متن طائرة تابعة للصليب الأحمر متجهة إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر. وقد منعته قوات التحالف من السفر واقلعت الطائرة بدونه. تم اعتقاله تعسفيا واحتجازه في مكتب الأمن السياسي لمدة أربع ساعات. تم التحقيق معه واتهامه بالانتماء للحوثيين.

ومن ثم تم نقله إلى مرفق احتجاز المطار والذي يبعد كيلومتراً عن المطار. احتجز لمدة تسعة أيام وزعم خلالها أنه تعرض للتعذيب. وبعد إطلاق سراحه شارك في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف عبر الانترنت والقى كلمة أدان فيها اعمال الاعتقال والتعذيب التي تعرض لها.


 وما زالت النساء من المدافعات عن حقوق الإنسان يواجهن القمع من جانب جميع أطراف النزاع بسبب جندريتهن أو طبيعة عملهن المتعلق بحقوق النساء والشباب بما في ذلك على سبيل المثال تقديم الدعم القانوني لضحايا العنف المنزلي. وقد وثق الفريق ما لا يقل عن عشرة حالات ارتكب أفراد من قبل سلطات الأمر الواقع والمجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة اليمن. وقال محققون حوثيون لبعض الناشطات إن تعزيز حقوق المرأة مخالف للتقاليد.


 وهُددت ناشطة أخرى باحتجاز أطفالها إذا لم تتعاون مع الحوثيين. والعديد من حالات القمع كانت تنطوي على ادعاءات كاذبة تستهدف أخلاق المرأة، بما في ذلك ادعاءات ذات طابع جنسي.

من شأن مثل هذه الادعاءات أن تسبب وصمة عار شديدة للمرأة، مما يجعلها وأسرتها عرضة للاستبعاد الاجتماعي والعنف المجتمعي والأذى الطويل الأجل. كما تشجع المجتمع بشكل أوسع على ربط المدافعات عن حقوق الإنسان بـ «الفجور».

وقد أدى هذا إلى الضغط على العديد من النساء على نطاق أوسع لكي يتقيدن بدورهن العام في المجتمع والحد منه. إن الاستهداف المحدد للمدافعات والناشطات في مجال حقوق المرأة يؤثر سلباً على دورهن الحيوي في حماية حقوق المرأة والنهوض بها والتصدي لعدم المساواة بين الجنسين في اليمن.
 الاستنتاجات القانونية
أدى استمرار النزاع، وما صاحبه من انهيار للنظام العام، إلى تفاقم الحالة المزعزعة بالفعل للأقليات، والنازحين داخليا، والمهاجرين، واللاجئين في اليمن. ويخلص فريق الخبراء إلى أن جميع هذه الجماعات لا تزال تتعرض للتمييز في التمتع بالحقوق، وتواجه مستوى أعلى من الانتهاكات وإساءة المعاملة.
 وعلاوة على ذلك، يستنتج فريق الخبراء بأن سلطات الأمر الواقع الحوثية وحكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولون عن انتهاك حقوق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك النساء وحقهم في الحرية والسلامة البدنية وأيضاً حريتهم في التعبير.
 
ح. الانتهاكات المتعلقة بنظام إدارة العدل
ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن جميع الناس متساوون أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلى من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. وكما أشير في القسم «د» أعلاه (أنظر الفقرات 165 وما يليها)، فإن للمعتقلين أو المحتجزين حقوق معينة تشمل أن يتم إبلاغهم سريعا بالتهم وأن يتم تقديمهم سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقهم أن يحاكموا خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنهم. ويحق للأشخاص الذين يحاكمون بتهمة ارتكاب جريمة أن يتمتعوا بحقوق المحاكمة العادلة. وتشمل هذه الحقوق أن يتم إعلام الشخص سريعا وبالتفصيل، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها، وأن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه، وأن يحاكم دون تأخير لا مبرر له، وأن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره /ه ا )بالإضافة إلى تيسير الحصول على الدعم القانوني كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك(، وأن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام، وألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب، ومن حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا. وقد استحدثت معايير متخصصة فيما يتعلق بضمان الدور المناسب للجهات الفاعلة في نظام العدالة، بما في ذلك استقلال القضاء.


 وينص القانون الدولي الإنساني أيضا على أن الأطراف في نزاع مسلح يجب أن تلتزم بمعايير المحاكمة العادلة في إقامة العدل.وبصفة عامة، فيعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي إذا قام طرف ما بإدانة والحكم على شخص أو تنفيذ عقوبة، بما في ذلك عقوبة الإعدام، إذا لم يُمنح ذلك الشخص محاكمة عادلة تكفل جميع الضمانات القضائية. ويتضمن نظام روما الأساسي الإشارة إلى جريمة الحرب المتمثلة في «إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلاً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً بأنه لا غنى عنها.»
بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بالنسبة للدول التي تحتفظ بالعقوبة ولم تلتزم بإلغائها، وذلك مثلاً من خلال التصديق على الربوتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فلا يجوز تطبيق عقوبة الإعدام إلا على «أشد الجرائم خطورة» ووفقاً للقانون الساري وقت ارتكاب الجريمة. ولقد خلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن «أشد الجرائم خطورة» لابد وأن تُقرأ بشكل مقيد، وأن تؤخذ على النحو الذي يشير فقط إلى جرائم بالغة الخطورة تشتمل على القتل المتعمد. وحتى في هذه الحالات، لا يمكن فرض عقوبة الإعدام إلا بعد محاكمة تحترم حقوق المحاكمة العادلة، وذلك بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.

 

ويحق لأي شخص يخضع لعقوبة الإعدام أن يلتمس العفو أو تخفيف العقوبة. وهناك أيضا قيود على من يجوز تطبيق عقوبة الاعدام عليه وعلى طريقة تنفيذ عقوبة الاعدام. وفي حين أن حقوق المحاكمة العادلة غير مدرجة في الحقوق التي لا يجوز تقييدها استنادا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فقد أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن الحقوق الإجرائية المتصلة بقضايا عقوبة الإعدام يجب ضمانها في جميع الأوقات، حتى في حالات الطوارئ، نظراً إلى الوضع غير القابل للتقييد للحق في الحياة. وخلص المقرر الخاص المعني بالتعذيب إلى أن الظروف التي لا تُحكم فيها عقوبة الاعدام (لا سيما المعاناة الشديدة) قد ترقى إلى مستوى سوء المعاملة إن لم يكن التعذيب. كما يحظر القانون الدولي الإنساني صراحة إعدام الأفراد الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية ما لم يصدر حكم من محكمة مشكلة بشكل منتظم توفر ضمانات قضائية.
 
الاستنتاجات الوقائعية 
إن نظام إدارة العدل ضروري لحماية وصون حقوق الإنسان. ومع ذلك، هناك في اليمن مجموعة من الانتهاكات التي تحدث في هذا المجال بالذات. ويجب النظر في هذه الانتهاكات في ضوء نقاط الضعف الكبيرة القائمة في نظام العدالة اليمني. يبد أن النزاع المسلح أدى إلى تفاقم أوجه الضعف هذه بدرجة كبيرة وإلى مزيد من تقويض نظام إدارة العدل في اليمن. ركّز فريق الخبراء في تحقيقاته، خلال فترة التقرير هذه، على ثلاثة قضايا أساسية ضمن نظام إدارة العدل ألا وهي: إدارة عمل المحاكم الجزائية المتخصصة، والانتهاكات لحقوق المحاكمات العادلة والاعتداءات على أفراد السلك القضائي.
 
1- المحاكم الجزائية المتخصصة
إن المحكمة الجزائية المتخصصة هي محكمة ابتدائية. لم ترد ضمن الدستور اشارة لها ولكن أول محكمة جزائية متخصصة تأسست بموجب المرسوم الرئاسي رقم 391/1999 وفي البداية منحت ولاية قضائية بشأن أعمال الهجوم على الأشخاص أو إرهابهم أو سرقتهم على الطرق العامة السريعة أو في الصحاري أو المباني أو السفن أو الطائرات. وقد تم توسيع نطاق ولايتها القضائية فيما بعد لتشمل مجموعة واسعة من الجرائم المتصلة بالأمن (بما في ذلك الاتجار بالمخدرات، والإضرار بأمن الدولة، والعدوان على أعضاء السلطة القضائية). وحالياً هنالك اربعة محاكم جزائية متخصصة تتمتع كل واحدة منها بالولاية القضائية على مجموعة معينة من المحافظات وجميعها تغطي كافة انحاء اليمن. بعد تولي سلطات الأمر الواقع للسلطة في عام 2015، حصلت إزدواجية في مؤسسات الدولة بين حكومة اليمن وسلطات الأمر الواقع. وعلى هذا فقد تم إنشاء مجلسي قضائيين أعليين منفصلين، أحدهما في صنعاء تابع لسلطة الأمر الواقع والآخر في عدن تحت سلطة حكومة اليمن. ومع ظهور هذا النظام المزدوج، أصبح تعيين القضاة، بمن فيهم قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة وعمل النظام القضائي أكثر تأثراً بالاعتبارات السياسية والطائفية. 


ففي صنعا ء، على سبيل المثال، ومنذ أن أصبحت سلطات الأمر الواقع مسيطرة على المحاكم الجزائية المتخصصة، تغير رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة ثلاث مرات على الأقل، وكان آخر رئيسان للمحكمة من أتباع الحوثيين، بحسب تقارير. يتم تعيين أعضاء المحاكم الجزائية المتخصصة من قبل مجلس القضاء الأعلى في صنعاء. ولكن ينظر لهذه الهيئة على أنها تفتقر للسلطة الشرعية نظرا لرحيل الأعضاء الذين تم ترشيحهم بموجب القانون قبل تولي الحوثيين للسلطة واستبدالهم بأشخاص تابعين للحوثيين ويدعمون أجندتهم السياسية والأمنية. 


 وثق الفريق العديد من القضايا التي أصبحت فيها المحكمة الجزائية المتخصصة، على وجه الخصوص في صنعاء، تستخدم كأداة لقمع المعارضة لتحقيق أهداف سياسية وترهيب المعارضين السياسيين وتنمية رأس المال السياسي لاستخدامه في المفاوضات. ومما يثير القلق أن أحكام الإعدام تكاد تكون مضاعفة من جانب المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء منذ 2018.


وعلى الرغم أن أياً من أحكام الإعدام في القضايا التي حققت فيها الفريق لم تنفذ حتى الآن، فقد أصدر القضاة في العديد من الحالات أوامر بمصادرة ممتلكات المتهمين وأصولهم (باستخدام السلطة بموجب القانون الجنائي اليمني) وتم تنفيذ هذه الأوامر.


وفي جميع الحالات التي حقق بها الفريق، تجاهلت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء على نحو ثابت الحقوق الأساسية للمتهمين في الحصول على محاكمة عادلة .يبد وأن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء هي الهيئة القضائية الأكثر نشاطاً في اليمن نظراً إلى أن نظام العدالة يبدو مشلولاً في العديد من مناطق الدولة. وبينما لا تتوفر إمكانية الوصول للسجلات الرسمية، فقد ورد أن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء تنظر حالياً فيما لا يقل عن 20 قضية سياسية رئيسية لـ 308 متهمين. ولتوضيح النشاط الحالي للمحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء فقد ركز الفريق على عدة قضايا رمزية وهي: قضية اعضاء البرلمان الخمسة والثلاثين وقضية الصحفيين العشرة والقضية الخاصة بـ 36 اكاديمياً تابعين لحكومة اليمن وقضية اسماء العميسي. 


 بتاريخ 4 آذار/مارس 2020، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء حكماً غيابياً بالإعدام بحق 35 عضوا برلمانيا بتهمة «اتخاذ إجراءات تهدد استقرار الجمهورية اليمنية، ووحدتها، وأمنها». ويبدو أن الاتهامات كانت ذات دوافع سياسية حيث كانت موجهة إلى 138 نائبا برلمانيا والذين ساندوا الحكومة المعترف بها دوليا وشاركوا في الجلسة البرلمانية في سيئون بتاريخ 11نيسان/ابريل 2019.

وعلاوة على ذلك، استخدمت هذه الإدانات لإضفاء شرعية للاستيلاء على أصول وممتلكات المدعى عليهم. وأكد النواب الذين تحدث معهم فريق الخبراء أنهم لم يتلقوا أي شكل من اشكال التواصل الرسمي بشأن الإجراءات القانونية ضدهم، وأنهم لم يعلموا بالقرار إلا من وسائل التواصل الاجتماعي. ولم يقم هؤلاء البرلمانيين بتعيين ممثل قانوني رسمياً للمثول نيابة عنهم حيث أنهم لا يعترفون بشرعية المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء. وبتاريخ 11 نيسان/أبريل 2020 أدين عشرة صحفيين كانوا قد اعتقلوا تعسفياً منذ عام 2015 بتهم تتعلق بالأمن القومي ناشئة عن منشوراتهم وتصريحاتهم. وحكم على اربعة صحفيين بالإعدام وهم عبدالخالق عمران وأكرم الوليدي وحارث حامد وتوفيق المنصوري وبتاريخ 20 نيسان/ابريل طلبوا رسميا من ممثلهم القانوني استئناف القرار وعلى الرغم من تقديم طلبات الاستئناف فلا يوجد حتى اللحظة أي مؤشر على تاريخ محتمل لجلسة استئناف. وحُكم على ستة صحفيين، وهم هشام طرموم وهشام اليوسفي وعصام بلغيث وهيثم الشهاب وحسن عناب وصلاح القاضي، بالسجن لفترات قضوها فعليا بالسجن مع وضعهم تحت الرقابة لمدة ثلاث سنوات مع تعيين من يكفلهم. وكان من الواجب إطلاق سراحهم على الفور. وحتى تاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2020، وعلى الرغم من قرار الإفراج، لم يتم إطلاق سراح سوى واحد من هؤلاء الصحفيين الستة، وهو صلاح القاضي، في حين يُقال إن الآخرين سوف يتم إطلاق سراحهم كجزء من تبادل للأسرى. وتمثل هذه القضية الطريقة التي تعرض بها الصحفيون لأنماط وسلسلة متواصلة من الانتهاكات بدافع إسكات أصواتهم.


 وإحدى القضايا التي تابعها فريق الخبراء هي قضية الأكاديميين الـ 36 والذين اتهموا، من جملة أمور أخرى، بالعضوية في الجناح العسكري لحزب الإصلاح والمشاركة في الاغتيالات وتفجير القنابل والخضوع لتدريبات عسكرية في مأرب وتتبع تحركات قوات الحوثيين. وبتاريخ 7 تموز/يوليو 2019 تم إدانة 30 شخصا من هذه المجموعة والحكم عليهم بالإعدام. قدم المتهمون طلبات استئناف ضد ادانتهم على الرغم من عدم تحديد موعد لجلسة الاستئناف حتى اللحظة. وقد تم الاستيلاء على ممتلكاتهم، رغم عدم وجود أي أمر رسمي بالمصادرة. أما الأكاديميون الستة الاخرون فقد ثبت أنهم غير مذنبين وبالتالي أفرج عنهم ولكن بشرط عدم التصريح بمعلومات عن قضيتهم وتعيين كفيل.


وهناك قضية رمزية أخرى، وهي قضية أسماء العميسي وهي امرأة أدينت وحكم عليها بالإعدام من قِبَل المحكمة الجزائية المتخصصة في 30 كانون الثاني/يناير 2019. وقد حوكمت مع ثلاثة متهمين آخرين أحدهم والدها. وقد أدينت بجرائم تتعلق بالتعاون مع العدو وأعمال غير أخلاقية والدعارة والزنا ولوجودها وحدها مع رجال بدون وصي من الذكور. وفي جلسة المحكمة كانت المدع عليها الوحيدة حيث تم الإفراج عن المتهمين الثلاثة الآخرين بكفالة خلال ذلك ولقد فروا من المناطق التي تسيطر عليها سلطات الأمر الواقع قبل المحاكمة. وقد رفضت محكمة الاستئناف إدانتها في جريمة التعاون مع العدو بسبب عدم وجود أدلة واقعية ومخالفات إجرائية. ولكن تم تأييد الإدانة بشأن الجرائم المرتبطة بالقضايا «الأخلاقية». وخفف الحكم الأولي بالجلد إلى 15 سنة في السجن وتم تقديم طلب استئناف إلى المحكمة العليا ولكن لم يتم تحديد موعد للجلسة حتى اللحظة. ويبدو أن سلطات الأمر الواقع تستخدم، في هذه الحالة، المحكمة الجزائية المتخصصة لتعزيز الأدوار التقليدية للنوع الاجتماعي. وكما هو مفصل أعلاه، هذا جزء من اتجاه أوسع نطاقا لإضفاء التسليح على النوع الاجتماعي في النزاع لإضفاء الطابع القانوني لسلطة الأطراف وكبح المشاركة السياسية للنساء وتمكين الانتهاكات ضد النساء والفتيات.وقد كانت المحكمة الجزائية المتخصصة أقل نشاطا في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي نظرا للاضطراب العام في نظام العدالة في هذه المناطق. وفي المناطق العاملة بها هنالك بعض المؤشرات على امتثال أكبر للمعايير الإجرائية. يبد أنه توجد تقارير تفيد بتدخلات سياسية مستمرة في نظام العدالة بقيام مجلس القضاء الأعلى والنائب العام في حكومة اليمن بتشجيع النيابة العامة على مباشرة الاجراءات القانونية ضد أفراد ضمن سلطات الأمر الواقع. وهناك مخاوف مماثلة بشأن استخدام المحكمة الجزائية المتخصصة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة اليمن كمحكمة أمنية لخدمة المصالح السياسية للسلطات المسؤولة. بتاريخ 2 نيسان/إبريل 2020، على سبيل المثال، بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن بمحاكمة 32 من زعماء الحوثيين غيابياً بما في ذلك عبدالملك الحوثي. وبدأت المحاكمة أثناء العطلة القضائية، على الرغم من أن القانون اليمني يسمح فقط بالقضايا «المستعجلة والطارئة» خلال العطلة القضائية.

وقال بعض المتحدثين للفريق بأن هذه المبادرة قدمت كمحاولة لمحاكاة الاجراءات المسيسة للمحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء ولكنها تمت بطريقة تهدف للتخفيف من مخاطر الانتقام من الممتلكات والأصول لأولئك التابعين لحكومة اليمن والذين ما زالوا في الشمال.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد