اتفاق الرياض... ابتزاز سياسي ودراما تنبئُ عن فشل سعودي

2021-09-06 08:06:15 أخبار اليوم/تقرير

  

انقلاب إيراني في الشمال، وآخر إماراتي في جنوب اليمن، عاشت على ضوئهم الحكومة الشرعية أزمة سياسية خانقة، ضاعفت من معاناة اليمنيين وقللت من سبل السلام.

ليمثل فيما بعد اتفاق الرياض مفارقة جديدة وبارقة أمل للقوى السياسية المناهضة لمليشيات الحوثي، على أمل أن يجسد الاتفاق وحدتهم الميدانية والسياسية، في الوقت الذي يخوضون فيه حربًا عسكرية ضد الانقلاب الحوثي، الذي فرض سيطرته على العاصمة صنعاء، وأغلب المحافظات الشمالية منذ 2014.

ركز الاتفاق في شقه السياسي على إشراك المجلس الانتقالي في حكومة جديدة، في حين ركز الشق العسكري والأمني منه على انسحاب القوات من عدن والمحافظات التي سيطر عليها المجلس الانتقالي، ودمج ميلشياته ضمن قوام الجيش والأمن، وإنهاء الأسباب التي أدت إلى الانقلاب على الحكومة الشرعية.

دراما الاتفاق

مرَّ نحو عامين على توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي في الـ5 من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إلا أنه لم يتم حتى اليوم تنفيذ هذا الاتفاق، الذي وقعه الأطراف بحضور الملك سلمان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، و اللذان بدورهما مثلا التزمًا سعوديًا للحكومة اليمنية لإنهاء الانقلاب سلميًا.

ترافق ذلك مع استمرار المجلس الانتقالي في التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي، على خطوط التماس مع قوات الجيش الوطني، وكان أبرزها انقلاب آخر في جزيرة سقطرى في الـ 19 من يونيو / حزيران 2020، انتهى بسيطرة مليشيات الانتقالي على مبنى المحافظة ونشر قواتهم على كامل الجزيرة وكل ذلك كان على مرأى ومسمع من الرياض.

غادرت السلطة المحلية الشرعية الجزيرة ممثلة بالمحافظ رمزي محروس، الذي قال حينها في إشارة منه الى الخذلان السعودي إن "أهالي سقطرى تعرضوا لخذلان وصمت مريب ممن كان ينتظر منهم النصرة والمؤازرة". 

غضت السعودية الطرف عن هذا الانقلاب وعن الدعوات الحكومية ومناشدات مسؤولين وبرلمانيين يمنيين، بإعادة الوضع في سقطرى إلى ما كان عليه قبل الـ19 من يونيو 2020، لتذهب في الحديث عن تنفيذ اتفاق الرياض المتعثر، والذي كان من المفترض أن يطبق أولا في سقطرى، بانسحاب مليشيا الانتقالي وعودة السلطة الشرعية.

ابتزاز سعودي

المملكة العربية السعودية التي سحبت قواتها من مدينة عدن مفسحةً الطريق أمام انقلاب المجلس الانتقالي في أغسطس/آب 2019، بعد أن قزمت الإمكانيات العسكرية للجيش الوطني، داعمةً بذلك جماعات مسلحةً خارج اطار الحكومة الشرعية، احتفت بما اسمته "تنفيذ اتفاق الرياض"، رغم أن التنفيذ اقتصر على إعلان الحكومة، وتجاهل التنفيذ الكامل للشق العسكري في مشهد معالجة انقلاب الانتقالي، الذي قام به بدعم إماراتي.

فيما الانسحابات التي أشرفت عليها السعودية لم تشمل انسحاب قوات الانتقالي من عدن، ولا دمجها في قوام وزارتي الدفاع والداخلية، ولا عودة ألوية الحماية الرئاسية إلى العاصمة المؤقتة بحسب الاتفاق، وانما كانت انسحابات شكلية لم تتجاوز محافظة أبين.

ناهيك عما وفرته للانتقالي من مساحة سياسية كبيرة لشرعنه تحركاته السياسية التي يتمثل فيها خرقًا كبيرًا لمخرجات اتفاق الرياض من حيث أنها تهدف لربط المجلس بعلاقات دبلوماسية من شأنها شرعنة وجوده السياسي كبديل للحكومة الشرعية.

يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة، في حديث سابق لـ"اليمن نت" أن سبب فشل اتفاق الرياض يعود إلى أن "السعودية لم تضغط بشكل جاد وحقيقي من أجل تنفيذه، وأنها تحتفظ بالانتقالي كورقة ضغط على الشرعية لتمرير مخططاتها في اليمن، والتي لم يعد من بينها دعم الشرعية".

ويضيف الزرقة أن "الرياض تمنح للانتقالي وقادته فرصة للتحرك الدبلوماسي واللقاء بالسفراء والدبلوماسيين الأجانب، ومناقشة مستقبل الترتيبات لما بعد انتهاء الشرعية، وهي بذلك تقدم الانتقالي كبديل للشرعية في الجنوب، وكممثل وحيد له".

ويتابع "أنها –أي السعودية– تستفيد من الميوعة السياسية للانتقالي، وموافقته التامة على لعب دور التابع المطيع للرياض و أبو ظبي، وليس لديه حساسية فيما يتعلق بموضوع السيادة أو الهوية الوطنية".

ملامح الفشل

يبدو أن الأوضاع في اليمن تفلتت من يد السعودية أكثر من أي وقت مضى، ولم تعُد خيوط اللعبة اليمنية بيد الرياض وحدها بعد مزاحمة أبو ظبي على أهم المناطق اليمنية، الأمر الذي عقّد فرص السلام في جنوب اليمن، وعمّق صراع طرفَي الحرب المدعومين من السعودية والإمارات.

تتجه الأوضاع في اليمن إلى مزيد من التعقيد، ولا أمل في مساعي السعودية لاحتواء ملف اليمن عسكرياً وسياسياً. ففي الجنوب، تعثَّر اتفاق الرياض، في ظل تصعيدات عسكرية مستمرة مع احتمالية تجدد المواجهات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً والذي يسعى لنيل شرعية تحفظ وجوده. كل ذلك نتيجةً لفشل طاولة الرياض في احتواء الأزمة.

بينما تستهدف مليشيات الحوثي الأراضي السعودية بين الحين والآخر، وتسعى جاهدةً لتحقيق تقدمات ميدانية في مأرب، وهي تطورات في مجملها تضع السعودية في موقع من فشل في احتواء الملف اليمني، خصوصاً مع التسريبات الدولية التي تتحدث عن طي صفحة الحرب في اليمن والشروع في عملية السلام الشامل.

يقول رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية عبد الكريم السعدي بحديث له مع TRT عربي، إن "اتفاق الرياض فشل وستفشل الاتفاقات المقبلة، وذلك لأن طرفَي الصراع لا يمتلكان القرار"، لافتاً إلى أن "الحوار يجب أن يكون بين الحكومة الشرعية والإمارات مباشرة".

لطالما أثار اتفاق الرياض آمال ومخاوف اليمنيين في الوقت ذاته، حيث تجسدت آمالهم في أن الاتفاق قد يؤدي إلى “احتواء النزعات الانفصالية” في الجنوب، وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم الحاصلة بين القوى المناوئة لمليشيات الحوثي، وتوحيد الجهود لمواجهة الأخيرة.

فيما تجسدت مخاوفهم حول ما اذا أدى الاتفاق في نهاية المطاف إلى “شرعنة” المجلس الانتقالي، ومنحه اعترافاً إقليمياً ودولياً، وتكريسه كممثل وحيد للجنوب، فزادت مخاوف اليمنيين مع فشل الرياض في تنفيذ الاتفاق، وقضى على الأمل العام بتجاوزهم الأزمة، لتُظهر بذلك الرياض نفسها، دولة غير مؤتمنه وليست جديرة بثقة المجتمعات الاقليمية والدولية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد