الإنتقالي... سياسة صبيانية وموقف مرتبك

2021-10-06 07:41:34 أخبار اليوم/خاص

 

  

من شريك في جبهة استعادة الشرعية وطرد المتمردين الحوثيين، الى متمرد يقود انقلاب آخر جنوبي البلاد، فيستحوذ على مؤسسات الدولة ومعسكراتها، فاتحًا بذلك بوابة لصراع جديد كان اليمنيين في غنىً عنه.

الا أن تحوله هذا جاء أشبه بعمل طائش يفتقر لرؤية حقيقية تمكنه من إدارة تحركاته، أو على الأقل تتيح له فرصة لمعرفة ما يريد من هذا التمرد الممول خارجيًا.

فمن جهة تراه مرتبكًا قلقًا معتمدًا في تحركاته على سياسة صبيانية لا ترتقي الى مستوى موقعه الحقيقي، ومن جهة اخرى تجده يتناقض مع قراراته الداخلية، فلا هو أعلن رفضه لما عرف باتفاق الرياض الذي جاء وفقًا لمبادرة المملكة العربية السعودية المهتم الأول بالملف اليمني، ولا هو انصاع لما تقتضيه المصلحة الوطنية والجنوبية بوجه الخصوص ونفذ الاتفاق الذي وقعه مع الحكومة الشرعية.

مركز أبعاد في دراسته "ما هو مستقبل المجلس الإنتقالي الجنوبي" اظهر حالة الارتباك التي يعيشها المجلس منذ ما بعد انقلاب أغسطس/آب 2019، وذلك من خلال ما شهدته البلاد من تطورات متسارعة كان بطلها الإنتقالي ومعه أبو ظبي ممول التمرد في الجنوب.

ارتباك الموقف

وقع إتفاق الرياض في الـ5 من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بين الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي بعد قرابة شهرين من الصراع بين الطرفين، والذي تضمن الترتيبات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، ومن أبرز بنوده تشكيل لجنة تحت إشراف التحالف تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام الاتفاق.

ونص الإتفاق على مشاركة المجلس الانتقالي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الحوثيين، بالإضافة إلى تشكيل حكومة كفاءات سياسية تكون الحقائب فيها مناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية.

وبحسب الدراسة أنه من الناحية العسكرية أشار الإتفاق على جمع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة من القوات العسكرية والأمنية، ووضعها تحت إشراف التحالف، ونقل القوات العسكرية التابعة للحكومة والانتقالي الى خارج عدن.

وأضافت أن "الإتفاق استثنى اللواء الأول حماية رئاسية لحماية الرئيس، وكذا لتأمين الحماية الأمنية لقيادة المجلس الانتقالي، اضافةً الى دمج قوات الطرفين وترقيمها في وزارة الدفاع"

وبحسب الدراسة فان "الإتفاق قضى بإعادة تنظيم القوات الحكومية والتشكيلات التابعة للانتقالي وضمها الى وزارة الداخلية، وتنظيم القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب في عدن واختيار عناصر وقيادة جديدة من القوات الحكومية وتشكيلات الانتقالي.

ومع ذلك تشير الدراسة الى أن "المحافظات الجنوبية ظلت تعيش حالة من التوتر والتصعيد المتبادل، ولم تنتقل بنود الاتفاق إلى حيز التنفيذ، باستثناء بعض الترتيبات السياسية التي بدأ تطبيقها بعد قرابة عام على توقيع الاتفاق كتشكيل الحكومة وتعيين محافظ ومدير أمن لعدن"

فيما أرجعت السبب وراء إعاقة تنفيذ بقية البنود، الى عرقلة الترتيبات العسكرية والأمنية، مشيرةً الى أن "الحكومة التي عادت إلى عدن أواخر العام 2020 وجدت نفسها عاجزة وضعيفة تحت سيطرة قوات الانتقالي، ما تسبب في مغادرتها إلى الرياض بعد نحو ثلاثة أشهر من قدومها."

وتابعت "بقيت قوات الانتقالي تحكم سيطرتها على عدن في ظل التدهور الاقتصادي والمعيشي والتوتر السياسي وتبادل الاتهامات بين الحكومة والانتقالي بشأن المماطلة في تنفيذ اتفاق الرياض".

وفي سياق متواصل، قالت دراسة مركز أبعاد "أعلن المجلس الإنتقالي في أبريل/نيسان 2020 حالة الطوارئ و "الإدارة الذاتية" في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وتشكيل لجان رقابية على مؤسسات الدولة، الأمر الذي اعتبرته الحكومة "إعلاناً صريحاً بإنهاء اتفاق الرياض واستمرارًا للتمرد المسلح الذي بدأ في أغسطس/آب 2019".

وأضافت: "أعلنت السلطات المحلية في 6 محافظات جنوبية من أصل 8 محافظات، ولاءها للرئيس هادي والحكومة الشرعية ورفضها إعلان الإدارة الذاتية، فيما رأت الحكومة اليمنية في إعلان الإدارة الذاتية تمردا على اتفاق الرياض وانسحاب كامل من الاتفاق".

اما على الصعيد الخارجي، أفادت أنه "جاء بيان التحالف العربي الرافض للإعلان في مقدمة البيانات والتصريحات الصادرة عن عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي أجمعت على رفض إعلان الادارة الذاتية، وشملت قائمة الرافضين حينها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر ودولة الإمارات وبريطانيا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي"

وتابعت: "قوبل الإعلان برفض شعبي ورسمي داخلي من المحافظات المستهدفة، رغم الدعاية الإعلامية والأموال التي أنفقها الانتقالي والوعود التي أطلقها حول العمل على تحسين الخدمات وتشغيل المؤسسات وصرف المرتبات وإنهاء الأزمات.

واشارت الى أن "الواقع كان على النقيض من كل الوعود التي اطلقها الانتقالي، وصادف ذلك وصول جائحة كورونا (كوفيد19) إلى عدن والمحافظات المحررة، مع تدهور مستمر في الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الخدمات الصحية، ما أدى لإعلان عدن مدينة منكوبة، خاصة بعدما كشفت إحصائيات رسمية أن عدد الوفيات في المدينة بسبب كورونا وأمراض أخرى بلغ 623 حالة وفاة خلال النصف الأول من شهر مايو/أيار 2020".

"لم تقدم سلطات الانتقالي إزاء ذلك التدهور أي معالجة سوى الاستيلاء والسطو على الموارد المالية ومنها الميناء والضرائب والبنوك الامر الذي توسعت معه رقعة السخط ضدهم، وأوجد حالة من الصراع الداخلي وتبادل الاتهامات بين قيادات المجلس، سارع على إثرها، وبصورة سرية لتشكيل لجان للتحقيق الداخلي لم تكشف نتائجها". بحسب الدراسة.

فيما نقلت الدراسة عن مصادر أكدت "وقوف اللجنة على أعمال نهب واسعة قام بها قيادات ومسؤولون تابعون للانتقالي مستندين على إعلان الإدارة الذاتية، ولا تزال حتى اللحظة تهمة الاختلاس تلاحق عدداً منهم".

وأردفت "لو خضع جميع القيادات لمحاسبة وتحقيق شامل لانكشفت حقائق كثيرة في هذا الموضوع، خاصة وأن الانتقالي في فترة الإعلان اعتبر نفسه حكومة وشكل لجان لتسيير الأعمال ومراقبة القطاعات الحكومية المختلفة".

وزادت "كما شكل لجنة اقتصادية تضم مختلف التخصصات والمجالات الإدارية والخدمية وغيرها، فيما لم تكن هناك أي جهة رقابية تتولى مراقبة أعمال عناصره".

وقالت "في الوقت الذي أعلنت فيه الإمارات رفضها اعلان الانتقالي، كان دعمها المستمر يكشف حقيقة موقفها، فضلا عن أن بيان الإدارة الذاتية اصدر من قبل قادة مقيمين في الإمارات".

وأوضحت الدراسة أن "الإعلان جاء في ظل إخفاق واضح في تنفيذ اتفاق الرياض، وتوتر في العلاقة بين الانتقالي والقيادات العسكرية السعودية المكلفة بتنفيذ بنوده، خاصة ما يتعلق بسحب السلاح الثقيل. 

وقالت "أدرك ذلك أغلب الكتاب والسياسيين السعوديين الذين ظهروا على وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي مؤازرين لموقف بلادهم الرافض للإعلان باعتباره انقلاباً على اتفاق الرياض، مضيفين إليه التنديد بالموقف الإماراتي، باعتباره عملاً يهدف إلى إفشال مساعي الإتفاق، من قبل دولة تعد الحليف الأبرز للسعودية.

وأشارت الى أنه "بعد إعلان الانتقالي البدء في الإدارة الذاتية، سارعت القوات الأمنية والعسكرية الموالية له للسيطرة على بقية المؤسسات وفروع الوزارات والمنشآت الحكومية التي لم تكن تحت سيطرتها.

وتابعت "وضعت قوات الإنتقالي يدها على الموارد الرئيسية، وساءت الأوضاع العامة جراء تدهور الخدمات الأساسية وفي مقدمتها المياه والكهرباء، فضلا عن تردي الأوضاع الصحية بالتزامن مع وصول جائحة كورونا – كوفيد19 اليمن، فيما اكتفت عناصر الانتقالي بقمع الفعاليات الاحتجاجية التي ينفذها مواطنون تعبيراً عن استيائهم من تردي الأوضاع بشكل لم يشهدوا له مثيلاً من قبل".

مرة أخرى تدخلت الجهود السعودية لدى الطرفين أسفرت عنها آلية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، وذلك أواخر يوليو/تموز 2020، وتجسد ذلك بإعلان المجلس الانتقالي التخلي بشكل نهائي عما عرف بالإدارة الذاتية كشرط وضعته الحكومة مقابل الموافقة على آلية التسريع.

تنصل ومراوغة.

خلافاً للمرات السابقة التي قوبلت فيها خطوات المجلس الانتقالي بالصمت من قبل التحالف العربي والدول الكبرى، لم يمر تصعيد الانتقالي خلال شهري مايو ويونيو/أيار وحزيران 2021 مرور الكرام، حيث قوبل بردود فعل رافضة ومحذرة للانتقالي من المواجهة مع المجتمع الدولي.

بدأت هذه المواقف ببيان أصدرته خارجية المملكة العربية السعودية أعلنت رفضها الخطوات التصعيدية من قبل الانتقالي، وشددت على الالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض، صدر بعده بيان عن مجلس التعاون الخليجي يدعم موقف الرياض الذي عبرت عنه وزارة الخارجية.

وتتابعت البيانات والتصريحات من قبل الخارجية الأمريكية ثم السفير البريطاني في اليمن، والفرنسيين، وأعلن الجميع الرفض لما قام به الانتقالي من خطوات وصفت بالاستفزازية.

وفيما ترى الدراسة أن "هناك رؤيتين من جانب الانتقالي للتعامل مع اتفاق الرياض، قالت أن" الرؤية الأولى تفضل التعامل معه بمرونة وإيجابية بحسب الضغوط السعودية خاصة في الجوانب السياسية والإعلامية، باعتباره مرحلة مؤقتة وضرورية لكسب السعودية والرأي العام الخارجي".

فيما تعتقد أن "الرؤية الأخرى تتمثل بالتنصل من كل الالتزامات حين تكون الفرصة مواتية، والعودة إلى التصعيد والانقلاب على الاتفاق وعلى التحالف العربي، والنظرة الأخرى -ويتبناها تيار متشدد داخل المجلس- مضمونها الرفض المطلق للاتفاق باعتباره جاء تحت الضغط السعودي وربما يؤدي تطبيقه – خاصة بنود الشق الأمني والعسكري- إلى إضعاف المجلس وتجريده من قوته المسلحة"

وتقول "تشمل الخطوات التصعيدية من قبل الانتقالي تشكيل وحدات عسكرية وأمنية جديدة، في تأكيد صريح على رفض تنفيذ اتفاق الرياض، وإصدار قيادة الانتقالي قرارات بتعيين عناصره على رأس هيئات عسكرية وأمنية يفترض تبعيتها لوزارتي الداخلية والدفاع حسب بنود الاتفاق".

واضافت " كما أن الانتقالي أصدر قرارا بتشكيل قوة لمكافحة الإرهاب، بينما تضمن الاتفاق أن يتم تشكيل هذه القوة بشكل رسمي عبر أجهزة الدولة حسب الاتفاق نفسه".

واشارت الى أن "التصعيد أدى إلى تعثر خطوات تنفيذ الاتفاق مرة أخرى، فعملت السعودية على جمع الطرفين في الرياض من أجل استئناف إجراءات التنفيذ، غير أن الانتقالي قام بالتصعيد نهاية يونيو/حزيران الماضي، من خلال الدفع بعناصره في محافظة شبوة للمواجهة مع الأجهزة الأمنية وإثارة الفوضى لكن السلطة المحلية وأجهزة الأمن تمكنت من إخماد تلك التحركات".

وفي سياق مختلف أفادت الدراسة أن مراقبون ربطوا بين محاولات الانتقالي تفجير الوضع في شبوة وهجوم الحوثيين على بيحان، وأنه جاء بعد مطالبة السلطة المحلية للقوات الإماراتية بمغادرة منشأة بلحاف الغازية، إذ تدعم أبو ظبي أتباعها والحوثيين لاستهداف شبوة وسلطاتها كردة فعل على المطالبة بخروج قواتها من المنشأة التي باتت معطلة بفعل التواجد الإماراتي.

   




الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد