إقالة بن عديو... حكومة مطيعة، وسيادة يلهو بها الحلفاء.

2021-12-28 08:46:38 اخبار اليوم/تقرير خاص

 

  

أصدر الرئيس هادي قراراً جمهورياً قضى بإقالة محافظ شبوة، محمد صالح بن عديو، وتعيين عوض محمد العولقي بديلاً عنه، الا أنه لم يكن قرارًا عفويًا افرزته سيادة الدولة اليمني، وانما جاء استجابة لضغوط كبيرة مارستها السعودية والإمارات.

 

لم يأتي الضغط الذي مارسته السعودية والإمارات لإقالة بن عديو، ناتج عن اهتمام الدولتين بالمصلحة السياسية للمجتمع اليمني والحكومة الشرعية، وانما كانت مطالبة بن عديو باستئناف عمل محطة "بلحاف" ورحيل القوات الإماراتية منها، أحد أسباب إقالة الشخصية التي تحظى بالتفاف شعبي وسياسي واسع.

 

فيما اعتبر ناشطون موافقة الرئيس هادي، على إقالة بن عديو محطة أخرى من مسلسل الخذلان الذي يتعرّض له رجاله الأقوياء في الميدان، حيث يعتقد محللون أن بن عديو كان يسعى لاستعادة سيادة الحكومة اليمنية وطرد أجندة الإمارات للتخفيف من اعباء الهيمنة الخارجية على سيادة الدولة واليمن.

 

ضرورة إماراتية.

 

القرار الذي أصدره الرئيس هادي، تشاركت السعودية والإمارات في تحديد أهميته وأوانه، لاسيما وأن الرجل قد تصادم مع الدولتين في كثير من المحطات التي سعى من خلالها الى تحييد محافظته من مساعي الاستغلال الخارجي.

 

وفي السياق، يقول الصحفي محمد الأحمدي: "إن قرار هادي بإقالة بن عديو هو إرادة ورغبة إماراتية، ولكن بتوقيع سعودي بدرجة أساسية".

 

وأضاف الأحمدي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أن "قرار هادي بإقالة بن عديو سبقه تسريبات عن ضغوطات مارسها التحالف على هادي لإقالة الرجل".

 

ويعتقد الأحمدي أن هذا القرار "يعد محطة أخرى من مسلسل الخذلان الذي عانى منه اليمنيون بسبب سوء إدارة الرئيس هادي للمرحلة".

 

ويزيد: "هذا القرار يعد جزءا من سلوك الخذلان المستمر الذي تمارسه الرئاسة بحق اليمنيين في جميع المحطات".

 

ويرى أنه "لا يوجد ما يبرر إقالة بن عديو، كونه أثبت -خلال إدارته لمحافظة شبوة- أنه يخدم المصلحة الوطنية"، ولا يستبعد "أن تكون للإمارات "أوراق ضغط معيّنة تساوم بها ضد السعودية لتمرير هذا القرار".

 

ورغم تأكيد الأحمدي على أحقية الشرعية في إقالة أو تعيين أي مسؤول حكومي، إلا أنه يرى أن يكون ذلك بالمنظور اليمني ووفق المصلحة الوطنية.

 

ويفيد أن "قرار إقالة بن عديو يبدو كما لو أنه استجابة لرغبة خارجية، ولا يمت بصلة لمصلحة اليمن واليمنيين، وهذا الذي يبدو مستفزا ويثير تساؤلات عن مصير الشرعية".

 

في حين يرى عضو مجلس الشورى اليمني الشيخ علي حسين البجيري أن الرئيس هادي تعرض لضغوط كبيرة جداً دفعته لاتخاذ القرار، وليس عن تواطؤ منه أو تماهي.

 

ويقول البجيري لـ "الموقع بوست" هناك ضغوطات خارجية ومؤامرات داخلية من قيادات بارزة في الشرعية على الرئيس هادي، وهناك وزراء باتوا يعملون للخارج".

 

وأوضح أن "السعودية لا تريد أي مسؤول يمني يتحدث عن كرامة وسيادة بلاده، وتسعى لأن تظل اليمن رهينة بأيديهم".

 

من جانبه قال الصحفي والمذيع اليمني بشير الحارثي للموقع بوست" ‏بالتأكيد هناك ضغوطات تمارس على الرئيس هادي لتنفيذ هذه القرارات، ولكن هذا لايعني أن الرئيس هادي يتخلى عن كل الشخصيات الوطنية ويعرض الدولة اليمنية للانهيار والضعف وباستطاعته مواجهة هذه الضغوطات حتى لو كلفه الأمر مغادرة السعودية".

 

هوية القرار.

 

أثار القرار الجمهوري الذي قضى باقالة بن عديو، غضب شعبي وسياسي واعلامي واسع، وهو ما اثار جدلًا وتضارب في الآراء، في الوقت الذي أفقد كثيرون ثقتهم بنزاهة قرارات الرئاسة، بل وأفقدهم الثقة بشخص الرئيس هادي، الذي بدا امامهم متعاونًا مع المصلحة الاماراتية أكثر من دعمه لمصلحة بلده.

 

من جهته، يقول الناشط السياسي، ياسر الصائلي: "إن أسباب إقالة بن عديو هي عدم قبول المحافظ للإملاءات الخارجة عن إطار الدولة، ومعارضته للوجود العسكري الإماراتي في المحافظة".

 

ويضيف الصائلي أن "من بين أسباب الإقالة أن بن عديو وقف إلى جانب الشرعية في كل المواقف التي تحتاجها شبوة، والتي كان من بينها محاربة المليشيات المسلحة".

 

ويوضح الصائلي أن "بن عديو كان ينفذ قرارات الرئيس هادي، وكان على تواصل كبير معه، كما أن هادي كان يثني على أعماله التي بذلها من أجل استعادة روح الشرعية في هذه المناطق".

 

ويفيد أن "بن عديو رفض جميع الإغراءات الإماراتية التي كان الهدف من ورائها السماح بعودة المليشيات، وعدم الحديث عن منشأة بلحاف".

 

ويؤكد الصائلي أن "قرار الإقالة لبن عديو هو قرار سياسي، ولا علاقة له البتة بالمصلحة الوطنية".

 

بدوره، يفيد الناشط السياسي سالم بن جذنان أن "إقالة بن عديو من منصبه جاء تنفيذا لاتفاق الرياض وليس تغيير نتيجة سوء إدارة الرجل للمحافظة".

 

ويشير إلى أن "قرار إزاحة بن عدو من منصبه جاء بقرارات سعودية كان آخرها لقاء الأمير خالد بن سلمان- نائب وزير الدفاع السعودي- بالرئيس هادي".

 

ويرى بن جذنان أنه "كان يجب على بن عديو عدم رفض قرار الرئيس هادي بتعيينه مستشارا له"، معتبرا رفضه لهذا القرار "خطأ استراتيجيا سيعرّضه لأي تهديد آخر من داخل شبوة".

 

رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، فتحي بن لزرق، يقول: "إن كل التحركات -منذ سقوط الدولة في 2015- تصب بشكل أو بآخر في صالح معركة التحالف".

 

ويضيف بن لزرق أن "التغييرات والترتيبات والحكومة وكل الصراعات وكل الإقالات تصب في الأخير في المعركة الرئيسية التي جاء التحالف من أجلها".

 

ويرى بن لزرق أن "إقالة بن عديو تندرج في إطار التفاهمات الداخلية بين طرفي التحالف، ومعركتهما في اليمن".

 

سيادة منتهكة

 

يبدو أن قرار اقالة بن عديو، اظهر جلياً دولة الإمارات وهي تحدد أولويات المرحلة على الساحة اليمنية، وأنها قادرة على إبعاد أي مسؤول يمني مهما كانت شعبيته وبصرف النظر عن نجاحه في مسؤوليته.

 

ضغطت السعودية والإمارات على هادي من أجل إزاحة محافظ شبوة من المشهد السياسي والإداري بعد مطالبته بخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف، ورغم الرفض الشعبي لتلك الضغوط، نفذ هادي رغبة الرياض وأبو ظبي التي تتعارض مع رغبة الجماهير اليمنية الرافضة لقرار إقالة بن عديو.

 

خضوع الرئيس هادي للضغوط السعودية الإماراتية أغضب اليمنيين بشكل كبير، حيث غرد الألاف عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرين إقالة الشخصيات التي قالوا أنها تمثل آخر ما تبقى من الشرعية في البلاد.

 

ويرى الكاتب والسياسي اليمني الدكتور عادل الشجاع أن هناك ضغوط تُمارس على الرئيس هادي لكنها في المقابل لم تجد أية ممانعة ومقاومة منه، مما يجعل الرئيس متماهي مع تدمير اليمن، وخطف قرار الشرعية.

 

ويقول لـ "الموقع بوست " الرئيس هادي جزء من هذا المخطط التدميري، وسيظل منفذاً للرغبة السعودية مادام في مركز القرار وفي موقع المسؤولية".

 

ويؤكد الشجاع أن اليمن ستشهد ظهور كتلة موحدة يجتمع فيها كل الوطنيين الذين تمت إقالتهم، وتنطلق من داخل المشروع الوطني بصرف النظر عن التوجهات السياسية أو الحزبية.

 

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي اليمني نبيل البكيري مع ما ذهب إليه الشجاع، ويقول "لا أعتقد أن الضغوط هي المسألة الحاسمة في هذا الموضوع بقدر ما هي قابلية هادي ومن حوله لتنفيذ أي شيء يوكّل لهم.

 

وأضاف البكيري في حديث لـ "الموقع بوست " لا يستطيع أحد أن يفرض عليك سياسات أنت غير قابل بها أصلاً، وخاصة وأن هذه الضغوط تستهدف شرعيتك ووطنك وبلادك، التعلل بالضغوط مجرد هروب ومبرر تتخفى تحته قابلية هادي لتنفيذ كل ما يطلب منه شرط بقائه رئيساً صورياً.

 

ويشير إلى أن "اليمن اليوم ينزف أفضل أبطاله ومسؤوليه وكأن هناك مسارًا واضحًا لاستمرار هذا الوضع، من لم نفقده بالحرب شهيدًا نفقده بالإقالة والتهميش والعزل.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد