الحركة الحوثية... تاريخ من التنصل وخيانة المعاهدات

2022-04-11 04:33:14 اخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 


تستغل جماعة الحوثيين الاتفاقيات التي تبرمها مع أعدائها، سواءً الحكومة اليمنية أو القبائل التي تعاديها، لتنال من خلالها فرصة ترتيب الصفوف، وما أن تحس الأطراف أن الصدع قد ردم، حتى تظهر الجماعة في نهاية المطاف وقد التفت على اتفاقياتهم وأخذتهم على حين غرة.

لا تستخدم الجماعة هذه الإستراتيجية لتغطية مراحل ضعفها فحسب، ولكنها استراتيجية عقدية تمتد من عمق الأيديولوجيا الحوثية التي تعتقد بحقها الإلهي في الحكم والسلطة، فهي تستغل كل اتفاقية تبرمها مع مختلف الأطراف، لتستفيد منها من خلالها حالة الأمن التي تعيشها هذه الأطراف، ولا تلبث أن تخرج مجددا وقد نكثت بما عاهدت عليه.

تعتقد الجماعة بحقها السماوي في السلطة، فليست هذه الاتفاقيات أكثر من كونها حبر على ورق تصب في مصلحة الجماعة، فهي من تؤمن بأحقيتها في الحكم الذي يقوم على مبدأ من خرج على الناس شاهرًا سيفه، فتعمد الجماعة لحمل البندقية لقتل كل معاهداتها لتنال ما تريده.

يكشف مركز أبعاد للبحوث والدراسات الإستراتيجية، في دراسة له بعنوان "الاتفاقيات الهشة مع الحوثيين وفشل مبادرات السلام في اليمن" التأريخ الأسود للجماعة منذ أولى أيامها وحتى بلوغها دار الرئاسة في صنعاء، وهي دراسة معمقة تتناول الطبيعة الغير قابلة للسلام والتي تهدد الهدنة الأممية في الوقت الحالي.

تشرح الدراسة استغلال الحوثيين للاتفاقيات المحلية، كأداة سياسية وعسكرية في سيطرتهم على البلاد، وتقدم نماذج لهذه الاتفاقات ودوافع نقضها بناء على السياقات المحلية والإقليمية.

ولادة عسيرة

في السياق، تشير دراسة "أبعاد" الى أن جماعة الحوثي المسلحة ولدت بشكلها الحالي من رحم العنف كنتاج تمردات قامت بها على الدولة منذ بداية القرن، حيث بدأت الجماعة كفكرة قدمت نفسها في تسعينات القرن المنصرم كجماعة إحياء للمذهب الزيدي الذي كان حاكما لليمن الشمالي خلال الحكم الإمامي قبل سقوطه وقيام الجمهورية في 1962م.

وبحسب أبعاد، فإنه "ومع صعود تمرد الجماعة في 2004، رفض الكثير من فقهاء المذهب الزيدي ربط الجماعة المسلحة بالمذهب".

وأوضح أن "جماعة الحوثي المسلحة ظلت حبيسة الجغرافيا في بعض مديريات محافظة صعدة حتى 2011م، حيث سمح لها انشغال السلطات بمظاهرات إسقاط الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والأعوام اللاحقة التي شهدت مرحلة انتقالية برعاية دول الخليج العربي والأمم المتحدة، بتوسيع مناطق سيطرتها حتى العاصمة صنعاء وباقي اليمن في 2014م".

وأفاد "عززت الحركة نفوذ إيران التي ارتبطت بها كداعم رئيسي لها، بينما ترى طهران فيهم حليف غير مكلف قادر على ممارسة الضغط على المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج العربي الخصوم التقليديين لإيران".

وترى الدراسة أنه "لم يكن الحوثيون ليحققوا سيطرة على أي من المناطق، لولا الفراغ الحاصل في الدولة والذي أدى إلى مخاوف مجتمعية نفذت منه الحركة إلى القبائل، خاصة أثناء تحالفهم مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح -عدوهم السابق- الذي امتلك شبكة واسعة خلال 33 عاما مع مشائخ القبائل وداخل مؤسسات الجيش اليمني ورغبته بالانتقام من خصومه السياسيين الذين أزاحوه عن السلطة".

ست عجاف

بدأت حربها الأولى في يونيو واستمرت حتى سبتمبر 2004، حيث انتهت باتفاقية عرفت بتفاهمات "نهاية التمرد"، وهي المعارك التي بدأت عندما قامت عناصر من ما عرف حينها بالشباب المؤمن بقتل ثلاثة من رجال الأمن، حيث تحركت قوات الأمن لاعتقال حسين بدر الدين الحوثي الذي تحصن في منطقة مران وانتهت بمقتله.

وفرت اتفاقية "تفاهمات نهاية التمرد" عفوًا عام لعناصر الجماعة، كما نصت أيضًا على تسليم المسلحين أنفسهم، والجلوس لإنهاء الأزمة، ومنع عودتها مجددًا، الا أنه سرعان ما اتهم بدر الدين الحوثي (والد حسين) بأن صالح لا يريد انهاء النزاع، والقيام بعمليات ضد السلطات.

وما أن انتهت الحرب الأولى حتى عادت الجماعة بحرب أخرى ضد الحكومة اليمنية، في مارس-مايو 2005 وانتهت هي الأخرى بتفاهمات عرفت بـ"اتفاق وقف الاقتتال" وهي التي تضمنت هدنة لوقف إطلاق النار والعفو العام الذي أعلنه الرئيس صالح في 25/9/2005 البداء بإطلاق السجناء، مع دفع التعويضات للمتضررين، إنهاء "التمرد للأبد".

الا أنه وبشكل فجائي اختفى بدر الدين الحوثي، دون معرفة الأسباب، حاجة الحوثيين لترتيب وضعها، وهي التفاهمات التي جاءت بحسب "أبعاد" مع حاجة الحوثيين لترتيب وضع الجماعة، مع خلل القيادة، إذ اعتبرها الحوثيون رد فعل، وما أن انتهت الحرب حتى بدأ تمدد الحوثيون من جبال مران إلى الشمال والغرب من صعدة.

بدأت الجماعة حربها الثالثة ضد الحكومة اليمنية في نوفمبر 2005، وحتى يناير 2006، وانتهت الحرب بما عرف باتفاقية صلح صعدة، التي شملت في بنودها هدنة لقيام الانتخابات الرئاسية، كما أفرجت السلطات عن أسرى حوثيين وقامت بدفع تعويضات لجماعة الحوثي.

كانت دوافع الاتفاق هذه المرة هي حاجة الحوثيين لتجنيد المزيد من المقاتلين من محافظات أخرى، واحتواء أنصار الجماعة مع ظهور عبدالملك الحوثي كقائد للجماعة وحاجتها لتنظيم صفوفها، وتوسيع الحوثيين مناطق سيطرتهم دون ردع من السلطات مع حفر الخنادق وانتشار القناصة.

فكانت أسباب النقض هذه المرة بحسب "أبعاد" استمرار المناوشات ومحاولات الجماعة التوسع شمال وغرب صعدة على الحدود السعودية، وهنا بدأت المعارضة باتهام «صالح» بمحاولة إغراق القوات الخاضعة لقيادة «علي محسن صالح» في معارك مع الحوثيين، ليوجه الحوثيون إنذاراً لليهود اليمنيين بمديرية كتاف مطلع 2007 ، بمغادرة مناطقهم.

وهكذا اعتمدت جماعة الحوثيين على استراتيجية المراوغة لديها، في تعزيز نفوذها والتوسع يوما بعد آخر، فبعد الحرب الثالثة بدأت حربها الرابعة وانتهت هي الأخرى بالوساطة القطرية، لتبدأ معركتهم الخامسة التي انتهت بالوساطات المحلية، ولتختتم مشروع نشأتها بحرب سادسة بدأتها مطلع العام 2019 انتهت في العام 2010 م، وانتهت أيضًا باتفاق انهاء الحرب لتبدأ مشروعها الجديد بحلتها الجديدة.

تشير دراسة مركز أبعاد الى طبيعة نشأة الجماعة، فتقول "نشأت جماعة الحوثي المسلحة في تمرد على السلطات ومن هنا سميت نسبة الى مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي، وتوالت قيادتها بعد مقتله إلى والده ثم الى شقيقه القائد الحالي للحركة عبدالملك بدر الدين الحوثي، فقد كان الانتقال في قيادة الجماعة بناءً على القرابة لذلك سميت الجماعة باسم العائلة".

 
وفي سياق متصل، يرى "أبعاد" أن "الحوثيون يلجؤون للاتفاقات عندما يكونون على وشك السقوط والانهيار أو في حالة حاجتهم إلى المال حيث دفعت السلطة أموالاً للحوثيين في اتفاق 2006م، كما دفعت أموال للحوثيين في اتفاق الدوحة، وهي أموال حصلت عليها أيضاً سلطة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح".

وأفاد "استخدم الحوثيون الأزمات اليمنية الأخرى مثل الخلافات السياسية بين السلطة والمعارضة لصالحهم" موضحًا "كان لتمرد 2007 و2008 ارتباط بتحرك المطالبين بالانفصال جنوبي اليمن، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى نقض اتفاقات مع السلطات الرسمية".

وقالت الدراسة "استخدم الحوثيون القاعدة الشعبية للمذهب الزيدي للحصول على مزيد من المقاتلين والموالين للجماعة، وكان استخدام "صالح" للقبائل ضد الحوثيين انعكاس سلبي على صورة الجيش في أذهان السكان باعتبار أنه غير قادر على مواجهة تمرد بسيط".

من جهة أخرى، يعتقد "أبعاد" في دراسته أن "الحوثيون ينقلبون على الاتفاقات عندما يحصلون على السلاح والمال الكافي لتوسيع التمرد وبناء الخنادق والحصول على أسلحة نوعية وتجنيد عدد أكبر".

فيما ترى الدراسة، أنه "كان لمهاجمة السعودية في الحرب السادسة هدف لتأكيد ارتباط "صالح" بالسعوديين وهو أمر رغبت به حكومة "صالح" لدفع السعودية لقتال الحوثيين".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد