حمى الأراضي في الحديدة .. كارثة عجزت الدولة عن حلها وتهدد أبناء تهامة بالرحيل

2010-11-08 03:00:03 تقرير/ غمدان أبوعلي


عادت قضية نهب الأراضي بمحافظة الحديدة للواجهة من جديد بعد أن عجزت الدولة عن إيجاد الحلول لها، وبعد أن تدخل مجلس النواب وتشكيله لجنة لتقصي الحقائق حول نهب أراضي المواطنين من قبل ضباط وعسكريين ومشائخ وقيادات عليا من العيار الثقيل وبصورة تكشف عن حجم الظلم والجور التي يطال أبناء هذه المحافظة المسالمة، بل وأصبحت الشغل الشاغل لأبناء تهامة.
لم يعد للمواطن التهامي ولا للدولة أراض في الحديدة، كل شيء يتجه نحو النهب والسطو إلى جيوب هؤلاء النافذين الذين وجدوا تهامة سلة غذائية لأطماعهم ومأربهم دون أن تستطيع الجهات المعنية بالمحافظة ضبط هؤلاء المتنفذين وإيقاف نزيف الدم حول الأراضي والذي لازال متواصلا" في ظل صمت مخيف من قبل قيادة السلطة المحلية والتي ظلت مكتوفة الأيدي تجاه هذه الكارثة التي تؤرق أبناء تهامة ...

المأساة هذه المرة بدأت تمتد رقعتها لتشمل أراضي مواطنين أشتروها منذ مئات السنين وبعقود وبصائر شرعية تؤكد وتشير إلى أحقيتهم لهذه الأراضي،، و أن هناك نوايا لناهبي الأراضي لردم البحر وتمتيره بالمتر لتوزيعه على المتنفذين الكبار ؛؛ لتظل القوة والهنجمة والقبيلة والعناصر المسلحة هم عصا المتنفذين التي تسحق بها المواطنين من أبناء تهامة، ليتواصل النهب لأراضي المواطنين أمام مرأى ومسمع المسئولين في المحافظة ..
"أخبار اليوم" رصدت عدداً من قضايا ومشاكل الأراضي في المحافظة بعد تقرير مجلس النواب الأخير في الأسطر التالية:

 البداية كانت مع أهالي وأعيان وملاك أحواض الملح بساحل محافظة الحديدة والذين يشكون ويتظلمون إلى رئيس الجمهورية من قيام مكتب الثروة السمكية ومكتب الأراضي بالحديدة ببناء سور حول أحواض الملح الواقعة جوار الدوار على خط الحديدة - الدريهمي في محاولة منهم للاستيلاء عليها وعلى أراضيهم وذلك يحصل بمساندة من قبل رجال الأمن المركزي وبقوة السلاح لبناء ميناء اصطياد على أملاكهم، وقالوا في شكواهم بأن هذه الأحواض تعتبر من أملاكهم الخاصة، كما هي مصدر رزق لهم ولأولادهم منذ عشرات السنين ورثوها عن أسلافهم ، إلا أن هناك أياد تحاول الاستيلاء عليها على الرغم من امتلاكهم لبصائر ومستندات تثبت ملكيتهم لهذه الأحواض، وقالوا بأن لديهم توجيهات قضائية إلى مكتب الثروة السمكية بعدم الاعتداء على هذه الأحواض والتي هي مصدر رزقهم حد تعبيرهم ..
وأوضح علي حسن بقر المالك لأحواض الملح بأنة فوجئ بقيام الدولة وجنودها بالاعتداء على هذه الأحواض التي يعمل بها أكثر من 500 عامل يعولون أسر فقيرة في الوقت الذي كان يجب على الدولة أن تحمي أراضي وأملاك المواطنين من الناهبين "بدلاً أن تقوم هي بالنهب"، وأضاف بأنة على ثقة تامة بأن رئيس الجمهورية " نصير المظلومين " لا يرضى بمثل هذه التصرفات من قبل المؤسسات التابعة للدولة وأنة سيقف بجوارهم ليس لحماية هذه الأحواض فقط وإنما من أجل تأمين مصدر رزق 500 أسرة ..
 وأضاف إلى أن مكتبي الثروة السمكية والأراضي بالحديدة لم يحترما أحكام القضاء التي حكمت لهم بملكية الأحواض التي يعلم أبناء الحديدة جميعاً" أنها ملك خاصاً لأبناء المنطقة والتي يقومون فيها باستخراج الملح بالطريقة التقليدية منذ زمن طويل، مناشداً " رئيس الجمهورية إصدار توجيهاته بوقف تلك الاعتداءات على أملاكهم الخاصة من قبل مكتب الثروة السمكية ومكتب الأراضي بالمحافظة.
أما المواطن/ صالح محمد نوبة العولقي من أبناء محافظة شبوة ويقيم في محافظة الحديدة فقد تعرضت أرضه لعملية نهب من قبل المتنفذين والمعتدين والذين قاموا بالاستحداث فيها لإقامة مدينة سكنية لشهداء الواجب للقوات المسلحة والأمن دون علمه .. وقال العولقي في مناشدته والتي حصلت الصحيفة على نسخة" منها بأنه منذ ُ السبعينات جاء إلى محافظة الحديدة واشترى له قطعة أرض بمنطقة المتينية على خط جيزان بموجب صك شرعي صادر عن محكمة استئناف لواء الحديدة الشرعية عام 1985م وأنه فوجئ بقيام مكتب الأراضي بتأميم أراضي المواطنين وصرفها لوزارة الدفاع ممثلة" بالقوات البحرية مرة" وصندوق الضمان الاجتماعي "مرة أخرى" بحجة إقامة مدينة سكنية لشهداء الواجب للقوات المسلحة والأمن، على الرغم من وجود العديد من الأراضي بجانب أرضه إلا أنه لم تؤمم أراضيهم سوى أرضه الوحيدة ...
وأضاف بأنة قد سبق وأن تقدم بشكوى إلى النيابة بوقف الاستحداث في الأرض وإلى قائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء/ علي محسن صالح والذي تكرم بإصدار توجيهاته إلى وزارة الدفاع بالتعويض العادل أو الشراء بسعر الزمان والمكان وكذا حصوله على توجيه من قبل وزير الدفاع والذي وجه بأنصافه بموجب وثائقه التي معه، ولكن للأسف لم تنفذ تلك الأوامر والتوجيهات إلى الآن من قبل مكتب الأراضي وعقارات الدولة والذي ظلت فيه الأوامر حبيسة ألإدراج دون معرفة الأسباب ... وطالب صالح العولقي في مناشدته من رئيس الجمهورية ومحافظ محافظة الحديدة ووزارة الدفاع والجهات المعنية بالمحافظة بالتوجيه لمكتب أراضي الحديدة بوقف الاستحداث في أرضه وإعادة ملكيتها إليه حيث وهي ملكية خاصة به ومحاسبة المتورطين لمسؤوليتهم عن الأضرار والخسائر التي لحقت به في محافظة الحديدة ، وإنصافه من هؤلاء الذين قاموا بالاستحداث في أرضه.
 وفي منطقة الكويزي وغليفقة والتي تقع على الخط الساحلي الحديدة - عدن هي أيضاً" تشكو من الناهبين فيقول علي عبدالله كباء في مناشدته التي رفعها إلى فخامة المشير/ علي عبدالله صالح -رئيس الجمهورية- ومحافظ محافظة الحديدة ورئيس مجلس الوزراء وأعضاء مجلس النواب بأنه يدعوهم إلى حمايته وحماية أرضه التي باعها من الشيخ/ علي قطيش من أبناء حاشد من متنفذي الأراضي بمحافظة الحديدة والذين يقومون بالاعتداء على أرضه الواقعة في منطقة الكويزي وغليفقة على الخط الساحلي ويساندون غرمائهم ضدهم بل ويقفون عثرة في وجه القانون لصالح مافيا الأراضي الذين يبتاعون ويشترون في أرضهم دون أن يمتلكون أية وثيقة تثبت أحقيتهم لهذه الأرض .. وقال كباء بأنة فوجئ بقيام عصابة لمافيا الأراضي بالحديدة، يقومون ببيع أراضينا دون أن يمتلكون أي وثائق أو بصائر شرعية لأشخاص ليس لهم أي شيء في أرضنا والتي ورثناها أباً عن جد.
وأضاف بأنه قد سبق وأن تقدم بشكوى إلى النيابة وأمن المحافظة والبحث والمحاكم ضد غرمائهم المعتدين وأنه قد حصل على أمر من المحكمة بمسح الأرض ووقف الاستحداث في الأرض ولكن المعتدون يقومون بمنعهم من مسح أرضهم، بل يقفون عقبة في وجوهنا ووجه القانون ...وقال كباء في مناشدته سيادة الرئيس وسيادة المحافظ نرجو منكم رفع الظلم عنا ورفع الحصار عنا وعلى أرضنا حيث أصبحنا نعيش في خوف ورعب وقلق غير أمنين في بلد الإيمان والحكمة ومهددين وكأننا مجرمين أو قتلة، على الرغم من أننا أصحاب حق ..وطالب في مناشدته من رئيس الجمهورية ومحافظ محافظة الحديدة والجهات المعنية بالمحافظة بالتوجيه بضبط المعتدين ومنعهم من الدخول في أرضنا حيث وهي ملكية خاصة بنا ومحاسبة المتورطين لمسؤوليتهم عن الأضرار والخسائر التي لحقت بنا بمحافظة الحديدة ، وإنصافنا من هؤلاء الذين يقومون باستغلال مناصبهم وعلاقاتهم بإخافة وإقلاق المواطنين .
 هذا وكان قد لقي أواخر الشهرين الماضيين شخص مصرعه " دهساً " بسيارة صالون نوع مونيكا وأصيب ثلاثة آخرين بجروح في نزاع على أراضي بين مشروعين سكنيين بمحافظة الحديدة .
  
400 حالة اعتداء على أراضي المواطنين بالحديدة
 كشف تقرير صادر عن اللجنة المكلفة من مجلس النواب لتقصي الحقائق حول نهب أراضي محافظة الحديدة في أبريل الماضي عن وجود400 حالة اعتداء على الأراضي في محافظة الحديدة والباقي يعلم الله من بينها 106 شكاوى من مواطنين هناك، إلى جانب أسماء 184 شخصية متورطة بنهب أراضي بينهم أعضاء مجلس النواب ومشائخ وضباط.
وذكر التقرير أن هناك عصابات مسلحة متخصصة بالسطو على الأراضي تستأجر من متنفذين للنهب، بعضهم يتفقون على تحكيم أو محاكمات صورية بينهم لاستخراج حكم لأحدهم.
وأشار التقرير إلى أن بقاء بعض المسئولين بالمحافظة لفترات طويلة في أعمالهم سبب رئيسي في تفشي نهب الأراضي والتي قال أن حالات البسط طالت مساحات تابعة للدولة بالكيلومترات دون أن تحرك الأجهزة المختصة بالمحافظة ساكنا"، منوهاً" إلى أن عدداً منها تتعامل مع الناس بمعيارين وذلك بتجاوزها عن بعض أصحاب النفوذ مقابل التعاطي بحزم ضد مواطنين آخرين.
وأرجعت اللجنة البرلمانية أسباب مشاكل الأراضي في الحديدة لعوامل عدة من بينها اختلاط الملكية العامة بالخاصة والأمناء الشرعيين ومكتب السجل العقاري، إضافة إلى وجود الخطوط الساحلية الجديدة التي فتحت الشهية للعديد من الناهبين للسيطرة على أراضي الدولة والمواطنين وفق اللجنة التي أكدت أن مشاكل الأراضي هناك أدت إلى عزوف المستثمرين، مستشهدين بعدم إنشاء أي مصنع فيها خلال العشر السنوات الماضية، كما أورد التقرير أسماء وزراء وضباط ومشائخ وتجار وأعضاء في مجلس النواب من ضمن القائمة والذي اتهمهم التقرير بنهب أراضي الدولة في محافظة الحديدة
وطالب التقرير بإلزام الحكومة بإجراء التعديلات القانونية اللازمة لتجريم وتشديد العقوبات على كل من البائعين المدعين للملكية بدون وجه حق، أو الأمناء ومحرري البصائر و العقود بدون التحري والتثبت من صحة الملكية، المشترون مع معرفتهم بعدم صحة الملكية من البائعين لهم، وكل من مارس أي شكل من أشكال العدوان أو الاستحداث على أراضي الدولة أو أراضي المواطنين .

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد