القاعدة أم أعداء التغيير..

من المستفيد من اغتيال وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني؟

2012-09-13 01:51:31 عارف العمري


أثارت محاولة اغتيال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد ظهر أمس الأول الثلاثاء استياءً واستنكاراً واسعا في الأوساط السياسية والعسكرية والشعبية، حيث والرجل يحظى بثقة كبيرة خصوصاً منذ توليه الوزارة في حكومة الوفاق، رغم انه كان من قبل حكومة الوفاق يقف على رأس الوزارة نفسها ولكن كان الرئيس السابق يتسيد قراراتها، مغيباً دور الرجل، الذي تمرد على قرارات المؤتمر في حكومة الوفاق، مستشعراً مسؤوليته كوزير يقف على رأس وزارة سيادية مهمتها صيانة أمن الوطن.
لقد باتت الاغتيالات في اليمن مصطلح إرهابي مرتبط بأحد طرفي الصراع السياسي الذي خسر ما كان يعتقد انه ملكاً له دون غيره, ليدخل قادة عسكريون في قائمة المطلوبين لمفردة الإرهاب وصنيعة الإجرام, إضافة إلى قادة أحزاب ووزراء وسياسيون مشهود لهم بالنزاهة ليسوا بعيدين أيضا عن مربع الاستهداف.
كل ذلك يحدث بهدف الحيلولة دون انطلاق اليمن إلى آفاق الحرية ومصاف النزاهة والديمقراطية, فالمستهدفون بالاغتيالات هم جزء من مشروع الدولة المدنية, ومفتاح من مفاتيح البناء والتنمية الذي ظلت غائبة طيلة عقود مضت من الزمن.. في هذا التحليل يتتبع الزميل عارف العمري خيوط المؤامرة ضد وزير الدفاع لكشف جزء من كواليس الصراع الغامض, فإلى التحليل.

تكشف محاولة الاغتيال التي تعرض لها وزير الدفاع عقب جلسة الثلاثاء في رئاسة الوزراء وأسفرت عن استشهاد اثني عشر شخصاً كانوا هناك وحرج آخرين، كثيراً من الأقنعة التي تغطي قبح فعالها بالتبجح بمفردات لا تؤمن بها أصلاً.
إذ لم تكن هناك أي أسباب تدعو إلى محاولة اغتيال الرجل سوى وطنيته المشهودة والتزامه بخط التوافق الوطني, وانفتاحه على شركاء العمل السياسي, وجديته في إعادة الأمور إلى نصابها بعد سنوات طويلة من الفساد المنظم والمحسوبية التي حولت الجمهورية إلى ملكية برداء مهترىء ابرز نتوءآته البغيضة التوريث وتفرد الأسرة بكل شيء.
فعقب تأييد اللواء علي محسن الأحمر لثورة الشباب الشعبية السلمية وإلقاء خطابه التاريخي في 21 مارس الذي أكد فيه انحياز الجيش إلى الشعب, تقول مصادر أن الرئيس السابق أرغم وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللواء محمد ناصر احمد على إلقاء خطاب يسيء إلى الجيش المؤيد للثورة إلا انه وبعد طول مراجعات وتعديلات لمضمون الخطاب تم التوصل إلى صيغة توافقيه بين "صالح" ووزير الدفاع تنص على أن يتضمن الخطاب مفردة: " إن الجيش سيظل حامياً للشرعية الدستورية"، وعقب خطاب وزير الدفاع كانت هناك تطمينات عالية المستوى من قبل الجيش المؤيد للثورة بان الخطاب الذي ألقاه وزير الدفاع لا يعبر عن توجه الوزير بقدر ما يعبر عن نزوة علي عبدالله صالح.
لقد ظل وزير الدفاع مجرد واجهه أمام الرأي المحلي والدولي بينما ظل علي عبدالله صالح وأقاربه هم من يتحكمون بكل قرارات وزارة الدفاع ويستولون على مخصصاتها, وعقب تشكيل حكومة الوفاق الوطني رأى وزير الدفاع أن الفرصة مواتية ليثبت جدارته في وزارة الدفاع ويتخذ صلاحياته بحسب الإطار التوافقي الذي نصت عليه المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.
في منتصف ابريل من العام الماضي أدرك الرئيس السابق "صالح" أن وزير الدفاع لم يعد أداة بيده ولم يعد ينفذ أوامره التي ما يزال يتخيل أنها تضاهي أوامر وصلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب المشير عبدربه منصور هادي.
فحينما هدد صالح بانسحاب وزراء المؤتمر من جلسة مجلس الوزراء وأمرهم بعد ذلك بالانسحاب انسحب جميع وزراء المؤتمر باستثناء وزيري الدفاع والخدمة المدنية, حينها فتح المخلوع عينه الحمراء على وزير الدفاع لينتقم منه ولو بعد حين.
" لقد تنكر وزير الدفاع لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي منحه حقيبة الدفاع " هذه المفردة باتت تردد على لسان عدد من قياديو المؤتمر ممن لا يزالون يدينون بالولاء لعلي صالح.
غيض
لم يكن علي صالح يطيق أن يرى وزير الدفاع يتوجه إلى قيادة الفرقة الأولى مدرع أثناء توديع اللواء 135 مشاه ويلقي كلمة يعبر فيها عن الشكر والتقدير لقيادة المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع ممثلة باللواء علي محسن صالح وذلك على سرعة تجاوبه المسئول وتنفيذه لخطة وزارة الدفاع ولجنة الشئون العسكرية وتجهيز هذه القوة لتنفيذ المهمة المسندة إليها والمتمثلة في الانضمام إلى قوات الجيش التي تواجه القاعدة في محافظة أبين حينها.
وكادت الأرض أن تضيق على "صالح" بعد انتصار قوات الجيش في أبين على فلول القاعدة, بل كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وقطعت شعرة معاوية بين علي صالح ووزير الدفاع، هي تلك الشهادة الصادرة من وزارة الدفاع والتي تتضمن شكر الفرقة الأولى مدرع على مواقفها البطولية في أبين وتعبر عن التقدير والعرفان للدور البطولي الذي قدمه اللواء 135 مشاة في القتال والاستبسال من اجل امن واستقرار الوطن ضد عناصر القاعدة في أبين الحرور.
تشديد الحراسة
عقب الهجوم الشرس الذي تعرض له وزير الدفاع "ناصر" من قبل وسائل أعلام المؤتمر الشعبي العام والتي وصفته بأقذع الأوصاف وحاولت أن تشوه سمعته ولو بالكذب الذي أدمنت عليه طيلة سنوات مضت, ضاعف وزير الدفاع افراد حراسته الشخصية وخصوصاً اثر خلافات قائمة بينه وبين القائمة الوزارية لحزب المؤتمر التي هو محسوب عليها، وبعد رفض رئيس الجمهورية وتكتل أحزاب اللقاء المشترك في وقت سابق، مطالبة رئيس حزب المؤتمر علي صالح، بالسماح لحزبه بتغير"ناصر" ضمن وزراء آخرين في القائمة الوزارية للمؤتمر.
وفيما تحدثت مصادر حينها لصحيفة " الأمناء " الصادرة من عدن أن وزارة الدفاع ضاعفت أفراد الحراسة المرافقة لوزيرها الذي كان إلى وقت قريب يستعين بحراسة محدودة ورمزية في تنقلاته، أرجأت تلك المصادر أسباب تشديد إجراءات الحراسة الأمنية لوزير الدفاع، إلى المخاوف من تهديدات قد تستهدفه لا سيما بعد دخوله في خط معارض لتوجهات القائمة الوزارية للمؤتمر الشعبي العام ورئيسه علي عبدالله صالح الذي يتهمه بإقصاء قادة عسكريين ومدنيين موالين له أبرزهم العميد علي حسن الشاطر واللواء محمد صالح الأحمر، والعميد طارق محمد عبدالله صالح وحافظ معياد، في الوقت الذي يواجه فيه الوزير خطر تربص الجماعات الجهادية المتمثلة بتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة في أبين.
إسقاط وزارة الدفاع
لقد ذهبت أسرة صالح إلى ابعد من كل تلك التوقعات المذكورة آنفا وتم الإيعاز إلى جنود الحرس لاقتحام وزارة الدفاع في منتصف الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك المنصرم, بهدف الإطاحة بوزير الدفاع وإرباك سير حكومة الوفاق وإفشال زيارة الرئيس هادي أثناء حضوره قمة مكة, وسقط على اثر تلك الواقعة خمسة قتلى فيما استطاعت القوات المتواجدة هناك أن تأسر ما يقارب مئة جندي ولازالت التحقيقات جارية حتى الآن, وجاء الهجوم على وزارة الدفاع عقب هجوم مماثل على وزارة الداخلية اليمنية لبلاطجة محسوبين على المخلوع علي عبدالله صالح.
وجاءت أحداث وزارة الدفاع عقب القرارت جمهورية التي أصدرها هادي والتي قضت بدمج ألوية من الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع وإلحاقها بالرئاسة والمنطقتين الجنوبية والوسطى, والتي لاقت ترحيباً من قيادة المنطقة الشمالية الغربية وتمرداً من قيادة الحرس الجمهوري الذي يفقد سيطرته تدريجاً على مملكة " الصالح ".
أحداث مماثلة
لم تكن محاولة اغتيال اللواء محمد ناصر احمد هي الأولى بل كانت ربما السادسة حيث سبقت محاولة الاغتيال هذه حادثة اغتيال مماثلة في عدن في شهر سبتمبر من العام الماضي حيث الوزير من محاولة اغتيال في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدفت موكبه في حي التوّاهي بمدينة عدن وأسفر الهجوم حينها عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة تسعة آخرين.
وتشير الوقائع إلى أن موجة الاغتيالات التي شهدتها اليمن عقب تشكيل حكومة الوفاق هي اغتيالات سياسية وبعيدة كل البعد عن اغتيالات تنظيم القاعدة, وان جاءت محاولة اغتيال وزير الدفاع الأخيرة عقب إعلان وزارة الدفاع عن مقتل سعيد الشهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
فكانت محاولة اغتيال اللواء علي محسن الأحمر بسيارة مفخخة أثناء عيد الأضحى الماضي وقبلها محاولة اغتياله من مجموعات مسلحة دسها علي صالح ضمن لجنة الوساطة, مروراً بمحاولة اغتيال محمد عبدالله اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح, ومؤخراً محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان الآمين العام للحزب الاشتراكي اليمني, وليس انتهاءً بمحاولة اغتيال وزيري الإعلام والنقل "العمراني وباذيب", كلها تؤكد أن تلك المحاولات سياسية فلا علاقة بقادة أحزاب سياسية أو وزراء مدنيون بتفجيرات تنظيم القاعدة التي أصبحت شماعة تعلق عليها كل الاغتيالات.
مساعي لتغيير ناصر
خلال شهر رمضان المبارك سعى المطبخ الإعلامي للمخلوع علي صالح إلى إشاعة مغرضة تقول أن هناك تغيير وزاري مرتقب يتضمن إقالة ثمانية وزراء من مناصبهم أربعة محسوبين على أحزاب اللقاء المشترك وشركاءه وأربعة آخرين محسوبين على حزب المؤتمر الشعبي العام, وببلاهة منقطعة النظير سعت بعض الصحف الأهلية والصفراء إلى الانجرار خلف تلك الراوية التي أعدت بعناية في مطبخ علي صالح.
كانت أهم تلك الأسماء المطروحة من قائمة المشترك وزير الإعلام الأستاذ علي العمراني الذي تعرض لأكثر من محاولة اغتيال من قبل أعداء التغيير في اليمن, والدكتور صالح سميع وزير الكهرباء الذي ينقم منه صالح بسبب مواقفه في الثورة, واللواء عبدالقادر قحطان وزير الداخلية الذي تعرضت وزارته لهجوم بلاطجة وقتل عدداً من حراستها, والاستاذ صخر الوجية وزير المالية الذي انهى احتكار لأسرة "صالح" لاموال الشعب اليمني.
فيما تصدر قائمة الأسماء المطروحة من قائمة المؤتمر وزير الدفاع محمد ناصر احمد الذي خرج عن بيت الطاعة الصالحية, ووزير الخدمة المدنية الذي رفض أوامر صالح بالانسحاب من اجتماع مجلس الوزراء وحضر خطبة الجمعة في ساحة الحرية بتعز أثناء مرافقته لرئيس الوزراء محمد سالم باسندوه, ووزير المغتربين مجاهد القهالي الذي شن هجوماً حاداً على قناة اليمن اليوم واصفاً اياها بانها خصصت للتشويه وإدارة الأزمات، وللصيد في الماء العكر، والإساءة إلى الأشقاء وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي بدأت تفتح صفحة جديدة فيها من الآمال والطموحات المبشرة والمستقبل المشرق للعمالة اليمنية في السعودية, إضافة إلى وزير الاتصالات احمد عبيد بن دغر الذي يشكل مع الارياني جناح معتدل يرفض تدخل صالح في كافة شؤون الحزب.
لم تنته تلك الحملة المغرضة الا بعد ان خرج هادي ليقول على الملأ بأنه لا تغيير في حكومة الوفاق ولا تمديد لفترته الرئاسية, لتخرس الالسن التي تريد ان تفشل الوفاق وتتحدى ارادة اليمنيين الذين افترشوا الشوارع منذ مايزيد عن عام ونصف.
ربما كان اخر هجوم اعلامي من قبل مطبخ صالح علي وزير الدفاع يوم الاثنين الماضي في احد الصحف الأسبوعية المقربة من صالح وهي صحيفة " المنتصف " والتي شنت هجوماً لاذعاً على وزير الدفاع ونشرت مقال يحرض للإساءة ضد وزير الدفاع في صفحتها التاسعة تحت عنوان " السيد الوزير يعيد " الحكولة " والتي اتهمته بشراء ولاءات من قيادات الحرس الجمهوري, إضافة إلى مقال أخر في الصفحة المقابلة تحت عنوان " اللجنة العسكرية ... شاهد ماشافش حاجة " يهاجم فيه أعضاء اللجنة العسكرية وخصوصاً وزير الدفاع ويتهمه بالفشل في أداء مهامه.
أخيراً
اصبح من الواضح ان هناك تحالف مشبوه تتضح معالمه يوماً بعد آخر بهدف إيقاف عجلة التغيير وإعادة الأمور إلى الخلف، وذلك من خلال افتعال الأحداث المتمثلة باقتحام الوزارات والتمرد على قرارات رئيس الجمهورية والقيام بعمليات الاغتيال الآثمة.
وما لم يخرج "صالح" عن المشهد السياسي في اليمن ويتم إقالة أقاربه من مناصبهم العسكرية فقد نشاهد أحداث اكثر جرماً من تلك التي حدثت في السبعين ورئاسة الوزراء, وقد تمضي الامور الى مالايحمد عقباه.
كما يتوجب على الرئيس هو سرعة هيكلة الجيش كما يتوجب على شباب الثورة تكثيف الضغط الشعبي من اجل اقالة اقارب صالح الذين يمولون عمليات تخريبية في اكثر من محافظة.
عناوين
-   حينما هدد صالح بانسحاب وزراء المؤتمر من جلسة مجلس الوزراء وأمرهم بعد ذلك بالانسحاب انسحب جميع وزراء المؤتمر باستثناء وزيري الدفاع والخدمة المدنية
-   تشير الوقائع إلى أن موجة الاغتيالات التي شهدتها اليمن عقب تشكيل حكومة الوفاق هي اغتيالات سياسية وبعيدة كل البعد عن اغتيالات تنظيم القاعدة.
- عقب تشكيل حكومة الوفاق الوطني رأى وزير الدفاع أن الفرصة مواتية ليثبت جدارته في وزارة الدفاع التي ظل "صالح" يتسيد قراراتها، ليتخذ صلاحياته بحسب الإطار التوافقي الذي نصت عليه المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.
- ضاعف وزير الدفاع افراد حراسته الشخصية إثر خلافات والقائمة الوزارية لحزب المؤتمر التي يحسب عليها، إضافة إلى رفض هادي طلب صالح بتغيير "ناصر" ضمن آخرين في القائمة الوزارية للمؤتمر.
-   

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد