الملاحقة القضائية للرؤساء والزعماء السياسيين

2012-10-07 02:32:51 الدكتور السيد/ مصطفى أبو الخير


رغم قتل مئات الملايين من البشر على مر الدهور وكر العصور، لم تستطع الشعوب ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبى الجرائم الدولية، فالعدالة الدولية عدالة ناقصة وانتقائية، ومن شروط المنتصر على المهزوم، وانتقام المنتصر وليس نصرة للمظلوم، لخضوعها لتوزان القوىفي المجتمع الدولى، فهى عدالة سياسية وليست قانونية، ويفلت من العقاب كل مرتبط بمصالح ورغبات الدول الكبرى، وتمت محاكمة بعض الرؤساء تحت ضغوط سياسية منهم:
1 - صدام حسين: لاتهامه في 2005 بالقتل والطرد والسجن والتعذيب، وإعدام 143 شخصاً في الدجيل ، وفى 5 نوفمبر 2006، حكمت المحكمة بإعدام صدام حسين شنقاً، ونفذ الحكم بالإعدام، بناء على أوامر من قوات الاحتلال.
2- حسين حبري: في عام 2000، أصدر القضاء البلجيكي مذكرة توقيف دولية بحقه، استناداً لشكوى رفعها ثلاثة بلجيكيين من أصل تشادي، لارتكابه انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، خلال حكمه عامي 1982 و1990م.
3- تشارلز تايلور: اتهمته محكمة سيراليون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية خلال الحرب الاهلية (1991-2001) حكمت عليه بالسجن 50 عاماً، وهو أول رئيس دولة يصدر ضده حكم من محكمة دولية منذ محكمة نورنبرج.  
4- منجستو هايلي مريام: حوكم غيابياً في محاكمات الرعب الاحمر بتهمة إعدام وخطف عشرات الآلاف من الاثيوبيين وبالإبادة وجرائم ضد الانسانية.
5- موسى تراوري: حكم عليه بالاعدام مرتين لارتكابه جرائم سياسية عام 1993 ومع زوجته مريم عن جرائم اقتصادية في 1999م وأعفي عنهما في 2002م.
6- اوغوستو بينوشيه: وجه القضاء التشيلي إليه تهمة خطف وقتل معارضين سياسيين، وأغلق الملف في يوليو 2002، لأنه يعاني مشاكل نفسية لا تسمح له بالدفاع عن نفسه، ثم رفعت محكمة استئناف سانتياغو عنه الحصانة لاتهامه بقتل وتعذيب ناشطين شيليين من اليسار عام 1975م، ونظراً لكبر سنه وتدهورحالته الصحية نقل للعناية المركزة، وتوفي في ديسمبر 2006قبل انتهاء المحاكمة.
7- نورييغا: كان يحظى بدعم أمريكى حتى تولى رئاسة بنما من 12 أغسطس 1983 إلى 3 يناير 1990، ثم أطيح به بعد غزو الولايات المتحدة بنما في ديسمبر 1989م، واستسلم للقوات الأمريكية في 3 يناير 1990 وحوكمفي فلوريدا، بتهم الإتجار بالمخدرات والابتزاز وغسيل الأموال، وحكم عليه بالسجن 40 عامًا، خفضت إلى 30 عاماً، وهي أول مرة يتم فيها محاكمة رئيس دولة أجنبية في الولايات المتحدة، وبعد إنقضاء المدة، سلم في أبريل 2010 لفرنسا حيث حوكم غيابياً عام 1999 بتهمة غسيل الأموال، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات له ولزوجته، وفور وصوله إلى فرنسا طعن نورييجافي الحكم، وخفضت محكمة جنح باريس عليه لسبع سنوات.
8- شون دو هوان وروتا وو: حكم عليه بالاعدام في 1996 بسبب الانقلاب العسكري الذي نفذه في 1979 و في 1980م قمع تظاهرة في كوانجو قتل فيها 200 شخص، وحكم على الجنرال رو تا وو الذي خلفه اواخر 1987م بالسجن 22 سنة بتهمة الفساد وللدور الرئيسي الذي اضطلع به في قمع التظاهرة وأعفي عنهما اواخر 1997.
9- بابادوبولوس: قائد المجموعة العسكرية الحاكمة في اليونان (1967-1974) حكم عليه بالاعدام عام 1975 بتهمة "الخيانة العظمى"، وتم تخفيف الحكم للسجن مدى الحياة وتوفي في 1999.
10- تشاوشيسكو: أعدم مع زوجته، بعد محاكمة سريعة من محكمة عسكرية استثنائية، بتهمة الإبادة وتدمير الاقتصاد الوطنيفي رومانيا.
11- بول بوت: حكم عليه بالسجن المؤبد على يد رفاقه القدامىفي محاكمة شعبية في 1997 بتهمة قتل نحو مليوني شخص والخيانة، توفي عام 1998.
12 – الرئيس الأندونيسي الأسبق سوهارتو : قدم إلى المحاكمة بتهمة استغلال النفوذ ونهب أموال الشعب بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية عام2000م، إلا أن محاكمته تأجلت نظراً لحالته الصحية المتدهورة حتى عام2006 وتوفي عام2008 قبل أن ينفذ العقوبة.
13 – الرئيس التونسى زين العابدين بن علي، حكم عليه بالسجن 30 سنة هو وزوجته، ولم ينفذا الحكم لكونهما لاجئين سياسيين بالسعودية، فقد حمته السياسة من تنفيذ الحكم، علماً بأنه عندما كان يسيرفي ركاب الغرب، لم يتحدث أحد عن هذه الجرائم، بفعل الضغوط السياسية. 
14 - الرئيس مبارك: الذى حكم عليه بالمؤبد من محكمة جنايات شمال القاهرة هو ووزير داخليته للاشتراكفي قتل المتظاهرينفي ثورة 25 يناير 2011م، حاله كحال بن علي.
15- سلوبودان ميلوسيفيتش: أوقف في أبريل 2001 ببلجراد ونقل إلى لاهاي، وحوكم في فبراير 2002 أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانيةفي حرب كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو. ومات بالسجن عام 2006م، وتمت محاكمته لغرض سياسى، مفاده تغيير سياسي لصالحهم في البلقان، وإزاحة النفوذ الروسي من المنطقة، ولتتخلص صربيا وكرواتيا من المسلمين، ومن قبل كان ميلوسيفيتشفي نظر الغرب مفتاحًا للاستقرار في البلقان و«رجل دولة» يعتمد عليه في مفاوضات السلام، وفي قيادة التحول الجاري في يوغسلافيا، ولكن بعدما واجه المخططات الغربية في كوسوفو، وشنّ الناتو حربه على كوسوفو، بدأ يسوّق للرأي العام العالمي كمجرم حرب يجب محاكمته، وأصدرت المحكمة الدولية قرارها الاتهامي بحقه في أيار 1999م، وأتهمته بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، رغم اعتراف المدعي العام الأول للمحكمة بأن «محاكمة ميلوسيفيتش هي سياسية أكثر منها قانونية».
وتحول ميلوسيفيتش من «رجل سلام» إلى مجرم هارب من العدالة، وبدأت الضغوط الدولية على صربيا للتعـاون مع المحكمة، كشرط لدخولها الاتـحاد الأوروبــي، وهدَّد الاميركيون بحجب قروض وعد البنك الدولي صربيا بها، وأصدر الكونغرس الامــيركي قانــونًا يلزم الرئيس بمراقبــة تعاون صربيا مع المحكمة الدولية قبل امـدادها بالقروض والمساعدات، وأعطت الحكومة الصربية مهلة للقبض عليه وتسليمه بحلول 1 أبريل 2001م، واعتقل في 31 مارس 2001 ، وسلم للمحكمة نتيجة ضغوط خارجية عشية مؤتمر للمانحين في بروكسل، استسلم لها رئيس الوزراء الصربي ، وأرسله إلى لاهاي بطريقة سرية، رغم الاعتراضات الداخلية، وقرار المحكمة الدستورية، فاغتالته مجموعة القبعات الحمر.
16- أعضاء المجلس العسكري الحاكم في الأرجنتين، تمت محاكمتهم لارتكابهم جرائم قتل وتعذيب، وصدرت ضد بعضهم أحكام بالسجن مدي الحياة.
17- الرئيس القذافي أصدر المحكمة الجنائية الدولية أمراً بالقبض عليه لمحاكمته لارتكابه جرائم حرب ضد شعبهفي ثورة عام 2011م، ولكن الثوار نفذوا حكم الإعدام فيه، علماً بأن العدالة الدولية لم تطل القذافى أثناء فترة حكمه مع ارتكابه العديد من الجرائم الدولية ضد شعبه، لأن الغرب كان راضيٍ عنه.
18 – سيف الاسلام القذافي: بعد القبض عليه من قبل الثوار، ونجحت الثورة في ليبيا، بدأت المطالبة بمحاكمته، لكن أثناء حياة أبيه لم يكن يجرؤ على ذلك الشعب الليبي، أما الآن فإن محاكمته أصبحت ضرورة، لأن السلطة السياسية زالت عنه وعن أبيه، وقد رفض المجلس الانتقالى الحاكم في ليبيا تسليم سيف الإسلام لمحاكمته تطبيقاً لمبدأ التكامل، وتطالب المحكمة الجنائية الدولية بضرورة تسليمه إليها لمحاكمته، ليس لإقرار العدالة الدولية ومحاكمته، بل المطلوب حمايته من حكم الإعدام الذى ينتظره، وهى العقوبة لجرائمه في القانون الجنائي الليبي، أما العقوباتفي النظام الأساسي للمحكمةالجنائية الدولية ليس من بينها عقوبة الإعدام فأقصى عقوبة فيها هي السجن، كما أن السجون في الخارج عبارة عن فنادق خمس نجوم للمسجون فيها أن يتمتع بما يريد داخل زنزانته، لذلك تطالب المحكمة بتسليمه لها، أى أن الأمر سياسي وليس قانونياً.    
19 - محاكمة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك غيابيا ًفي مارس 2011بتُهم فساد في باريس أجرى محاموه مساعي اللحظة الأخيرة لتأجيل المحاكمة وإحالة القضية إلى المجلس الدستوري الذي يَبتّ بدستورية القوانين الفرنسية،فعاد الأمل لشيراك باحتمال أن يؤجّل مثولُه أمام المحكمة يوماً واحداً وربما عدة أشهر أو إلى أجل غيرمسمى.
20 - البرتوفوجيموري : ارتكب مجازرضد المدنيين عامي1991 و1992 بسحق تمرد حركة الدرب المضيء وحركة أماروالثورية ،فضلاً عن الفساد وإستغلال النفوذ.. وفي عام2000 إنهارت حكومة فوجيموري وتم نفيه إلى اليابان، واتهمته النيابة العامة في بيروبتوجيه بالقتل العمد والتخطيط لقتل المتظاهرين، وطالبت بتسليمه لمحاكمته على جرائمه، وكان في شيلي وبعد التأكد من جرائمه صدرأمردولي بإعتقاله، وناضل فوجيموري ضد قرارتسليمه حتى أصدرت المحكمة العليا في شيلى قراراً ابتسليمه إلي بيرو، فعاد فوجيموري إلى بلاده بعد7سنوات قضاها في المنفى، وحكم عليه بالسجن25 عاماً.
رغم كل ما سلف من محاكم ومحاكمات وأحكام، إلا أن العدالة الدولية لازالت سياسية أكثر منها قانونية لخضوعها لابتزاز السياسى، من قبل القوى الكبرىفي النظام العالمى لعدة أسباب هى:
- عدم وجود سلطة تنفيذية في المجتمع الدولي تتولى تنفيذ القوانين والسهر على حمايتها كما في الدول.
- تمسك الدول في المجتمع الدولى بمبدأ السيادة ومفادة عدم تطبيق قانون أجنبي داخل الدولة، وعدم إجبار الدولة على تنفيذ قرارات دولية.
- تمسك الدول بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الوارد في المادة (2/7) في ميثاق الأمم المتحدة، حيث تعتبر العديد من الدول أن الجرائم التى ترتكب على أراضيها شأن داخلي لا يمكن ولا يجوز التدخل فيها.
- حماية معظم مرتكبي الجرائم الدولية ضد شعوبهم أو ضد الدول الأخرى من قبل دولة كبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة إذا كان هذا الرئيس أو القائد أو الزعيم يخدم مصالح هذه الدول الكبرى، وخير مثال على ذلك الجرائم الواضحة التي ارتكبتها وتركبها إسرائيل في فلسطين المحتلة وفي لبنان وذلك لحماية الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لها، فضلاً عن أرتكاب الأخيرة جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في كل من العراق وإفغانستان، دون أدنى أمل في محاكمتها، وذلك يعود لسيطرتها وهيمنتها على الآليات الدولية التى يمكن أن ترفع دعوى عليها خاصة الفيتو في مجلس الأمن، لذلك فإن الاعتبارات السياسية تعلو وتتحكم في الاعتبارات القانونية واعتبارات العدالة.
- وقوع آليات تحقيق العدالة الدولية في يد وتحت سيطرة القادة والزعماء السياسيين والرؤساء يمثل أكبر عائق تحد أمام الحصول على العدالة الدولية الكاملة.
- من أهم المشاكل التي تواجه العدالة الدولية اتفاقيات الإفلات من العقاب ، التى تسعى الولايات المتحدة لإبرامها مع حكومات الدول، تنص فيها على أن الحكومات المعنية لن تسلم أو تنقل مواطني الولايات المتحدة المتهمين بارتكاب الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذا طلبت منها المحكمة ذلك، ولا تقوم الولايات المتحدة أو الدول الأخرى المعنية بإجراء تحقيق حتى إذا توافرت أدلة كافية، وفي يوليو 2003 أعلنت الولايات المتحدة سحب المعونات العسكرية التي تقدّمها إلى 35 دولة عضو في قانون روما الأساسي، التى رفضت التوقيع على هذه الاتفاقيات، وفي 2004 أعلنت الولايات المتحدة سحبها المعونات الاقتصادية للدول التي أبقت على رفضها التوقيع على الاتفاقيات فعلاً، علما بأن هذه الاتفاقيات منعدمة في القانون الدولى الجنائي.. ومن أبرز حالات التدخل السياسى لانحراف العدالة الدولية عن مسارها الصحيح ما يلي:
- عدم محاكمة إسرائيل على كافة جرائمها في فلسطين المحتلة، وفي اجتياح بيرت عام 1982م، والجرائم التى ارتكبها شارون، فقد رفعت ضده قضية أمام المحاكم البلجيكية يوم 18 يونيو 2001م، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، طبقاً لقانون بلجيكي سن عام 1993 يسمح بقبول قضايا جرائم الحرب غير المتعلقة ببلجيكا، لانتهاك معاهدات جنيف لعام 1949م ، وقضت المحكمة العليا في بلجيكا برفض الدعوى ضد شارون لتعديل القانون، نتيجة الضغوط الأمريكية والصهيونية التى لم تنقطع عن بلجيكا، وبالتهديدات الكلامية، فضلاً عن شن حملة تشويه دولية ضد بلجيكا وحكومتها واتهامها بمعاداة السامية، ووقف تقديم الدعم المالي المخصص لحلف الناتو، لاجباره على عقد اجتماعاته في دول أخرى غير بلجيكا، ولم تتوقف هذه الضغوط حتى أقر البرلمان البلجيكيفي 5/4/ 2003م بالغاء القانون المعروف بقانون "الاختصاص العالمي" وابداله بنص آخر ألغي مسألة محاكمة مسئولي دول أخرى في بلجيكا، وبناء عليه حكمت محكمة الاستئناف بعدم قبول الشكوى ضد شارون.
 - وقد أفلتت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني هي ووزير الدفاع بن اليعازر وستة قادة في الجيش الإسرائيلي، من المحاكمة أمام القضاء الأسباني بعد أن غير القضاء الأسباني القانون الذى يتيح محاكمة مجرمي الحرب، بعد ممارسة ضغوط سياسية على أسبانيا لتغيير القانون، وقد نجحت هذه الضغوط في تحقيق هدفها، وهروبها من قاعة المؤتمر الذي كانت تنوي إلقاء محاضرة فيها بجواز سفر مزور. بعد أن أصدرت محكمة بريطانية أمراً باعتقالها لجرائمها في قطاع غزة لحرب 2008م/2009م. وأيضاً صدر أمر باعتقال قائد الجبهة الجنوبية الأسبق في الجيش "الإسرائيلي، لكن لم يتم تنفيذه بسبب امتناعه عن النزول من الطائرة في مطار لندن وعاد على متنها إلى إسرائيل، كما بحثت محكمة بريطانية طلب منظمات حقوقية بإصدار أمر اعتقال ضد وزير الدفاع الصهيوني إيهود باراك خلال زيارته إلى بريطانيا بتهمة ضلوعه في تنفيذ جرائم حرب خلال الحرب على غزة، لكن القاضي البريطاني قرر إرجاء إصدار قراره، علماً أن وزارة الخارجية "الإسرائيلية" نصحت باراك بمغادرة بريطانيا بسرعة والتوجه إلى فرنسا. وألغى رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي" الأسبق ووزير الشؤون الإستراتيجية موشيه يعلون زيارة إلى بريطانيا بعدما نصحه بذلك خبراء قانونيون في الخارجية الإسرائيلية خوفاً من اعتقاله على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب خلال عملية اغتيال القيادي في حماس صلاح شحادة الذي قتل معه في العملية 14 مدنياً، بينهم 9 أطفال حين كان قائد اركان الجيش الصهيوني بين 2002 و2005، ونتيجة الضغوط السياسية التى مورست على بريطانيا فقد اتصل رئيس الحكومة البريطانية بإسرائيل معتذرا ووعدها بتغيير القانون، وطالبت بتعديل القانون البريطانى!.
- والرئيس السوداني الاسبق جعفر نميري سعت حكومة الصادق المهدي عام 1986 م بعد عامين من خلعه إثر اضطرابات شعبية لاستلامه من مصر، لمحاكمته عن انتهاكات حقوق الانسان فترة حكمه (1969 م ـ 1984) وأقامت حكومة المهدى دعوى قضائية أمام القضاء المصري لهذا الغرض، كان نميرى وقت الاحداث في زيارة القاهرة في طريق عودته إلى بلاده من واشنطن، لكن مصر رفضت منحه حق اللجود وهذا قرار سيادي لايخضع القضاء، وبذلك تكون السياسة منعت تحقيق العدالة، وأفلت متهم من العقاب.
- عدم محاكم صدام حسين عن جرائمه ضد الشعب العراقى أثناء حكمه وحمايته من قبل الولايات المتحدة عندما كان يدور في فلكها وجرائمه أيضاً في حرب الخليج الأولى ضد إيران عام (1980م- 1988م) وقد أستخدم فيها أسلحة محرمة دولياً.
- عدم محاكمة قوات التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة عن جرائمهم بالعراق في حرب تحرير الكويت عام 1990/1991م التي تسمى بحرب الخليج الثانية، رغم وضوحها، وقد أستخدم فيها أسلحة محرمة دولياً ضد مدنيين عزل، ورغم ذلك ماتت العدالة بسبب الضغوط السياسية من قبل المجتمع الدولى ولم نسمع صوتاً لاحد، حتى قادة العراق بعد الانسحاب الأمريكي من العراق لم يفعلوا شيء حتى الآن، بفعل الضغوط والتهديدات الأمريكية لهم.
- عدم محاكمة قادة دول التحالف الدولي في الحرب ضد أفغانستان عام 2001م بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، رغم ما فيها من أهوال وجرائم ضد مدنيين عزل، وقد أستخدم فيها أشد الأسلحة قوة وفتكاً، وصمت المجتمع الدولى عن هذه الجرائم ضد المدنيين العزل، لأنها أرتكبت من قوى كبرى.
- وعدم محاكمة قادة دول التحالف الدولي وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا عن جرائمهم في حرب الخليج الثالثة عام 2003م حرب احتلال العراق، علما بأنها من أشد الجرائم خطورة في تاريخ البشرية حيث أستخدم فيها أسلحة محرمة دولياً على مرأى ومسمع من العالم كله وموثقة بالصوت والصورة، حتى بعد أن أعترف قادة هؤلاء الدول بعدم صحة كافة أسباب الغزو عام 2003م.
- أحمد الجلبي مدير بنك البتراء الأردني السابق، المتهم باختلاس 300 مليون دولار، والتسبب في افلاس البنك، فر من الأردن قبل صدور الحكم عليه عام 1992م بالسجن 22 عاماً، تحول من لص إلى سياسى، وقضيته من جريمة جنائية إلى قضية سياسية، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق 2003م، إذ فوجئت الأوساط العربية عامة والاردنية خاصة، بعودته وسط حراسة أمريكية إلى بغداد، واختياره عضواً في مجلس الحكم الإنتقالى، وتصر الأردن على تسليمه لتنفيذ الحكم، لكن الحماية الأمريكية له ورفض واشنطن تسليمه حتى بعد ما اتهمته في أبريل 2004 بالتجسس لصالح إيران، فهو الآن حر طليق رغم صدور حكم عليه.
- الرئيس السوداني عمر البشير، مطلوب للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، لارتكابه جرائم حرب وإبادةفي دارفور، ولم يتم حتى تاريخه القبض عليه خاصة بعد موافقته على فصل جنوب السودان. فقد أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدوليةفي 4 مارس 2009 مذكرة توقيف بحقه في قضية دارفور، مخالفاً بذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولة،بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية والإبادة الجماعية في إقليم دارفور عام 1989، هذه أول مرة يتهم فيها رئيس أثناء ولايته، بالرغم من أن السودان غير موقع على ميثاق المحكمة، ورفضت السودان قرار المحكمة، كما لم يعترف به البشير نفسه ، واعتبر قرار المحكمة «استهدافاً لسيادة وكرامة السودان « وأنها محاكمة «سياسية فقط وليست محكمة عدل» ، وحتى الآن لا يزال البشير مطلوباً أمام المحكمة، وقد مات هذا القرار وغيره بفعل السياسة بعدما ما قبل السودان بفصل جنوبه عن شماله وتوقيعه على اتفاقية نيفاشا عام 2005م التى تقرر عمل استفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان في يناير 2012م، وقد تم إنفصال الجنوب بناء على نتيجة الاستفتاء، مقابل التغاضي عن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير.
- يعد وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر (1972م ـ 1976م) أكبر رأس أمريكي مطلوب في الخارج بسبب علاقته الوثيقة بانقلاب الدموي في شيلي عام 1973 م الذي أطاح بالرئيس سلفادور الليندى المنتخب ديمقراطيا على يد الديكتاتور اوجستو بينوشيه، والذى شهدت فترة حكمه (1973 م ـ 1990 م) مصرع عشرات الآلاف من أبناء شعبه وبعض الأجانب، بسبب ممارسته القمعية ضد المعارضين، ومطلوب أيضاً في شيلى للاستجواب، من جانب أسر الضحايا، وفى فرنسا للشهادة في قضايا قتل أمريكيين واختفاء فرنسيينفي شيلى بعد استيلاء بينوشيه على السلطة، وفتح القاضي الفرنسي روجر لولوار عام 1999 م تحقيقاً في قضية اختفاء فرنسيين من شيلي خلال السبعيينات، وطلب استدعاء كيسنجر للشهادة حول الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك إبان حكم بينوشيه، وارسلت رسالة للرئيس الأمريكي الأسبق يطلب فيها إدلاء كيسنجر بشهادته لكن الإدارة لم ترد.
وفي مايو 2001 م أرسلت مذكرة استدعاء مباشرة إلى كيسنجر، تسلمها بالفعل أثناء زيارته لباريس في فندق «ريتز»، فقد اقتحم رجال الشرطة الفرنسية مدخل الفندق، ومعهم أمر الاستدعاء الذي تسلمه كيسنجر، ورفض تنفيذه، ترك باريس وسافر لايطاليا، وأبلغت السفارة الامريكية في باريس القاضي ان عليه التقدم بطلب رسمي إلى إدارة الرئيس جورج بوش لكي يسمح لكيسنجر بالادلاء بشهادته، ومع استمرار الرفض كشف الجانب الفرنسي عن وثيقة صادرة من وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 23 أغسطس 1976 م تؤكد أن الإدارة الأمريكية آنذاك كانت على علم بخطة أطلق عليها اسم «كوندور» اتفقت شيلي عليها مع عدد من حكومات دول امريكا اللاتينية لاغتيال شخصيات معارضة.
مقابل الرفض الأمريكي قامت فرنسا بفتح تحقيق في قضية مصرع الصحفي الامريكي تشارل هورمان على يد عناصر تابعة لبينوشيه بعد أيام من انقلابه الدموي في سبتمبر 1973 م، وأرسل القاضي الى المحكمة العليا في سنتياجو قائمة خطية بأسئلة أبدى رغبته في طرحها على الوزير الأمريكي الأسبق، حيث ذكرت عائلة هورمان ان السفارة الأمريكية كانت على علم بأنه محتجز في مركز اعتقال جماعي سيئ السمعة اقيمفي ستاد شيلى الوطني لكنها لم تفعل شيئاً لمساعدته، فقد كشفت وثائق وزارة الخارجية التي رفعت السرية عنها ان مسئولين في الاستخبارات الأمريكية ساعدوا من وراء ستار في خطف هورمان، وفشلت محاولة استدعاء كيسنجر هذه المرة أيضاً، ولكن ذلك لم يمنع سلطات التحقيق في الارجنتيين من تكرار المحاولة للمرة الرابعة، حيث وجهت مذكرة استدعاء لكيسنجر للادلاء بشهادته في قضية تصفية المعارضة السياسية لانظمة الحكم الديكتاتورية في الارجنتين المدعومة أمريكياً خلال الستينات والسبعينيات، وفشلت هذه المحاولة أيضاً ولم يستجب كيسنجر.
فى المرة الخامسة حدث تحرك جماعى، فقررت سلطات التحقيقفي ست دول لاتينية هي شيلي والبرازيل والارجنتين وباراجوى وبوليفيا وأوراجواي فتح تحقيقات شاملة في قضية تصفية المعارضة على أيدي أنظمة الحكم السابقة فيها المدعومة عسكرياً واستخباراتياً من الإدارات الأمريكية السابقة في إطار خطة «كوندور» التى اتضح انها لم تكن تتعلق بتصفية المعارضة في كل أمريكا اللاتينية، وكلفت سلطات التحقيق وزارات الخارجية اتخاذ الاجراءات القانونية حيال الولايات المتحدة، لاحضار كيسنجر للاستماع لشهادته، لكن المحاولة الخامسة فشلت أيضاً، وقرر كيسنجر تسليم وزارة الخارجية عشرة آلاف صفحة من وثائق كانت بحوزته تتعلق بسجله خلال توليه منصب وزير الخارجية، وهذا أبرز مثال على أن العدالة الدولية انتقائية.
- السكوت عن جرائم قادة مواليين للقوى الدولية منهم مبارك أثناء حكمه وبن علي، والسكوت عن جرائم روسيافي الشيشان ومن قبلفي أفغانستان، لأنها تملك حق النقض الفيتو.
ترتيباً على ما سلف، يتبين أنالعدالة الدولية غير موجودةفي المجتمع الدولى وأنها تمارس فقط لتحقيق أهداف سياسية من قوى كبرى في المجتمع الدولى.

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد