في ظل تطلعات لتوحيد رؤية القيادات الجنوبية وآفاق المشاركة في الحوار الوطني..

القضية الجنوبية وإمكانية الوصول إلى الحل العادل

2012-11-13 03:06:26 قراءة/ نائف زين


الوقوف بشكل متأني وجاد وواقعي أمام ما يعمل في الجنوب من رؤى وتباينات وأحاديث كثيرة ومتشبعة لا تخفي من أبجديات السياسيين والمثقفين وكل النخب الأخرى موضوع الحوار الوطني المرتقب والمزمع عقده.. وحجم القضية الجنوبية ومدى مشاركة الجنوبيين والقيادات الجنوبية في هذا الحوار والآلية لهذه المشاركة فهناك من يقول بأنها مشاركة يجب أن تكون بين طرفين "جنوبي وشمالي" وهناك من يرى أن يكون الحوار الوطني شاملاً ويضم كل الأطراف والمكونات في اليمن وهناك من يرى بأن يكون الحوار على هيئة تفاوضية بين جنوب وشمال لفك الارتباط أو الانفصال وأمام كل هذه الرؤى وغيرها الموجودة والتي يجب احترامها يظل التطرق إلى موضوع الجنوب والقضية الجنوبية موضوع مهم وضروري ويحتاج إلى التوقف عند عدد من المحطات البارزة للقراءة الصحيحة والمتعمقة بمنظور حيادي، يقف على مسافات متساوية ومسؤولة في ظل واقع يمني معقد ومركب ومتداخل.. وواقع صعب ومؤلم يعيشه اليمنيون عموماً والجنوبيون بشكل خاص في ظل تطلعاتهم إلى أن يخرج القادة الجنوبيين بموقف موحد ورؤية مشتركة ومسؤولية تاريخية لا يمكنهم التنصل عنها؟!

موضوع الجنوب والقضية الجنوبية من المواضيع المهمة والملفات الساخنة في اليمن مع أهمية وحجم وكبر هذا الموضوع والقضية التي يجمع الكل على أن حلها الحل العادل سيمثل إنجازاً مهماً وانطلاقة كبيرة لليمن نحو آفاق الاستقرار والتطور والنماء والاتجاه نحو حل بقية المشاكل والتحديات الأخرى الكثيرة والكبيرة في اليمن جنوبه وشماله.
ولا يخفى على أحد موضوع الجنوب واجتياح القوات العسكرية للرئيس السابق صالح للجنوب في حرب استمرت لأشهر بينه وبين القوات العسكرية لرئيس دولة الجنوب السابق علي سالم البيض، انتهت هذه الحرب المسماة حرب صيف 94م بسيطرة قوات الشرعية -كما تم تسميتها حينها- التي تتبع صالح على عدن في 7/7/1994م ومثلت هذه الحرب انتكاسة حقيقية للوحدة اليمنية الاندماجية الموقعة بين صالح – رئيس اليمن الشمالي، والبيض – رئيس اليمن الجنوبي سابقاً، والتي غاب عنها عدم وضع الخطوات الصحيحة والرؤى الهادفة والمحسوبة بدقة بما يضمن أن يتحقق لليمنيين في الجنوب والشمال الآمال والتطلعات والغايات وبما يضمن أن تكون هذه الوحدة عامل خير وتطور وارتقاء لأبناء اليمن في الجنوب والشمال.

اليمن من التشطير إلى الوحدة:
حديثنا السابق نقصد به الوحدة السياسية لليمن كأرض وشعب وسلطات، أما الوحدة الوطنية فقد كانت متجذرة ومترسخة في أبناء اليمن جنوبيين وشماليين، بل إن أبناء الجنوب كانوا هم أكثر المتطلعين إلى الوحدة ويتجلى ذلك في الشعار اليومي للعمال والطلاب والفلاحين وكل الفئات في الجنوب طوال سنوات سبقت وحدة 22 مايو 1990م، بل إن موضوع الوحدة كان اللبنة الأساسية والبارزة في الفكر الإيديولوجي للحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب قبل الوحدة.. ومن هذا المنطلق إضافة إلى الأهداف الستة العظيمة التي أفرزتها ثورة 26 سبتمبر 1962 ضد الإمامة و14 أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني الذي استعمر الجنوب، إضافة إلى جملة التوجهات والاتفاقيات التي وقعت بين رؤساء الشطرين "الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" حول موضوع الوحدة، كل هذه العوامل والأسباب أدت بكل من رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابق/ علي سالم البيض – الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ورئيس الجمهورية العربية اليمنية السابق/ علي عبدالله صالح – رئيس المؤتمر الشعبي العام، إلى التوجه بخطوات نحو تحقيق الوحدة اليمنية الاندماجية والتوقيع على اتفاقية الوحدة في 30 نوفمبر 1989م واستكمال بقية الإجراءات لإعلان الوحدة وبعد ذلك وبعد أن صوت البرلمانان في الجنوب والشمال تم الاتفاق على إعلان قيام الوحدة باسم الجمهورية اليمنية، وتولى علي عبدالله صالح منصب رئيس الجمهورية الوليدة وعلي سالم البيض نائباً للرئيس، واختيار صنعاء عاصمة سياسية وتولي المهندس/ حيدر ابوبكر العطاس منصب رئيس الوزراء ومجلس للرئاسة مكون من خمسة أعضاء يضم ثلاثة آخرين مضافين إلى الرئيس ونائبه.. ولعل الكثير ما يزالون يتذكرون كيف سارت الأمور بعد ذلك وبعد سنوات قليلة من عمر الوحدة بدأت الخلافات تدب وتظهر على السطح بين شريكي الوحدة والموقعين عليها، ومثلما يقول كثير من المحللين والمراقبين السياسيين إن هذه الخلافات ترتكز بشكل أساسي على الكيفية في إدارة شؤون الدولة وهذا الخلاف منطقي ويعود بشكل رئيسي إلى تباين النظم الإدارية والسياسية للدولتين الداخلتين في عقد الوحدة الاندماجية، إضافة إلى جملة التباينات الأخرى وهذا الشيء يدركه الجميع، وهنا لابد لنا من الإشارة إلى عدد من الأمور الأخرى حتى لا يؤخذ علينا أي مأخذ.
واقع الشطرين قبل الوحدة:
من الجدير بالإشارة إليه هنا هو موضوع الاقتصاد للدولتين، فحسب مراقبين كان الاقتصاد مستقراً بالنسبة للجمهورية العربية اليمنية مع انفتاح نسبي حملته حقبة علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية العربية خلال 12 عاماً ـ أي منذ العام 1978م إلى قبيل إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م مع دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية.. أما بالنسبة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل سنوات من العام 1990م وإبان حكم الحزب الاشتراكي اليمني كان هناك اقتصاد صلب ومؤسسات دولة واعتمد المواطن في الجنوب على الدولة في شؤون حياته وكان التوجه آنذاك في الجنوب يخضع للرؤية الاشتراكية (الاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الشرقي) فكل شيء ملك للدولة والدولة هي من يرعى شؤون الأفراد ولم يكن الجنوب آنذاك يعرف فقراً أو بطالة وكانت مؤسسات الدولة القائمة بنظمها الإدارية القوية تعمل على توظيف الخريجين من حملة الشهادات الجامعية والثانوية.. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل كان التوظيف متاحاً للجميع وكل هذه كانت إيجابيات ونحن إذ نستعرضها لا نقصد أن نتباهى بها على الشمال الذي دخل الوحدة وهو يحمل عدداً من الأمور والإيجابيات التي نرى أن على الزملاء الإعلاميين في شمال الوطن طرحها واستعراضها وإننا هنا إذ نستعرض ونطرح فلا نستعرض من باب المناطقية وإنما نطرح حقائق من وحي ما نعرفه وما كان سائداً.. ولعل من الأمور الأخرى التي يجب الإشارة إليها وبشكل إجمالي كانت هناك إيجابيات وسلبيات من النظامين القائمين في الدولتين، كما أن هناك إرثاً ثقيلاً من الصراعات المسلحة والحروب الداخلية.
ولا بد اليوم من طي صفحات الماضي التشطيري وبناء يمن جديد وتناسي الجراح في الجنوب والشمال لاسيما الصراعات المسلحة وإن كان هناك من يقول إن الوحدة كانت سفينة للجنوب وإنقاذاً للجنوب من الصراعات المسلحة بين الرفاق، فنقول بأن الوحدة اليمنية الاندماجية كانت محطة هامة وبارزة في تاريخ اليمن وكان الكل يأمل ويتطلع إلى أن تكون هذه الوحدة سفينة ليس للجنوب فحسب وإنما للشمال أيضاً مع الإشارة إلى أحد الأحاديث التلفزيونية للأخ الدكتور/ عيدروس النقيب – عضو مجلس النواب والقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني حيث قال: (من كان يعاير الجنوب بما كان يحصل فيه قبل 22 مايو 1990م نقول له بأن الشمال قبل هذا التاريخ لم يكن جنة للفردوس، فالصراع على السلطة كان موجوداً قبل 22 مايو 1990م في الشمال أيضاً.
ولعل ما نريد قوله هنا هو إن واحداً من الأسباب التي أدت إلى الاتجاه للوحدة أنهى فترتي الصراع على السلطة وذهب ضحيته كوكبة من خيرة أبناء اليمن (جنوباً وشمالاً)، فقد استشهد في العام 1978م ثلاثة رؤساء هم الرئيس/ سالم ربيّع علي، من الجنوب والشهيدان إبراهيم الحمدي والرئيس الغشمي، وبعد ذلك في واحد من أحد الصراعات الدامية استشهد الرئيس عبدالفتاح إسماعيل في أحداث 1986م في الجنوب وهي أحداث مؤلمة ذهب ضحيتها الآلاف وكانت لها سلبيات كثيرة وكبيرة ومؤلمة وقافلة من خيرة السياسيين في الجنوب.
الوحدة في فكر اليمنيين
يرجع كثير من السياسيين والملمين بشؤون اليمن وتاريخ اليمن الحديث والمعاصر أبرز المحطات والفترات التي كان يجب التوجه فيها إلى إعلان الوحدة بين الجنوب والشمال، هي تلك الفترة التي أعقبت تحرر الشمال من الإمامة من 26 سبتمبر 1962م وتحرر الجنوب في 30 نوفمبر 1967، وهذا حقيقة دامغة بل هو بحسب شهادة عدد من مناضلي الثورة اليمنية "سبتمبر وأكتوبر" فقد كانت لأهداف واحدة وكان هناك نضال مشترك وواحدية في الهدف "تحرير اليمن.. كل اليمن من الإمامة والاستعمار".. بل إن عدن وتعز كانتا مشعلي تنوير للوعي الوطني وإذكاء وقود الثورة والتحرير لدى أبناء اليمن ومثلما كانت عدن الحضن الدافئ والمرحب بالثوار من الشمال والسياسيين وأصحاب الفكر الثوري التحرري.. كانت تعز في المقابل الحضن الدافئ والمرحب بالثوار من الجنوب.. ويجدر بنا الإشارة هنا إلى أن تكامل العلاقة هذا يجعلنا نشير إلى أن عدن كانت النواة الأولى والمهد الأول لنشوء عدد من الأحزاب الوطنية والسياسية والتحررية التي قارعت حكم الأئمة في الشمال.. وفي المقابل كانت تعز بعد انتصار ثورة 26 سبمتبر 1962م، الملاذ والمأوى لثوار الجنوب وفي تعز تم افتتاح أول مكتب للجبهة التقدمية لتحرير الجنوب المحتل وكل ماذكرناه حقائق دامغة لا يستطيع أحد إنكارها.
توتر بين الشطرين
كل هذه الأمور والحقائق يعرفها ويدركها تمام الإدراك كل من عاش فترة الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وما تلا تاريخ هذه الثورة.. هناك كوكبة من الثوار والمناضلين والسياسيين ما يزالون يدركون كل هذه الأمور وغيرها عن الجنوب والشمال والجمهوريتين الوليدتين "الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والتي تغير اسمها إلى جمهورية اليمن الديمقراطية" وكان ذلك التغيير في 30 نوفمبر عام 1970م ولعل الإرث الثقيل الذي ورثته الجمهوريتان أخر هذا "الإعلان عن الوحدة" مثلما يؤكد السياسيون ومناضل الثورة، كما أن اشتداد ذروة الحرب الباردة آنذاك بين المعسكر الغربي والشرقي فذهب الشمال إلى علاقات متينة ومتعددة مع المملكة العربية السعودية التي تربطها علاقات مع المعسكر الغربي واتجه الجنوب إلى المعسكر الشرقي وتبنى في البداية النظرية الاشتراكية الصينية "وفي هذا إختلاف" إبان حكم ربيع، تولى الرئيس/ عبدالفتاح إسماعيل علي الحكم في الجنوب وتبنى النظرية الاشتراكية السوفيتية..
الحرب البادرة وانعكاساتها في اليمن
إن جذوة انعكاسات وتأثيرات الحرب الباردة التي أخذت تشتد بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي" في عقود والستينيات والسبعينات والثمانينيات من القرن الماضي واليمن بجنوبه وشماله بعد التحرر من الإمامة والاستعمار البريطاني مسرحاً لهذه الحرب ولم يقتصر الأمر على تواترات بين الجنوب والشمال فحسب بل تطور الأمر إلى الحروب تم خوضها في العام 1972م، وكذا في العام 1979م وكان التدخل الخارجي السبب الرئيسي في هذه الحروب التي حملت اسم "حروب المناطق الوسطى" حروب راح ضحيتها الكثير من أبناء اليمن.. جنوبه وشماله.. وتم طي تلك الفترة والصفحة السوداء لليمن جنوبه وشماله بصفحة ناصعة البياض وتجلت هذه الصفحة باختصار في اتفاقيات الوحدة التي تمت بين عدد من قيادات شطري اليمن في الفترة ما بعد التحرر من الإمامة والإستعمار إلى يوم الثلاثين من نوفمبر 1989م..
ولعلنا هنا سنعود مباشرة إلى موضوع توقيع اتفاقية الوحدة التي وقعت في 22 مايو 1990م وعدد من الأمور المرتبطة بذلك..
انهيار المنظومة الاشتراكية
إطلالة تسعينيات القرن الماضي حملت تغيراً عالمياً كبيراً تمثل في انهيار المنظومة الاشتراكية وسقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة.. مع هذا الحدث الكبير والبارز يرى كثير من الملمين والمتابعين أن هذا التغيير العالمي الكبير والهائل ربما يكون من الأسباب الرئيسية والرئيسية جداً للوحدتين اليمنية والألمانية.. ومع اختلاف الظروف والأحداث طبعاً تم إعلان الوحدة اليمنية الإندماجية في 22 مايو 1990م وتم رفع علم الوحدة في التواهي/ عدن كترجمة لاتفاقية الوحدة الموقعة في عدن في 30 نوفمبر 1989 وذرفت الدموع وتطلع اليمنيون في الجنوب والشمال لأن تكون هذه الوحدة الاندماجية عنواناً للخير والتقدم والنماء والتطور لكل أبناء اليمن في شتى جوانب الحياة..
22 مايو 1990 أعظم حدث:
اليمنيون في الجنوب والشمال كمواطنين نظروا إلى هذا الحدث بلهفة وفرحة، على اعتبار أن "الوحدة" هي الحلم الأزلي للآباء والأجداد والتتويج الصادق لنضال أبناء الجنوب والشمال.. كان يوم 22 مايو 1990م بحق أعظم وأبهى وأسعد أيام اليمنيين وكان التطلع والأمل يحدو الملايين في أن يكون السياسيون في الشطرين آنذاك قد وضعوا الركائز والأسس الصحيحة لوحدة سياسية تكمل الوحدة المتأصلة بين أبناء اليمن جنوبه وشماله منذ عقود طويلة.. وفي رأيي ورأي الكثيرين خصوصاً هناك في الجنوب وخصوصاً من يقفون في الشأن السياسي أن علي سالم البيض دخل التاريخ من أوسع أبوابه حينما وافق على "الوحدة" إلا أنه أغفل جملة من الأمور التي كان من المفترض أن يعملها قبل التوقيع في 22 مايو 1990م كالمصالحة الجنوبية التي كان من المفترض أن يباشر إليها قبل التوقيع على الوحدة وذلك مع قيادات ما يسمى "بالزمرة" وهو مصطلح أطلق على عدد من القيادات السياسية والعسكرية كطرف منهزم في أحداث 1986 الدموية في الجنوب بقيادة الرئيس السابق/ علي ناصر محمد.. يقابله "الطغمة" والذي يضم القيادات السياسية والعسكرية كطرف منتصر في أحداث 1986م الدموية في الجنوب بقيادة الرئيس السابق/ علي سالم البيض.. مصالحة تطوي حقبة سوداء من صراعات الرفاق على السلطة.. مصالحة يتم بموجبها لملمة شمل الجنوبيين..
مصالحة كانت من الأولى والواجب أن تتم قبل 22 مايو 1990م، هذا اليوم العظيم والأغر والذي سيظل في وجدان اليمنيين في الجنوب والشمال يوماً عظيماً وأغراً رغم أخطاء السياسة والزعماء الكذابين الذين نعيش اليوم نتائجها.. وأن كان البيض اليوم قد تحول بين عيشة وضحاها إلى زعيم جنوبي "مثلما يراه جزء من الجنوبيين" فنقول له انطلاقاً من صعوبة وتعقيد الوضع في اليمن أتقى الله في أبناء الجنوب ويكفينا كذباً وزوراً وتجارب ومغامرات.. اليمن اليوم يتجه إلى منزلق خطير والتاريخ لا يرحم والجنوب والشمال يعيشان في أتون أحداث لا تسر أحداً في ظل مزيد من التعقيد وهو ما لا نأمله.. وما أريده كإعلامي وصحفي جنوبي أن أقوله للأخ/ علي سالم البيض أو لأني متحمس لرؤى وتوجهات تياره المطالب بالانفصال "أو فك الارتباط" آن الأوان للتقارب مع القيادات الجنوبية وبلورة صيغة موحدة مشتركة، فالساحة في الجنوب اليوم تحمل عدداً من مكونات الحراك الجنوبي وظلم وإقصاء ونهب لثرواته وحرب 1994م حرب ظالمة وخطأ تاريخي لا ناقة لأبناء الشمال فيها ولا جمل.. نعم حرب ظالمة ما يزال أبناء الجنوب بشكل خاص وأبناء اليمن ـ كل أبناء اليمن ـ بشكل عام يدفعون الثمن غالياً جراءها.. نعم الجنوب عانى ويعاني من الاحتلال والشمال من الاستبداد والعنوان واحد "علي عبدالله صالح" الذي دخل معك التاريخ.. "علي عبدالله صالح" الذي وبنزعته التسلطية والاستبدادية قد ذبح الوحدة الاندماجية السلمية يوم 7/7/1994م.. هذا الديكتاتور الذي خرج من الساحة السياسية والسلطة ولكنه لم يخرج من المشهد ويظل اليوم حاضراً ويعلب بالأوراق وسعى ويسعى بكل الطرق والوسائل إلى استمرارية الأزمة والأحداث في اليمن وجرها إلى مربع الحرب الأهلية مستفيداً من أموال طائلة ما يزال يمتلكها وقوة عسكرية لا يستهان بها يقف على هرمها عدد من أقربائه..
إضافة إلى وسائل إعلام ما يزال يمتلكها ومثلما يلعب صالح بورقة القاعدة في الجنوب لم يعد خافياً على أحد أنه يلعب على الورقة الحوثية في الشمال وأصبح الداعم والممول لما يسمى بالحراك المسلح.. بل أن الأخطر بأن "صالح" قد أوجد "مكون هائل وواسع" مما ذكرنا من أطراف لا يسعى من خلال هذا المكون إلى تقسيم اليمن إلى شطرين مثلك أيها الأخ البيض بل إلى كثيرة.. وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة أصبح الزعيم صالح يتفق معك اليوم فيما تريده شئت أم أبيت وأن كنت ترفض الحوار فهو يرفضه كذلك..
القيادات الجنوبية.. وتوحيد الرؤية
لا نريد من أحد أن يتعامل علينا ويتهمنا بأننا ضد البيض الذي يرى فيه جزء من أبناء الجنوب "الرئيس الشرعي للجنوب" من وجهة نظرهم وهذا ورأيي نحترمه وأن كنا نحترمه فلا يعني أننا معه وكإعلامي وصحفي شاب من أبناء الجنوب نرى أن ثقافة التخوين والإقصاء والانفرادية من وجهة نظر جزء من الجنوبيين يجب أن تنتهي ويجب أن يسمو الجنوبيون أفراداً وجماعات وقيادات إلى مستوى تطلعات وآمال شعب الجنوب، يجب أن ترى النور من منطلق وواقع مبدأ لا ضرر ولا ضرار" ومبدأ لا "ظالم ولا مظلوم".. وعلى الأخوة القيادات التاريخية للجنوب والمجتمعة في القاهرة وتلك القيادات الموجودة في الداخل التوجه والسعي الجاد لبلورة رؤية واحدة مشتركة هادفة وبناءه في سبيل إيجاد الحل العادل للقضية الجنوبية وشعب الجنوب وتحديد موضوع المشاركة في الحوار.. أبناء الجنوب بمختلف توجهاتهم ورؤاهم يعولون الكثير والكثير.. على القيادات السياسية التاريخية للجنوب "أمثال علي ناصر والبيض والعطاس وباعوم والحسني ومحمد علي أحمد وغيرهم" مسؤولية تاريخية وكبيرة في تحقيق "الانتصار" للجنوب والقضية الجنوبية وإيجاد الحل العادل.. مسؤولية تاريخية أن حصل "الأنكسار" وتم الدخول في الدوامة والمخيفة التي يخشاها الكل ولا يرجوها أو يتمناها أحد فالواقع اليمني واقع مركب ومعقد وما زاد من تعقيده أكثر وأكثر خلط الأوراق وسعى قوى نافذة في اليمن إلى إفشال التسوية السياسية والحوار بل وتهديد جدي للتغيير المنشود وغياب القضية الجنوبية عن الحوار الوطني المزمع.. وفشل الحوار يعني نتائج مأساوية المواضيع شائكة وكثيرة ونرى هنا أن هناك حاجة وضرورة لاستعراض جملة من النقاط أبرزها الوحدة التي تم إعلانها يوم 22 مايو 1990م والسنوات العجاف التي شهدتها اليمن بين شريكي الوحدة "صالح والبيض" ومالكي تلك الوحدة من سنوات وصولاً إلى حرب 1994م، وتداعيات وأخطاء ما بعد هذه الحرب من قبل صالح المنتصر.. ونقاط أخرى كثيرة ومحاور متعددة مرتبطة بكل هذه الأمور التي ذكرناها وغيرها..
 وفي هذا السياق سيكون لنا لقاء آخر نستعرض من خلاله أيضاً دور الرئيس هادي كرئيس لليمن والتحديات الماثلة أمامه وأمام مساعيه فيما يتعلق بالحوار الوطني ودوره المؤثر والكبير في إنجاح الحوار الوطني وجملة من الأمور والقرارات المطلوبة الواجب منه اتخاذها فيما يتعلق بتحديات المرحلة الانتقالية والتسوية السياسية والمصالحة الوطنية والدستور الجديد للدولة اليمنية وغيرها من المواضيع الأخرى..
 
-   
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد